الخميس, مايو 9, 2024
الإضطرابات الإنشقاقية والتحوليةالإضطربات الإنشقاقية

الذهول Dissociative Fugue

يوصف الذهول بالترحال المفاجئ وغير المتوقع للشخص المصاب سواء من منزله أو من المكان المعتاد لأنشطته اليومية مع فقدان قدرته على استرجاع أى أحداث ماضية تتعلق بحياته.

مصحوبًا بارتباك شديد حول هويته أو يصل بذلك إلى تقمص (إلتباس هوية جديدة) مشروطًا ذلك بـ:

  1. عدم وجود مؤثر فسيولوجي مباشر لحدوث ذلك الاضطراب أو مرض عام أو بعض المواد ولا تكون تلك الأعراض جزء من سياق اضطرابات الهوية الإنشقاقية.
  2. مسببة في ذلك خلل واضح في الوظائف الاجتماعية والوظيفية للشخص المصاب.

مسببات المرض:

ويأتي في المرتبة الأولى لمسببات ذلك الاضطراب الصدمات النفسية مثل الحروب، الاغتصاب، التحرش الجنسي بالأطفال، كوارث طبيعية، تفسخ اجتماعي جسيم يؤدي ذلك إلى خلل بوعى المريض معبرًا عن ذلك برغبة كبيرة للتحليق أو الترحال أو التجوال أو الهروب.

ومن الممكن ألا توجد صدمات نفسية كمسببات لحدوث نوبات حيث من الممكن حدوثها لوجود صراع نفسي قوي داخلي للمريض لمعاناة شديدة من:

  1. خوف محيط بالمريض.
  2. شعور بالذنب.
  3. شعور بالخجل.
  4. رغبات ملحة من الجنس أو العنف أو الانتحار يعاني منها المريض.

إحصائيات المرض

ويكثر حدوث النوبات في فترات حدوث الكوارث، فترات الحروب، فترات التفسخ الاجتماعي الجسيم، فترات العنف مع غياب أى إحصائيات لحدوث مثل تلك النوبات… ولا توجد هناك أى إحصائيات لوجود فروق في الإصابة بين الجنسين.

إلا أنه يتم وصف تلك الحالات غالبًا في سن النضج ليكثر حدوثه أثناء فترات الخدمة العسكرية أو بداية الزواج والعراك والتنافس المستمر والمكائد المصطنعة بين الزوجة الجديدة والحماة والسلايف وأخوات الزوج.

الأعراض الإكلينيكية وتشخيص المرض

وتستمر فترات المعاناة من دقائق لتصل أحيانًا إلى شهور..

يعاني المريض من نوبات متكررة من الذهول وغالبًا ما تنتهي النوبات الجسيمة بانتهاء أعراض قلق ما بعد الصدمات أو الحوادث، والتي فيها يجري المريض إلى جزء آخر من المنزل أو حتى خارج البيت..وفي الأطفال والمراهقين والذين يفتقدون القدرة على الترحال غالبًا ما يرتحلون أثناء نوبات لمسافات قصيرة.

وفي نهاية فترات نوبات الذهول يصاب الشخص بارتباك شديد وتكون تصرفاته كالشخص الحالم أو النائم.. أعراض تحولية مع فقدان الذاكرة، ومنهم من يصاب بفقدان الذاكرة الإنشقاقي بنهاية نوبات الذهول.

ومع قرب نهاية فترات الإنشقاق للمريض المصاب تظهر عليه أعراض من القلق، أعراض اضطرابات وجدانية، أفكار انتحارية شديدة.. ومن الممكن أن يصاب المريض بقلق ما بعد الصدمات أو الحوادث.

مشابهات المرض (التشخيص المفارق)

1) اضطراب فقدان الهوية الإنشقاقي..

والذي من الممكن أن يحتوي على أعراض الذهول يتكرر حدوثها أثناء حياة الشخص المصاب بفقدان الهوية الإنشقاقي والذي يعاني من فقدان معقد للذاكرة يأخذ أشكال مختلفة وعادةً ما ينمو لديه عدة شخصيات (هويات) مختلفة.

2) نوبات الصرع النفسي الحركي

يعاني المريض من أفعال تجوالية أو أفعال تبدو وكأنها هادفة وهى ليست كذلك، أو كلاهما خلال وقت النوم أو ما بعد حدوث النوبة والتي خلالها يعاني المريض من فقدان الذاكرة ما بعد حدوث نوبات الصرع ويعاني المريض المصاب بهذا النوع من الذهول من سلوك غير طبيعي وارتباك، حركات متكررة وغير طبيعية مع وجود الأعراض الإكلينيكية لنوبات الصرع نفسها مع ما يسبقها من بوادر نوبة الصرع ، اضطراب بالنشاط الحركي، خلل في الإدراك ، تبول لا إرادي، مع وجود اضطراب برسم المخ الكهربي للمريض و دائمًا ما يلاحظ على هذا المريض تكرار كل أحداث النوبة في كل مرة كسابقتها تمامًا وكأنها مسجلة على شريط فيديو.

3) الأفعال التجوالية المصاحبة لبعض الحالات المرضية

مثل حالات التسمم، إدمان بعض المواد، العته، الهذيان، اضطرابات فقدان الذاكرة العضوي.. وتتشابه الأعراض الإكلينيكية لتلك الحالات مع نوبات الذهول وبمكن تجنب هذا بأخذ تاريخ المرض بدقة وبصورة تفصيلية (فحص المريض إكلينيكيًا)، وإجراء بعض الفحوصات المعملية مثل الكشف عن السموم أو المواد المخدرة.

4) يمكن أن تحدث تلك الأفعال التجوالية خلال نوبات الهوس في المرضى المصابين بالاضطراب الوجداني أو المصابين بالفصام الوجداني..

وتغلب عليه ضلالات العظمة وإهتمامه الزائد بنفسه، غير متذكر في ذلك سلوكياته التي قام بها أثناء تجواله، غير منتحلاً في ذلك أى هويات أخرى.

5) إدعاء أو تمثيل دور الذهول:

يحدث في الأشخاص الهاربين من مشاكل شرعية أو مادية أو صعوبات شخصية مثل: المحاربين الذين يريدون أن يفروا من المعركة أو الخدمة العسكرية أو الزوجة التي يكتشف زوجها وجودها مع غريب في غرفة نومها فجأة، أو السارق الذي تفاجئه الشرطة فجأة…

 يلاحظ عدم وجود أى اختيار محدد أو مجموعة من الاجراءات تتخذ للتفرقة ما بين الذهول المرضي والذهول المفبرك التمثيلي.

حيث أن معظم المخادعين يدعون فقدان الذاكرة للفترة التي تمت خلالها ارتكاب تلك الأفعال..

المآل والمسار

غالبًا فإن معظم حالات الذهول تكون بسيطة وتستمر فقط من عدة ساعات إلى أيام وتزول تلك الأعراض في معظم الحالات بصورة تلقائية خصوصًا إذا انتهى السبب الذي تسبب في محاولة هروب المريض من المواقف المقلقة والمزعجة والمحرجة.

نادرًا ما تستمر مثل تلك الأفعال لتصبح مستعصية ومزمنة خصوصًا في المرضى قليلي الذكاء والحيلة، وقد أشارت بعض الدراسات إلى حدوث نوبات متكررة من الذهول لتظهر بصورة متكررة مع عدم وجود أي ضوابط محددة للتفرقة الحقيقية  بين الأنواع المختلفة من الذهول التي ذكرناها في التشخيص المفارق.

العلاج

ويتم علاج مثل هؤلاء الأشخاص عن طريق:

  • العلاج النفسي باستبصار العوامل النفس ديناميكية والتي من خلالها يتم مساعدة المريض لاسترجاع الذاكرة المتعلقة بهويته.
  • ويمكن الاستعانة بالعلاج بالتنويم أو بالعقاقير كوسائل إضافية لمساعدة المريض لاسترجاع ذاكرته.
  • إضافة أى علاجات اخرى تتعلق بأى إصابات تحدث للمريض أثناء نوبة الذهول.
  • لابد وأن يكون المعالج على استعداد لمناقشة وعلاج أى أفكار انتحارية أو أفعال مؤذية للنفس عند زوال الغبار عن الأسباب الحقيقية المقلقة والمزعجة والمحرجة التي تسببت في بداية الأعراض.
  • وفي بعض الأحيان يجب احتجاز المريض بداخل المستشفى لحين زوال تلك الأفكار.
  • لابد من وجود تدخل نابع عن فهم لطبيعة تلك الحالات سواء من الأسرة أو من المجتمع لإيجاد حلول للمشاكل الشرعية والوظيفية والجنسية وحتى الأسرية التي يسببها المرض أثناء نوبات الذهول، أو تتسبب هى في حدوث مثل تلك النوبات والتي من الممكن أن تثار عند استعادة الشخص المصاب لهويته وليس الهدف من العلاج إزالة الأعراض فقط عند الطبيب أو عند المعالج الروحاني لأنه لو لم يتم فهم طبيعة تلك الحالات وحل مشاكلها سوف تعود الأعراض مرة أخرى أو تظهر أعراض جديدة .
  • الجلسات الكهربية: يتم استخدامها في أحيان نادرة خصوصًا إذا تزامن الذهول مع أعراض اكتئابية شديدة وتمني الموت والرغبة في الانتحار.. ويتم عمل هذه الجلسات تحت الرعاية الطبية الكاملة والتخدير الكامل للمريض.