الأربعاء, مايو 8, 2024
الجلسات المختصرة لجلسات العلاج المعرفي السلوكي

7 الأساليب السلوكية المستخدمة مع الاكتئاب

الأساليب السلوكية المستخدمة مع الاكتئاب

خريطة التعلم:

  • النموذج السلوكي للاكتئاب
  • مراقبة المزاج والأنشطة
  • التنشيط السلوكي
  • فروض المهمات التدريجية
  • المراجعة السلوكية

حالة للتدريب: التخطيط لتدخل سلوكي مع الاكتئاب

الاجراءات والتدخلات السلوكية المستخدمة لعلاج الاكتئاب مهمة جدًا كمكون في العلاج المعرفي السلوكي، وهى طرق أساسية في الجلسات القصيرة.
الطرق السلوكية المذكورة في هذا المقال يمكن أن تدرس في 10 – 15 دقيقة أو أقل في بعض الأحوال.. والمقصود أن يمارس المرضى هذه الأساليب كفروض منزلية مع قياس تأثيرها على الحالة المزاجية والسلوكيات المستهدفة.
بعد نظرة شاملة مختصرة على التدخل السلوكي في الاكتئاب سنفصل أشهر أربعة طرق سلوكية، مراقبة المزاج والأنشطة، والتنشيط السلوكي وفروض المهمات التدريجية وأخيرًا المراجعة السلوكية.
هناك طرق أخرى تستخدم مع الأعراض المصاحبة للاكتئاب مثل القلق والأرق وهى مذكورة لاحقًا في التدخلات السلوكية للقلق  والتدخلات السلوكية للأرق.
على الرغم من أن التدخلات السلوكية وحدها قد تكون كافية لبعض المرضى فإن معظم المرضى تمثل هذه الوسائل جزء من خطة علاج أشمل تتضمن إعادة الهيكلة المعرفية (استهداف أخطاء التفكير) في حين نستخدم التدخلات السلوكية كجزء من خطة علاج شاملة فهى تعطي فرصة جيدة لاستخراج الأفكار التلقائية السلبية والمواقف الخاطئة التي تظهر أثناء القيام بالفروض المنزلية ومراجعة الجلسات.

النموذج السلوكي للاكتئاب:

بعض المنظرين شبهوا الحالة السلوكية للاكتئاب كأسلوب للفناء والاندثار مع وجود الاضطرابات الشعورية الناتجة عن غياب التحفيز الإيجابي..
أحد أسباب هذا الاندثار هو قلة حدوث تصرفات هادفة، فمن يعاني من الاكتئاب دائمًا ما يشعر بالإجهاد وضعف في الشهية ولا يستمتع بالأنشطة التي كان يستمتع بها في السابق.. وهذا العرض الأخير ما يدعى بالـ anhedonia (لا حزن ولا فرح – لا انبساط ولا زعل – لا جعان ولا شبعان – عايش وخلاص) ويمكن أن ترى على أنها انخفاض أهمية التحفيز عند المريض.. في هذه الحالة يستقبل المريض هذه الأنشطة على أنها ليست ممتعة للدرجة وأنه فقط يساير الأحداث حوله.
ومشكلة أخرى عند المكتئب هو أنه يعاني من كثرة استخدام التوقعات في أن هذه الأنشطة لن تستحق الجهد المبذول فيها “ما فائدة ذلك؟” – “لماذا أشغل نفسي بها؟” – والمشكلات ليست ببساطة في الاستقبال للأمور إنما أغلب الأوقات تكون هناك مشكلة في إتمام الأعمال المجهدة في المنزل والعمل والميل لتأجيل أو تجنب الأعمال الملحة (التسويف).
من أمثلة المشاكل السلوكية:
بالإضافة إلى ذلك يظهر المكتئبون زيادة في التصرفات العاطفية التي يراها الأصدقاء والمقربون وزملاء العمل منفرة مثل كثرة الشكوى والسيطرة على الحوار وإدارته حسب أهتماماتهم ومن وجهة نظرهم فقط (وعدم إبداء تبادل طبيعي أثناء الحوار).. وتكون العاقبة الطبيعية لذلك تقليل الدعوات وتجنب الاحتكاك بالآخرين مما يؤدي إلى غياب الرفقة والدعم من الآخرين وبالتالي من يعانون الاكتئاب يفعلون القليل من الأشياء التي تجعل للحياة قيمة ويستمتعون أقل بالأنشطة التي يقومون بها ولا يشعرون بالاكتفاء والرضا منها إلا قليل بالإضافة إلى تقييمهم السلبي لهذه الأنشطة وبالتالي يقل التحفيز من الوسط الاجتماعي.

الأهداف السلوكية للتدخل في الاكتئاب تختصر في التالي:

  1. زيادة مستوى الأنشطة الممتعة.
  2. تقليل الوقت الذي يقضيه المريض وحيدًا.
  3. زيادة الأنشطة المتبادلة في العلاقات الشخصية.
  4. زيادة القدرة على إكمال الأعمال المجهدة أو المتحدية في الحياة اليومية.

في الجلسات الأولى من العلاج المعرفي السلوكي التقليدي للاكتئاب تتضمن وسائل سلوكية للبدء في تعريف هذه المشاكل مع تحويل دفة العلاج في إتجاه الوسائل المعرفية بعد أن يشعر المريض بتحسن في الأعراض..
تنظيم هذه الطريقة بالإضافة إلى الترابط المتوسع بين الأعراض السلوكية والمعرفية والعاطفية للاكتئاب لم تتغير كثيرًا منذ صدور دليل العلاج       Beck et al 1979 ولكن الطرق العلاجية السلوكية في علاج الاكتئاب التي لا تستهدف مباشرة الأفكار التلقائية السلبية والأساليب الخاطئة أيضًا أظهرت فاعلية.
للحصول على وصف تفصيلي لهذه الطرق السلوكية الممتدة يرجع القارئ لكتاب Addis & Martell 2004
شكل (1 – 6) يظهر صيغة مصغرة للأساليب السلوكية مع (د) وهو مريض يبلغ من العمر 33 سنة، يعاني من نوبة اكتئاب جسيم.. سنقدم في حالة (د) الطرق السلوكية في علاج الاكتئاب، وفي الفيديو التوضيحي لاحقًا (علاج اليأس والانتحارية) سنعرض التدخلات السلوكية أيضًا التي ساعدت (د) في مشكلة اليأس والإفراط في الشراب.. عند هذه النقطة في العلاج بدأ د. ثاز العمل مع (د) وعلى الرغم من أن (د) ذكر في بداية العلاج أنه يتناول قدح أو قدحين على الأكثر مرتين في الأسبوع اكتشف د. ثاز أن إدمان الكحول من المشكلة.

 

(د) شاب لم يسبق له الزواج وليس لديه أطفال.. لديه تاريخ سابق بإصابته بنوبة اكتئاب جسيم، والنوبة الحالية استمرت ثلاثة أشهر تسبب فيها علمه بإصابة والدته بسرطان منتشر.. تشخيصها محبط وحالتها أوشكت على النهاية، بالإضافة للنوبة الحالية لـ (د) فهو يعاني غياب ثقته بنفسه بصفة مزمنة وشعور بالركود في عمله كمبرمج كمبيوتر وإحباطات متكررة في علاقته مع النساء.
(د) عنده الكثير من الأصدقاء والأنشطة ويحب كرة السلة ويقضي الوقت مع أصدقائه يشاهد ويتحدث عن الرياضة، لكن في الشهور الأخيرة بدأ يخرج بمعدل أقل، دائمًا يشكو من الإجهاد عندما يأتي من العمل فلا يخرج لمجالسة أصدقاءه ولعب كرة السلة معهم إنما أصبح يذهب في زيارات قصيرة لوالدته ثم يعود لمنزله ليجلس وحيدًا.
كما في الشكل (1 – 6) هناك دوائر استرجاع متعددة Feedback loops بين المفاهيم السلبية والانفعالات العاطفية والسلوك في الاكتئاب تجعل من حالة (د) أسوأ ويشعر أنه في الحضيض ومجهد بعد العمل وبالتالي يحجم عن الاشتراك في واحد من أكثر الأنشطة متعة للكبار.. فبدلاً من إندماجه في التمرين ومجالسة أصدقاءه ينتهي به الأمر ليجلس وحيدًا بالمنزل ويعمل القليل جدًا من الأشياء التي تشعره بالسعادة فلا عجب أن يشعر أكثر بالوحدة والعزلة في المساء واليوم التالي يصبح مزاجه أسوأ من السابق.
مراقبة المزاج والأنشطة:
لأغلب الناس الذين يعانون من الاكتئاب نستطيع أن نقدم الخطط السلوكية في أول جلسة.. في الحقيقة، في نشرة المساعدة الذاتية التقليدية Beck et al 1995, classical self help pamphlet “coping with depression” تقترح عمل تمرين سلوكي كخطوة أولى.. هذا الفرض المنزلي هو إكمال مراقبة النفس ضمن جدول النشاط الأسبوعي وهو مدرج في الملحق الأول “أوراق العمل والقوائم” أكثر النسخ تكثيفًا من هذه الصيغة البسيطة طولها صفحة واحدة فقط تعرض ساعات اليوم رأسيًا وأيام الأسبوع أفقيًا..

هذه الصورة ممكن أن تكون مربكة لبعض المرضى فهم يفضلون أوراق منفصلة أو مفكرة تقليدية ذات الربطة الحلزونية بحيث يستطيع المريض في كل صفحة أن يكتب أنشطة اليوم الواحد.. هناك مرضى آخرون يشعرون أن تسجيل أنشطة الأسبوع كتابيًا مرهقة جدًا فالأنسب لهم أن يسجلوا أنشطة يوم واحد أو جزء من اليوم.
نحن ننصح المعالجين أن يشرحوا كيفية ملء الاستمارة في الجلسة الأولى وتصميم الأنشطة على ساعات اليوم في نفس الجلسة، في كل خانة وقت يكتب المريض ما يفعله وتقييم مزاجه ويصف الأنشطة.. كل نشاط يقيم على بعدين.. الإجادة والمتعة.. أغلب المعالجين يستخدمون مقياس من صفر (الإنعدام) لـ 10 (الدرجة القصوى) لقياس الإجادة والمتعة على الرغم من أن المقياس من (0 إلى 100) مفضل في بعض الأحيان وعادةً تأخذ عملية تقديم هذا المبدأ تقييم المزاج والأنشطة.. وشرح طريقة كتابته حوالي 10 دقائق.

التقييم الذاتي له أربعة أهداف رئيسية:

  • المساعدة على تحسين المزاج والحالة المعنوية:

على الرغم من أن التحسن من هذا النوع يعتبر في إطار واسع من الذي يسمى الآثار العلاجية غير المحددة، حيث يبدأ الناس في الشعور بالتحسن عندما يبدأون في القيام بأعمال كفرض منزلي أولي تقوم المراقبة الذاتية بالبداية عملية التجريب الجماعي في العلاج المعرفي السلوكي.

  • مساعدة المرضى على ملاحظة (السبب والأثر “النتيجة”) وعلاقة ما يفعلونه بما يشعرون به:

 فعلى الرغم مما يبدو بوضوح أن فترات الوحدة والركود في الأنشطة تصاحب المزاج السئ وأن الناس عادةً ما يشعرون أنهم أفضل إذا اندمجوا في أنشطة ممتعة أو محفزة إلا أن رؤية ذلك (وهو موضح ومرسوم) تساعد المكتئب على أخذ قرار التحرك.

  • مساعدة المرضى على تقييم أدق للأنشطة المصاحبة لتحسن المزاج  في الجودة والاستمتاع:

الأخطاء المعرفية في الاكتئاب عامةً تجعل المريض يفكر بطريقة سلبية ويتغاضى عن الحقيقة أنه حتى لو وصلت الأمور للأسوأ فإنه يستطيع ولو جزئيًا أن يسيطر على الموقف.. التعرف على هذه العلاقات يساعد أن يؤخذ في الاعتبار هذا المبدأ الصحي كوسيلة تكيف وهى “هناك ما أستطيع القيام به لتحسين مزاجي”.

  • التعرف على الأوقات التي يظهر فيها النشاط أقل والمزاج أسوأ لنستهدفها في الفروض السلوكية:

فعلى الرغم من أن (د) لم يكن يشعر بمزاج جيد على مدار اليوم إلا أن المزاج والنشاط كانا أسوأ في المساء بعد العودة من العمل حين يكون بمفرده بالمنزل.. من الممكن أن يتعاون (د) مع معالج يتعامل مع فترة المساء على أنها فترة جيدة لتستهدف بعض التدخلات السلوكية بدون جمع المعلومات.. إلا أن عملية مراقبة الأنشطة تساعد على تبني التعاون والمساعدة في عرض “العالِم الشخصي” وهو جانب مهم من العلاج المعرفي السلوكي بالأخص إذا استطاع (د) أن يرى المزايا المحتملة في أن يجمع المعلومات بنفسه “الأدلة”، وهو ما يجعل فرص التعاون أكبر وأنشط في القيام بالفروض المنزلية القادمة وزيادة قدرته على القيام بهذه التدريبات.
عادةً ما يكون فرض منزلي من المراقبة الذاتية ضروري في زيارة أو زيارتين فقط.. ولكننا لاحظنا أن المرضى الذين يذهبون للجلسات القصيرة أن جدولة الأنشطة بالأخص الممتعة منها أفيد على المدى البعيد.
التنشيط السلوكي:
هذا التعريف يشمل سلسلة من الخطط التي توظف أنشطة منظمة لتزيد الوقت الذي يستغرق مريض الاكتئاب في القيام بالأنشطة التي تشعره بالمتعة وإلى حد ما بالإجادة.. عادةً ما تكون هذه الأنشطة مما كان يقوم به المريض في السابق وكانت جزءًا مما ساعدنا على التعرف على حياته الطبيعية الصحية.

عادةً ما ندمج واجب من النشاط السلوكي في الجلسة الأولى أو الثانية حتى قبل أن نكمل جدول الأنشطة.. مثلاً للمعالج أن يسأل هذا السؤال للمريض “هل تستطيع أن تخبرني بنشاط إذا قمت به الأسبوع القادم ستشعر بالتحسن؟” هنا المعالج يساعج المريض على اختيار نشاط محدد ويستطيع المريض القيام به كما يحسن مزاج المريض أو على الأقل يجلب له شيئًا من الاستمتاع.
بعد اختيار النشاط سنستخدم مهارات حل المشكلات لمساعدة المريض على التعرف على العوائق المحتملة الظهور وقد تعطل القيام بالنشاط المتفق عليه أو تعيق إتمامه وبالتالي عمل خطط لتخطي هذه العوائق.. مثلاً يقول المريض “سيكون من المفيد البدء في طهى الطعام من جديد.. فأنا لي مدة طويلة أتناول الوجبات السريعة كلما أردت تناول الطعام” فهذه نقطة مهمة إلى حد ما وتشكل تحد شديد للمريض في هذه المرحلة من العلاج؟؟ فعلى المعالج أن يتدخل.. مثلاً “هل نستطيع أن نستنبط من ذلك هدفًا محددًا في طهى الطعام لهذا الأسبوع؟ شئ أنت متأكد أنك تستطيع القيام به، وبالتالي نستطيع وضع خطة جديدة والبدء في تنفيذها” فهذا السؤال سينتج عنه خطة كالآتي:

  • الذهاب مرة واحدة للتسوق لتحضير وجبتين.
  • تحضير وجبته أيام العطلة “الخميس والجمعة”.
  • اختيار وجبات سهلة لا تحتاج إلى مجهود كبير وبنفس الوقت شهية.

في الجلسات اللاحقة سيستطيع المريض بعد الانتهاء من جداول الأنشطة أن يضع خطط تنشيط سلوكي أكثر تكاملاً بمساعدة المعالج، الأنشطة عادةً تصمم لتملأ الفراغات في جدول النشاط اليومي للمريض حيث كانت هذه الأوقات تقضى في وحدة وبلادة.. وأهم أهداف جدول الأنشطة مواجهة انعدام الاستمتاع بإيجاد أنشطة ممتعة.
الكثير من المكتئبين يذكرون أنه كان لديهم عدة أنشطة وهوايات يقومون بها ولكنهم يتوقفون عنها أو يقضون فيها وقتًا أقل أثناء نوبة الاكتئاب.. هناك آخرون يحتاجون للقيام بعصف ذهني لإيجاد أنشطة مناسبة ومعقولة لظروفهم الحالية.. في حالة عدم جدوى العصف الذهني الجماعي مع المريض نلجأ إلى الطلب من المريض أن يملأ جدول الأنشطة الممتعة.. مثال على ذلك استخدام هذا الموقع:
www.anxietydisordercentre.com.nationprotect.net/pleasant20%events.doc
وهو يحتوي على الكثير من الاختيارات لأنشطة يراها البعض محفزة.
واحد من أهم الحلول العالمية لمحاربة الشعور بالكآبة القيام بنشاط رياضي.

الإحصائيات تقول أن من يقومون بالأنشطة الرياضية بانتظام يعانون من أعراض اكتئابية أقل من الذين لا يتريضون بانتظام.. أغلب المرضى الذين يذهبون للمعالجين لعلاج الاكتئاب يذكرون أنه قد كانت لهم تجربة إيجابية مع تحسن المزاج بعد ممارسة الرياضة ومع ذلك القليل من يستمرون في ممارسة الرياضة بانتظام أثناء معاناتهم من الاكتئاب.

هناك العديد من الدراسات التي أثبتت أن الذين يعانون من اكتئاب بسيط يستفيدون من ممارسة (30 – 60) دقيقة من الرياضة الخفيفة حيث تقلل من أعراض الاكتئاب بالمقارنة بمضادات الاكتئاب Blumenthal et al 1999, 2007, Brenes et alحين يظهر الإجهاد كمشكلة ظاهرة أو مريض اكتئاب يعاني من زيادة في الوزن أو منعدم اللياقة، فالبدء بـ 5 دقائق من التمارين الخفيفة سيكون مناسبًا جدًا، وهناك معالجين يفضلون ممارسة التمارين بعد الشروق في الهواء الطلق للاستفادة من أثر ضوء الشمس العلاجي ولضبط الساعة البيولوجية للمريض.
إذا أظهر المريض صعوبة في بدء برنامج للرياضة استخدم نفس التحليل السابق لمناقشة العوائق وحلولها في التنشيط السلوكي سيكون مفيدًا، بالإضافة إلى إمكانية استخدام المقابلات التحفيزية للاستفادة منها.

أهم من اختيار نشاط معين هى الطريقة التي يتم بها اختيار الأنشطة ومراقبة نتائجها..
اختيار الأنشطة يجب أن يقوم على التعاون.. يجب أن يلتزم المريض بإنجاز النشاط المتفق عليه في الوقت المحدد وكذلك الوضوح في تأثير النشاط على المزاج ونسب الإجادة والمتعة ومراقبتها وبالتالي مراجعة الفروض المنزلية الخاصة بالتنشيط السلوكي بناءًا على المعلومات التي تم الوصول إليها..
قد يحدث ألا ينجز النشاط في الوقت المطلوب أو يجعل النشاط أسوأ فعلى المعالج أن يستخرج الأفكار السلبية عما حدث وتسميتها خلال الجلسات قبل الانتقال إلى واجبات جديدة.
وضع توقعات قليلة نسبيًا في البداية مهم.. فهذه الأنشطة عبارة عن خطوات صغيرة مقصودة في الطريق إلى التعافي وبالتالي لن تزيل الاكتئاب نهائيًا.. ولكن كما تقول الفلسفة الإنسانية الطريق الطويل يبدأ بخطوة واحدة (مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة وأول الغيث قطرة) فحصول زيادة بسيطة في الأنشطة والاندماج في أنشطة مبهجة ومجزية له تأثير فعال في تحريك عملية تغيير سلوكي منظم.
الفيديو التوضيحي (5) يعرض ما قام به د.ثاز في أثناء الجلسة مع المريض (د) للتعامل مع قلة النشاط وفقدان الاستمتاع والانطواء باستخدام جداول الأنشطة والتنشيط السلوكي.. والإنجاز الملموس الذي حصلا عليه في بداية العلاج ساعد في تخفيف الأعراض وكان دليلاً على أن العلاج مجدي في المساعدة وبالتالي تقوية العلاقة العلاجية وتمهيد الطريق المحمل بمشكلات أصعب ذات شحنات عاطفية أعلى.
الفيديو الخامس

الطرق السلوكية لعلاج الاكتئاب

د.ثاز و المريض (د)
يبدأ د.ثاز بمراجعة جدول الأنشطة للجلسة السابقة وقد شكى (د) انخفاض نشاطه ويقول “كل ما أستطيع فعله هو الذهاب للعمل” وقد قام د.ثاز بتطبيع مشاكل انخفاض الطاقة والنشاط في الاكتئاب وشرح النموذج السلوكي.. ثم اقترح عليه إيجاد أنشطة ممتعة للقيام بها ليومين في الأسبوع لتضاف إلى جدوله الأسبوعي.
كانت فكرة (د) الأولى هى مقابلة أصدقائه لمشاهدة كرة السلة وشراء الطعام بعد ظهر الخميس..
سأل د.ثاز عدة أسئلة لمساعدته على تحقيق النجاح في الفروض المنزلية.. سأل د.ثاز (د) “ماذا ستفعل لتتأكد أنك ستقوم بذلك وأنك ستذهب هناك؟”
وتناقشا أيضًا عن مهاتفة صديق للإتفاق على التفاصيل في النزهة وأيضًا متى سيستيقظ ويستحم ويحضر لهذا النشاط الاجتماعي، وبعد ذلك السؤال عن العوائق المحتملة المتوقعة للخطة.
د.ثاز: فكر بأى حدث باستثناء أن تجد شيئًا في حالة والدتك قد يحول دون هذه النزهة.
(د): أنا مرهق جدًا، لا أميل للذهاب، سيكون ذلك مزعجًا.
د.ثاز: هل لديك مقترحات عما نستطيع أنا وأنت أن نفعله سويًا لتجنب ذلك؟
(د): ممكن أن أستيقظ في موعد أبكر بدلاً من الاستيقاظ في اللحظة الأخيرة مما يجعلني أشعر بالانزعاج.
د.ثاز: هل لديك مقترح آخر؟
(د): قد أحتاج لشئ يذكرني كتعليق ورقة على الثلاجة وعمل ملحوظة على التقويم أو على مكتب العمل.. أى شئ يذكرني بالذهاب للموعد.
د.ثاز: هل لديك فكرة تحفيزية تقولها لنفسك ويكون لها أثر عليك؟
(د): أكثر ما أفتقده هو المرح، ممكن أن أقول لنفسي “ستكون النزهة شيئًا مرحًا، سيكون ذلك جيدًا” أو أى شئ من هذا القبيل.
وبذل د.ثاز مجهودًا زائدًا للوصول إلى الصعوبات التي تواجه (د) لزيادة مستوى أنشطته.. أخذ هذا فقط بضع دقائق أكثر.. وهذا النوع من التحضير قد يساعد في إعادة تنشيط الأشخاص المحبوسة في أخاديد سلوكية.

فروض المهمات التدريجية:

عندما تكون أعراض الاكتئاب شديدة من المعتاد والشائع أن يؤجل المرء أو حتى يتحاشى الأنشطة المعقدة أو المتطلبة.. في كل الأحوال في العمل والمنزل يتم ترك الأعمال المجهدة دون أن تنجز لإدراك المكتئب أن قدراته الوظيفية منخفضة وبالتالي قد يفشل في إنجاز هذه الأعمال، وأحيانًا يكون لديه أو لديها أمل خلال يوم أو يومين أو حتى أسبوع أو اثنين على الأكثر وبالتالي سيكون في مقدورهم إنجاز العمل بالقدرات المعتادة، ويتضح حتى للشخص نفسه أن هذه الخطة الخداعية نادرًا ما تنجح باستثناء الشعور القصير بالارتياح لتأجيل مهمة ثقيلة.. وإذا كان المريض في نوبة اكتئابية طويلة الأمد فإن ثقل القيام بالعمل وصعوبة مواكبة الظروف يزدادان مع الوقت.
القيام بتدريج فروض المهمات يتبع نظرية كيف يستطيع شخص واحد أن يزيل عائق يزن 1000 كيلو من الطريق عن طريق تكسير هذا اللوح إلى 50 قطعة تزن كل واحدة منها 20 كيلو، هذه الطريقة البديهية هى القابلة للتطبيق في كل الأعمال والمهمات، وعلى الرغم من أن هذا يحول دون قدرة المرء على رؤية الوضع وإيجاد الحلول.. فإذا ذكرنا المثال السابق لمريضة تعاني من الاكتئاب فإنها ستقول لن أجد مطرقة للتكسير وقد أكون متعبة لا أستطيع نقل كل هذه الأحجار وإذا استطعت لن أجد الوقت لذلك.. ودور المعالج مع هذه الحالات أن يعلم الناس تدريج المهمات كطريقة يستخدمونها في حياتهم اليومية.
عملية تعريف المهمة المطلوبة وتقسيمها إلى قطع قابلة للتعامل بالإضافة إلى تحديد الوقت للعمل على المشكلة عملية تتم بالتعاون.. من البداية إلى النهاية.. تدريج فروض المهمات تأخذ حوالي 10 دقائق أو أقل في الجلسات القصيرة.. وعادةً ما يكفي هذا الوقت أن يتعرف المريض على بعض الخطوات وبالتالي كتابة خطة تدريجية لعمل الفرض المنزلي، واختيار الخطوات القليلة المبكرة بين الجلسات ثم يتم تسجيل النتائج بما في ذلك التأثير على المتعة والإجادة وتراجع في الجلسة اللاحقة.
سواء أثناء وضع أو تطبيق الواجب المتدرج الشخص المكتئب سيذكر أفكارًا سلبية عن شعوره أنه في ورطة، أغلب الأفكار عن أنه مغمور في هذه المشكلة وحجمها مثل “لن أستطيع أن أنجز ذلك أبدًا” أو إرجاع ذلك لأسباب شخصية مثل “أنا انسان خاسر لا أستطيع أن أصل لذلك” هذا الموقف يخلق فرصة للتعرف على هذه الأفكار التلقائية مع استخدام تعديل الهيكل المعرفي.

المراجعة السلوكية:

خطط المراجعة السلوكية مهمة جدًا لتأهيل مرضى الاكتئاب للتحضير أو لممارسة الأنشطة المتطلبة والمتحدية التي تجنبوها في السابق أو شعروا بضعف أداءهم بها، وبما أن هذه المواقف أغلبها تتضمن العلاقات الشخصية فإن علاقة المريض والطبيب توفر ستوديو مثالي لمراجعة المهارات الجديدة في ظروف أقل تهديدًا بالنسبة للمريض.. فإن كان هناك حدث لم يتم على ما يرام في الأسبوع الفائت أو حدث يلوح في الأفق فسيعتبر ذلك فرصة جيدة للمراجعة.
بالأخذ عن عمل (Mc Cullough 2000) يمكن للمعالج أن يستخدم هذه الأسئلة:

  • ما الذي تهدف إليه من هذا التفاعل؟
  • ما الذي ستواجهه في طريقك لتحصيل هذا الهدف؟

فكتابة السيناريو المتعاقب سيكون ذا جدوى في توجيه البدء في السلوك الجديد بالإضافة إلى توفير ملخص للنقاط الهامة والأهداف، سيكون من العون أثناء العمل في الجلسات الأولى في المراجعة السلوكية أن يعكسا الأدوار لإعطاء الفرصة للمريض للتعلم بالمشاهدة، فعند عكس الأدوار يتشجع المريض ويتصرف بطريقة تطابق مخاوفه مما يحدث في أثناء التفاعل.
من ضمن الأشياء التي تم تطبيقها هو تدريب المريض على أن يكون مستمعًا جيد أثناء الحوار مع الأصدقاء والأهل، فكما ذكرنا سابقًا على أن يكون عادةً محبوس داخل مشاعره السلبية وأفكاره السلبية ويسيطر على الحوار بالشكاوى والعبارات الكئيبة دون إعطاء فرصة للطرف الآخر للكلام عن نفسه أو ما يخصه.
في المراجعة السلوكية التي تركز على هذا الموقف سيدرك المعالج أن على المريض استخدام عبارات معينة توحي للطرف الآخر بالاهتمام بحياته والتعليق بطريقة متأملة وليس فيها أحكام وتشجع على المفاتحة أثناء الحوار، سيكون البدء بالمحادثة التليفونية كتدريب سلوكي مع الشخص الآخر بحيث نقلل ما قد يحدث من عدم توافق بين المزاج العام للمريض ومشاعره والسلوك اللفظي أو الإتكال على الملاحظات مما يؤثر على نجاح المهمة مع استعراض ذلك بوضوح سيشارك الشخص الآخر في علاقة صحية وبالتالي ستزيد دائرة الدعم والرفقة للمريض.

حالة للتدريب

التخطيط للتدخل السلوكي في الاكتئاب
هذا التدريب صمم ليعلم المعالجين بناء مهاراتهم في استخدام الخطط السلوكية، وهو يتضمن وضع خطط سلوكية للمريضة (س) والتي تبلغ من العمر 37 عامًا وتعاني من اكتئاب متكرر.
التدريب التعليمي 1 – 6:
أثناء الجلسة الأولى يسأل المعالج (س) عن كيفية قضاؤها لوقتها في المنزل وهى أجابت بخجل أنها تذهب مباشرةً لسريرها بعد العشاء وتظل به إلى الصباح لتنهض وتتجهز للذهاب إلى عملها.
اكتب عما ستفعله بعد ذلك.
اعتبر أن كليكما اتفقتما في الجلسة الأولى على عمل تدريب للمراقبة الذاتية كواجب منزلي، وفي الزيارة التالية ستصف المعلومات المتاحة النقص الواضح في الإتقان والاستمتاع.. أثناء جلوسها في السرير يكون مزاجها سئ باستمرار ومع تقديرات المتعة من 1 إلى 4 (حيث أن هناك بعض العروض التليفزيونية التي ترفع روحها المعنوية) لكن تقديرات الإتقان من 5 – 1 بالرغم من وجود نقص واضح.
ما الذي تريد أن تعرفه أكثر عن حياة (س)؟
تسأل (س) كيف كانت تقضي أمسياتها عندما كانت أقل اكتئابًا وتخبرك أنها عندما كانت أقل اكتئابًا بالإضافة للتلفاز كانت تستمتع بالقراءة ومحادثة أصدقاءها البعيدين عنها سواء تليفونيًا أو بالرسائل، وعلى الأقل مرة كل أسبوع اعتادت أن تزور شقيقتها وأحيانًا كانت تجلس مع أبنائها الثلاث الصغار، في أحسن أحوالها كانت (س) تذهب للتمرين من 4 – 5 مرات أسبوعيًا في غرفة الألعاب الرياضية في المجمع السكني الذي تسكنه بالرغم من أنها لا تتذكر آخر مرة تمرنت بها..

فكر كيف ستقوم بالتنشيط السلوكي من خلال فروض منزلية واقترح بعض الأنشطة واكتبها والتي يمكن أن تزيد من تقديرات الاستمتاع لدى (س).
في الأسابيع التالية قامت (س) ببضع خطوات في التنشيط السلوكي وأصبحت قادرة على فعل أنشطة تسبب لها الاستمتاع أكثر من السابق وصارت تقضي وقت أقل بسريرها، وأصبحت تقديرات السعادة لديها 4 – 6 في المساء.. ولكن على الرغم من أن تقديرات الإجادة لديها ارتفعت في العمل (صباحًا) إلا أنها مازالت منخفضة في المساء، وقد أفضت بأنها لا تشعر بالخجل أن تطلب الرفقة من شخص ما بسبب أنها أقفلت بريدها لعدة أيام ولم تقم بالتنظيف المنزلي لعدة أسابيع بالإضافة إلى تكوم ملابسها وإمتلاء سلال الغسيل على آخرها.
فكر في نشاط تقوم به (س) يجعلها أفضل في تقديرات الإجادة واكتب خطة كيف ستقوم بهذا الواجب المنزلي؟
الواجب المنزلي المتدرج الذي قدمته لـ (س) أثبتت أنه فعال جدًا بحيث أنها في خلال أسبوعين استطاعت أن تفتح بريدها وتنظف شقتها وتبدأ بغسل ملابسها.. كان تقييم (س) على استبيان صحة المريض 9 (Patient health questionnaire)
فقط (9) وهو 50% أقل مما قبل العلاج.. هى لم تعاود التمرين واعترفت أنها تخجل ماذا سيقول عنها المتمرنون الآخرون إذا رأوها تعاود التمرين من جديد، بالأخص أنها قابلت شخصًا كانت بينهما خطبة سابقًا منذ عدة سنوات وقد قام بتعليق جارح بشأنها في غرفة التمرين ذات مرة عن التمرينات الإضافية التي تحتاجها لتحسن من عضلاتها.

ما هى خططك للواجب المنزلي القادم؟

الملخص:

النقاط الرئيسية للمعالج:

  • حالة الاكتئاب تتميز بانخفاض في مستوى الأنشطة التي تولد الاستمتاع وتقدير الذات بالإتقان وتزيد من قضاء الوقت في الوحدة والأنشطة غير المحفزة.
  • الخطط التي تستهدف هذه التغيرات السلوكية جزء مهم في العلاج المعرفي السلوكي ويتم تبنيها في وقت مبكر من العلاج المتكامل.
  • هناك أربعة طرق وهى المراقبة الذاتية، التنشيط السلوكي، تدريج الفروض، المراجعة السلوكية ويمكن استخدامها بكفاءة في الجلسات القصيرة.
  • اكثر من استخدام هذه الطرق لاستهداف أعراض الاكتئاب الرئيسية وتشجيع حياة صحية.. هناك طريقة التقديم وتطبيق التدخلات السلوكية التي تقوي العلاقة وتوجه فرص للتعرف على الأفكار التلقائية السلبية واختبار التدخلات المعرفية.

المبادئ والمهارات التي يتعلمها المريض:

  • الاكتئاب غالبًا ما يقلل النشاط ويتدخل مع قدرة الإنسان على الاستمتاع، كرد فعل طبيعي لهذا يبدأ الإنسان بالانسحاب من هذه الأنشطة ويقضي الكثير من الوقت بمفرده، لسوء الحظ التقليل من أنشطتك يجعل الوضع أسوأ من السابق.
  • واحدة من أهم الطرق لمواجهة الاكتئاب واستعادة النشاط والاستمتاع هو تسجيل قائمة بالأنشطة اليومية ثم تستطيع أن ترى “بالأسود والأبيض” تأثير الأنشطة المختلفة على احساسك بالاستمتاع وإجادة أشياء كل يوم.
  • معالجك يستطيع أن يساعدك على أن تعود للأنشطة الممتعة والمبهجة والمفيدة تدريجيًا، فأخذ خطوة لبناء مستوى للأنشطة مهم جدًا في الخطة الفعالة للتعافي من الاكتئاب.
  • إذا كنت تواجه مهمة فيها تحدي أو صعوبة سيساعدك أن تقسمها إلى مهمات أصغر قابلة للتعامل.. طريقة خطوة بخطوة تزيد ثقتك بنفسك وفرص النجاح.