الأربعاء, مايو 8, 2024
الوسواس القهريتفصيل برنامج العلاج السلوكي

كيف يمكن استخدام العلاج السلوكي للتحكم في أعراض الوسواس القهري؟

كيف يمكن استخدام العلاج السلوكي للتحكم في أعراض الوسواس القهري
(أنا أؤمن بأن أى شخص يمكنه هزيمة خوفه عن طريق أداء الأشياء التي يخشى أن يقوم بها ويستمر في عملها حتى يسجل خبرات ناجحة فيها)
إلينور روزفلت 1884 – 1962

إن وصف السيدة روزفلت لتقليل المخاوف يمكن أيضًا استخدامه لتقليل أعراض الوسواس القهري.. إن نصيحتها البسيطة تشمل الأداتين الأساسيين للعلاج السلوكي الناجح، فأولاً عليك مواجهة المواقف التي تسبب مشاعر الخوف – الشك – القذارة – الاحساس بالذنب الاحساس بالوقوع في الكفر – الاحساس بالإساءة إلى الذات الإلهية – الاحساس بالتسبب في إيذاء الآخرين – الاحساس بالتلفظ بكلمة الطلاق وهكذا.. وهذا ما نسميه (التعرض).. وثانيًا عليك إنكار أو تجاهل الرغبة الملحة للهروب من هذه المواقف وتجنبها عن طريق غسيل الأيدي المتكرر – مراجعة أقفال الباب – سؤال الآخرين للاطمئنان – تكرار ما تفعل – التحرك ببطء – إلهاء نفسك – سؤال رجال الدين – الرجوع لمكان الأحداث وسؤل الناس.. وهذا ما نسميه (منع الاستجابة) فإن استطعت أن تفعل هذين الشيئيين فسوف يكون لديك سجل من التجارب الناجحة كما قالت السيدة روزفلت وسوف تبدأ في هزيمة مخاوفك والتحكم في أفعالك القهرية.
وسوف نعرض هنا بعض الأساليب التي سوف تساعدك على تطبيق التعرض ومنع الاستجابة على أعراض الوسواس القهري، وستكون هى الأدوات التي ستمكنك من إتمام الأهداف التي وضعتها، فبالرغم من أن هذه الأهداف لها معنى بالنسبة لك إلا أنك قد تتساءل كيف سيساعدك العلاج السلوكي على إتمامها.
ومن فترة ليست بعيدة سألني زميل عن كيفية علاج الوسواس القهري بالعلاج السلوكي، وعندما أخبرته عن كل مبادئ التعرض ومنع الاستجابة قال لي (لا تقم بتقطيع الورق!) وفي البداية لم أتمكن من فهم ما قاله حتى تذكرت إحدى القصص الكوميدية التي قام فيها (ميل بروك) بتمثيل دور طبيب نفسي مشهور ولكنه غريب الأطوار وقد قام هذا الطبيب في القصة بإخبارنا عن أصعب حالة قابلها وكانت حالة امرأة لم تستطع التوقف عن تمزيق الأوراق وكانت تقوم بذلك ليلاً ونهارًا فاقدة بذلك كل حياتها.. وكانت لديها تلك المشكلة لسنوات وعندما قامت باستشارة ذلك الطبيب النفسي تمت معالجتها بعد جلسة واحدة الأمر الذي كان أشبه بأعجوبة.. وقد روى الطبيب عن الطريقة التي عالجها بها.. وقال أنه أخبر تلك المرأة الآتي (لا تقومي بتمزيق الأوراق فإن فتاة ظريفة مثلك عليها أن تخرج وتقابل الناس وتذهب للحفلات وتكن لها حياتها الاجتماعية، فلا تجلسي وتمزقي الأوراق) فهل هذا ما ظن زميلي أننا نفعله في العلاج السلوكي أن نخبر المرضى ألا يمزقوا الأوراق؟
بالطبع في الحقيقة الأمور ليست بهذه البساطة.. فالمرضى لا يتوقفون عن أداء الطقوس فقط لأننا نخبرهم بذلك فرغباتهم الملحة لها قوة إجبارية أكثر من ذلك والعلاج السلوكي يعلم الناس القوانين التي تتبعها أجسامهم في تعلم وترك العادات.
ومقارنة بالعلاج النفسي التقليدي فإن العلاج السلوكي هو عملية تعليمية نوضح فيها للمرضى كيفية تغيير عاداتهم السيئة بشكل مباشر، وكما قال زميلي الطبيب إن ما نقوم به كمعالجين سلوكيين هو التعليم أكثر من قيامنا بالعلاج.. وفي عيادة الوسواس القهري نقضي الكثير من الوقت خلال أول جلسة أو أول جلستين في شرح مبادئ العلاج السلوكي بشكل تفصيلي للمرضى ولعائلتهم ونقوم بالرد على أسئلتهم واهتماماتهم.. وبذلك نكون قد قمنا بتوضيح تعلم وترك العادات للمرضى.
وفي بعض الأحيان مجرد الشرح البسيط لهذه المبادئ يكن كافيًا حتى يعود المريض لمنزله بالمعرفة والدافع اللازمين لتغيير أعراضه.. كما رأينا في حالة السيدة الحامل التي كانت تتجنب الكثير من الأطعمة والملابس التي اعتقدت أنها سوف تلوث الجنين الذي لم يولد بعد.. وبمساعدة عائلتها كانت قادرة على التخلص من أكثر من نصف طقوسها بعد الجلسة الأولى، وبمجرد أن تعلمت أنها تستطيع محاربة رغباتها الملحة بدون أن تفقد عقلها وأن تلك الرغبات ستقل بمحاربتها لها أصبح لديها الشجاعة للممارسة ساعة يوميًا لتتحكم في أعراضها.. وأيضًا عندما علم أفراد عائلتها أنهم يزيدون من المشكلة بالتماشي مع مخاوفها قاموا بالعودة لأسلوب حياتهم الطبيعي، وكانوا يساعدونها خلال جلسات الممارسة اليومية.. وبالطبع لا يحدث هذا التقدم السريع مع كل المرضى ولكن يستطيع جميع المرضى التحكم في أفعالهم القهرية إلى حد ما.

طرق تساعدك على تطبيق التعرض ومنع الاستجابة

غالبًا يسألني المرضى كيف سأكون قادرًا على مقاومة رغباتي الملحة لأداء طقوسي؟  إنها تبدو قوية للغاية.. وأبسط إجابة أستطيع إعطائها لك هو أن تواجه المواقف التي تخشاها ولا تقم بأداء طقوسك.. ولكن كيف تقوم بتنفيذ ذلك؟ فمن الممكن أن تخبر نفسك – “نعم سأقوم بإكمال هدف الممارسة” – عندما تشعر بالاسترخاء قبل جلسة الممارسة بأسبوع ولكن عندما تكون بالفعل داخل الموقف قد تكون رغباتك الملحة قوية جدًا ولذلك سيكون عليك أن تستخدم ما لديك لمساعدتك على مقاومة تلك الرغبات وستساعدك العشر خطوات الآتية على النجاح في تنفيذ التعرض ومنع الاستجابة.

  1. قم بالممارسة مع الشخص الذي يساعدك

إن وجود شخص ما حولك يتفهم مشكلتك يشكل فارقًا عند التعامل مع الرغبة الملحة.. وقد أخبرني أحد مرضاى (والذي كان يعاني من أفعال قهرية خاصة بالتخزين) أن الأمر كان أكثر سهولة لمقاومة رغباته الملحة الخاصة باخراج القمامة مرة أخرى عندما كان الشخص الذي يساعده يشجعه على عدم فعل ذلك، وبالطبع سيتوجب عليك أن تقاوم تلك الرغبات بمفردك ولكن في البداية حاول أن يكون هناك من يساعدك.
ولأن من يساعدك سوف يعمل معك خلال أوقات صعبة في جلسات الممارسة فمن المهم أن تتواجد بعض القواعد لكل منكما لجعل العمل بينكما أسهل وأكثر كفاءة.. ولمساعدتك سنقوم بعرض بعض الأشياء التي يجب عليك فعلها وأخرى لا يجب عليك فعلها لتسهيل التعامل مع من يساعدك..
ناقش بشكل مفتوح جميع أهدافك مع من يساعدك حتى ولو كان الموقف يبدو محرجًا أو غريبًا بالنسبة لك.. حيث يجب أن يعرف من يساعدك كل أهدافك طويلة المدى وأهداف الممارسة الخاصة بك حتى يساعدك على تنفيذها.. فمثلاً إن كان هدف ممارستك أن ترتدي بعض الملابس التي تظن أنها تجلب الحظ السئ فيجب أن يعرف من يساعدك إن كنت تقوم بقول صلوات أو اذكار أو أوراد معينة في نفسك حتى تمنع حدوث كارثة أثناء إرتدائك هذه الملابس، وإن لم يكن من يساعدك يعرف ذلك فلن يستطيع أن يساعدك في منع الاستجابة بشكل فعال.
عليك أن تتقبل التشجيع حتى ولو كان لمجرد إنجاز بسيط لأهدافك.. فإن أحد وظائف الشخص الذي يساعدك هى تشجيعك وتذكيرك بتقدمك الذي قد لا تلاحظه أنت..
وقد أخبرتني إحدى المريضات بأن تشجيع زوجها لها ساعدها عندما كانت تواجه صعوبة في استكمال جلسات الممارسة وجعلها لا تفقد الأمل (كانت هذه المريضة تعاني من مخاوف خرافية) فعليك أن تجعل وظيفة من يساعدك أسهل أى تقبل تشجيعه.. قم بسؤال من يساعدك عما يخطر ببالك من أسئلة معقولة.. إن كان لدي تساؤل عما يمكن اعتباره سلوك طبيعي فلا تتردد في سؤال من يساعدك بكل طريقة ممكنة.. فمثلا إن كنت تريد معرفة إن كان غسيل الأيدي بعد تفريغ الصندوق الخاص بالقطة فعليك أن تذهب وتسأله مباشرة، ولكن إن كنت تعرف الإجابة بالفعل فلا تسأل من يساعدك فقط من أجل التأكد وبمجرد أن يجاوبك عليك أن تثق بجوابه، فقط تذكر أنك قد اخترت هذا الشخص لأنك تثق به.. وإن لم يستطع الشخص الذي يساعدك أن يجيب على كل أسئلتك عليك الرجوع للجزء الخاص بالتعرض ومنع الاستجابة لحل المشكلة التي تواجهك.
لا تسأل من يساعدك فقط من أجل التأكد أو الطمأنينة.. فعليك ألا تقع في فخ البحث عن الطمأنينة لتقليل الوسواس.. فمثلاً إن كنت تعتقد أنك جرحت نفسك بالمقص أثناء جلسة الممارسة فلا تستمر في سؤال من يساعدك لتتأكد من أنك لم تفعل، فإنك إن فعلت ذلك سوف تضع من يساعدك في موقف غير مريح بالمرة.. فمن ناحية سوف يستسلم ويقوم بتأكيد أنك لم تجرح نفسك (وفي هذه الحالة يكون قد عارض الهدف من التعرض ومنع الاستجابة) ومن ناحية أخرى قد يخبرك أنه لن يناقش ذلك معك (وفي هذه الحالة قد يتجادل معك) فلا تضع من يساعدك في هذا الموقف غير العادل.
لا تتجادل أو تغضب من الشخص الذي ساعدك أثناء جلسات الممارسة.. إن من يساعدك عليه أن يشجعك على مواجهة المواقف التي تجعلك تشعر بعدم راحة مثل التخلص من شئ تفضل الاحتفاظ به أو مقاومة الأفعال القهرية التي قد تجعلك تشعر بتحسن.. وهذه وظيفة صعبة.. فلا أحد يريد أن يجعل شخصًا عزيزًا عليه غير مرتاح ولكنه يقوم بذلك حتى يساعدك بناءًا على طلبك فلا تصعب وظيفته أكثر من ذلك.. وتذكر أنه يجعلك قادرًا على إتمام أهداف الممارسة التي وافق كلاً منكما عليها، فلا تتجادل معه أو تغضب منه أثناء قيامه بعمله وإن شككت في أن من يساعدك لا يتبع عمله بشكل صحيح اجعله يعيد قراءة الجزء الخاص بذلك.

  1. التعامل مع القلق

من الطبيعي أن تشعر بالقلق أثناء ممارستك التعرض ومنع الطقوس بشكل صحيح وفي الحقيقة يمكن اعتبار القلق إشارة لقيامك بالتعرض ومنع الاستجابة (منع الطقوس) بشكل صحيح ولكن كيف يمكنك التعامل مع هذه المشاعر غير السارة.
على الأرجح سوف تجد أن مشاعر القلق أقل بكثير مما كنت تتوقع، وكما وضحنا من قبل أثناء مناقشة ظاهرة الأرض المسطحة إن وجود شخص يساعدك يسمح لك بالتعامل مع القلق.. إن التأقلم مع القلق يشبه التأقلم مع القدم التي أصيبت بالتنميل.. فإن ردة الفعل الأولى هو عدم تحريكها لأن الشعور بتلك (الشكشكة) أمر غير مريح، وأنت أيضًا مدرك أنك إلى أن تقوم بتحريك قدمك وتحمل عدم الراحة المؤقت حتى يعود سريان الدم بها لن تكون قادرًا على المشى، وبالطبع إنه أمر رائع إن لم تشعر بأي قلق أثناء التعرض ومنع الاستجابة ولكن إن كان لديك قلق فإنك يمكن أن تتعامل معه بتذكير نفسك بأنه مؤقت إلى أن يتأقلم جسدك معه.
وقد تجد أن أساليب الاسترخاء تساعدك في التعامل مع القلق، وهناك نوعين من تلك الأساليب (استرخاء للعضلات والتحكم في التنفس) وهذه الأساليب لا تجعلك تتخلص من كل ما تشعر به من قلق (فهذا ليس هو الهدف) ولكنها تساعدك في التعامل مع القلق وهذا جزء من نجاح التعرض ومنع الاستجابة (منع الطقوس).
وهناك عدد قليل من المرضى يعانون من قلق شديد خلال جلسات الممارسة وقد يمرون بنوبات هلع بالإضافة إلى أعراض الوسواس القهري لديهم.. ومن أمثلة أعراض نوبات الهلع سرعة التنفس – سرعة ضربات القلب – ألم أو عدم راحة في الصدر – احساس بالاختناق – دوخة وعدم إتزان – تنميل بالأيدي أو الإقدام – شعور بالحرارة أو بالبرودة – زيادة العرق – إغماء – رجفة أو رعشة – الشعور بأن ما حولك غير حقيقي وبأنك لست أنت – الخوف من الموت – الخوف من الجنون.
وبالرغم من أن هذه الأعراض قد تبدو عنيفة ولكن من المهم أن تدرك أنها مجرد أعراض القلق.. وبالرغم من كونها مشاعر غير سارة إلا أنها ليست خطيرة وسوف تمضي قدمًا في طريقها.
كانت إحدى مرضاى تخشى من تناول الطعام الذي لمسته ظنًا منها أنه ملوث وسوف يصيبها بالتسمم، وكان لديها أيضًا نوبات هلع عندما تكون تحت ضغط كبير أو بدون سبب.. وعندما نجحت في لمس وتناول الطعام الذي لمسته خلال جلسات العلاج كانت تعاني من احساس بالاختناق ورعشة.. وفي البداية كانت تحلل هذه المشاعر على أنها علامات للموت ولكنني في الحال صححت هذه الفكرة لها وذكرتها أن ما تشعر به مجرد أعراض للقلق، وعندما كررت ذلك لنفسها وانتظرت انخفض قلقها وأدركت أنها لم تصاب بالتسمم ومن المحتمل ألا تشعر بهذا القلق الشديد خلال جلسات الممارسة الخاصة بك ولكن إن حدث لك ذلك عليك أن تتذكر ألا تفكر بشكل غير معقول معتقدًا أنك تحتضر أو أنك ستصاب بالجنون، ولكن أخبر نفسك أنه فقط القلق أو أن هذه المشاعر ستقل من تلقاء نفسها.. وقم أيضًا بتجربة أساليب الاسترخاء وسوف يرشدك الشخص الذي يساعدك في هذه المرحلة كثيرًا.

  1. احتفظ بنسخ للأشياء التي تريد تذكرها في متناول يدك

قد تريد الاحتفاظ بنسخ لبعض النصائح حتى تكون مرجعًا يسهل الوصول إليه خلال جلسات الممارسة.. وقد وجد مرضاى أن الرسم الذي كان يوضح معدل التغير في السلوك والمشاعر والأفكار خلال العلاج السلوكي يساعد كثيرًا على الشعور بالطمأنينة عند مراجعته خلال جلسات الممارسة.
أو يمكنك أيضًا كتابة مذكرات خاصة بك أو كلمات مشجعة.. وقد قام أحد المرضى بكتابة جملة ( لن يحدث شئ مروع إن لم أقم بالمراجعة) على ورقة ووضعها في محفظته وذهب بها إلى كل مكان وعندما تشتد رغباته الملحة الخاصة بالمراجعة كان يقوم بقراءة الورقة ويشعر بالراحة.. ولكن لا يجب أن تستمر هذه الطريقة أو أمثالها حيث أن وجود ورقة بها هذه المعاني هو نوع من الطمأنة التي يجب أن نتجنبها في العلاج السلوكي.
وخلال جلسات الممارسة الأولى عليك أنت ومن يساعدك أن تحتفظ بنسخة من هذه النصائح للرجوع إليها في حالة ظهور مشاكل ويمكن أن تضع علامة مميزة على الصفحات أو المقاطع التي تشير لمشاكلك الخاصة حتى تستطيع إيجادها بسهولة للتوجيه والتشجيع عندما تحتاج إليهما.

  1. كافئ نفسك

إعط نفسك مكافأة بعد إتمام هدف الممارسة.. وإن قررت مكافأة معينة يمكنك التطلع إليها خلال جلسات الممارسة الصعبة، ويمكنك مكافأة نفسك بشراء شئ تريده أو القيام بشئ تستمتع به (مثل مشاهدة برنامجك المفضل) ولكن اتبع قواعد اللعبة.. كافئ نفسك فقط عندما تكمل هدف ممارسة ولا تظن أنك بذلك تتبع مبدأ الرشوة ولكنك تستخدم علاجًا سلوكيًا معترف به يسمى تشجيع النفس.
وقد قام أحد المرضى بتشجيع نفسه (مكافأة نفسه) بمشاهدة الرياضة بالتلفاز أو الاستماع بهوايته المفضلة أو الاستماع إلى الراديو أو تناول الكعك الذي يفضله ولكنه سمح لنفسه بهذه المكافآت عندما يحقق أهداف الممارسة الخاصة بذلك اليوم.

  1. تصور أهدافك طويلة المدى

يعتبر تصورك لنفسك محققًا أهدافك طويلة المدى دافعًا قويًا حيث يمكنك تخيل الطرق التي ستتحسن بها حياتك عندما تسيطر على مشاكلك..
وقد أخبرني أحد المرضى أنه عندما كان يشعر بالاستسلام لأفعاله القهرية خلال جلسات الممارسة كان يفكر في أهدافه طويلة المدى التي ستجعله يعيش كما يريد ويعود لعمله وقد وجد أن تصور تلك الأشياء يحفزه لمقاومة القيام بطقوسه الخاصة بالنظافة.

  1. دع الوساوس تمر برأسك بشكل طبيعي

نحن نعلم الآن أنه من المفضل ترك الوساوس تمر بشكل طبيعي بعقلك دون محاولة مقاومتها.. ففي الحقيقة إن محاربة وساوسك غالبًا ما يجعلها تأتي بشكل أكثر وهى نتيجة غير مرغوب بها.. وقد أطلق دكتور دانيال ويجنر على هذه الظاهرة اسم (إخماد الفكرة) في كتابه “الدببة البيضاء وأفكار أخرى غير مرغوب فيها” وباختصار لقد وجد أثناء تجاربه النفسية أنه عند إخبار المرضى بأن يقوموا بمقاومة أفكار معينة كانت النتيجة أن هذه الفكرة تتكرر بشكل أكثر من الطبيعي بشكل يشبه ظاهرة الإرتداد Rebound effect وعليك فقط أن تتخيل إن كان ذلك يحدث مع هذه الافكار الخالية من المشاعر (مثل التفكير في دب أبيض) فكيف سيكون الحال مع وساوسك ذات المشاعر القوية.
ولذلك أخبر جميع مرضاى الآن ألا يعطوا وساوسهم المزيد من الطاقة بمحاولة مقاومتها بل عليهم تركها تمر بشكل طبيعي خلال عقولهم.. وهناك فائدة أخرى من هذه الطريقة وهى أنك على الأرجح ستتقبل أن وساوسك ليست خطيرة فعلاً وأنك لست شخصًا سيئًا لأن لديك مثل هذه الأفكار وهذا سوف يقلل من شعورك بالذنب خاصة إت كانت خلفيتك الدينية قوية.. فعندما تأتيك الوساوس عليك فقط أن تخبر نفسك (كل شخص تأتيه أفكار غير سارة من وقت لآخر وطالما أنه ليس لهذه الأفكار معنى فليس هناك داع للشعور بالذنب للتفكير بها.. وبدلاً من ذلك سوف اترك هذه الأفكار تمر برأسي بشكل طبيعي مثلما يفعل باقي الناس الذين لا يعانون من الوسواس القهري).. أو بمعنى آخر على أن أتجاهل هذه الأفكار أيًا كان محتواها (يخص النظافة أو الترتيب أو التفكير في الكفر أو وقوع الطلاق أو بطلان الصلاة والوضوء وفساد الاستنجاء أو بطلان النية أو نسيان التكبير أو الفاتحة أو ركعة أو سجدة أو التشهد أو التسليم) وتركها تمر دون الحكم عليها أو التأثر بها..

  1. حافظ على معايير معينة خلال التعرض ومنع الاستجابة

عندما تقوم بممارسة التعرض عليك التأكد من أنك تفعله بشكل فعال، فمثلاً إن كنت تعرض نفسك لشئ تظن أنه ملوث لا تجعل إحدى يديك “نظيفة” وتتجنب لمس أى شئ بيدك “المتسخة” لبقية اليوم.. وإن كان لديك مخاوف خرافية لا تشبك أصابعك أو تتلو صلوات أو أدعية أو أوراد لتقليل قلقك.
وعليك أيضًا التأكد من أنك تمارس منع الاستجابة بشكل صحيح.. فمثلاً إن كانت لديك طقوس خاصة بالمراجعة لا تقضي جلسة الممارسة وأنت تحاول تذكر كل تحركاتك حتى تطمئن نفسك فهذه مراجعة ذهنية.. ولا تتلو صلوات حتى تمنع حدوث شئ سئ أثناء مقاومتك لفعل طقوسك فهذا نوع آخر من المراجعة.. تذكر أن التعرض ومنع الاستجابة سوف يكون فعالاً فقط إن مارسته بشكل صحيح وإن كانت لديك صعوبة في ذلك ناقش الأمر مع من يساعدك أو راجع هذه النصائح مرة أخرى وسوف تجد طريقة لجعل ممارستك ناجحة.. وعندما تصبح متأكدًا من صحة أداءك للتعرض ومنع الاستجابة كن متأكدًا من إعطاءك هذه المحاولة وقتًا كافيًا لاعتبارها محاولة.. فعلى الأقل عليك ممارسة التعرض ومنع الاستجابة لمدة عشرين ساعة في الاجمال وتكون كل جلسة على الأقل لمدة ساعتين قبل أن تقرر نجاح هذه المحاولة.. ويمكنك استخدام الشكل الآتي لمتابعة الممارسة التي قمت بها:
جلسات ممارسة التعرض ومنع الاستجابة

التاريخ

ما قمت بممارسته

الوقت المنقضي

من قام بمساعدتك

 

  1. تلميحات حول منع الاستجابة

حاول تقسيم أهداف الممارسة لخطوات صغير يمكن تحقيقها.. فيمكنك أن تبدأ بمقاومة طقوسك لمدة ثلاث دقائق وهذا أمر جيد، وعندما تجد أنك تستطيع فعل ذلك بسهولة يمكنك أن تمد الوقت إلى خمس أو عشر دقائق.. فالتقدم نحو أهدافك ببطء سيجعلها سهلة للتحقيق أكثر من محاولة مقاومة طقوسك بشكل كامل.
وأيضأ عليك الخروج من الموقف أو المكان بعد ممارسة التعرض.. يمكنك الخروج من الحجرة – الذهاب للتمشية – يمكنك دائمًا ترك المكان وسوف تقل رغبتك الملحة في أداء الطقوس عند الخروج من الموقف المتعلق بها.. ولاحقًا يمكنك بشكل تدريجي البقاء في الموقف لفترة أطول بدون أداء طقوسك.
أحيانًا يكون الأمر جيدًا عند تنظيم الوقت الخاص بجلسات الممارسة.. ليكن في الوقت الذي سيساعدك بشكل طبيعي لمنع الاستجابة.. فمثلاً إذا كنت دائمًا تقاوم أفعالك القهرية أثناء وجودك في العمل فيمكنك ان تقوم بممارسة التعرض مبكرًا في الصباح قبل الذهاب لعملك مباشرةً وبهذه الطريقة سوف تحصل على دعم إضافي لمقاومة أفعالك القهرية عند الوصول لعملك.

  1. استخدم شرائط التسجيل والفيديو لزيادة شدة التعرض

إن الكوارث التي يخشى مرضى الوسواس القهري من وقوعها لا تحدث في الواقع.. فلا يمكن جعل التعرض حقيقيًا إن كانت وساوسك خاصة بمقتل أحد أفراد عائلتك في حادث أليم، أو طعنك لطفل عن طريق الخطأ، أو موتك بشكل سئ كعقاب من الله على إثم ارتكبته.
وحتى محاولة تخيل حدوث هذه الكوارث لن يكون تعرضًا ناجحًا حيث أن القليل منا له القدرة العالية على التخيل، وحتى إن كانت لديك القدرة على التخيل فإن محاولة تشتيت الانتباه بعيدًا عن تلك الأفكار يكن صعبًا جدًا في مقاومته.. وبدلاً من ذلك لقد ساعد استخدام شرائط التسجيل أو الفيديو للتخلص من هذه المخاوف والوساوس.
فإن كان لديك وساوس خاصة بالعنف أو الجنس فإنك تتجنب مشاهدة أى برنامج أو فيديو أو تسجيلات أو قراءة أخبار أو رؤية صور تحتوي على مشاهدة خاصة بالعنف أو الجنس، ولكن كما تعلم إن التجنب يزيد من قوة وساوسك.. ولكثير من مرضاى مجرد مشاهدة شرائط فيديو تحتوي على ما يثير وساوسهم يعتبر طريقة للتعود على مخاوفهم.. فمثلاً إن كنت تخشى من قتل الآخرين بدون انتباه يمكنك رؤية مشاهد عن قاتل يثير وساوسك ثم مشاهدته مرات عديدة حتى تشعر أن الاحساس بعدم الراحة بدأ يقل (وبالطبع أن تتأكد من أنك تقاوم أى طقوس أثناء المشاهدة) أما إن كانت لديك مخاوف خرافية يمكنك رؤية مشاهد تحتوي على أحداث تثير قلقك ومخاوفك وعليك رؤية هذه المشاهد من بدايتها حتى نهايتها عدة مرات حتى يقل قلقك.. وما كان يجعلني أعرف أن هذا التعرض قد أدى إلى النتيجة المطلوبة هو قول المريض لي (أنا لا أستطيع رؤية هذه المشاهد مجددًا.. إنه ممل للغاية) وفي هذا الوقت أبتسم وأهنئه وأذكره أن الممل عكس الخوف)
وعلى الجانب الآخر قد تكون وساوسك تثار بمواقف فطرية.. فإحدى المريضات كانت تخشى قتل طفلها عن طريق لمسه بيديها المتسختين والملوثتين بالبكتريا من اللحم غير المطهو أو البيض.. وقد شل هذا التفكير معاملتها مع ابنها، فعندما جاءت للعلاج كانت تتجنب إطعامه أو تغيير حفاضته.. وبالرغم من استخدام التعرض ومنع الاستجابة معها إلا أنها لم تكن تشعر بالراحة حيث استمرت وساوسها الخاصة بإيذاء ابنها ولذلك كان استخدام شريط مسجل أنجح طريقة للتعرض الكافي لمخاوفها.
وقد أخبرت هذه المريضة أن أفضل طريقة للتعامل مع حالتها هو تعريض نفسها لأسوأ كارثة تخشاها، ولذلك بدأت بكتابة ذلك بشكل مفصل تفصيلاً دقيقًا.. وفي الجلسة التالية كانت قد ملأت صفحتين كبيرتين وقد قمت باختصار ما كتبته للتوضيح:

(أنا لا أقوم بغسل يدي بشكل صحيح بعد طبخ الفراخ – وقد قمت بإطعام ابني في ذلك اليوم ولاحظت أنه لا يتنفس بشكل جيد وكأن حلقه يغلق، وقد قمت بقياس درجة حرارته وكانت مرتفعة وذهبنا إلى غرفة الطوارئ وأخبرت الطبيب بما حدث وأخبرني أنني تسببت في إصابة طفلي بعدوى بكتيرية وأنه لن ينجو.. وقد جلست بجوار سرير ابني وسمعته وهو ضيق الصدر ولا يستطيع أن يأخذ نفسه وكان ينظر إلى بعيون متوسلة.. وكنت أعلم أنه يطلب مني حمايته وقد علمت أنه لا يوجد شئ أستطيع فعله.. وقد استمريت في البكاء وشعرت باليأس والذنب أكثر فأكثر وقد شاهدت ابني يموت خلال ساعة جراء هذا السم الذي وضعته في جسده وكان موته بشعًا.. وعندما وصل زوجي للمستشفى وعرف بما جرى صرخ في وجهي بشكل هستيري وألقى باللوم علي لأنني أم غير مسئولة قامت بقتل ابنه.. وقد أخبرني كل من امي وأبي وحماتي أنهم لا يريدون التعامل معي بعد الآن لأنني كنت غير مسئولة ولم أهتم بحفيدهم.. وقد تركني زوجي وأصبحت مشردة أعيش بملجأ وأصبحت مدمنة على الكحول وبعد عدة سنوات أدركت أنه لا يوجد شئ للعيش من أجله وقمت بالانتحار.)
وعندما قرأت الصفحتين لاحظت أنها تحتوي على العديد من الطقوس الذهنية التي وضحتها للمريضة ثم قمت بحذفها (وكانت تشمل عبارات مثل ولكني أخبرت نفسي أن ذلك لم يحدث بالفعل) وقد وجد زميل لي  أنه من الضروري ألا يحتوي النص الذي كتبه المريض على أى جملة يمكن اعتبارها طقس ذهني (وبالتالي قد تؤدي إلى تقليل القلق) حيث وجد أنه قبل حذف هذه النوعية من الجمل تكون النتائج الخاصة بالتعرض غير مرضية ولكن بعد حذفها وجعل المرضى يستمعون إلى التسجيل بدونها كانت النتائج أفضل كثيرًا.
وقد أخبرت هذه المريضة أنه سيكون من غير المريح لها أن تستمع لهذا النص في البداية ولكن بتكرار الاستماع إليه سوف يفقد قدرته على احساسها بالقلق.. وبعد ذلك تستطيع وللمرة الأولى الاستمتاع بالاهتمام بابنها والذي كان الهدف الأصلي للعلاج..
ثم قامت بقراءة النص بعد تعديله وقامت بتسجيله على شريط من البداية للنهاية، وكررت التسجيل ثلاث أو أربع مرات حتى ملأت ثلاثين دقيقة من الشريط الذي كانت مدته ستين دقيقة.. وكانت تستمع لهذا الشريط لمدة ساعة على الأقل يوميًا وفي خلال أسبوعين أخبرتني المريضة أن الاستماع للشريط لم يعد يسبب لها قلق شديد وبعد ذلك لم يعد إطعام طفلها أو تغيير حفاضته شيئًا مخيفًا بالنسبة لها، وقد مر عام الآن منذ زيارتها الأولى لي والآن هى وطفلها بصحة جيدة وأصبحت تستمتع بالاعتناء به ومشاهدته يكبر.

  1. اترك جانبًا وقتًا للقلق من الوساوس

هناك قلة من المرضى لن يدعوا وساوسهم تمر بشكل طبيعي خلال تفكيرهم بدون وجود وقت محدد للتفكير بها فيما بعد.. وبالرغم من محاولاتي لاقناعهم بالعكس إلا أنهم يجدون أنه ليس من الصحيح ألا يتركوا وقتًا لمخاوفهم مثل المراجعة العقلية لأحداث أمس.
وإن كان ذلك ينطبق عليك يمكنك استخدام أسلوب يسمى (وقت القلق) والذي وضعه الطبيب “توماس بوركوفيك” الخبير في دراسة القلق، وهذا الأسلوب يشمل الآتي:
قم بتحديد نصف ساعة يوميًا في نفس الموعد للقلق واجلس في نفس المكان على نفس الكرسي ولا تفكر في هذا الوقت إلا بأفكارك الوسواسية حتى وإن وجدت صعوبة في استكمال الوقت كله.. وبعد مدة سترغب في تقليل هذا الوقت إلى 15 دقيقة وبعض الناس يتوقفون عن فعل ذلك بشكل كامل والبعض الآخر يفضل الاستمرار في استخدام هذا الأسلوب عند الحاجة.

  1. مساعدة الأطفال والمراهقين

إن نفس الوسائل التي نستخدمها للتعرض ومنع الاستجابة مع البالغين يمكن استخدامها مع الأطفال.. والفارق الكبير في حالة الأطفال المصابين بالوسواس القهري هو ضرورة اشتراك الوالدين في العلاج.. و دوري كمعالج سلوكي هو تعليم الوالدين كيفية مساعد أطفالهم للاشتراك في التعرض ومنع الاستجابة اللازمين للتحكم في أعراض الوسواس ومن الضروري أيضًا تعليم الوالدين كيفية مكافأة أولادهم عند النجاح في الممارسة.
ويمكن البدء بمساعدة طفلك على وضع قائمة بالأشياء التي يود فعلها ثم تقوما بوضع نظام يتم من خلاله تطبيق التعرض ومنع الاستجابة.. ويمكن تحديد المكافأة حيث يمكن أن يكسب الطفل نقطة على كل ممارسة ويمكن تجميع النقاط في آخر اليوم أو الأسبوع.. وعليك أن تفكر بشكل إبداعي في المكافآت التي سيحصل عليها ابنك وما يمكن اعتباره مكافأة يختلف من طفل لآخر ومن يوم ليوم آخر.. فمثلاً كان هناك طفل يبلغ 11 عام كان يتمنى بشدة قضاء وقت مع أبيه ولذلك وضع أبويه برنامجًا للتعرض ومنع الاستجابة يذهب من خلاله الأب مع ابنه إلى النادي في حالة إن عمل الابن بشكل جيد على مشكلته.. ونتيجة لهذا الدافع الإضافي كان الطفل قادرًا على التماشي مع العلاج..
كما يجب أيضًا اشراك الأبوين في حالة المراهقين المصابين بالوسواس القهري، قد كان فريد أحد المرضى المراهقين وكان مجبرًا على لمس الأشياء في حجرته بشكل ونظام معينين قبل أن ينام وعندما جاء للعيادة كان يقضي ساعات عديدة مؤديًا هذه الطقوس لدرجة أنه كان يظل مستيقظًا طوال الليل في حالة إن أراد النوم في حجرته، ولذلك كان ينام في غرفة المعيشة.. فكان أول شئ فعله فريد هو تعلم التعرض ومنع الطقوس ثم قاما بتجميع نقاط على كل هدف ممارسة يقوم بتحقيقه، وفي نهاية كل أسبوع تتحول هذه النقاط لمكافأة من والديه، وبهذا البرنامج بدأ فريد يتقدم بداية بالأهداف الصغيرة ثم بالكبيرة ومن الطبيعي أن يرغب المراهق في التحسن إن شارك في برنامج للتعرض ومنع الاستجابة.. وفي الحالة التي يأتي فيها المراهق للعلاج بدون رغبته لم نكن قادرين على إحراز أى تقدم إلا لاحقًا عندما يقرر المريض أنه فعلا يريد التعاون في العلاج.
وعليك أن تعلم طفلك العلاج السلوكي بطريقة يستطيع فهمها وأيضًا اشرح له أهمية هذه العلاج وأسباب فاعليته فمثلاً يمكنك وصف القلق الذي يشعر به طفلك كإنذار كاذب لوجود حريق وعندما جاء رجال الاطفاء مسرعين بعربة الاطفاء وجدوا انه لا يوجد حريق وبذلك يستطيع طفلك تجاهل قلقه مدركًا أنه سيقل مثل ذلك الانذار الكاذب الذي سيتوقف عن الرنين قريبًا.
وأحيانًا يمكنك تحفيز طفلك على المشاركة في العلاج السلوكي بجعله يتظاهر بأنه محارب (أو شخصية معروفة في القصص أو شخصية كرتونية) يقاوم أحد الوحوش والذي يمثل وساوس الطفل أو رغباته الملحة.
وقد تصاب بالاحباط ولا تعرف ما يتوجب عليك فعله إن قام طفلك برمى لعبه أثناء جلسات الممارسة.. فقد كان هناك فتاة تقوم بذلك وتهدد بتكسير كل ألعابها عندما تغضب وعندما تمنع من أداء طقوسها، وقد تحدث إليها والديها وشرحا لها أنه عليهما أن يساعداها على تعلم التحكم في أعصابها وأنها إن قامت برمى الأشياء سيضطرا أن يضعاها في حجرتها وقد شرحا لها أنهما يكرها أن يقوما بذلك ولكن عليها أن تتعلم أن تتحكم في نفسها.. وفي البداية شعر الأبوان بالسوء والذنب لأن ابنتهما كانت تصرخ وترمي بالأشياء في حجرتها ولكن بعد تكرار ذلك مرتين كانت الطفلة قد تعلمت أن تتحكم في أعصابها ولا شك أن هذه العملية والتي تسمى وقت استراحة (Time out) في العلاج السلوكي تتطلب الكثير من الصبر حتى يصبح دور الأبوين فعالاً.
وهذه بعض النصائح الأخيرة لمساعدة طفلك في التحكم في أعراض المرض:
كن متأكدًا من فهمك التام للوساوس والأفعال القهرية التي يعاني منها طفلك والطريقة التي ترتبط بها هذه الأعراض سويًا ولا تفترض أنك تفهم المشكلة تذكر أن الأعراض قد تبدو مختلفة في نظر الطفل.
وقد رأيت العديد من الأطفال والمراهقين الذين كانوا يشعرون بالرعب من أفكارهم الوسواسية معتقدين أن وجود هذه الأفكار تعني أنهم أشرار وبالتالي يرفضون الاعتراف لأى شخص بأنهم يفكرون بها.. وهذا الرفض للاتصال بالآخرين يُصعّب على الوالدين فهم سلوك أبنائهم الغريب والذي قد يكون طقوسًا يؤديها طفلهم للتحكم في أفكاره الوسواسية..
وقد كان سامح طفلا صغيرًا أحضره والديه إلى العيادة وقد كانا في قمة الحيرة من سلوك ابنهم الغريب حيث كان يبصق على الأرض ويتلفظ بألفاظ بذيئة، وفي البداية كان سامح صامتًا ورفض اخباري بما كان يحدث ولكن بعد عدة أسابيع استطعت اقناعه أن العديد من الأطفال لديهم أفكارًا غير سارة ولا يستطيعون اخراجها من راسهم وأهم شئ أن تلك الأفكار ليست خطأ الشخص.. وقد قام سامح بالاعتراف لي أنه لديه أفكار وصور حول القيام بممارسات جنسية مع أفراد عائلته وأنه يبصق على الأرض ويلفظ ألفاظًا بذيئة حتى يدفع تلك الأفكار بعيدًا عن رأسه حتى يجعل عائلته الذين يثيرون هذه الأفكار لديه بعيدين عنه.. وبمجرد أن اعترف سامح بهذه الأفكار لي ولأبويه كنا قادرين على العمل معًا لتحديد الطقوس المختلفة التي كان يقوم بها.. وتوضح هذه الحالة صفة شائعة للوسواس القهري عند الأطفال والمراهقين وهى أن طقوس المريض في هذه الحالة تقتحم وتدمر كل شئ مثل المنزل واللعب وأنشطة المدرسة وبالتالي من المهم أن نحدد بحرص (ولكن بسرعة) أكبر عدد ممكن من الطقوس وأن نبدأ العمل على واحد أو اثنين من هذه الطقوس والتي تعتبر أكثرها ازعاجًا لحياة الطفل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *