الخميس, مايو 9, 2024
الجلسات المختصرة لجلسات العلاج المعرفي السلوكي

3 إكتشاف الأخطاء وإصلاحها

“إن أفضل طريقة للتعلم هى الخروج وارتكاب أخطاء بأسرع شكل ممكن”

                                                                         Jim Gustafson, MD

إن معظم الأطفال يستفيدون من العلاج الموضح بالجزء الثاني من البحث ولكن لا يستفيد الكل بشكل متساو.. وهناك نسبة قليلة الحظ تكون استجاباتها قليلة أو معدومة.. فمثلاً تكون أعراض الوسواس القهري عند بعض الأطفال غير قابلة للتعرض ومنع الاستجابة.. ولا يتحمل بعض الأطفال التعرض ومنع الاستجابة بسبب الأعراض الجسدية اللاإرادية أو بسبب عدم الراحة الحركية.. وهذا الجزء يركز على تحديد المآزق والتغلب عليها حتى تتمكن أيها المعالج من تحريك العلاج نحو الإتجاه الصحيح حتى في أصعب حالات المرض..

وفي فصل قادم سنوضح المكونات العلاجية التي يمكن إضافتها للعلاج الأساسي للتعامل مع الاختلافات في الطريقة التي تظهر بها الأعراض، وتتأثر  الأسر والمدارس غالبًا بالوسواس القهري ولذلك فمن المهم أن يساعد المعالج أفراد الأسرة وأعضاء المدرسة للانفصال عن الوسواس القهري.. وسنقوم بمناقشة كيفية معالجة المشكلات في المنزل وفي المدرسة.. وباستخدام الأساليب المقدمة في الثلاث فصول الأخيرة يمكن للمعالج أن يحدد أكثر المآزق شيوعًا ويتعامل معها حتى يتقدم العلاج نحو الأمام مرة ثانية.

المآزق

خلال مراجعة الأدب الخاص بالعلاج المعرفي السلوكي للوسواس القهري عند صغار السن عام 1995 كتب أحدنا (JSM) وضحت الكثير من الأدلة الإكلينيكية أن العلاج المعرفي السلوكي بمفرده أو مضافًا إلى العلاج الدوائي هو علاج فعال للوسواس القهري عند الأطفال والمراهقين.. ومساعدة المرضى للقيام بتعديل السلوك المعروف بصعوبته خلال فواصل زمنية قصيرة وبشكل سريع يتطلب مهارات معينة (March 1995) ، وبالرغم من استمرارية صحة هذه الكلمات حيث أن العلاج المعرفي السلوكي لا يزال العلاج النفسي الفعال الوحيد للوسواس القهري عند صغار السن (March, Mulle 1996) إلا أن الاستفادة تشمل جميع الأطفال ولا تكون بشكل متساو ولذلك تبقى مساحة معقولة للابتكار العلاجي.. وفي هذا الصدد فإن جزءًا كبيرًا مما يفرق المعالج النفسي المؤهل عن الخبير هو القدرة على فهم وتحديد ما يسمى :المآزق” في العلاج ويوضح الجدول (17 – 1) قائمة ببعض الأسباب الشائعة التي تقلل من فائدة العلاج المعرفي السلوكي.. وسوف نناقش هذه الأسباب خلال هذا الفصل.. وقد تفيد قراءة كتاب “الفشل في العلاج المعرفي السلوكي” لكل من Emmel Kamp, Foa 1983 من يهتم بتفاصيل أكثر عمقًا.

الجدول 17 – 1

أسباب فشل العلاج

  • نقص خبرة العلاج المعرفي السلوكي.
  • نقص الشفقة والعطف.
  • عوامل تطورية.
  • مآزق خاصة بالأعراض عند تنفيذ العلاج.
  • الحاجة للأدوية: التفرقة بين العلاج المعرفي السلوكي والعلاج الدوائي.
  • الأعراض المصاحبة.

العوامل الخاصة بالمعالج:

نقص الخبرة في العلاج المعرفي السلوكي:

إن نقص الخبرة بالعلاج قد يكون أكثر الأسباب شيوعًا لقلة فائدة العلاج.. فمعظم المرضى الذين تم تحويلهم لعيادتنا على أنهم مقاومون للعلاج، لم يتلقوا العلاج المعرفي السلوكي في الحقيقة.. فعلى سبيل المثال قد يصف المريض تدريبًا على الاسترخاء أو الارتجاع البيولوجي وحيث أن الاسترخاء يستخدم غالبًا كدواء مموه نشط في الدراسات العلاجية للوسواس القهري (Marks, 1987) فليس غريبًا أن أولئك المرضى لم يتحسنوا.. وفي المتوسط يلزم عقد 12 – 20 جلسة بمساعدة المعالج للتعرض ومنع الاستجابة اعتمادًا على سلم المثيرات خلال المسار الطبيعي للعلاج المعرفي السلوكي وإلا لن يتحسن معظم المرضى وحتى إن استخدام المعالج للتعرض ومنع الاستجابة معتمدًا على سلم المثيرات فإن معظم الأطفال والمراهقين لن يتحسنوا إن أخبرهم المعالج بشكل أساسي أن عليهم فقط التوقف عن أداء طقوس الوسواس القهري.. فقد يقوم معظم الأطفال بذلك بالفعل إن استطاعوا..

والحلقة المفقودة في هذا الموقف هى أسلوب منظم ومناسب للتغييرات التطورية.. فمثلاً استخدام منطقة الانتقال للسماح للطفل باختيار أهداف التعرض ومنع الاستجابة بطريقة يمكن التنبؤ والتحكم بها يقطع مشوارًا طويلاً نحو حل المشكلة المركزية لكيفية اختيار أهداف تعرض.. وسوف يقرأ المعالج الحكيم بتوسع في الأدب الخاص بالوسواس القهري وينتبه بشكل خاص للجواهر الإكلينيكية المتأصلة في أسلوبنا عندما يجعل العلاج متكيفًا مع اسلوبه الإكلينيكي الخاص.

نقص الشفقة والعطف:

نحن كخبراء في الصحة النفسية لم نكن جيدين عبر السنين في جعل المشكلة (والتي في هذه الحالة الوسواس القهري) هى المشكلة.. بل قمنا باستخدام غطاء واق من المصطلحات (المقاومة – الإنكار – التخريب) لكى نلقي اللوم على المرضى وأسرهم عندما لا يسير العلاج بشكل سليم.. ويقع الآباء غالبًا في نفس الفخ زاعمين أن قلة الدافعية هى سبب تقدم طفلهم ببطء، وبالتالي ليس أمرًا عجيبًا أن الطفل المريض يشعر غالبًا أن الآخرين ينقصهم الشفقة والعطف تجاه الصعوبات المتأصلة في التعرض ومنع الاستجابة مما يجعل الوسواس القهري هو المشكلة وحجر الأساس في العملية العلاجية المذكورة في هذا البحث.. وعند تعطل العلاج فمن الشائع أن يملك المعالج والآباء الرغبة في تضييق النطاق حول الطفل زاعمين أنه لا يحاول بالشدة الكافية.. وهذا قد يكون الأسلوب الصحيح للسلوكيات المضطربة التي لا تتعلق بالوسواس القهري.. فمثلاً قد يؤثر الوسواس القهري على قدرة الطفل على أداء بعض المهام المنزلية ولكن بعض الأطفال قد لا يستخدمون الوسواس القهري بشكل غير مناسب كعذر لتجنب بعض المهام التي لا تعتبر مثيرًا للوسواس القهري، وهؤلاء الأطفال قد تزداد دافعيتهم للعمل على الوسواس القهري إن تم تعديل نواحي الحياة الأسرية الأخرى للأخذ في الاعتبار بما هو يتعلق وما لا يتعلق بالوسواس القهري.. ومع ذلك عندما يتعطل العلاج فإن الأمر عادة ما يكون بسبب إلتصاق الطفل بمهمة التعرض ومنع الاستجابة.. وفي هذه الحالة فإن الاقتراح البسيط هنا هو توضيح أن الطفل قد استهدف مهمة تقع عاليًا على سلم المثيرات أو أنه قد حان الوقت “لأسبوع أجازة” سوف يجعل العلاج يتحرك قدمًا مجددًا.. وفي هذا السياق  فإن وظيفة المعالج المدرب هى تدعيم الصبر تاركًا قيمة التعزيز السلبي للوسواس القهري لكى يجعل العملية العلاجية تتحرك قدمًا للأمام مجددًا.. وبالتالي نحن لا نستخدم مصطلحات مثل المقاومة أو التخريب بل نفضل أن نسأل عن إمكانية فقداننا لشئ ما مثل وجود أمراض مصاحبة قبل استنتاج أن المرض شديد بشكل كاف لدرجة أن أفضل مجهود لدينا ولدى المريض غير كاف.

عندما يخشى المعالجون التقدم في العلاج:

تظهر أعراض الوسواس القهري عند بعض الأطفال والمراهقين بصورة بها تحديات أخلاقية أو شخصية لبعض إن لم يكن لكل المعالجين.. وهذان المثالان يوضحان ذلك..

الأول شاب لديه وسواس بأن النظر لجسد رجل آخر يثير لديه أفكارًا شاذة، وبالرغم من عدم وجود أى ميول أو تجارب شاذة فإن هذا الشاب غير قادر على تحمل التواجد في حجرة مع رجال آخرين بما في ذلك والده، كما لا يستطيع قراءة أى شئ يحتوي على مضمون متعلق بالمثلية الجنسية.. وسوف يساعد المعالج الذي لديه خبرة هذا الشاب على التعرض التدريجي لمواد ومواقف تتزايد صعوبتها وتعمل على إثارة الوسواس والسلوكيات التجنبية المصاحبة..

ولكن ماذا لو كان المعالج يعتقد أن المثلية الجنسية “خطيئة” ويشعر بشكل شخصي بعدم الراحة على الإطلاق عند التعرض الضروري للمحتوى الذي يثير الأفكار الشاذة؟ بل بشكل أسوأ ماذا لو تشارك المريض مع المعالج في هذه الاعتقادات وأصبح كل منهما لديه صراع بخصوص الموضوع؟

وأما المثال الثاني مريضة لديها مخاوف متعلقة بالتلوث بالجراثيم خاصة تلك الموجودة على مقاعد المراحيض.. فأثناء التعرض ومنع الاستجابة عليها أن تلمس مقعد المرحاض الذي تخشاه وتمتنع عن الاغتسال.. ولكن ماذا لو لم يستطع المعالج أن يقدم النموذج بسهولة ويقوم ببناء مهمة تعرض بسبب شدة الحساسية الخاصة به؟ فبشكل واضح لا يستطيع المعالج أن يقود المريضة للاتجاه الذي لا تستطيع التوجه إليه بمفردها مما يجعل القدرة على أخذ المخاطرة وتحمل عدم التأكد ضروريًا للمعالجين الذين يعملون مع مرضى الوسواس القهري.. وبالرغم من أن وسائل العلاج المعرفي قد تستخدم لتحدي المعتقدات المقيدة مثل الاعتقادات بشأن الحاجة للنظافة و التي تكون بشكل واضح غير بارعة فإن التعرض ومنع الاستجابة لا يتعلق بشأن المعنى و الذي  يجب أن يعلق إلى حد ما للتعود على أعراض الوسواس القهري، و بالتالي عند الشعور بعدم الراحة لبعض عناصر الوسواس القهري يجب ان يواجه المعالج قلقه الخاص بمحتوى الوسواس القهري حتى يمكن لـ التعرض ومنع الاستجابة  أن يتحرك قدمًا حيث أن تجاوز الوضع الطبيعي هو أحد المفاتيح للشفاء من الوسواس القهري، و بمجرد أن يُكمل المريض مهمة التعرض ومنع الاستجابة فإن تحديد ما هو مناسب أو طبيعي هو امر متروك للمريض و العائلة، و عندما لا يستطيع المعالج وضع نموذج لمهام التعرض ومنع الاستجابة فإن الإشراف الآمن لمعالج سلوكي أكثر خبرة قد يفيد المعالج للتغلب على الصعوبات التي يواجهها، و لبعض المعالجين فمن المفضل ترك مجموعة معينة من مرضى الوسواس القهري لشخص آخر إن كان محتوى الوساوس يصعب التعامل معها .

عوامل تطورية

طبقًا لخبرتنا فإن السياسات المعرفية السلوكية المستخدمة هنا تمتد فاعليتها من سن الخامسة و حتى الثامنة عشر، و كما أشرنا أثناء مناقشة الاعتبارات التطورية لكل جلسة علاجية فإن اجراءات العلاج المعرفي السلوكي يجب تعديلها طبقًا للمستوى المعرفي و النضج الاجتماعي و القدرة على إبقاء الانتباه لكل مريض على حدة، و يجب ان يُبقي المعالج تلك الاعتبارات التطورية في ذهنه و أن يكون مرنًا أثناء بناء العلاجات مع التقيد بأهداف الجلسة الثابتة، و التدخلات المعرفية -بشكل خاص-  تتطلب التعديل طبقًا للمستوى التطوري للمريض فعلى سبيل المثال:لا يقدر المراهقون إعطاء الوسواس القهري كنية مقززة بينما يقدر الأطفال صغار السن على ذلك، و القليل من الأطفال لديهم أنماط تفكير تجريدي فريدة و يرغبون في جعل الوسواس القهري شيئًا خارجيًا على أنه عادة مؤسفة و أنهم مسئولون عنها. و المرضي الذين تكون أعراضهم مؤثرة على أفراد الأسرة سوف يتطلبون تدخل أسري أثناء تخطيط العلاج و تنفيذه بشكل أكبر من المرضى الذين لا تؤثر أعراضهم على أسرهم، و بالرغم من الاهتمام بالاعتبارات التطورية طول فترة العلاج إلا أن التكوين العام و أهداف جلسات العلاج تبقى متشابهة لكل الأطفال .

المآزق المتعلقة بالأعراض في تنفيذ العلاج المعرفي السلوكي :

يوضح الجدول 17 – 2 بعض المآزق الشائعة التي قد تتعارض مع تنفيذ العلاج المعرفي السلوكي .

الجدول 17 – 2

  • الطقوس الذهنية .
  • السعي وراء الطمأنة .
  • الإنقاذ .
  • الطقوس المتسرعة .
  • الطقوس المتأخرة .
  • قلق الأداء .
  • الأسطورة الخاصة بالعلاج .
  • التركيز الزائد على الأدوية.
  • القيود الخاصة بالأسرة.

الطقوس الذهنية :

عندما يفشل الطفل في التعود بالرغم من قضاء فترة كافية من التعرض، فقد يكون الطفل في هذه الحالة مستخدمًا للطقوس الذهنية لتقليل القلق خلال مهمة الـ التعرض ومنع الاستجابة عوضًا عن أداء الفعل القهري السابق .

و من الطقوس الذهنية الشائعة : قلب الوسواس القهري على رأسه بقول: “إن قمت بإداء الطقوس فإن شيئًا سيئًا سيحدث”

و يمكن ملاحظة أن ذلك سيكون كافٍ لأداء الطقوس ( الاغتسال مثلاً ) في المرة القادمة الممكنة مما يخلق طقس ديني بالكامل ( الدعاء مثلاً ) و هذا يطمئن النفس عن طريق استدعاء الحالات السابقة من الطمأنينة. أو أن يقول الطفل ببساطة : ” هذه المرة لا تهم “

و بمجرد معرفة هذه الطقوس الذهنية يمكن وضعها على سلم المثيرات و التخلص منها، و عليك توخي الحذر من أن استخدام الطقوس الذهنية قد يرجع سببه إلى الصعوبة الشديدة لمهمة التعرض ومنع الاستجابة المختارة و ان من المناسب الرجوع خلفًا على سلم المثيرات .

البحث و السعي وراء الطمأنة :

إن الأطفال جيدون للغاية في البحث عن الطمأنة من البالغين او القرناء و قيامهم بذلك هو مهارة اجتماعية مفيدة في كثير من الأحوال، و لكن إن فعل الطفل ذلك كسلوك للهرب أو التجنب فيلزم القيام بإجراء انقراض (إنطفاء الرغبة للطمأنة). و من المهم إدراك أن البحث وراء الطمأنة قد يكون علنيًا او خفيًّا و قد يكون لفظي أو غير لفظي. و من الأمثلة العلنية: السؤال المباشر أو البحث عن الطمانة  المتعاطفة من خلال تعبيرات الوجه. أما التحاضن أو التشبث غير اللائق للهروب من القلق أو تأخير التعرض فهي أمثلة خفية و لكنها غير لفظية. أما البحث عن الطمأنة بشكل خفي و لفظي قد يكون بسيطًا فمثلاً: قد يسأل الطفل عن حدث مستقبلي غير متعلق بمهمة التعرض ومنع الاستجابة حتى يطمئن نفسه بأن العواقب المستقبلية قد تم تجنبها، و بمجرد تحديد هذه السلوكيات الخاصة بالهروب أو التجنب يجب التخلص منها حتى يمكن للتعود ان يحدث .

الإنقاذ :

قد يبقى القلق بلا تغير بعد العديد من ممارسات التعرض إن لم ينتظر الطفل خلال مهمة التعرض إلى أن تنخفض “درجة القلق” على مقياس الخوف إلى 2 أو أقل. و بالرغم من أن المشاعر المزعجة تقل بشكل عام خلال 20 أو 30 دقيقة إلا أن القلق قد يأخذ ساعة ليصل للمستوى القاعدي. و استخدام مقياس الخوف لبناء منحنيات التعود عن طريق تقييم القلق خلال عدة فواصل أثناء مهمة التعرض هو أحد الطرق التي يستطيع بها الطفل أن يتاكد أنه لم يقطع المهمة بشكل سابق لأوانه ( أي قبل التعود على القلق) و عندما يكون الهروب/التجنب خلال مهمة التعرض مشكلة متكررة فإن الحل المعتاد هو النزول خطوة على سلم المثيرات لضمان النجاح، و حتى الهروب/التجنب النادر يعتبر مشكلة كبيرة حيث أن الرضوخ و اداء الطقس بعد المحاولة الابتدائية للمقاومة يعد تأثيرًا تعزيزيًا قويًا لجانب الوسواس القهري و تحت هذه الظروف فمن الأفضل أن نقترح على الطفل أن يفكر في التعرض ومنع الاستجابة مثل حرف Y أو شوكة على الطريق و بمجرد ان ترأس الطفل جانب التعرض ومنع الاستجابة من Y   فعليه أن يلتصق به . و إن كانت بداية التعرض ومنع الاستجابة تبدو صعبة للغاية فلا داعٍ للخجل من أخذ الفرع الآخر و هو تجنب التعرض المبدع كلية أو باستخدام التعرض غير المبدع تتم مقاومة الطقوس بأكبر شكل ممكن، و من الأفضل عادة معرفة أن الوسواس القهري هو الأقوى  “هذه المرة” بدلاً من مفهوم المحاولة و الفشل .

الطقوس المتسرعة :

 يقوم الكثير من الأطفال بأداء واجبهم المنزلي أو مهماتهم بأسرع شكل ممكن حتى يكون بإمكانهم الخروج و اللعب ومشاهدة التلفاز، و الأمر لا يختلف مع الوسواس القهري حيث يقوم الأطفال باستخدام الطقوس المتسرعة لأداء الطقوس بأسرع شكل ممكن و بأقل تدخل ممكن ، و هذه الطريقة بالطبع تعيق أي فرصة للتعود و لحسن الحظ فإن مهام التعرض ومنع الاستجابة المنزلية تأخذ بشكل عام وقتًا أطول قليلاً أو أحيانًا وقتًا أقل من الوقت المستغرق لأداء تلك الطقوس المتسرعة. و حيث أن هدف الطفل دائمًا هو الذهاب للعب، فإن توضيح ذلك للطفل يكون أحيانًا مفيدًا جدًا في تحريك التعرض ومنع الاستجابة قدمًا . و تقع الطقوس المتسرعة غالبًا في منطقة الانتقال و بالتالي تمثل مرشحين ممتازىن للتعرض ومنع الاستجابة المؤدى بشكل صحيح .

و أخيرًا : إن كانت مهمة التعرض ومنع الاستجابة تتضمن تقليل الوقت المستغرق لأداء طقس ما يتطلب عددًا معينًا من التكرارات فعليك أن تتأكد أن الطفل لا يستخدم الطقوس المتسرعة ليحشر كل التكرارات في مدى زمني قصير .

الطقوس المتأخرة :

و في بعض الحالات يبدو الأطفال و كأنهم تعودوا خلال تجارب متتابعة للتعرض ومنع الاستجابة ولكن المثيرات المحددة للوسواس القهري لا تختفي من سلم المثيرات؛ و ذلك لأن الطفل في الحقيقة يقوم بأداء الطقس بشكل متأخر فمثلاً : قد يؤخر الطفل الصلاة، الاغتسال، المراجعة إلى الوقت الذي لا يتواجد فيه أحد حوله. و الطريقة الوحيدة لمعرفة الطقوس المتأخرة هي السؤال – إلا إذا اكتشف أحد الوالدين الطفل و هو يقوم بأداء الطقس دون وجود مثير واضح –

و إن كان الطفل يؤخر الطقوس فإن منع الاستجابة هو الاختيار الأمثل للعلاج، و إن كان الطفل في حاجة للمساعدة فقد يكون من الضروري  إقامة وسائل داعمة لمساعدة الطفل على النجاح في إيقاف أداء الطقوس المتأخرة فمثلاً : الطفل الصغير الذي يقوم بالاغتسال متأخرًا عندما ينام الجميع قد يحتاج لأن يسمح له بالنوم في حجرة أخيه أو والديه لأسبوع أو أسبوعين حتى يتعود على هذه المهام المعينة للتعرض ومنع الاستجابة .

قلق الأداء :

عندما ينتظر المعالج، الوالدين، المدرس، تحسن الطفل بلا صبر فإن الطفل قد يقاوم التعرض ومنع الاستجابة بسبب الخوف من الفشل، الخوف من إحباط الآخرين، أو نتيجة شعوره بالضغط، و الخوف من الفشل يؤدي لانتقاد الذات الزائد، و الخوف من إحباط الآخرين ( أو الأسوأ و هو فعل ذلك حقًا ) يجعل الطفل مترددًا لمخاطرة الفشل و الشعور بالضغط يؤدي إلى “إضراب” كرد فعل و يشعر الطفل أنه لا يوجد تحسن جيد بشكل كافٍ.  و يشيع قلق الأداء بشكل خاص عند الاطفال الذين لديهم خواف اجتماعي أو عندما يمدح الطفل بشكل متكرر بسبب تدعيم ثقته بنفسه بشكل استثنائي ، و الميل الطبيعي للآباء لمساعدة الاطفال للشعور بشكل أفضل يأتي بنتائج عكسية بشكل عام، و مساعدة الآباء لتقليل التعزيز غير المشروط يسمح للطفل بخوض التعرض ومنع الاستجابة دون قلق بشأن إحباط أفراد الأسرة. و يفهم الآباء هذه الطريقة إن قام المعالج بشكل بسيط بتوضيح أن هزيمة الوسواس القهري سوف تزيد من ثقة الطفل بنفسه بشكل أكبر من أي مدح في العالم . و الطلب المكبوت للطفل لإيقاف إتعاب الآخرين بالوسواس القهري هو مشكلة أكبر. و عندما يريد الجميع القضاء على الوسواس القهري فإن الطفل قد يقلق ( غالبًا بشكل صحيح ) أن ميكرون من التحسن قد يزيد بشكل هائل متطلبات الآخرين بأن يوقف أداء الطقوس، و يشيع هذا بشكل خاص عندما يتسبب الوسواس القهري في انخفاض مستوى طالب جيد أو عندما يؤثر المرض على عمل الآباء أو عندما يتصارع الوالدان فيما بينهما بسبب المرض، و في هذه الحالة يمكنك التحكم في التركيبة العلاجية بنصح الآباء بالصبر . مثلما قد تفعل مع والدي طفل لديه أي مرض طبي آخر. و استخدام سلم المثيرات لتحديد منطقة العمل/ الانتقال و توضيحها للوالدين على انها المكان الوحيد الذي يمكن فيه أداء التعرض ومنع الاستجابة هو المفتاح لزيادة رغبة الطفل في معالجة مهام التعرض ومنع الاستجابة. و كما ناقشنا من قبل فمن المهم مساعدة أفراد المدرسة على القيام بتكيفات مناسبة للطفل المريض حيث أن الوسواس القهري قد يؤثر على الكثير من التحصيل المدرسي طبقًا لاستجابة الطفل للعلاج .

الأسطورة الخاصة بالعلاج :

من الطبيعي أن الجميع يرغب في اختفاء الوسواس القهري كما أفادت ثقافة العلاج النفسي منذ عهد فرويد بأن العلاج لا يعد ممكنًا فحسب و لكنه أيضًا متوقعًا عندما يطبق بشكل جيد، و لحسن الحظ يتحسن معظم المرضى بشكل معقول عند استخدام العلاج المعرفي السلوكي بمفرده أو بالإضافة للعلاج الدوائي، و لسوء الحظ يحقق 20 – 30 % فقط من المرضى الشفاء الكامل بينما يبقى 5 – 10 % مرضى إلى حد ما بالرغم من العلاج الجيد. و يكون لدى معظم المرضى بعض الأعراض الباقية و التي يجب التعامل معها مع نجاح العلاج، و لهذا السبب فمن المهم أن توضح للطفل و الوالدين من بداية العلاج أن الوسواس القهري مرض طبي مزمن يمكن أن يزداد و يتناقص, و هذا يساعد على توضيح النتيجة المتوقعة من العلاج و هي ان الطفل سوف يتحسن بشكل كبير جدًا أو بشكل كبير و لكن ستكون لديه بعض الاعراض المتبقية. وبهذا الصدد نقوم بإخبار المرضى أن الهدف من العلاج هو إبقاء الوسواس القهري تحت المستوى الإكلينيكي أي أنه لا أحد يعلم بأن الوسواس القهري  لايزال في الأجواء بشكل ضئيل إلا الطفل الذي يشعر براحة لإبقاء الوسواس القهري في الغار (at bay )

التركيز الزائد على الأدوية :

إن أقراص العلاج وسائل مساعدة قوية و علم الأساطير المتعلق بها قد يدعو –لسوء الحظ- المرضى و آباءهم إلى عدم فعل شيء سوى الانتظار إلى أن يجعل الدواء الوسواس القهري يختفي بشكل سحري، و هناك ثلاثة أسباب لكون هذا الاتجاه محققًا لنتائج عكسية الأول : أن فوائد العلاج تتحقق لتصل لأقصى تأثير في الفترة من الأسبوع الثامن للأسبوع الثاني عشر من العلاج و هو الوقت الذي يصل فيه المريض لقمة سلم المثيرات و هكذا يمكن تحقيق حالة جيدة بدمج العلاج الدوائي مع العلاج المعرفي السلوكي خاصة في حالة المريض شديد الاعتلال، هذا بالإضافة إلى أن التجارب أخبرتنا أن العلاج باستخدام مثبط استرجاع السيروتونين يقلل من أعراض الوسواس القهري بنسبة 30-40%  و التي تترجم إلى تقارير بتحسن متوسط أو ملحوظ عندما يتم سؤال المريض عن أحواله مقارنة بالفترة قبل استخدام العلاج، و بالرغم من ذلك فهناك أقل من 20% من المرضى الذين يتم علاجهم باستخدام الأدوية فقط يصلون إلى مستوى تحت إكلينيكي في الدراسات الإكلينيكية مما يرجح أن الدواء يعد عاملاً مساعدًا لمعظم المرضى و لكنه ليس ترياقًا للمرض ( 1997 – et al – March – leonard – swedo – 1995 – March – Frances )

أما السبب الثاني فهو ان أغلبية المرضى ينتكسون عند سحب الدواء إلا إذا كان المريض يتلقى العلاج المعرفي السلوكي الذي يطيل من مدة نتائج العلاج الدوائي ( leonard – lenane – et al – 1991 )

و السبب الثالث فيظهر في دراسة قام بها Marks و زوملاؤه و قد أوضحت بشكل مقنع أن التعليمات المضادة للتعرض تضعف بشكل كامل فوائد الدواء و في هذه الدراسة كان أداء المرضى الذين يتعالجون بالكلوميبرامين و التعرض ومنع الاستجابة جيدًا للغاية، و كانت هناك مجموعة أخرى من المرضى الذين تم توجيههم بتجنب الأشياء التي تشير للوسواس القهري و عندما يتم التجنب غير الممكن فعليهم أن يقوموا بأداء الطقوس عن طيب خاطر، و قد أنهت تلك التعليمات المضادة للتعرض أي تأثير دوائي عند تلك المجموعة، وبذلك فإن التعرض ومنع الاستجابة يبدو ضروريًا لعمل الدواء أكثر من أي طريقة أخرى .

و نقوم دائمًا بوصف هذه الدراسة عندما نشير للآباء بأنه من الأفضل أن نجعل العلاج المعرفي السلوكي صريحًا، كما في هذا البرنامج بدلاً من الاعتماد على المقاومة الضمنية، التصادفية للوسواس القهري (Marks et al ,1988 )

و مهما كانت الطريقة التي تدمج بها الأعراض و تفضيلات المريض و التي تؤثر على الاختيار الخاص ببدء العلاج الدوائي، فنحن نشير للدواء على أنه عوامة السباحة لكي نوصل فكرة أن مجهودات الطفل خلال العلاج المعرفي السلوكي كما هو الحال بالنسب لمجهوداته أثناء السباحة هي المسئولة عن الربح، و باستخدام هذه الطريقة و بالتأكيد على متغيرات العملية العلاجية الموضحة في هذا الكتاب فتقريبًا لا يوجد لدينا أي رافضين للعلاج المعرفي السلوكي، كما قل الاتجاه نحو الاعتماد على الأدوية بدلاً من أداء العمل الشاق الخاص بالتعرض ومنع الاستجابة .

  • الحاجة لاستخدام الدواء
  • توضيح الفرق بين العلاج المعرفي السلوكي و الدواء

كما أوضحنا سابقًا يأتي معظم الاطفال لجهات تقديم الرعاية الصحية النفسية بسبب سلوكيات تثير المشاكل خلال العلاقات أو أثناء التواجد في المدرسة، و مهمة الطبيب هي فهم تلك السلوكيات في سياق قيود التطور الطبيعي المسئولة عنها، فهناك العديد من السلوكيات المثيرة للمشاكل و حتى بعض السلوكيات الخاصة بالأعراض لا يمكن اعتبارها أهدافًا مناسبة للعلاج الدوائي أو حتى فرط الحركة و نقص الانتباه، فإن الانتظار في طابور بصبر هو هدف مناسب لإدارة الطوارئ أما البحث الشعوري المنخفض و زيادة اليقظة يعتبر هدفًا أكثر ملاءمة للعلاج الدوائي

و من الضروري أن نحدد بوضوح الأعراض المستهدفة للتدخلات الدوائية النفسية مواجهة بتلك التي يناسبها التدخلات الاجتماعية النفسية كلما أمكن ذلك ، و في حالة الوسواس القهري نقوم عادة باستخدام ضوء السيارة الصغيرة كمثال لكي نوصل فكرة أن العلاج الدوائي يقلل الوساوس و المشاعر المصاحبة لها، و في نفس الوقت يجعل مقاومة المرض أسهل، و على العكس فإن الطفل وحده هو من يستطيع أن يقوم باختيار مقاومة الوسواس القهري، و هذا هو السبب في كون برنامج منظم للعلاج المعرفي السلوكي معتمدًا على صنع الاختيارات، و كما هو حال معظم الخبراء ( March, Frances, et al, 1997 ) فنحن عادة نوصي بالبداية بالعلاج المعرفي السلوكي بمفرده كلما أمكن ذلك، ولكن في حالة المرضى المصابين بوسواس قهري شديد أو في الحالات المعقدة مثل اضطراب الهلع أو الاكتئاب و التي قد تتعارض مع العلاج المعرفي السلوكي، فمن الأفضل أن نبدأ بالعلاج الدوائي ثم نضيف العلاج المعرفي السلوكي بمجرد أن يخفف الدواء من بعض الأعراض. و إن بدأ المريض بالعلاج المعرفي السلوكي على نحو أسبوعين و لم يحقق تقدم مرضٍ خلال 6 – 10 أسابيع بالرغم من قوة المجهود الذي يبذله المريض لمقاومة الوسواس القهري فمن المفيد إضافة علاج دوائي، و بالنسبة للعديد من المرضى فإن البدء بالعلاجين معًا يكن جذابًا لأن ذلك يحمل إمكانية الحصول على فائدة أكبر خاصة لأكثر أعراض الوسواس القهري مقاومة.

و بالرغم من أن هناك الكثير من المرضى الذين فشلت محاولتهم العلاجية المتعددة إلا أنه طبقًا لخبرتنا فإن الرجوع لاستخدام علاج دوائي يؤخذ بشكل سليم بالإضافة للعلاج المعرفي السلوكي مع استخدام تدخل أكاديمي (معرفي، تثقيفي، طبي) إن لزم الأمر يحول غير المستجيبين لمستجيبين بشكل موثوق يفوق استخدام العديد من الأدوية معًا .

الأعراض المصاحبة :

كما ذكرنا في مقدمة هذا البحث فإن وجود أعراض مصاحبة لا يعقد تشخيص و علاج الوسواس القهري عند الأطفال، و في بعض الحالات إن وجود اضطراب مصاحب مثل اللزمة العصبية أو اضطراب فكري يدل على الحاجة لاستخدام دواءً إضافيًا مثل دواء للذهان و الذي يعتبر دواءً معززًا للوسواس القهري، و دواءً مساعدًا ( للحالة المصاحبة ) و في حالات أخرى يستهدف العلاج مجموعة من الأعراض كما في حالة المنشطات مع اضطراب فرط الحركة و نقص الانتباه  March,Wells,Conners,1995,March,Wells,Conners,1996 )  )

و خلال المناقشة الشاملة لتأثير وجود اضطرابات مصاحبة على خطة العلاج، أشار Kendal , clarkin  للنقطة الواضحة و التي غالبًا ما تكون مهملة و هي أن العلاجات يجب ان تتماشى مع أهدافها                        ( Kendall , clarkin,1992 )

و نوصي بشكل عام بالجمع بشكل حذر بين العلاجات المناسبة للوسواس القهري أو الحالات المصاحبة مع التقييم الدقيق للنتائج العلاجية لكل تدخل ( March,Leonard,et al, 1995,March,Frances,et al, 1997 )

فمثلاً اضطرابات السلوك يمكن تصورها جزئيًا على أنها مشكلات خاصة ببروز المكافأة و بذلك تتناول العلاجات المكافآت و العقاب مع استخدام التدريب المعرفي لمساعدة المريض على التعامل مع الغضب (March,Wells,Conners,1996 ) أما الاكتئاب فيمكن تصوره على أنه مشكلة خاصة بخسارة العلاقات، و خلال العلاج المعرفي السلوكي الخاص بالاكتئاب يقوم المعالج بمساعدة المريض لتغيير أفكاره و سلوكه بطريقة تؤدي إلى علاقات أفضل سواء كانت نفسية داخلية، بين الأشخاص، عملية، أو روحية.  و في حالة اضطراب القلق يستهدف العلاج المعرفي السلوكي  الأفكار و السلوكيات المصممة لدعم التعود أو الانقراض (الإنطفاء أو الاختفاء) للمخاوف غير المناسبة كما هو الحال في هذا البرنامج لعلاج الوسواس القهري عند الأطفال. و كل واحد من هذه العلاجات مدعم بأبحاث قوية و هناك كتيبات متوفرة لإرشاد الممارسين في استخدام العلاج المعرفي السلوكي لكل مشكلة  محددة. و يوضح الجدول 17-3 بعض الأمثلة الشائعة للدمج بين العلاجات كما توضح المراجع الخاصة بها، و عند ذكر العلاج المعرفي السلوكي يكون من المفترض أن التدخلات للوسواس القهري سيتم خلطها مع التدخلات الأخرى للاضطرابات الأخرى بشكل مناسب

الجدول 17-3

التوصيات العلاجية للوسواس القهري المصحوب باضطرابات أخرى

الاضطراب المصاحب الاختيار العلاجي الأول المراجع
الاضطراب الخاص بمدى الوسواس القهري مثبط استرجاع السيروتونين SRI + العلاج المعرفي السلوكي CBI Peterson,campise,Azrin (1994 )
متلازمة توريت العلاج المعرفي السلوكي + SRI  + الأدوية المضادة للذهان Petersonket al (1994 )
اضطراب الهلع أو الخوف الاجتماعي العلاج المعرفي السلوكDCBT  +SRI أو CBT  بمفرده Barlow , Craske  ( 1989 )
الاكتئاب CBT + SRI Lewinsohn,Clarke,Rohnde (1994)
الاضطراب ثنائي القطب 1 أو 11 (في حالة السكون باستخدام معدل مزاج فقط) CBT  + معدل مزاج + / – SRI Lewinsohn,Clarke,Rohnde (1994)
الفصام SRI + الأدوية المضادة للذهان McEvoy et al (1996)
اضطراب فرط الحركة و نقص الانتباه SRI + CBT  + منشطات نفسية Barkly (1995)
اضطرابات السلوك SRI + CBT  + علاج أسري Barkly (1995)

العلاج المتعدد الوسائط الفريق:

من المفترض أن يكون الأمر واضحًا الآن بأن العلاج الناجح للوسواس القهري عند الأطفال يتطلب أن يلعب الطبيب عدة أدوار  و تشمل العلاج النفسي الداعم و العلاج السلوكي و العلاج الدوائي وربما أيضًا العلاج الأسري، و القليل من مقدمي الخدمة المختصة بالصحة النفسية لديهم مهارة متساوية في كل هذه النواحي ( فمثلاً الأطباء النفسيين غالبًا ما يكون لديهم خبرة ضئيلة في العلاجات السلوكية و الأخصائيين النفسيين يكون لديهم خبرة ضئيلة بشأن الأدوية ) هذا بالإضافة إلى أنه في العديد من الإطارات مثل المجموعات متعددة التخصص الكبيرة أو مراكز الصحة النفسية المجتمعية يقوم الأطباء النفسيين المتخصصين بالأطفال عادة بدور مستشارين التشخيص و تقديم العلاج الدوائي و النواحي الأخرى من علاج الوسواس القهري يقوم به متخصصون في مجالات أخرى. و في هذه الإطارات خاصة فإن بداية خطة علاجية متعددة الوسائط لطفل مصاب بالوسواس القهري تتطلب وجود فريق من مقدمي الخدمة المختلفين بحيث ينفذ كل واحد منهم جانبًا مختلفًا من خطة العلاج بنمط منسق، و يكون كل فرد من الفريق لديه اتجاه نظري مختلف. و يجب أن يصنف دور كل واحد تحت إطار سلوكي عصبي مشترك مثل ذلك الموضح في هذا البحث. و هذه الطريقة قد تمكن العديد من الأطفال الملقبين بمقاومي العلاج سابقًا أن يصبحوا مستجيبين للعلاج، و يجب مراعاة إحالة هؤلاء الأطفال الذين لا يستجيبون للعلاجات المعيارية أو الذين لديهم حالات طبية أو نفسية معقدة لعيادة متخصصة للوسواس القهري للاستشارة و العلاج النهائي .

القيود الخاصة بالأسرة والمدرسة:

كما ذكرنا سابقًا فإن الأمور المتعلقة بالأسرة والمدرسة تأتي بشكل متكرر أثناء العناية بالأطفال المصابين بالوسواس القهري.. فقد يؤثر الوسواس القهري على أفراد الاسرة و/أو المدرسة أو بشكل آخر فقد تعوق المشكلات بالمنزل أو المدرسة تنفيذ العلاج.. ولأن فصل أفراد العائلة والمدرسة عن الوسواس القهري يعد مفتاحًا للعلاج الناجح فقد قمنا بمناقشة الوسواس القهري في المنزل والمدرسة تفصيلاً.

الملخص:

إن العديد من الأطفال المدعوين “بصعوبتهم في العلاج” أو “مقاومي العلاج” لم يتلقوا علاجًا سليمًا وبشكل مثالي.. يجب أن يتلقى كل الأطفال المصابين بالوسواس القهري العلاج المعرفي السلوكي الأمثل للأطفال والمراهقين.. وإن لم يستجيب الطفل بسرعة للعلاج المعرفي السلوكي فيجب إضافة مثبط استرجاع السيروتونين.. وبالنسبة للأطفال الذين يعانون من وسواس قهري شديد أو لديهم حالات مصاحبة فمن المناسب أن نبدأ بالعلاج الدوائي حيث أن البدء في العلاج المعرفي السلوكي لا يكون ممكنًا دون الدعم الدوائي.. وفي هذه الحالات يفضل بعض الأطفال والأسر تجربة العلاج المعرفي السلوكي بمفرده آملين تجنب الحاجة للدواء والأعراض الجانبية له، وبالرغم من أن العلاجات الحالية لا تؤدي للشفاء من الوسواس القهري إلا أن التشخيص الصحيح والعلاج السليم قد يساعد معظم الأطفال على استئناف مسار تطوري طبيعي.

تدخلات علاجية تكميلية

طرق خاصة

إن العديد من مرضى الوسواس القهري لديهم أعراضًا لا تقع بشكل منظم داخل إطار التدخلات العلاجية المعيارية كما أشار (Lee Baer) في الوصول للسيطرة (Baer 1991) وقد يصبح التعرض ومنع الاستجابة صعبًا بسبب ارتفاع مستوى الشد العضلي وعدم الراحة.. وقد تعيق أعراض القلق الذي يصل لحد الهلع بما في ذلك صعوبة التنفس مهام التعرض.

وقد تكون أعراض المريض تشتمل بالدرجة الأولى على ظواهر وطقوس ذهنية لا يسهل على التعرض ومنع الاستجابة الوصول إليها، وفي بعض الأحيان تكون الأعراض أقرب إلى اللزمة العصبية أكثر منها إلى الوسواس القهري مع عدم وجود وساوس أو قلق للتعود عليه خلال التعرض.. وقد يعاني المريض من واحد من اضطرابات الوسواس القهري مثل نتف الشعر أو تقشير الجلد.

وسنقوم بتلخيص بعض التقنيات الخاصة التي تساعد أولئك المرضى الذين لديهم حالات لا تقبل بسهولة التعرض ومنع الاستجابة وتشمل هذه التدخلات الخاصة التدريب على التعامل مع القلق، إيقاف الفكر، التشبع، الممارسة الشديدة، عكس العادة وبعض التدخلات الخاصة لبطء الوساوس.. وهذه التدخلات تختلف عن تلك التدخلات الموصوفة في الجزء الثاني والتي كانت ضرورية لكل مرضى الوسواس القهري تقريبًا حيث أن هذه التدخلات تكميلية واختيارية لأن أهدافها تحدث مع بعض المرضى فقط.. وبدون هذه التدخلات قد لا يتقدم العلاج بشكل مرضي ولكنها ليست ضرورية في معظم الحالات.

وهناك تحذير في البداية وهو أننا كما ناقشنا من قبل فإن تعدد الأعراض قد يكون مصحوبًا باضطرابات نفسية غير الوسواس القهري.. ولكل مجموعة من الأعراض هناك علاجات معرفية سلوكية لا يمكن ذكرها كاملة ولكنها قد تكون أساسية أو مركزية لنجاح علاج المريض (Clarkin, Kendall 1992) فمثلاً مرضى الوسواس القهري الذين يعانون من الاكتئاب قد يستفيدون من العلاجات المعرفية السلوكية للاكتئاب، ومرضى الوسواس القهري الذين لديهم اضطرابات قلق أخرى مثل الخواف الاجتماعي واضطراب القلق العام أو الهلع سوف يستفيدون من التنفيذ الجزئي للعلاجات الخاصة بهذه الحالات إن كانت الأعراض تعوق علاج الوسواس القهري أو ببساطة إن كانت تلك الأعراض تضايق المريض..

فعلى سبيل المثال إن الطفل الذي لديه قلق مشابه للهلع خلال التعرض ومنع الاستجابة قد يستفيد من تدخل يساعده على التعود على الدوخة (دوران كرسي مثلاً) أو قلق الاختناق (مص الهواء خلال ماصة عصير) طبقًا للأعراض المحددة التي تسبب مشاكل للطفل وإرشادات الحصول على سياسات العلاج التي نستخدمها لاستهداف هذه الأعراض المصاحبة متواجدة لاحقًا.

التدريب على التعامل مع القلق:

يشمل التدريب على التعامل مع القلق سياسات معينة للتعامل مع الأعراض الجسدية اللاإرادية (التدريب على التنفس، التدريب على الاسترخاء) بالإضافة إلى سياسات تقليل القلق التخيلية التي يمكن أن يستخدمها الطفل خلال مهام التعرض ومنع الاستجابة ويفيد التدريب على التعامل مع القلق أولئك الأطفال الذين يشعرون بالتوتر والقلق الشديد أثناءء التعرض ومنع الاستجابة لدرجة أنهم “Bail out”  بثبات مما يمنع حدوث التعود، ومعظم الأطفال لا يحتاجون للتدريب على التنفس أو الاسترخاء ولكن هؤلاء الذين يحتاجون للتدريب يقل اشتراكهم في أساليب الهروب – التجنب خلال التعرض إن توافرت تلك السياسات.. ونقوم بتقديم هذه السياسات الثلاث بشكل عام:

  • التدريب على التنفس.
  • التدريب على الاسترخاء.
  • التخيل.

وندمجهم بشكل ملائم مع النموذج القصير للتدريب المعرفي ليناسب احتياجات كل طفل.. وقد يتطلب التدريب على التعامل مع القلق جلسة إضافية تتبع عادة الجلسة الثانية أو الثالثة.

  • التدريب على التنفس:

عند الشعور بالتوتر يميل العديد من الأطفال إلى شد الحجاب الحاجز مما يحجز التنفس بالجزء العلوي من الصدر مما يجعل إلتقاط الأنفاس مستحيلاً.. والاحساس أن التنفس مقيد يصبح بدوره تلميحًا يثير المزيد من القلق.. وهذا يتداخل مع أعراض قلق الانفصال/ الهلع (Barlow 1992) وفي حالة صغار السن المصابين بالوسواس  القهري يتواجد غالبًا قلق يصل لمستوى الهلع إن لم يكن اضطراب الهلع ذاته.

ولتوضيح ما يحدث يقوم المعالج بتوضيح التنفس بالحجاب الحاجز ويظهر للطفل الكيفية التي تندفع بها المعدة للخارج أثناء الشهيق وللداخل أثناء الزفير، ويوضح أن العكس يحدث عندما يكون الطفل قلقًا.. ثم يطلب من الطفل أن يقوم بالممارسة مع وضع اليد على المعدة فوق السرة واليد الأخرى على الصدر حتى يشعر هو أيضًا بالفارق.. وبهذه الطريقة يشعر الطفل بالعضلات المشتركة تباعًا في الشهيق والزفير.. ثم يقوم المعالج بتوجيه الطفل لكى يتنفس ببطء خلال الأنف ويقوم بالعد “واحد” ثم يخرج هذا النفس ببطء ويقول “استرخ” لنفسه.. ويمارس الطفل ذلك عدة مرات ويمكن للمعالج أن يقوم بمساعدة الطفل في العد وقول “استرخ” للطفل بسرعة مناسبة.. وإن كانت هناك صعوبة في استخدام الحجاب الحاجز فيفيد أن نسأل الطفل (مع وضع اليدين كما ذكر من قبل) بأن يأخذ نفسًا عميقًا ويقول “ها ها ها” حيث يستحيل قول “ها” بدون استخدام الحجاب الحاجز.. وبعد أن يقوم الطفل بتحديد موقع الحجاب الحاجز من المفيد أن نطلب منه أن يقوم بإخراج نفس أولاً أثناء الضغط برقة على الحجاب الحاجز ثم يأخذ الطفل نفسًا ببطء خلال الأنف مما يسمح للحجاب الحاجز بالتمدد للخارج مرة أخرى..

قم بطمأنة الطفل أن ذلك يتطلب الممارسة ولا يتحقق بسهلة في البداية.. ويستمتع الأطفال الأصغر سنًا بنفخ الفقاعات لممارسة إخراج النفس..وعند تعلم التنفس بهذه الطريقة في البداية قد يرغب الطفل في ممارسة ذلك أثناء التمدد.. وفي هذا الوضع يمكن وضع شئ ناعم على بطن الطفل ويراقب الطفل حركة هذا الشئ لأعلى أثناء الشهيق ولأسفل أثناء الزفير.. ولتقليل سرعة التنفس (خاصة عند القلق) يطلب من الطفل أن يحبس نفسه لثلاث عدات قبل إخراجه ببطء عن طريق نفخ الهواء خارجًا، وقد يرغب المعالج في توضيح مثال بلاعبي كرة السلة عند خط الخطأ قبل تسديد الضربة يقومون بهذا النوع من التنفس، وعندما يظهر الطفل قدرته على التنفس باستخدام الحجاب الحاجز يكون الوقت مناسبًا للتدريب على الاسترخاء العضلي العميق.

  • التدرب على الاسترخاء:

أظهر التدرب على الاسترخاء فاعليته كمكون للعلاج السلوكي للوسواس القهري للبالغين (March 1987) كما أنه أحيانًا يفيد في حالات الأطفال الذين يتوترون بشدة بحيث يصبح التعرض ومنع الاستجابة صعبًا جدًا.. والشكل المعتاد هو الاسترخاء العضلي العميق والذي يتكون من انقباض وانبساط مجموعات العضلات الكبيرة بشكل منظم بحيث يتعلم الطفل في النهاية أن يسترخي حتى تحت ضغط مهام التعرض ومنع الاستجابة..

ويجب أن يتم تعليم الاسترخاء في وجود المشاركة الفعالة للطفل وجعله يجرب كل خطوة كما تم توجيهه ثم يضع كل الخطوات معًا في النهاية – وفي البداية، نوجه الطفل لاختيار وضع مريح له سواء الاستلقاء أو الجلوس ثم يقوم المعالج بتقديم فكرة انقباض ثم انبساط مجموعات منفصلة من العضلات بداية بعضلات الرقبة.. قم بتوجيه الطفل بشد عضلات الرقبة من خلال رفع كتفيه أثناء العد لخمسة أوعشرة (طبقًا لعمر واحتياجات الطفل) ثم يرخي هذه العضلات ببطء مع العد التنازلي لواحد.. وبعد ذلك اجعل الطفل يلف رأسه وفي البداية يجعلها تسقط أمامًا بحيث تلامس ذقنه صدره ثم يقوم باللف للجانب ثم يجعلها تسقط ببطء للخلف ثم للجانب الآخر ثم مرة أخرى يسقطها ببطء للأمام.. قم بإعادة ذلك مرة أو مرتين والذراعان يتبعان الرقبة ويمكن أن ينقبضا بشدهما للأمام مع جعل راحة اليدين للأعلى مع العد مرة اخرى ثم يتم الاسترخاء ببطء مع استخدام العد التنازلي.. ويستمر ذلك الانقباض والانبساط لمجموعات العضلات مع اليدين والمعدة والساقين وأخيرًا القدمين.. ويمكن إعادة تلك الخطوات بداية بالقدمين صعودًا للرأس مع جعل الطفل يمارس التنفس بالحجاب الحاجز في بداية ونهاية التمرين.

  • التخيل:

يشمل العنصر الأخير من التدريب على التعامل مع القلق مساعدة الطفل على الاسترخاء من خلال تخيل مكان يستمتع فيه الطفل ويشعر بالاسترخاء والسلام.. وبعد تشجيع الطفل على تخيل مكانه المفضل يطلب منه المعالج أن يصف كل تفاصيل ما تخيله.. الروائح – المذاق – المناظر – الملمس…. إلخ، وإن كان لدى الطفل صعوبة في التصور فإن مخططات التخيل التي يقوم فيها المعالج بتوجيه التجربة قد تفيد في تسهيل استخدام الطفل للتخيل.. ولا يلزم أن ينحصر موضوع التخيل في أماكن الاسترخاء الهادئة مثل الشاطئ أو الغابة.. كما لا يلزم أن يكون التخيل مرئيًا.. وأصوات  الطبيعة مثل حفيف الأشجار، خرير المياه،زقزقة العصافير، هديل الحمام،صوت أمواج البحر، رتابة تكتكة  عجلات  القطار له نفس الفاعلية بالنسبة للأطفال الذين يكون تفضيلهم الحسي الإبتدائي سماعي بشكل أكبر عما هو مرئي. ويمكن أيضًا استخدام الإسقاطات المضحكة أو السخيفة.. وأهم شئ هو أن التخيل يؤدي إلى مشاعر إيجابية موصلة للاسترخاء.. وعند ممارسة التخيل أثناء الجلسة نقوم عادةً بتشجيع الطفل لفعل ذلك عند نهاية الاسترخاء العضلي العميق مع تقديم التدريب على التنفس أيضًا.. وعلينا ملاحظة أن التخيل لا يمكن استخدامه خلال مهام التعرض التخيلي بالرغم من ملاءمة استخدام التدريب على الاسترخاء والتنفس إن لم يكن الطفل قادرًا على إتمام المهمة بطريقة أخرى.

النموذج (الشكل) القصير:

على الرغم من أن تمارين تقليل القلق تقلل غالبًا القلق بشكل عام إلا أن الهدف من التدريب على التعامل مع القلق هو إعطاء “أدوات” لتقليل القلق أو أى مشاعر مزعجة خلال التعرض ومنع الاستجابة.. ولذلك يكون استخدام نسخ أو نسق مختصرة من التدريب على التعامل مع القلق خلال مهمة التعرض ومنع الاستجابة عمليًا بشكل أكبر.. وخلال هذا التمرين المختصر يتم توجيه الطفل للقيام بالتنفس بالحجاب الحاجز ثلاث أو أربع مرات ثم يقوم الطفل بشد واسترخاء قبضة يديه و/أو قدميه إلى أن يصل في العد إلى 5 – 10 ويتبع ذلك بثلاث أو أربع مرات تنفس بالحجاب الحاجز على أن تتكرر العملية إذا لزم الأمر.. ويفيد أحيانًا أن يتخيل الطفل نفسه ممسكًا بالقلق في قبضة يده وأن يفلته عندما يرخي قبضته ثم يتخلص من القطع الأخيرة من التوتر بهز يديه.. وبمجرد أن تنخفض الأعراض الجسدية للقلق إلى حد ما يجب أن يستخدم الطفل الجمل الذاتية أيضًا والتي تم عرضها خلال التدريب المعرفي.

قم بممارسة التسلسل الكامل للتنفس العميق والاسترخاء العضلي مرة واحدة مع الطفل وصحح أى صعوبات مع استخدام مقياس الخوف لتقدير مستوى القلق قبل وبعد الاسترخاء، وهذا يعزز للطفل تأثير الاسترخاء على الجسم ويمكن أن تتم الممارسة الثانية في سياق مهمة تعرض تخيلي أو حقيقي مع استخدام مقياس الخوف خلال المهمة.. اطلب من الطفل أن يقوم بممارسة تمارين الاسترخاء كل يوم وأن يقيم مستوى قلقه قبل وبعد كل ممارسة مع تسجيله في ورقة الواجب المنزلي.. قم بتشجيع الطفل لاستخدام هذه الأدوات الجديدة الخاصة بالاسترخاء خلال مهام التعرض.

وعند استخدام التدريب على التعامل مع القلق عليك أن تتذكر أن الهدف ليس القضاء على القلق وإنما جعله قابل للتحكم به حتى يحدث التعود على القلق خلال التعرض ومنع الاستجابة.

إيقاف الفكر:

هو تقنية يمكن استخدامها لقطع وأحيانًا لإيقاف الوساوس والطقوس الذهنية (Emmel Kamp, Bouman,Scholing 1989) وهو تقنية تشمل صرف الانتباه عن الوسواس القهري بتقديم مثير منافس قوي.. ولإيقاف الفكر مكونين أساسين:

  • الصراخ بصوت عال للنفس “توقف”.
  • وفي نفس الوقت يقوم المريض بفرقعة رابطة مطاطية  على معصمه الأيسر مرة واحدة.

والهدف من وراء هذه الممارسة غير المعتادة إلى حد ما هو “دهش المخ” للخطة وقطع الفكرة الوسواسية حتى يستطيع الطفل أن يقحم”صندوق الأدوات” وسياساته.. فمثلاً مباشرة بعد قول “توقف” يمكن أن يخبر الطفل نفسه أن عقله يقوم بخداعه مرة أخرى وأن أفكار القلق التي يختبرها ليست مهمة ويمكن تجاهلها بأمان، وبعد ذلك يمكنه شغل تفكيره بشئ آخر ليتنافس مع الفكرة الوسواسية مثل مسألة رياضية طويلة، تذكر وصفة طعام،قراءة قصة مضحكة.. وبعد أن تم قطع الوسواس يمكن أن ينفذ الطفل سياساته المعرفية المعيارية حيث أن التشتيت اللحظي  عن طريق إيقاف الفكر لن يقدم تأجيلاً كاملاً من الوسواس القهري وإن عاد الوسواس يتم تكرار العملية حتى ينتهي.

وأثناء ممارسة إيقاف الفكر قد يصاب الطفل أحيانًا بالإحباط نتيجة محاولاته الشاقة للتخلص من الفكرة.. وعلى المعالج أن يشجع الطفل على عدم دفع الفكرة بقوة شديدة (وكأننا نحاول أن ندفع فيلاً) بل السماح لأفكار الوسواس القهري للانحسار وتفضيل أفكار أخرى تأخذ الوقت والمساحة المشغولين سابقًا بالوسواس القهري..

ومن الأمثلة المفيدة ترك الوسواس القهري يبقى على أنه “ضوضاء” خلفية يمكن في النهاية أن “تُطرد” إن وضع الطفل أفكاره في شئ آخر..ويجب أن تشغل الأفكار البديلة انتباه الطفل بسهولة ولا يجب أن تكون ببساطة مجرد محاولة من جانب الطفل لإخبار نفسه بأن يتوقف عن التفكير في الوسواس.

وفي بعض الأحيان يمكن استخدام نفس الفكرة البديلة مثل أذكار تأملية أو أدعية أو نصوص دينية.. وقد وجد بعض الأطفال أن أصوات  الطبيعة مثل حفيف الأشجار، خرير المياه،زقزقة العصافير، هديل الحمام،صوت أمواج البحر، رتابة تكتكة  عجلات  القطار لها فاعلية في إحلال الفكر.. و الأفكار التي تثير مشاعر مضحكة أو جيدة لها قوة خاصة حيث أنها لا تحل محل الفكرة الوسواسية فقط بل أيضًا تغير المشاعر المصاحبة للوسواس.. ومن الأفضل أن يكيف كل طفل تفضيلاته واهتماماته الخاصة للاستخدام كأداة لإيقاف الفكر.. وعند تعليم إيقاف الفكر يفيد أحيانًا تمثيله بأن نطلب من الطفل أن يفكر بفكرة وسواسية ثم يصرخ “توقف” مع التصفيق.. والنتيجة الطبيعية هى إحلال الوسواس القهري بإنذار وبهذه الطريقة يختبر الطفل واقعيًا المقاطعة المصحوبة للدهشة للفكرة الوسواسية..

وعليك أن تتبع هذا الإجراء مباشرة بالحديث عن موضوع محدد مثل فريق رياضي أو برنامج تليفزيوني يحبه الطفل والسؤال عما تناوله على العشاء أمس.. وبالطبع يجب أن يبقى مستوى الدهشة إلى حد معقول ويجب شرح الإجراء للطفل قبل التوضيح.

التشبع:

بالرغم من أن الوساوس ذاتها تعتبر مثير منفر يمكن أن يكون قابلاً للتعود إلا أنه خلال الممارسة ثبت أن الوساوس يصعب الاقتراب منها (Neziroglu, Neuman 1990) – والتشبع يعد أسلوبًا يعتمد على التعرض للتعود على الوساوس.. وخلال التشبع يتم وصف الوسواس للطفل لفترات متزايدة من الوقت..

فمثلاً قد يتم توجيه الطفل لاستدعاء أو (التفكير) في الوسواس لمدة 15- 20 دقيقة..وبهذه الطريقة يتشبع الطفل أو يمل من الوسواس.. وكما تم وصف التشبع من قبل فإنه يمكن إتمامه أحيانًا باستخدام شريط كاسيت مدته دقيقة (مثل ما يستخدم مع آلات الإجابة الذاتية).. اطلب من مريضك أن يدون حرفيًا الوسواس عندما يأتي لذهنه وبعد تدوين الوساوس اطلب منه أن يسجلها صوتيًا في حضورك مع جعل نغمة صوته متماشية مع المشاعر المصاحبة للوسواس قدر الإمكان.. فمثلاً إن كان الطفل يخشى الموت فعليه أن يصف النتيجة  التي يخشاها بتفصيل كبير وكأنها تحدث بالفعل.. قم بترتيب جلسة لمدة 30 – 45 دقيقة مرة يوميًا يستمع خلالها المريض للتسجيل مرات ومرات (مستخدمًا مشغل شرائط محمول بسماعات مثل الووكمان) ويحاول أن يولد عدم راحة قدر المستطاع.. ويندر وجود وساوس نقية حيث تتبع معظم الوساوس عند المرضى الذين لديهم أفكارًا وسواسية بطقوس ذهنية ولذلك فمن الضروري منع هذه الطقوس حتى يحدث التعود على القلق.. وفي بعض الحالات يتطلب الأمر أن يقود المعالج بفاعلية عملية التشبع (والتي يمكن أن تسجل فيما بعد) حتى يمنع الاستجابة وطقوس التجنب أو التعادل.. وكالعادة يقوم الطفل بأخذ القرار لاستخدام التشبع وباختيار أهداف من منطقة الانتقال حتى تكون المثيرات مقدمة طبقًا لسلم المثيرات حتى تكون محتملة.

الممارسة الضخمة:

تشبه التشبع مع فرق أن الفعل القهري هو ما تتم ممارسته حتى يفقد أداؤه أى شعور بالإلحاح، وتفيد الممارسة الضخمة بشكل خاص هؤلاء الأطفال الذين لديهم أفعالاً قهرية “إن الأمر هكذا” فمثلاً الطفل الذي يقوم بالنقر بشكل متناسق نقرتين على الجهة اليمنى ونقرتين على الجهة اليسرى فيمكن أن يمارس هذا الفعل القهري لمدة محددة (أربع دقائق مثلاً) مع أخذ فترات راحة قصيرة لدقيقة تقريبًا حتى يحدث التثبيط التفاعلي (نقصان حسي للرغبة الملحة لأداء السلوك) وهذا يستغرق في الغالب 30 – 45 دقيقة إلا أنه قد يحدث سريعًا خلال 10 دقائق أو قد يأخذ ساعة و نصف.. وتستمر الممارسة اليومية حتى يصبح الطفل لا يختبر الفعل القهري بشكل تلقائي خلال حياته اليومية.. وتنطبق نفس الخطوط الإرشادية على كل من الممارسة الضخمة والتشبع مع اختبار الطفل للأعراض التي يمارسها، ويمكن العمل أيضًا حتى على الأفعال القهرية المحرجة حيث يختار الطفل وقت ومكان الممارسة مما يقلل بدوره الإحراج، وعلى العكس فإن الأفعال القهرية المعتمدة على مثيرات بيئية مثل طقوس التحديق أو على الدعم البيئي مثل البحث عن الطمأنينة لا تكون قابلة للمارسة الضخمة.

عكس العادة:

إن المشاعر السلبية مثل القلق، الشعور بالذنب أو الشعور بالاشمئزاز، الأفعال القهرية المتوقعة مثل الاغتسال استجابة لمخاوف التلوث تستجيب بشكل جيد للتعرض ومنع الاستجابة.. ولكن لا تشتمل كل أعراض الوسواس القهري على مشاعر سلبية..فبعض مرضى الوسواس القهري خاصة الذين لديهم أعراض تشبه اضطرابات اللزمة العصبية يظهرون عدم اكتمال حسي (أى الشعور بأن حدثًا ما لم يتم اكتماله بشكل كاف) أو فقط (على هذا النحو – هو كده) كدافع شعوري وغالبًا ما يكون ذلك مصحوبًا بطقوس متكررة نمطية (Rasmussen, Eisen 1992) وهناك بعض المرضى تكون لديهم طقوسًا متكررة تشبه اللزمة العصبية ويكون دافعها هو الرغبة الملحة..ولدى القليل من المرضى وساوس عنيفة تجاه الذات مثل الرغبة الملحة لجرح النفس أو كسر شئ ما أو ثنيه..وهى وساوس يصعب جدًا تحملها ولا يناسبها التعرض تمامًا.

وبالنسبة لهؤلاء المرضى الذين تشبه أعراض الوسواس لديهم الطقوس المتكررة الشبيهة باللزمة العصبية فإن إجراءات عكس العادة مثل التي تم وصفها لاضططراب نتف الشعر أو متلازمة توريت (Baer 1992, Vitulano, King, Scahill, Cohen 1992) – قد تفيد أحيانًا بمفردها أو مع منع الاستجابة، الاستجابات الحركية المنافسة، منع الاستجابة..وبالرغم من الاستخدام الواسع لعكس العادة في برامج القلق بالعيادات المتخصصة إلا أن هذه الإجراءات تلقت القليل من الانتباه التجريبي لاضطرابات أخرى دون اضطراب نتف الشعر.. ويستخدم غالبًا الأطفال والمراهقون المصابون باضطراب نتف الشعر.. هذه التقنية لتقليل شد الشعر القهري ولكن يلاحظ أيضًا أنه يمكن تطبيق هذه التقنية على العديد من أعراض الوسواس القهري التي يكون دافعها الرغبة الملحة أكثر من الخوف (Peterson, Campise, Azrin 1994) – وهنا نستخدم اضطراب نتف الشعر كمثال لتعليم التقنية.

يبدأ عكس العادة بشكل مشابه لإيقاف الفكر حيث يخبر الطفل نفسه أن “يتوقف” وفي نفس الوقت يقوم بفرقعة رابطة مطاطية بشكل خفيف على المعصم الذي يستخدمه لأداء الطقس أو السلوك الوسواسي ثم يقوم الطفل بضم قبضتيه لدقيقتين كاملتين بينما تتراجع الرغبة الملحة للسحب..وتقنيًا ضم القبضة يعد “استجابة منافسة” ويهدف في الأصل إلى تنشيط العضلات المعاكسة لتلك المستخدمة لأداء الطقوس (Peterson et al 1994) فمثلاً يتطلب نتف الشعر نشاط حركي للعضلات القابضة/ المعسرة وبالتالي تكون الاستجابة المنافسة هى القيام ببسط الكوع والمعصم مع مباعدة الأصابع.. وعمليًا أى نشاط حركي بديل يكون كافيًا في معظم الحالات.. فمثلاً يمكن غالبًا استخدام استجابات منافسة بديلة مثل الجلوس على الأيدي، الرسم، ربط الأيدي، الكتابة  على لوحة مفاتيح الكمبيوتر، و التي لا تكون بنفس وضوح ضم قبضة اليد أو مباعدة الأصابع..

ويقوم الطفل بأداء تلك الاستجابات المنافسة البديلة المنفصلة بشكل أكبر.. والعنصر الأهم في الاستجابة الحركية المنافسة هو استخدام نفس العضلات المستخدمة للسحب (أو الغسل أو المسح) خلال النشاط البديل المقبول.. وعند أداء الاستجابة المنافسة  فمن المهم أن يتنافس الطفل لمدة 2 – 5 دقائق على الأقل في المرة الواحدة حتى يتوفر وقت كاف للرغبة الملحة لكى تضعف.. وحيث أن هذه السياسة لا تعمل في الحال فيجب ممارستها.. ومن الممكن إعطاء اسم أفضل لهذه التقنية وهو “إحلال العادة” حيث أن ذلك ما يقوم به الطفل بالضبط وهو إحلال عادة  غير مرغوب فيها بأخرى مرغوب فيها (أو وضع الطفل في وسواس جديد وطقوس جديدة تحت التحكم بدلاً من الوساوس والطقوس التي ليست  تحت التحكم).. ويوجه الطفل لممارسة الاستجابة المنافسة كل يوم وكل مرة تحدث فيها العادة غير المرغوب فيها حتى يتم عكس العادة تدريجيًا.. وبالطبع يجب أن تكون الاستجابة المنافسة شيئًا يشعر الطفل بالراحة عند أدائه.

وخلال تنفيذ الاستجابات المنافسة يجب أن يراعي المعالج ثلاثة أشياء وهى الإشباع والضبط والوعى..

فأولاً سيختلف العلاج طبقًا لسبب حدوث الفعل القهري سواء إن كان الرغبة الملحة وإحداث الإشباع على هيئة تقليل التوتر أو المتعة الفعلية..

ثانيًا يجب أن يتم “تخطيط” العادة حتى نتمكن من فهم المثيرات ونستطيع تناولها في العلاج..

ثالثًا من المهم أن نفهم الدرجة التي يعي بها الطفل كلاً من المثيرات والعادة الناتجة.. فمع أعراض الوسواس القهري المتميزة بالرهبة (مثل مخاوف الجراثيم) يؤدي الطفل عادةً الأفعال القهرية بكامل وعيه استجابة للوسواس أما الطفل الذي لديه أفعالاً قهرية خاصة بالنقر القصير أو اللمس قد يؤدي هذه الأفعال دون وعى لأن الفعل القهري يعد تلقائيًا إلى حد ما.. وبالمثل قد يكون الطفل المصاب بنتف الشعر غير مدرك إطلاقًا لشد الشعر إلى أن ينتهي.. ويقع العديد من الأطفال بين هذين الطرفين حيث يؤدون الأفعال القهرية بشكل تلقائي وبدون مقاومة ولكن مع وجود بعض الوعى للسلوك.

إن العادات التي تحدث استجابة للرغبات الملحة يجب منعها عند مرحلة المثير أو خلال واحد من الأساليب المتعددة لمنع الاستجابة المذكورة هنا.. وعندما يتعلق الموضوع بتقليل التوتر يجب إيجاد وسائل أخرى لتحديد الموضوع الإبتدائي الخاص بالمشاعر المزعجة.. فمثلاً إن كانت العادة تحدث عندما يكون المريض مضغوطًا أو غاضبًا فالتدخلات المناسبة هنا تتعلق بتقليل الضغط أو زيادة القدرة على التعامل مع الغضب.. وبالمثل إن كانت العادة تمنح شعورًا بالإشباع أو المتعة فمن المفيد أن تكون الاستجابة المنافسة قادرة على منح الإشباع أيضًا.. فمثلاً الولد الصغير الذي يقوم بقضم أظفاره قد يستخدم بعض الحلوى والألعاب لكى ينافس الرغبة الملحة لقضم  أظافره..والفتاة الصغيرة المصابة بنتف الشعر وطقوس تناول الجذور قد تقوم بمص حلوى مع قبضة يديها أو الرسم.. وغالبًا ما يقلق الأطفال وآباءهم أن تصبح الاستجابة المنافسة فعلاً قهريًا جديدًا..ولكن ذلك غير وارد حيث أن الاستجابة المنافسة تكون إرادية بشكل كامل ومع ذلك يلزم اختيار عادات منافسة لا تتدخل بشكل جوهري في أداء الطفل لوظائفه.

أما الاهتمام الثاني فهو رسم خريطة للأماكن التي تحدث فيها العادة.. وبهذه  الطريقة يستطيع الطفل أن يضع “أعلامًا حمراء” على تلك الأماكن والمواقف التي تثير العادة ويشتمل التخطيط مراقبة العادة وهو الأمر الذي قد يكون محبطًا للطفل حيث أن الطفل يريد غالبًا أن يتخلص من العادة الآن.. ويجب تشجيع الطفل على إكمال هذا الجزء من عكس العادة لأنه من الضروري معرفة كل ما يتعلق بالعادة حتى يستطيع الطفل مع المعالج وضع خطة عمل.. ويشمل التخطيط فهمًا تفصيليًا لمكان وظروف حدوث العادة (مكان عدم حدوثها) كما يشمل أيضًا معرفة الأفكار والمشاعر والأحاسيس الجسدية المصاحبة.. فمثلاً الفتاة المراهقة التي تقوم بكامل وعيها بنتف شعرها تجد أنها غالبًا تقوم بذلك أثناء وجودها في حجرتها عند المذاكرة ولكنها لا تقوم بذلك أثناء مشاهدة التلفاز.. وأن نتف الشعر يصبح أسوأ عندما تكون عصبية أو مضغوطة في عملها.. ولأنها تكره العواقب التجميلية لنتف الشعر تقوم بقضاء وقت أطول في مشاهدة التلفاز مما يزيد بدوره من مستوى التوتر عند جلوسها لأداء العمل المدرسي.. وفي هذه الحالة يلعب نتف الشعر دورًا واضحًا في تقليل التوتر.. ومع المزيد من الأسئلة اتضح أن نتف الشعر لا يحدث أثناء عملها على الكمبيوتر (حيث تقوم باستخدام يديها في شئ آخر) ولكنه يحدث دون وعى عند القراءة حتى وإن لم تكن مضغوطة.. ويختلف نتف الشعر في الموقف الثاني بشكل كبير ولذلك سيعتمد التدخل على توقع المثير بدلاً من تناول موضوع تقليل التوتر..

وعمليًا يشمل عكس العادة لكل الأطفال بعضًا من زيادة الوعى للمثيرات وللكثير يشمل عكس العادة زيادة الوعى بالعادة نفسها.. وبذلك يشمل الاهتمام الثالث تحديد ما إن كانت العادة تحدث بوعى أو بدون وعى (أى مستوى وعى الطفل قبل وأثناء العادة) ولزيادة الوعى نستخدم سياسة مراقبة الذات وفيها يطلب من الطفل أن يستخدم مذكرات للاحتفاظ بمسار العادة.. فمثلاً قد يطلب من الطفل تسجيل المكان الذي حدث فيه نتف الشعر وعدد الشعيرات التي قام بشدها.. وسياسات التسجيل مفيدة للتخطيط الأولي كتدخل علاجي ولقياس نتيجة العلاج.. والابتكار هو مفتاح العلاج خاصة للعادات التلقائية.. فمثلاً قامت فتاة  صغيرة كانت تقوم بنتف شعرها بوضع رباط على أصابعها كطريقة لزيادة وعيها، وقامت فتاة أخرى بربط رابطة مطاطية على معصمها ووضع برفان على يدها لزيادة وعيها بحركة يدها تجاه شعرها.. وهذه الوسائل لا يجب أن تكون عقابية أو محرجة بأى حال من الأحوال حيث أن زيادة القلق يزيد عادة من حدوث العادة.

وبمجرد فهم الاشباع، الضبط، الوعى المصاحبين للعادة يستطيع كلاً من الطفل والمعالج وضع خطة لعكس أو إحلال العادة ولا تشمل هذه الخطة منافسة الاستجابات الحركية فقط وإنما تشمل أيضًا سياسات لتقليل الضغط العام والقلق وتقنيات زيادة الوعى وخطط محددة لكل منطقة مميزة “بعلم أحمر” إشارة لمكان حدوث العادة.

وقد يكون من الضروري وضع خطط مختلفة وعديدة طبقًا لمكان وزمان حدوث العادة.. فنتف الشعر ليلاً قبل النوم قد يتم التعامل معه بشكل مختلف عن نتف الشعر أثناء التواجد في قاعة الدراسة.. ويفيد غالبًا جعل الطفل يدون هذه الخطط مثل خطة “لمعركة” أو “لعبة”.. وخلال عملية تعليم عكس العادة من الضروري ألا يشعر الطفل بالضغط لتغيير أو إيقاف العادة غير المرغوب فيها.. ويتطلب عكس العادة الكثير من الصبر والممارسة فهو ليس تقنية سريعة ويحتاج غالبًا الآباء والأطفال للتشجيع حتى لا يفقدوا الأمل.. فقد تكونت العادة القديمة خلال أشهر عديدة أو حتى سنوات.. وبنفس الطريقة تتطلب الاستجابات الجديدة الأكثر تكيفية  وقتًا طويلاً لكى تصبح طبيعية ثانية..ومنع الانتكاسة يعد أيضًا عنصرًا هامًا في عكس العادة.. فالانفجارات القصيرة من العادات المؤذية للذات مثل قضم الأظافر، القطع، أو شد الشعر قد تؤدي إلى نفس كمية التدمير خلال دقائق قليلة مثل ذلك التدمير الممنوع خلال الاسابيع العديدة السابقة.. ويحدث هذا التوهج للعادة غالبًا كاستجابة لضغط خارجي مثل الشجار مع شخص محبوب كالآباء والأصدقاء أو توقع حدث مفرح أو مؤلم.. وعندما يدمر مثير معين شهورًا من العمل الشاق بشكل منتظم يصبح هذا المثير هدفًا للتدخل المركز،ومن أشهر الأمثلة لذلك حدوث صراع بين الوالدين والطفل ونتف الشعر وفي هذه الحالة يلزم أحيانًا العلاج السلوكي الأسري للقضاء على نتف الشعر بشكل كامل.

تدخلات للبطء الوسواسي:

البطء الوسواسي هو نوع غير شائع نسبيًا للوسواس القهري وفيه يكون لدى المرضى صعوبة في بدء الأعمال موجهة الأهداف وقمع السلوكيات المواظبين عليها وبالتالي يظهر هؤلاء المرضى بطء شديد في تنفيذ المهام اليومية مثل الاغتسال، إرتداء الملابس أو تناول الطعام.. وهؤلاء المرضى لديهم ضعف عصبي بشكل أكبر من مرضى الوسواس القهري الآخرين (Hymas, Less, Bolton, Epps, Head 1991) والطقوس المتكررة المستهلكة للوقت قد تتصل أو لا تتصل بقلق الرهبة، عدم الاكتمال الحسي أو الشك المرضي (Tallis, de Silva 1992) وبينما يظهر بعض مرضى البطء الوسواسي البالغون بطء في الحركة شبيه بالشلل الرعاش (أى حركة بطيئة جدًا جدًا مثل حكاية رجل القصدير) فإن معظم الأطفال المصابون بالبطء الوسواسي يكون لديهم طقوسًا متكررة تأخذ ساعات وبالتالي تكون المشكلة في تأخر إكمال المهمة وليس النشاط الحركي ذاته وهو ما يجعلهم يتصفون بالبطء.. ومثل هؤلاء الأطفال يقومون بالاستحمام، تمشيط شعرهم، فتح الأدراج، عد، لمس أو ترتيب شئ ما مرات عديدة استجابة لرغبة ملحة لفعل ذلك، اهتمامات خاصة بالرهبة أو احساس غامض بعدم الراحة إذا انتهى السلوك قبل أوانه.. وبدلاً من العجلة أثناء الطقوس لاكمالها يقومون بتكرار السلوك بدون تفكير وأحيانًا دون الاهتمام بطول الوقت المستهلك في اتمام الطقوس وبدون تفكير في من حولهم (دون الاهتمام بأن السماء انطبقت  على الأرض، أو أن النار أكلت كل البيت، أو الطبيخ اتحرق على النار، أو أن الطلبة روحوا بيوتهم وهو لسة قاعد على الديسك بيرتب الكتب في الشنطة، أو أن في ناس خارج الحمام ح يعملوا على نفسهم أو أن أبوه على وشك يطلق أمه ويرميها هى وابنها في الشارع).

وكما هو حال البالغين المصابين بالبطء الوسواسي فإن معظم الأطفال المراهقين المصابين بالبطء الوسواسي يكون أداءهم ضعيفًا خلال التعرض ومنع الاستجابة (Foa, Emmel Kamp 1983) ونتيجة لذلك يستخدم العديد من المعالجين نماذج بمساعدة المعالج، التشكيل، تحديد الضبط، واجراءات السرعة المؤقتة مع مرضاهم (Rathnasuriya, Marks, Forshaw, Hymas 1991) –

ولسوء الحظ تحدث انتكاسة سريعة عند سحب مساعدة المعالج (Wolff, Rapoport 1988) –

وبالرغم من نجاح كلارك في علاج صبي عمره 13 سنة مصاب بالبطء الوسواسي باستخدام اجراءات التشكيل (Clark 1982) إلا أن معظم الأطباء والباحثين يتفقون على أن علاج هذا النوع من الوسواس القهري عند البالغين وصغار السن يعد جاهزًا لابتكار معرفي سلوكي (March, Johnston, Greist 1990)

التمثيل والتشكيل:

التمثيل هو شرح سلوكيات أكثر ملائمة أو تكيفية.. يستخدم بشكل كثير خلال التعرض ومنع الاستجابة بمساعدة المعالج، ويمكن أن يكون التمثيل علنيًا (أى يفهم الطفل أن المعالج يقوم بالشرح) أو خفيًا (أى يقوم المعالج بتقديم مثال للسلوك بشكل غير رسمي).. وفي حالة المرضى المصابين بالبطء الوسواسي يقوم المعالج بشكل بسيط بشرح السلوك العادي ثم يطلب من المريض أن يقوم بالمثل..

فمثلاً المريضة التي تقوم بتمشيط شعرها لساعات قد يطلب منها أن تقوم بذلك لخمس دقائق.. وكالعادة يتم العمل بتمثيل التعرض ومنع الاستجابة إن وافق الطفل فقط.. وبعض الأطفال المصابين بالبطء الوسواسي يكون لديهم طقوسًا ذهنية مثل العد والتي يجب التعامل معها من خلال اجراءات التعرض.

أما التشكيل فيتكون من تقريبات متتالية إيجابية التعزيز للسلوك المستهدف.. فمثلاً الطفل الذي لديه رهبة من الإيدز قد يتلقى تعزيزًا إيجابيًا (عن طريق المدح أو مكافآت ملموسة) عند اقترابه شيئًا فشيئًا من شخص يشك أنه مصاب بالفيروس قبل تمكنه من مصافحته (التشكيل/ العرض) وهو عمل قد شاهد الطفل المعالج يقوم به دون أذى في أوقات سابقة (التمثيل العلني أو الخفي).. ويساعد التشكيل الأطفال على تقليل القلق المتوقع كما يمنحهم فرصة لللتخطيط المعرفي (Thyer 1991) .

التكرار الواعي البطئ:

يتم إجراء طقوس البطء تلقائيًا.. فبينما يدعي المرضى وجود انتباه شديد لأفعالهم القهرية إلا أنهم في الحقيقة يوجهون القليل من الانتباه للنواحي المعرفية للنية الحركية (وهو ما يعرف بالرغبة في جعل الشئ يحدث كمكون للفعل الحركي) أو للمفاتيح البصرية أو الحركية الحسية المصاحبة لطقوسهم الحركية.. ويوجه الانتباه بدلاً من ذلك إلى العواقب المتخيلة، المشاعر المصاحبة وأملهم في الوصول إلى قرار، وللأفكار التي تصاحب تلك العمليات المعرفية الشعورية..فمثلاً يقر طفل أنه أثناء إدخال وإخراج الفيشة مرات ومرات لساعات أنه كان منتبهًا للتلاعب بالفيشة كعمل إلا أن التحليل الوظيفي للسلوك سيوضح أن الطفل كان منتبهًا بالفعل للأفكار المتعلقة باحتراق المنزل و/ أو المؤشرات المعرفية – الشعورية – الجسمية للقلق أو ربما لشئ آخر مثل المدرسة وهو أمر لا يتعلق إطلاقًا بالوسواس القهري.. وتحدث نفس العملية عند مرضى البطء الوسواسي الذين لا يوجد لديهم قلق الرهبة.. فمثلاً قد تمشط طفلة شعرها لساعات دون وعى وتعد في كل مرة إلى رقم 87 ثم تبدأ من جديد إلى أن يصل “الشعور الكافي” ثم تتحرك بعد ذلك .. وقد وصف Foa, Wilson عملية القيام بأداء الطقوس ببطء عن قصد كوسيلة لمنع الاستجابة ولكنهما لم يربطا الاجراء بالبطء الوسواسي كما لم يركزا على الناحية المعرفية أو التدريب على الانتباه للاجراء (Foa, Wilson 1991) وقد قمنا بشكل مستقل بتطوير تقنية معرفية سلوكية للطقوس المتكررة المصاحبة للبطء الوسواسي، وقمنا بتسجيل التكرار الواعي البطئ..

ويشمل التكرار الواعي البطئ تدريب المرضى لإعطاء انتباه واعي للنية الحركية للمفاتيح الحسية الحركية أثناء القيام بأداء تكرار منفرد من طقس مختار ببطء شديد.. وتذكر أن هؤلاء المرضى ادعوا انتباههم لطقوسهم ولكنهم في الحقيقة يركزون على التفكير الكارثي أو حتى يحلمون أحلام يقظة أثناء القيام بالعد دون وعى.. ويقوم التكرار الواعي البطئ بمقاطعة هذه العملية بالطرق الآتية:

  • يتم تعليم المرضى لكى يعوا أنهم في الحقيقة لا ينتبهون إلى ما يحدث بالفعل ولكنهم تائهون في الأفكار التي يولدها الوسواس القهري.
  • يتم تعليم المرضى مراقبة أفكارهم، مشاعرهم، سلوكهم عن قرب بلا ضرورة التعامل معها.. وفي هذا الشكل من التدريب على الانتباه يتم توجيه المرضى لملاحظة ما يحدث معرفيًا وشعوريًا وحركيًا لحظة بلحظة (Foa, Rothbaum, Kozak 1989) وبهذه الطريقة يتم تعليم المرضى توجيه الانتباه إلى ما هو موجود بالفعل بدلاً من البقاء تائهين في أفكار الوسواس القهري.. حيث يلاحظ الطفل ببساطة أن شيئًا ما (شعورًا أو فكرة) قد ظهر داخل مجال الانتباه ويدرك أنه مهما كان الشئ الظاهر فسوف يغادر حتمًا.. وتتطابق هذه الناحية من التكرار الواعي البطئ مع التدخل الخاص بزراعة الانفصال الذي تمت مناقشته في الجزء الخاص بالتدريب المعرفي.
  • يتم تعليم المرضى تقنية للتأمل لإعطاء انتباه شديد للحركات والتغذية الراجعة الحسية الحركية التي تكيفنا معها من ممارسة Vipassana لتأمل المشى (Goleman 1976, Miller, Fletcher, Kabat- Zinn 1995) – وخلال تأمل المشى يقوم المتأمل بالمشى ببطء شديد معطيًا انتباهًا شديدًا لنية التحرك وللمفاتيح الحسية الحركية التي تعطي التغذية الراجعة بأن الحركة تحدث بالفعل.. ولكى يصل الانتباه الرفيع لأقصى درجة يتم أداء المشى ببطء شديد.. فمثلاً من المعتاد أن يستغرق قطع مسافة 10 أو 15 قدم في عشرين دقيقة مشيًا.. أو بتطبيق آخر لنفس التقنية يستغرق أخذ رشفة من الشاى دقيقتين أو ثلاث.. وخلال علاج البطء الوسواسي يتم تعليم المرضى إعطاء انتباه شديد للنية الحركية والمفاتيح الحسية الحركية المصاحبة لطقس محدد أثناء تأدية تكرار واحد من الطقوس ببطء شديد للغاية.. ويتم بناء منع الاستجابة بجعل المريض يبتعد عن الطقس بعد إكمال تكرار منفرد.. إن مفتاح هذا الشكل من العلاج لا يكمن في التشديد على منع الاستجابة وإنما في ممارسة الوعى السابق لها.. وبذلك يتناسب هذا الإجراء تطوريًا بشكل أفضل مع الأطفال الأكبر سنًا والمراهقين الذين لديهم مقدرة معرفية وصبر لتحمل المشاعر المزعجة التي لا مفر منها والتشتيت الذي يحدث.

الملخص:

إن التدخلات التي تم وصفها ستكون كافية لمعظم مرضى الوسواس القهري..ولكن هناك قلة من المرضى لن يستفيدوا منها ولن يحققوا سوى استجابة جزئية، وبالنسبة لهؤلاء المرضى الذين لديهم العديد من أعراض تشبه اللزمة العصبية، البطء الوسواسي، أو أعراض جسمية واضحة يكون من الضروري اللجوء لتدخلات علاجية دوائية أو  علاجية نفسية مساعدة.. والمعالج المبتكر يستطيع تحقيق تقدم مع العديد من المرضى المتوقف علاجهم بتقديم تقنيات مثل إيقاف الفكر، التدريب على التعامل مع القلق، عكس العادة، التمثيل، التشكيل والتكرار الواعي البطئ للبطء الوسواسي.. ولمعرفة المزيد عن هذه التدخلات ينصح بالرجوع للقراءات الموثقة في قائمة المصادر الموجودة بالملحق.

العمل مع الأسر

إن الخلل الأسري لا يسبب الوسواس القهري ولكن الأسر على الرغم من ذلك تؤثر وتتأثر بالطفل المصاب بالوسواس القهري (Lenane 1989) وتشمل الاهتمامات النموذجية نضالات السيطرة حول الطقوس، الصعوبة في التعامل مع الوساوس الجنسية أو الوساوس العنيفة والآراء المختلفة حول كيفية التعامل مع أعراض الوسواس القهري..

والمراهقون أحيانًا يجدون الطقوس سلاحًا فعالاً للنضال من أجل الاستقلال وقد يكونون مترددين للتخلي عنها حتى وإن كان على حساب الفردية.. وكما هو الحال مع الفصام قد تكون “المشاعر المعبر عنها” بشكل كبير متغيرًا أسريًا وسيطًا هامًا بحيث تفاقم مشاعر الغضب واتجاهات النقد الزائد الوسواس القهري (Hibbs, Hamburger, Kruesi, Lenane 1993) وبالإضافة لذلك يعمل الوسواس القهري على عدم استقرار التفاعلات الأسرية الاجتماعية والمجتمعية شاملة تلك التفاعلات مع متخصصي الرعاية الصحية الذين قد يفهمون الاضطراب أولاً (Hand 1988)

يفضل بعض المعالجين العمل مع الآباء بينما يفضل البعض الآخر ترك الآباء في حجرة الانتظار.. وطبقًا لطريقتنا فالآباء في نفس الفريق مع الطفل والمعالج للمساعدة على كتابة الوسواس القهري خارج قصة الطفل وقصة الوالدين.. وبالتالي فالمشاركة التدريجية للوالدان اعتمادًا على التحليل الوظيفي للحاجة لمشاركة أعضاء الأسرة في العلاج هى جزء ضروري في العملية العلاجية.. وسوف نقدم طريقتنا للعمل مع الاسرة مدركين أن البحث في هذا الموضوع متناثر جدًا في أماكن مختلفة ولدى معالجين مختلفين في أحسن الأحوال (March 1995, Van Noppen, Steketee, Mc corkle, Pato 1997) -.

الوسواس القهري يؤثر على الأسر أيضًا:

يسبب الوسواس القهري غالبًا مشكلات للأسرة.. والأسرة قد تتعامل بمهارة مع الوسواس القهري أو لا تستطيع ذلك.. ولكن الأسر غير مسئولة عن حدوث المرض، ويجد أفراد الأسرة أنفسهم مضطرين للاستجابة للوسواس القهري بنفس القدر الذي يقوم به الطفل حيث أنه من الممكن أن يؤثر الوسواس القهري على أفراد الأسرة بطرق تشبه تأثيره على الطفل المريض.. حيث تظهر عدم راحة الطفل كاستجابة مباشرة للوسواس القهري وتظهر عدم راحة الوالدان كاستجابة لأعراض الطفل.. وإن استجاب الآباء بالامتثال للوسواس القهري يكونوا بذلك في جانب الوسواس القهري عن غير قصد..

وعلى العكس إن ساعد الآباء الطفل على التعرض ومنع الاستجابة فإن الوسواس القهري يخسر ويفوز الطفل.. فمثلاً الفتاة الصغيرة التي تصبح قلقة للغاية إن لم يتم إعطاؤها ملابس بعد تجفيفها مباشرةً فإن والدتها قد تختار أن تخفف من قلق ابنتها بغسل وتجفيف ملابس نظيفة كل صباح (أى تصبح مشتركة في الطقوس).

قد يكون اختيار أفضل للأم وهو رفض أداء المزيد من التجفيف وبدلاً من ذلك تطلب من ابنتها أن تقوم به إن كانت مصرة.. وعندما يتوجب على الأطفال المصابون بالوسواس القهري أداء الطقوس بأنفسهم فإن الرغبة في التخلص من الوسواس القهري تزداد بشكل طبيعي حيث يصبح الوسواس القهري مصدرًا للإزعاج.. والكيفية التي يمكن بها تخطيط تلك المقاومة المتعاونة ضد الوسواس القهري هى موضوعنا.

ويجعل الوسواس القهري أفراد الأسرة منحصرين تحت إطار التعاطف.. فمثلاً يرغب الآباء بشكل طبيعي في تخفيف معاناة الطفل الواضحة أو تحت إطار الإكراه.. فمثلاً قد يسبب الوسواس القهري عدم راحة للطفل لدرجة أنه يطلب من والديه الامتثال للطقوس.. أو ببساطة تحت إطار الجهل فالوسواس القهري لا يأتي بدليل إرشادي لصاحبه وقد لا يعلم الآباء مثل أطفالهم الطريقة المثلى للتعامل معه.. ويختلف أيضًا خطر مشاركة الوالدين في الطقوس طبقًا لدرجة عدم الراحة التي يختبرها الوالدان استجابة لأعراض الطفل خاصة إذا كان أحد الوالدان يعاني من الوسواس القهري، اضطراب القلق أو الاكتئاب.. وفي ظل هذه الظروف فإن الآباء المشتركين بقوة في طقوس الطفل و/ أو لديهم أعراض الوسواس القهري/ القلق يحتاجون لدعم وفهم وتشجيع خاص عند بداية العلاج (March 1995, Piacetini, Gitow, Jaffer, Graae 1994)

ولا تبدأ كل الأسر باتجاه تدعيمي تجاه أطفالهم فقط يظهر الوالدان سلوكيات تخريبية بعيدًا عن الوسواس القهري.. وعندما يكون الوالدان على خلاف حول الطريقة المثلى للتعامل مع الوسواس القهري فمن الأفضل غالبًا التركيز أولاً على إيجاد طرق لتقليل محنة الوالدين (Steketee 1994) وعندما يستحيل ذلك ويؤثر الوضع العائلي أو الصراع بين الزوجين على العلاج فإن استخدام العلاج الزوجي أو الأسري يكون مناسبًا.

تقييم مشاركة الأسرة في الوسواس القهري:

إن تقييم الوسواس القهري في سياق الأسرة أمر معقد حيث يشمل العديد من الأبعاد المتداخلة التي يحمل كل منها احتمالية المساهمة في تقدم أو تأخر العلاج.. والتعليم النفسي المتعلق بطبيعة الاضطراب وطبيعة البرنامج العلاجي تعد ضرورة لكل الأسر كحد أدنى.. ويجب أن يأخذ المعالج في اعتباره مدى تأثير الوسواس القهري على أفراد الأسرة والكيفية التي تؤثر بها المرحلة التطورية للطفل على العلاقات الأسرية واحتمالية مساعدة الوالدين في العلاج و وجود تفاعلات أسرية سلبية.

مدى تأثير الوسواس القهري على أفراد الأسرة:

إن المدى الذي يحاصر به الوسواس أشخاصًا آخرين بجانب الطفل هو ما يملي مشاركتهم في العلاج، فعندما يشمل الوسواس القهري الطفل فقط وتكون الأسرة مقدمة بالدعم فيمكن تقليل مشاركة الأسرة بشكل آمن.. ولكن عندما يكون للوسواس القهري تأثيرًا دراماتيكيًا على واحد أو أكثر من أفراد الأسرة فإن مشاركتهم في العلاج تكون إلزامية وبالتالي فإن التقييم المنظم للمثيرات وسلوكيات التجنب والوساوس والطقوس التي تشمل أشخاصًا آخرين يعد جزءًا ضروريًا من تكوين سلم المثيرات.

المرحلة التطورية:

يعتمد الأطفال الأصغر سنًا خاصةً آولئك في مرحلة ما قبل المدرسة أو المراحل الإبتدائية الأولى على الوالدين في مختلف الأنشطة اليومية بشكل كبير.. وقد يكون المراهقون مستعدين وراغبين في إدارة علاجهم الخاص بشكل مستقل عن الوالدين.. ولكن قد يكون الوسواس القهري مقيد بنضالات ومشاكل السيطرة والتحدي بين المراهق والوالدان أو المدرسين.. وفي بداية مرحلة المراهقة لا يرغب المراهقون في أن يكونوا مختلفين عن أقرانهم الذين يتماثلون معهم بقوة..ولذلك يشعرون أحيانًا بالإحراج ليس فقط بسبب أعراض الوسواس القهري ولكن أيضًا بسبب اشتراك آباءهم في علاجهم وبالتالي ليس أمرًا غريبًا أن المرحلة التطورية للطفل تؤثر بشكل دراماتيكي على مدى إمكانية أن يصبح الوالدان مشتركان في العلاج (مع اختلاف ذلك عن الحاجة في أن يصبحوا مشتركين في العلاج) وطبقًا لمدى قدرة الطفل على أداء وظائفه بشكل مستقل واحتياجه القليل نسبيًا لإرشاد الوالدان فيما يخص الأنشطة اليومية والوسواس القهري فيمكن أن يكون التركيز باقيًا على العلاج الفردي، وإن كان العكس صحيحًا فمثلاً بسبب صغر السن أو القيود المعرفية أو الخلل الوظيفي الشديد فتزداد الحاجة لمشاركة الأسرة.

احتمالية تقديم الآباء للعون:

يجب تشجيع القضاء على العقاب على الوسواس القهري..ولتقليل إعطاء النصح غير الضروري ولتعزيز السلوكيات الإيجابية الأخرى بشكل تفاضلي.. وبالإضافة لهذه التدخلات الأساسية فإن المدى الذي يستطيع ويرغب به الآباء لكى يصبحوا مشتركين بشكل بناء في العلاج يعد موضوعًا هامًا للمناقشة مع الوالدان والأطفال.. وفي بداية العلاج يجب أن يحدد المعالج توقعات الوالدين والطفل بهذا الصدد وأن يراجع هذه التوقعات مواجهة بقدرة الوالدان على مساعدة الطفل وقدرة الطفل على الاستفادة من مساعدة الوالدين وحتى عندما لا يكون الأمر ضروريًا فإن الآباء من الممكن أن يكونوا مساعدين للغاية بإعطاء الدعم والتشجيع الكافي أو بكونهم مساعدين للمعالج عند قيام الطفل بمقاومة الوسواس القهري تحديدًا في بعض الحالات.

التفاعلات الأسرية السلبية:

بشكل مثالي من المفترض أن تقدم الأسرة الحب والدعم للطفل المصاب بالوسواس القهري، وفي الواقع هناك عدد غير قليل من الأسر يظهرون نمط باقي من التفاعلات السلبية التي تؤدي لتفاقم الوسواس القهري وتهدد تقدم العلاج المعرفي السلوكي..وتلك التفاعلات السلبية تظهر في أربعة أشكال:

  • التفاعلات السلبية المتعلقة بالوسواس القهري ذاته.
  • التفاعلات الأسرية السلبية المتعلقة بالأنشطة اليومية.
  • الأمور الخاصة بالإخوة.
  • الصراع الزوجي.

ويمكن أن يتفاقم كل نوع من التفاعلات بوجود مرض عقلي حالي لأحد أفراد الأسرة، وفي هذه الحالة يجب تحديد مرض فرد الأسرة بدقة كما يجب علاجه إذا لزم الأمر (عادة بإعادة الوالد أو الأخ المصاب للمصدر المناسب) والتفاعلات الأسرية السلبية المتعلقة بالوسواس القهري يتم تحديدها بسهولة عند وضع خريطة للاضطراب.. أما التفاعلات الأسرية السلبية المتعلقة بالأنشطة الأخرى يصعب تحديدها إلى حد ما ولكنها تظهر غالبًا في الارتباك أو التشويش بين الوالد والطفل حول ما هو متعلق وما هو غير متعلق بالوسواس القهري.. أما المشكلات مع الإخوة فتحدث غالبًا بسبب الغيرة خاصة عندما يتلقى الطفل المريض معظم الانتباه أو لأن الوسواس القهري قد أثر على الأخ أو عندما يصبح الأخ منزعجًا بشكل جدي من الطقوس..

وأخيرًا عندما لا تتفق آراء الوالدين بشأن الوسواس القهري حيث يلعب أحد الوالدين دور “الشرطي الجيد” أى التأكيد على الراحة والعزاء، بينما يلعب الوالد الآخر دور”الشرطي السئ” أى التأكيد على العقاب.. فإن الصراع الناتج يؤدي غالبًا إلى تقييد قدرة المعالج على تنفيذ البرنامج العلاجي الخاص بالعلاج المعرفي السلوكي ويجب أن يتم تناول الأمر في العلاج.

مستوى مشاركة الأسرة في العلاج:

لحسن الحظ تتحسن الغالبية العظمى من الأطفال والمراهقين المصابين بالوسواس القهري مع العلاج المعرفي السلوكي بشكل فردي.. وتؤدي مشاركة الأسرة المركزة إن لم تكن ضرورية إلى الإستياء وعدم الاستجابة للعلاج.. وعلى العكس عندما يتطلب الموقف الإكلينيكي مشاركة الأسرة فإن الفشل في الصعود من العلاج المعرفي السلوكي الفردي لسياسات علاجية تعتمد على مشاركة الأسرة بشكل مكثف قد يحد بشكل جدي من الفوائد المحتملة للعلاج المعرفي السلوكي.

وتتطلب مشاركة الأسرة التدريجية طبقًا للضروريات الإكلينيكية تقييمًا دقيقًا وعميقًا للوسواس القهري، الأعراض المصاحبة، والوظائف الأسرية.. كما تتطلب أيضًا الاتصال الحساس بالوالدين طبقًا لمشاركتهما في العلاج..

وغالبًا ما نبدأ بالعلاج المعرفي السلوكي الفردي مع المشاركة المساعدة للوالدان ونصعد لدرجة أعلى من مشاركة الآباء عندما يلزم الأمر، وفي بعض الحالات عندما يظهر التقييم الأولي أن العلاج الفردي لن يجدي نفعًا بمفرده نقوم بضم الآباء بشكل أعمق من البداية.. ويوضح الجدول 19 – 1 مستويات مشاركة الأسرة في العلاج طبقًا للمرحلة التطورية للطفل.. والحاجة لسياسات الانقراض (الإنطفاء أو خفوت الأعراض) واحتمالية أن تكون الأسرة مساعدة، ووجود تفاعلات أسرية مخربة ويأخذ عمل الأسرة في العلاج واحدًا من الأشكال الآتية:

  • العلاج المعرفي السلوكي الفردي:

أكثر من تسعين بالمئة من مرضانا يتم علاجهم باستخدام نموذج يركز بشكل مبدئي على الطفل بينما يلعب الوالدان والأخوة والأشخاص الآخرين دورًا هامًا ولكن مساعدًا للتحالف في نضال ومكافحة الطفل ضد الوسواس القهري.. وفي هذا النموذج الذي تم شرحه بالتفصيل من قبل يشارك الآباء بشكل كامل في جلسات محددة تشمل الجلسات الموجهة لتعليم وتنفيذ سياسات الانقراض (الإنطفاء) كما يشاركون لدقائق قليلة في بداية ونهاية كل الجلسات الأخرى.. وبطريقة أخرى تشمل المنافسة بين الوسواس القهري والطفل بشكل مبدئي مساعدة الطفل لتعلم وتنفيذ سياسة لمقاومة الوسواس القهري.. وتعد هذه السياسة هى الأكثر شيوعًا حيث تمنح الدعم الأسري، وبناء المعرفة وتقليل المشاركة في الطقوس.

  • خليط من العلاج المعرفي الفردي والأسري:

وفي هذا الاختيار يلزم عمل المزيد من الجلسات للأسرة للعمل على فصل أفراد الأسرة عن المشاركة في الطقوس وتقليل الصراعات الأسرية التي قد تتعارض مع العلاج، أو مساعدة الوالدين لبناء مشاركة مكثفة بشكل أكبر في العلاج كمساعدين للمعالج.. فمثلاً قد أوضح John Piacentini في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس (Piacentini et al 1994) و (Anne Marie Albano في جامعة Louisville (Albano,Knox, Barlow 1995)  أن العمل الأسري يفيد بشكل خاص عندما تلعب سياسات الافتراض دورًا كبيرًا في العلاج.. ولتشجيع الوالدين لإعطاء الانتباه وتعزيز التفاعلات الأسرية الإيجابية وتقليل التفاعلات الأسرية السلبية نعتمد بشكل أساسي على التعزيز التفاضلي للسلوكيات الأخرى وتعزيز السلوكيات غير المتناسقة.. ويعتمد التعزيز التفاضلي للسلوكيات الأخرى على الانقراض (الإنطفاء أو خفوت الأعراض) – (تجاهل السلوكيات السيئة بشكل منظم مع تعزيز السلوكيات الأكثر تكيفية في نفس الوقت) أما تعزيز السلوكيات غير المتناسقة فيشمل استبدال سلوكًا أكثر تكيفية بسلوك آخر أقل تكيفية في نفس النطاق الوظيفي.. فمثلاً قد يتجاهل الوالد البحث عن الطمأنة المتعلق بالتلوث (الانقراض) مع إعطاء المزيد من الانتباه للعمل المدرسي (التعزيز التفاضلي للسلوكيات الأخرى) مع التشديد على تكرار أكبر للأعمال المنزلية شاملة التنظيف بشكل لائق (تعزيز السلوكيات غير المتناسقة) ويقوم كل من التعزيز التفاضلي للسلوكيات الأخرى وتعزيز السلوكيات غير المتناسقة بتقوية منع الاستجابة بشكل واضح.

  • العلاج المعرفي السلوكي كعلاج أسري:

عندما يؤثر الوسواس القهري على أفراد الأسرة بشدة أو عندما يكون المريض في مرحلة ما قبل المدرسة حيث تشمل مشاركة الوالدين معظم نواحي حياة الطفل، فمن الأفضل أن يتم عمل العلاج المعرفي السلوكي في سياق المشاركة الأسرية المستمرة في العلاج.. وفي هذه الحالة يكون برنامج العلاج المعرفي السلوكي مشابه للعلاج الفردي والفارق الوحيد هو وجود أحد الوالدين أو كليهما خلال كل جلسة.

  • العلاج الأسري السلوكي:

وأخيرًا هناك بعض العائلات المتأثرة بشكل شديد للغاية بالوسواس القهري وكذلك متأثرة بالأعراض المصاحبة مثل الاضطرابات السلوكية أو لديها خلل وظيفي أسري كبير بحيث يستحيل العلاج المعرفي السلوكي الفردي (Wells 1995) وفي هذه الحالة يكون من الضروري اللجوء للعلاج الأسري السلوكي شاملاً تدريب الوالدين الرسمي بالإضافة للعلاج المعرفي السلوكي الفردي للطفل.. وفي أشد الحالات يقوم معالج الطفل الفردي بمصاحبة الطفل في جلسات الأسرة التي يتم عقدها بواسطة معالج آخر وبذلك يتم تجنب مشكلة الولاءات المقسمة والتي قد تتولد أثناء محاولات المعالج الفردي للعلاج المعرفي السلوكي للوسواس القهري والتعاقد السلوكي في نفس الوقت.. وبشكل شائع يتم تأجيل العلاج المعرفي السلوكي الفردي إلى أن يسمح العلاج الأسري (الذي يتم عقده بمعالج أسري منفصل) للعلاج المعرفي السلوكي الفردي بالبدء مع استمرار العلاج الأسري

الجدول 19 – 1

الأبعاد التي يجب مراعاتها أثناء تقييم الحاجة لمشاركة الأسرة في العلاج

مستويات مشاركة الأسرة في العلاج

البعد العلاج المعرفي السلوكي الفردي خليط من الجلسات الفردية والأسرية العلاج المعرفي السلوكي كعلاج أسري العلاج الأسري السلوكي مع العلاج الفردي
المرحلة التطورية للطفل السن الأكبر أى سن السن الأصغر السن الأكبر عادةً
الحاجة لسياسات الانقراض أقل أكثر مكثفة مختلفة
احتمالية مساعدة الأسرة نعم نعم نعم محدودة في البداية
التفاعلات الأسرية التخريبية إن لم تكن موجودة إن كانت قليلة إن كانت متوسطة إن كانت شديدة

إتباع قيادة الطفل

بصرف النظر عن درجة مشاركة الأسرة فإن التعامل مع الوسواس  القهري بالسرعة الخاصة بالطفل هى الأولوية العلاجية التي يجب نقضها فقط عند ظهور الخطر أو عندما يشتد الخلل الوظيفي للطفل أو الأسرة ويلزم علاجه مباشرةً.. فمثلاً إن كان الطفل يقوم بجرح نفسه، يتغوط في جميع أنحاء المنزل، أو يرفض الذهاب للمدرسة.. وبشكل عام فمن المهم استخدام منطقة الانتقال/ العمل كدليل لمهام التعرض ومنع الاستجابة شاملة الوالدان، المدرسين، الأخوة.. ويتطلب عمل ذلك بعض الصبر حيث أن الطقوس التي تشمل الوالدان تقع بشكل شائع في مكان عميق من منطقة الوسواس القهري ولذلك لا يمكن إيجادها في منطقة الانتقال في بداية العلاج.. وفي بعض الحالات النادرة عندما يتوقف العلاج وتكون الأسرة منزعجة بشكل كبير من الوسواس القهري فمن الممكن تشجيع الآباء لاختيار أهداف لمنع الاستجابة أو الانقراض حتى وإن احتج الطفل..وكما ذكرنا سابقًا فإن تلك الاجراءات الخاصة بالانقراض  أحادية الجهة لها عيوب واضحة تجعلها ملجأً أخيرًا للعلاج، وتشمل هذه العيوب:

  • فقدان الآباء لسياسة يمكن العمل بها لإدارة محنة الطفل.
  • تخريب العلاقة العلاجية.
  • عدم قدرة الوالدين على استهداف الأعراض البعيدة عن نظرهما وعن نظر المدرسين.
  • وهو أهم عيب فشل الانقراض (الإنطفاء أو خفوت الأعراض) بدون تزامن في مساعدة الطفل على استيعاب سياسة أكثر مهارة للتعامل مع أعراض الوسواس القهري الحالية والمحتملة مستقبلاً.

ولحسن الحظ كل ما نحتاجه في معظم الحالات هو توجيه الوالدين لإيقاف إعطاء النصح غير المساعد وعدم الاصرار على مهام التعرض غير المناسبة خلال تعلم الوالدين والطفل التعامل بشكل أكثر فاعلية مع الوسواس القهري.

إعطاء معنى للوسواس القهري

بالرغم من أنه من الأفضل تجاهل محتوى الوساوس إلا أن معنى تواجد مرض نفسي (في هذه الحالة الوسواس القهري) له أهمية بالغة لكل أفراد الأسرة حيث يشعر الأطفال وأسرهم غالبًا بالعجز والقهر نتيجة الوسواس القهري وكأن الحياة كلها قد تلوثت بالاضطراب.. ويؤدي الوسواس القهري غالبًا إلى إنحراف العلاقات بالنظام الطبي والمدرسي وأيضًا العلاقات مع أصدقاء الأسرة والأقارب ويجعلها في اتجاه سلبي، ولذلك فمن المهم تحديد تأثير الوسواس القهري على الطفل والأسرة لكى يتقدم العلاج ويصبح فعالاً.

ويسأل العديد من الآباء والأطفال بشأن تأثير الوسواس القهري على إنجاب الأطفال ويتوفر كتيب ممتاز كتبه Hugh Johnston بجامعة Wisconsin يوضح التعامل مع المواضيع المتعلقة بالوسواس القهري عند صغار السن في مؤسسة الوسواس القهري (انظر المراجع)

دور إدارة الطوارئ

من المستحيل علاج الوسواس القهري خلال نظام من المكافآت والعقوبات (أى بتنفيذ اجراءات إدارة الطوارئ) فلا أحد يكره الوسواس القهري أكثر من الطفل المصاب به وبالتالي تفقد الرشاوي فاعليتها حيث أن الطفل قد يتوقف بمفرده إن استطاع ذلك.. أى أن العقاب يجعل الوسواس القهري أسوأ، وعقاب أى شخص لأنه مريض ليس أمرًا معقولاً على أى حال.. وعلى الجانب الآخر لا يتصرف الأطفال والمراهقون بشكل جيد دائمًا وليس من السهل دائمًا تمييز الوسواس القهري من السلوكيات الأخرى غير المرتبطة به والتي قد يناسبها الثواب والعقاب.

وبشكل مثالي، كل ما يلزمنا هو عنوان بسيط متفق عليه بشكل متبادل للتمييز بين الوسواس القهري وكل الأشياء الأخرى.. فمثلاً يستطيع الآباء استخدام الكنية المقرفة التي يستخدمها الطفل للوسواس القهري لسؤال الطفل عن العلاقة بين أى سلوك سئ والوسواس القهري.. وإن كانت الإجابة نعم فالتعاطف هو الاستجابة المناسبة، أما إن كانت الإجابة لا فتأتي العواقب المناسبة للموقف ويرغب المعالج غالبًا في التفاوض بشأن ذلك مبكرًا في بداية العلاج.. وفي بعض الحالات تفيد معاملة التعرض ومنع الاستجابة على أنها عمل روتيني يكسب الطفل عند إنجازه مكافأة.. ونساعد الآباء على وضع نظام مكافآت مناسب تطوريًا يستهدف إتمام الطفل لمهام العلاج المعرفي السلوكي بشكل مخلص.. وهذه المكافآت ليست رشوة ولكنها اعتراف من جانب الوالد المقدر لحقيقة أن الطفل يقوم بنشاط غير سار ومتعب ومستهلك للوقت مثل الأعمال الروتينية الأخرى.

وفي بعض الحالات عندما يعاني الأطفال من سلوكيات تخريبية مصاحبة أوعندما يرفضون تعريف الوسواس القهري على أنه مشكلة فقد يتطلب الأمر وجود برنامج لإدارة الطوارئ لجعل العلاج المعرفي السلوكي ينجح.. فمثلاً يكون من الصعب على الطفل النشيط مثل الطفل المصاب باضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه أن يخصص وقتًا كل يوم للتعرض ومنع الاستجابة فيمكن لإدارة الطوارئ أن تساعد هذا الطفل للبقاء مركزًا عند عمل الواجب المنزلي الخاص بالعلاج المعرفي السلوكي.. وفي ظل هذه الظروف يجب أن يساعد المعالج الوالدان والطفل على التفاوض لوضع “عقد” يحدد أدنى مستوى من الجهد للتعاون.

وعند تواجد مشكلة الربح الثانوي من الوسواس القهري.. فمثلاً قد يبقى الوسواس القهري مزعجًا ولكنه يسمح للطفل بالهروب من المسئوليات غير المحببة وتركها لباقي أفراد الأسرة.. فقد تشجع إدارة الطوارئ الاستجابة للمسئوليات الأسرية أو على الأقل تقسيم أكثر إنصافًا للأعمال على أفراد الأسرة.. وفي هذه الحالة تفيد إدارة الطوارئ الطفل الذي لا يرى فائدة من التخلي عن أفعاله القهرية.. فمثلاً الطفلة التي تفوتها الحصة الأولى كل يوم (والتي تكرهها على أى حال) لأن أفعالها القهرية تؤخرها، أو المراهق الذي لديه مخاوف من الجراثيم وبالتالي لا يمكن توقع أن ينظف أشياؤه.. ففي هذه الحالة الطفلة التي تتأخر على المدرسة في الصباح قد يتم مصادرة وقت معين من وقت لعبها في الظهيرة بنفس الطريقة التي يبقى بها الطفل المريض عضويًا داخل المنزل.. أما المراهق صاحب السلوك التجنبي قد يتم إعطاؤه مسئوليات منزلية غير..  وبشكل مثيرة للوسواس القهري من أجل حصوله على نزهة بالسيارة في العطلات.. وبشكل طبيعي يجب أن تكون برامج إدارة الطوارئ مميزة بشكل فردي لكى تتماشى مع الموقف المحدد لكل طفل وأسرة.

ويركز البروتوكول الموصوف على العلاج المعرفي السلوكي للوسواس القهري ليس على السلوكيات التخريبية ولكن القراء سيجدون مراجع لاجراءات إدارة الطوارئ وبعض التدخلات المفيدة مثل التعامل مع الغضب والتدريب على التحكم في الهلع في الأجزاء القادم.

الملخص

نقوم بضم الأسر في العلاج منذ البداية، ويتم تدريج وحياكة مشاركة الأسرة طبقًا للاحتياجات المحددة للطفل وأسرته.. وخلال الجلسة الأولى تكتشف الأسر ما هو مقصود بوضع الوسواس القهري داخل إطار عصبي سلوكي.. وخلال الجلستين 7 و 12 يتم تشجيع تقييم وتدخل أكثر تركيزًا للوالدين.. وخلال هذه الجلسات نفحص الكيفية والطرق التي يؤثر بها الوسواس القهري على أفراد الأسرة ونناقش السياسات التي تساعد أفراد الأسرة لمقاومة المرض.. ويتم أيضًا تشجيع الآباء على مشاركة الأسئلة والاهتمامات في بداية ونهاية كل جلسة.. ويمكن عمل جلسات إضافية للوالدين في أى وقت إن لزم الأمر.. وأخيرًا في حالة إن جعل الوسواس القهري أو مشاكل أخرى العلاج الفردي غير عملي فإن بروتوكول العلاج الموصوف في هذا البحث يمكن تدريجه بسهولة ليشمل مشاركة أسرية مركزة بشكل أكبر.

العمل مع المدارس

Gail Adams

يلاحظ أن أفراد المدرسة لديهم فرصة لملاحظة الطلاب والتفاعل معهم لعدة ساعات خلال اليوم.. ولذلك فهم في موقع فريد يمكنهم من تحديد أعراض الوسواس القهري عند الأطفال في سن المدرسة (Adams et al 1994) – وفي الحقيقة قد يمثل أفراد المدرسة خط دفاع أول في تحديد الوسواس القهري.. ولذلك فمن الضروري أن يتعلم مدرسي الفصل، الأخصائيين النفسيين، الاستشاريين، الأخصائيين الإجتماعيين، الممرضات، والمديرين تحديد أعراض الوسواس القهري في محيط المدرسة وأن يقوموا بالإحالات المناسبة ويساعدون في العلاج عندما يكون الأمر مناسبًا.. وفي هذا الجزء نقوم بالآتي:

  • مناقشة أعراض وعلامات الوسواس القهري عند الأطفال في بيئة المدرسة.
  • تقديم اقتراحات تخص دور أفراد المدرسة في تشخيص وعلاج المرض.
  • إعطاء اقتراحات للتعامل مع الوسواس القهري داخل محيط المدرسة.

وبالرغم من قيامنا بتقديم علاج الوسواس القهري باستخدام العلاج المعرفي السلوكي والأدوية بشكل مختصر إلا أن التركيز في هذا الجزء يشمل التعامل مع الوسواس القهري داخل محيط المدرسة.. وقد يفيد إعطاء نسخة من هذا الجزء لأفراد المدرسة حتى يستطيعوا تعلم المزيد عن الوسواس القهري مما يمكنهم من التحالف بشكل أفضل مع الطفل المصاب، المعالج، وأفراد الأسرة في العملية العلاجية.

التعرف على الوسواس القهري داخل محيط المدرسة:

إن العديد من الأطفال والمراهقين المصابين بالوسواس القهري يبقونه سرًا ولذلك لا تكون الأعراض واضحة للمراقب العادي.. ومن الضروري أن يدرك أفراد المدرسة الأعراض الخاصة بالوسواس القهري التي سيتم وصفها في المقاطع الآتية وينتبهون لها.. وإن لم يحدث ذلك فإن تلك الأعراض قد تتطور لظهور كامل وأكثر خطورة للمرض مما يجعل الطفل المصاب غير قادرًا على حضور المدرسة.. وفي هذه المرحلة المتأخرة تكون الفرصة قد ضاعت على أفراد المدرسة لإيقاف تقدم المرض.

الوساوس

هى أفكار، اندفاعات، أو صور متكررة وباقية تطرأ على تفكير الشخص، والوساوس قادرة على إحداث كمية هائلة من القلق أو الشعور بعدم الراحة مثل الاشمئزاز والشعور بالذنب.. ويجب تمييز الوساوس عن الأفعال القهرية والطقوس الذهنية التي قد يؤديها الشخص استجابة للوسواس.. ونصف لاحقًا بعض الوساوس الشائعة لدى الأطفال والمراهقين المصابين بالوسواس القهري.

الخوف من التلوث:

يتمركز هذا الخوف حول الاهتمام بالجراثيم، القذارة، الحبر، الدهان، البراز، إفرازات الجسم، الدم، المواد الكيميائية، ومواد أخرى.. وازدادت مؤخرًا الوساوس المتعلقة بالإيدز والتهابات الكبد.. والانشغال بالتلوث يجعل الطفل أو المراهق يتجنب الملوثات المعتقدة و/ أو يغتسل بشكل زائد.

الخوف من الأذى/ المرض/ أو الموت:

قد يشعر الأطفال والمراهقون المصابون بالوسواس القهري بمخاوف خاصة بالأذى، المرض، أو الموت.. وتظهر هذه المخاوف غالبًا في صورة اهتمام بسلامة المريض نفسه أو سلامة الأشخاص المهمين له.. وفي بعض الحالات يخشى المصابون بالوسواس القهري من إلحاق الأذى بدلاً من التعرض له.. وقد يصبحون مبتلين بأفكار خاصة بالموت نتيجة التسمم، الجراثيم والأشياء الحادة.

الوساوس الخاصة بالأرقام:

تشيع الوساوس الخاصة بالأرقام بشكل خاص لدى الفتيان صغار السن.. وهناك أرقام معينة تعد “آمنة” وباقي الأرقام “سيئة”.. وقد يجعل الوسواس الخاص برقم معين الطفل يكرر عملاً ما لعدد معين من المرات.. مثلاً (لمس شجرة 25 مرة، ضرب الرأس في الحائط 10 مرات).. أو قد يعد الطفل بصورة متكررة ليصل لرقم معين.

الوساوس الدينية:

بعض الأطفال والمراهقين الذين لديهم روابط دينية قوية لديهم مخاوف وسواسية من فعل أى شئ شرير.. وهذا العرض للوسواس القهري يطلق عليه “الوساوس الدينية” يجعل الأفراد يقولون لأنفسهم أنهم يقومون بارتكاب خطايا باستمرار ولذلك فعليهم أن يصلوا أو يستغفروا أو يرددون أدعية باستمرار أو يجدوا طريقة لعقاب أنفسهم لارتكابهم تلك الخطايا المتخيلة.. ويقوم بعض الأشخاص بوضع أنظمة معينة لتجنب أفكار، ذكريات، أو أفعال معينة.. ويشيع بشكل خاص الوسواس الخاص بفكرة احتمالية قيام الطفل بالغش أو الكذب داخل محيط المدرسة.

الأعراض السلوكية للوساوس:

يمكن للوساوس أن تصير متطفلة للغاية وتتعرض مع عملية التفكير الطبيعية.. والطلاب المرضى قد يصبحون “متمسكين” أو ثابتين على نقاط معينة ويفقدون الحاجة أو القدرة على الاستمرارية.. والثبات على فكرة قد يسبب تشتيت الانتباه عن المهمة المتناولة مما يعطل التلاميذ عن إكمال العمل المدرسي ويؤدي لقلة إنتاج العمل وانخفاض الدرجات.. وفي بعض الحالات قد يحدث تغيير جذري في الأداء الأكاديمي.. وعند تواجد حالة من الفشل أو الرفض المدرسي يجب وضع إحتمالية الوسواس القهري في الاعتبار.. ومن الضروري ملاحظة أن الثبات على الفكرة الوسواسية قد يبدو مثل – وغالبًا ما يخطئ فيه – على أنه مشكلة انتباه، أحلام يقظة، كسل، أو ضعف الدافعية، أو حسد، أو سحر، أو تلبس جني.

الأفعال القهرية:

هى سلوكيات أو أفعال ذهنية متكررة يشعر الشخص أنه منقاد لفعلها استجابة للوسواس أو طبقًا لقواعد يجب تطبيقها بشكل صارم.. ويقوم الأشخاص بأداء تلك الأفعال أو الطقوس لمنع أوتقليل القلق أو لمنع حدوث حدث أو موقف سئ.. ونصف بعض الأفعال القهرية الشائعة عند الأطفال والمراهقين المصابين بالوسواس القهري بالأسفل.

طقوس الاغتسال/ التنظيف:

خلال نقطة معينة في مسار المرض يمارس حوالي 80% من الأطفال والمراهقين المصابين بالوسواس القهري طقوس الاغتسال أو التنظيف.. وأكثرها شيوعًا غسيل الأيدي.. ويشعر هؤلاء الاشخاص بأنهم مجبرون على الاغتسال بشكل زائد.. وطبقًا لأسلوب ذاتي الوصف لدقائق أو لساعات في المرة الواحدة.. وهناك مرضى آخرين يقل إتباعهم لتلك الطقوس ولكنهم يشتركون في عمل رقم مذهل من المرات كل يوم.

والأفعال القهرية الخاصة بالاغتسال والتنظيف قد تظهر داخل محيط المدرسة كسلوكيات بسيطة لا ترتبط بوضوح أو بشكل مباشر للاغتسال أو التنظيف.. فمثلاً الطلاب كثيري الاستئذان للذهاب لدورة المياه قد يكونوا في الواقع يبحثون عن مكان خاص لتنفيذ طقوس التنظيف.. والعلامة الأخرى للاغتسال بشكل زائد وجود أيدي جافة، حمراء، مشققة، مجروحة، أو حتى تنزف دمًا.. كما يمكن أن يستخدم الأطفال منظفات قوية مثل Mr clean أو الكلور أو الفلاش…… لتحرير أنفسهم من “الملوثات”.. وبالرغم من أن مخاوف التلوث تؤدي غالبًا لغسيل زائد، فقد تؤدي للتأثير العكسي: عدم ربط الحذاء، ملابس قذرة، شعر غير نظيف.. وفي هذه الحالات تؤدي مخاوف التلوث من الأشياء الشخصية أو أجزاء الجسم إلى رفض الشخص للمسها.. وهناك تقارير عن وجود حالات يندمج فيها غسيل الأيدي الزائد مع الإهمال الشديد للجهات الأخرى من المظهر الشخصي.

طقوس المراجعة:

هى نوع آخر من الأفعال القهرية لدى صغار السن المصابين بالوسواس القهري.. وتلك الطقوس (التي يحث عليها غالبًا الخوف من إيذاء النفس أو الآخرين) تشتمل على المراجعة المستمرة للأبواب، الشبابيك، مفاتيح النور، مخارج الكهرباء، صنابير المياه، الأجهزة، وأشياء أخرى.. وهناك بعض الأطفال الذين يبتلون بالشك المرضي بدلاً من الخوف من الإيذاء.. ووساوس الشك مثل (الشك في حقيقة إغلاق الباب) قد تكون قوية بشكل خاص.

ويمكن أن تسبب الأفعال القهرية الخاصة بالمراجعة مشاكل خطيرة للطفل في سن المدرسة.. فأثناء الاستعداد للذهاب للمدرسة قد يقوم الطفل بمراجعة كتبه مرات ومرات عديدة للتأكد من وجود كل الكتب الضرورية لدرجة أن ذلك قد يؤخره على المدرسة.. وبمجرد الوصول للمدرسة قد يشعر الطفل بأنه مجبر على الاتصال أو العودة للمنزل لمراجعة شئ ما مرة أخرى.. ويجب أن يعي أفراد المدرسة تلك الطقوس مثل مراجعة وإعادة فحص الإجابات الخاصة بالمهام لدرجة تأخر الطالب في الأداء أو عدم الإنجاز على الإطلاق أو فحص قفل بشكل متكرر للتأكد من غلقه.. وقد تعارض طقوس المراجعة إتمام الواجب المنزلي حيث تتسبب المراجعة القهرية أحيانًا في جعل الطفل يعمل لوقت متأخر ليلاً لإكمال الفروض المنزلية التي من المفترض أن تستغرق ساعتين أو ثلاث ساعات لإكمالها.

طقوس التكرار:

بعض الأطفال المصابون بالوسواس القهري تكون لديهم مشاعر بأن الفعل يجب إتمامه “بشكل كاف” أو “فقط بهذا الشكل” ويشتركون في طقوس التكرار.. وفي حالات أخرى يتسبب القلق في طقوس التكرار.. والأشخاص المصابون بطقوس التكرار قد يمشون للأمام وللخلف بنمط معين، ينهضون ويجلسون على الكرسي عدة مرات.. أو يدخلون ويخرجون خلال الباب حتى “يشعرون بصحة الأمر” وترتبط طقوس التكرار عادة بطقوس العد وفيها يجب تكرار الفعل لعدد معين من المرات.

وقد تأخذ طقوس التكرار عدة أشكال مختلفة في الفصل مثل التساؤل بشكل متكرر، قراءة وإعادة قراءة جمل أو قطع في كتاب أو جعل الأقلام الرصاص حادة عدة مرات في تتابع.. وقد يقوم الطالب بشكل غير منتهي بشطب وإعادة كتابة الحروف أو الكلمات أو يمسح ويعيق التكرار بشكل خطير قدرة الطالب على تسجيل الملاحظات وإتمام الاختبارات والمصححة بالكمبيوتر.

طقوس التناسق والدقة:

قد تجعل هذه الطقوس الطالب يرتب الأشياء في الفصل بشكل قهري مثل (الكتب على الرف، أشياء على ورقة، أقلام على منضدة) وقد تجعل طقوس التناسق الطفل يشعر بأنه مجبر لجعل جانبي جسده متطابقين (مثل أربطة الحذاء) أو أن يأخذ خطوات متساوية في الطول وأن يضغط بشكل متساو على كل مقطع من الكلمة.

سلوكيات قهرية أخرى:

عادةً ما يصيب مرض  الوسواس القهري أفكار وسواسية تدفعهم للتجنب القهري.. وفي هذه الحالات قد يتمادى الأفراد لتجنب الأشياء، المواد أو المواقف القادرة على إثارة الخوف أوعدم الراحة.. فمثلاً الخوف من التلوث قد يجعل الطفل يتجنب الاشياء الموجودة بشكل شائع في الفصل مثل الدهان، الصمغ، الحبر وقد يقوم الطفل بتغطية يديه بشكل غير ملائم بالملابس أو القفازات أو قد يستخدم طرف قميصه أو المناديل الورقية أو أوراق الكراسات لفتح الأبواب أو فتح الصنبور.. وقد يتجنب الطالب الذي لديه خوف وسواسي من الإيذاء استخدام المقصات أو أى أدوات حادة في الفصل.. وقد يتحايل الطفل ليتجنب استخدام مدخل معين لأن المرور خلاله قد يثير طقوس التكرار.

وقد يشترك الأطفال والمراهقون المصابون بالوسواس القهري في البحث القهري عن الطمأنة.. فمثلاً في المدرسة قد يقوم الطفل بسؤال المدرسين أو أفراد المدرسة الآخرين بشكل مستمر من أجل الطمأنة بأنه لا يوجد جراثيم في مياه الشرب أو أنه لم يقم بأى أخطاء على الورقة.. والوساوس الخاصة بالخوف من احتمالية قيام الطالب بالغش تجعل الأطفال يبحثون بشكل قهري عن الطمأنة، يتجنبون النظر للأطفال الآخرين، أو يقومون بإعطاء إجابات خاطئة عن قصد.. ولسوء الحظ فإن الشعور بالراحة نتيجة تلك المحاولات للطمأنة قصير المدى غالبًا حيث تظهر مواقف مختلفة بشكل مستمر في الفصل وتترتب عليها مخاوف جديدة أو عدم راحة للطالب.

الحالات المصاحبة:

من الضروري أن يعي أفراد المدرسة أن الاضطرابات الأخرى تحدث بشكل متزامن عادةً (أى تكون مصاحبة) للوسواس القهري (Adams et al 1994) فمثلاً اضطرابات القلق مثل (الخواف الاجتماعي) تشيع بشكل خاص بين صغار السن المصابين بالوسواس القهري ويمكن أيضًا رؤية اضطرابات التعديل، الاكتئاب، اضطراب المعارضة بشكل مستفز، فرط الحركة وتشتت الانتباه، متلازمة توريت مع الوسواس القهري.. كما تشيع أيضًا اضطرابات التعلم غير اللفظية عند الأطفال المصابين بالوسواس القهري.. وأعراض اضطرابات التعلم غير اللفظية مثل ضعف الكتابة، ضعف المهارات الرياضية، مشاكل خاصة باللغة المكتوبة، وبطء المعالجة.. يمكن أن تتداخل مع الوسواس القهري ووجود أكثر من اضطراب يعقد علاج الوسواس القهري وإدارة المدرسة.. والحل هو الوضوح بشأن أهداف العلاج.

دور أفراد المدرسة في التدخل الخاص بالوسواس القهري:

التعريف:

لتحديد الوسواس القهري بنجاح داخل محيط المدرسة يجب أن يعرف أفراد المدرسة بشأن الوسواس القهري بنفس الطريقة التي يفهم بها الآن الكثير اضطرابات التعلم غير اللفظية أو فرط الحركة وتشتت الانتباه.. ويمكن اكتساب المعرفة عن طريق مواكبة المعلومات الجديدة عن الوسواس القهري وبحضور محاضرات وندوات عن الوسواس القهري.. وتزداد حاجة المقاطعات المدرسية لدعوة المختصصين في مجال الصحة النفسية ذوي الخبرة بالوسواس القهري لإعطاء تدريب لأعضاء المدرسة خلال أيام العمل أو خلال فترات الإجازات.. ويعد مدرسو الفصل مصدرًا هامًا لتحديد وتعريف الوسواس القهري نسبة لكمية الوقت الذي يقضونه مع الطلاب بشكل يومي.. كما أنهم في موقع يؤهلهم لتلقي تقارير لفظية من الطلاب بشأن سلوك الطالب الذي يظهر سلوكيات شبيهة بالوسواس القهري كما يستطيع المدرسون توثيق المشكلات الاجتماعية والأكاديمية بفاعلية داخل الفصل عن طريق سجلات مكتوبة.

والتقييم الدقيق هو جهة أساسية أخرى لتحديد الأطفال المصابين بالوسواس القهري في سن المدرسة.. وعندما يتعرف مدرس الفصل على طالب يحتمل أن يكون لديه أعراض وسواس قهري فإن الخطوة التالية هى الإحالة للأخصائي النفسي بالمدرسة أو لفريق خدمات الطالب ثم يحصل أفراد الفريق المناسب على معلومات إضافية بشأن الطالب المنشود.. وقد يشمل التقييم إلتماس المعلومات من الآباء، ومدرسي الفصل، والطفل أو المراهق المنشود.

الإحالة:

في حالة إن رجحت المعلومات الخاصة بعملية التقييم أن الطفل لديه وسواس قهري.. فمن الضروري أن يتقابل أفراد المدرسة مع الوالدين ويتشاركون في معرفة نتائج تقييم الفريق.. ويعطوا توصيات لإجراء تقييم خارجي.. ويجب أن يعرف أفراد المدرسة أسماء العديد من الوكالات المتخصصة في علاج الوسواس القهري لدى الأطفال.

العـــــــلاج

بعد أن يقوم مقدم الخدمة النفسية بتشخيص الطفل على أنه مصاب بالوسواس القهري فسوف يقوم الطبيب (أو الأطباء) الموجود بتنفيذ واحدة من طرق العلاج العديدة والمختلفة.. والعلاج المعرفي السلوكي بمفرده أو مع العلاج الدوائي يمثلان أساس العلاج للأطفال والمراهقين المصابين بالوسواس القهري.. وبمجرد وضع البرنامج العلاجي.. يجب أن يقابل فريق خدمات الطالب الأعضاء الموثقين لوكالة الصحة النفسية لتحديد التدخلات المعتمدة على المدرسة.. فمثلاً قد يلزم التدخل لتقليل البحث عن الطمأنة أو السؤال المتكرر للذهاب لدورة المياه.. ومن المهم أيضًا وضع خطة لتوصيل المعلومات بين الأطراف المشاركة.. وبصرف النظر عن التدخل العلاجي المختار فمن الضروري مشاركة المنزل والمدرسة والمجتمع لتطوير وتنفيذ التدخلات التي تمنح الفائدة الأكبر للطلاب المصابين الوسواس القهري.

من المهم أن يعرف أفراد المدرسة أن الوسواس القهري عبارة عن اضطراب عصبي سلوكي وأنه يعكس معالجة غير طبيعية للمعلومات خلال الجهاز العصبي المركزي وأنه “سلوكًا معارضًا” ويجب أن يتم تشجيع أفراد المدرسة على النظر للطفل المصاب بالوسواس القهري بنفس الطريقة التي ينظر بها للطفل المصاب بأى مرض آخر مثل السكر والربو.. وأن هذه الأمراض تجعل أداء الطفل ضعيفًا حتى يتم إيقاف المرض وعكس اعراضه بالعلاج.. وعلاج الوسواس القهري (مثل السكر أو الربو) يعتمد على العلاج الدوائي (مثبط استرجاع السيروتونين) والتدخلات النفسية الاجتماعية (العلاج المعرفي السلوكي) ويقوم كل منهما بوظيفته بشكل مباشر على المخ.. وأخيرًا يجب إعطاء التوصيات بشأن ما لا يمكن علاجه إلى الآن في حالة الطفل المصاب بمرض مزمن، وينطبق هذا الحال على الوسواس القهري مثلما ينطبق على مرض السكري أو الربو.

اقتراحات للتعامل مع الوسواس القهري داخل محيط الأسرة:

قد يلعب أفراد الأسرة دورًا متكاملاً ليس فقط في التدخلات العلاجية للوسواس القهري إنما في التعامل اليومي لأعراض المرض داخل محيط الأسرة في حالة افتراض وجود تلك الأعراض.. وتساعد السياسات الآتية أعضاء المدرسة في تسهيل تعديل الطفل أو المراهق المصاب بالمرض داخل محيط المدسة.

▪ امتنع عن العقاب للطالب على المواقف أو السلوكيات التي لا يستطيع السيطرة عليها مثل (اللامبالاة، الغياب، عدم الانتباه) وعلى الجانب الآخر تذكر أن الأطفال المصابين بالوسواس القهري مثلهم مثل باقي الأطفال لديهم مشاكل سلوكية يمكن التغلب عليها بوضع حدود واضحة وتوضيح عواقب السلوك.

▪ كن حساسًا للاحتياجات الشعورية للطالب المصاب بالوسواس القهري.. فأحيانًا تقل ثقة الأطفال والمراهقين المصابين بالوسواس القهري بأنفسهم كما يعانون من مشكلات في علاقاتهم مع أقرانهم قد تتسبب في جعلهم معزولين اجتماعيًا.. فعليك أن تحاول تنظيم الأنشطة داخل الفصل بحيث تضم هؤلاء الطلبة ولا تتحمل أبدًا الإغاظة الموجهة ناحية هؤلاء الطلاب.. واجعل أحد الموظفين في المدرسة يقوم بدور الشخص الذي يرجع إليه الطفل عند وجود مشكلة.. واجعل الطالب تحت إشراف مدرس أو مدرسين أكثر تعاطفًا.

▪ حاول أن تتفهم موقف الوالدين وأسرة الطالب المريض وتقدم الدعم لهم.. فأسر الأطفال المرضى وخاصة الوالدان يعانون من ألم وإحباط كبير أثناء الصراع مع مرض طفلهم.. ولذلك فمن المهم أن نتجه للآباء بالعناية والاهتمام.. ولوم الوالدين على مرض الطفل ليس مبررًا وليس مناسبًا..ومن الضروري أيضًا إبقاء خطوط الاتصال مفتوحة.

▪ كن منتبهًا وسجل التغيرات في سلوك الطفل (الإيجابية والسلبية) التي قد تكون نتيجة العلاج الدوائي أو التدخلات السلوكية.

▪ ويمكن أن يقوم أيضًا أفراد المدرسة بالتغييرات الآتية في البيئة التعليمية لتسهيل الأداء الأكاديمي للطلاب المصابون بالوسواس القهري:

  • بالنسبة للطالب المريض الذي تكون لديه صعوبة في تدوين الملاحظات أو الكتاب نتيجة الأفعال القهرية الخاصة بالكتابة، فيمكن اعتبار توصيات مثل تسجيل المحاضرات على شريط، توفير الخطوط العريضة الخاصة بالمحاضرة للطالب، السماح لطالب آخر بإعطاء نسخة ضوئية من الملاحظات للطالب المريض، والسماح بوضع مهامه واختباراته وواجباته على الكمبيوتر أو على شريط مسجل.
  • بالنسبة للطالب المريض الذي لديه أفعالاً قهرية خاصة بالقراءة فيمكن أن يقوم المدرسون بتسجيل الفصول المكتوبة على شريط، السماح لشخص آخر لكى يقرأ للطالب، إعطاء مهام قرائية أقصر للطالب.
  • بالنسبة للطالب الذي لديه صعوبة في أداء الامتحانات فقد يقوم المدرسون بالآتي:
  • السماح باستراحة خلال الامتحان.
  • منح وقت إضافي أو مكان مختلف لأداء الامتحان.
  • السماح للطالب بأن يكتب مباشرةً في كتيب الامتحان بدلاً من ملء الدوائر على أوراق الاختبارات المصنعة بالكمبيوتر.
  • السماح للطالب بالامتحان شفهيًا..

تأكد من السماح للطلاب المصابون بالوسواس القهري من تسليم مهامهم أو واجباتهم بعد مرور التاريخ المحدد لذلك، وقم بتقليل العمل على الطالب.. مثلاً بدلاً من جعل الطالب يقوم بحل كل البنود الموجودة على الورقة اجعله فقط يقوم بحل البنود ذات الأرقام الفردية أو الزوجية والبنود التي قام المدرس بوضع نجمة عليها.

  • بالرغم من أن بعض الأطفال المصابون بالوسواس القهري قد يحاولون استخدام المرض كعكاز لتجنب المدرسة أو العمل المدرسي إلا أن معظم الأطفال المرضى يفضلون القيام بعملهم على أفضل وجه يمكنهم فعله.. وعندما يستخدم الطفل الوسواس القهري كعذر لتجنب حجرة الفصل او الأنشطة الاجتماعية فمن الضروري تنسيق مهام تعرض ومنع استجابة مع معالج الطفل حتى يدرك المعلم ما يمكن توقعه من الطفل بالنسبة للوسواس القهري أكاديميًا.

الخدمات التعليمية للأطفال والمراهقين المصابون بالوسواس القهري:

تختلف الاحتياجات التعليمية للأطفال والمراهقين المصابون بالوسواس القهري بشكل شاسع.. فالنسبة لبعض الطلاب تكون الأعراض بسيطة أومتوسطة وقد لا تؤثر على الوظائف الأكاديمية أو الاجتماعية داخل محيط المدرسة، وقد يحتاج البعض الآخر القليل من التكيفات في البيئة التعليمية (كما ذكرنا سابقًا) وعلى الرغم من ذلك قد يتطلب بعض المرضى أصحاب الأعراض الشديدة خدمات تعليمية خاصة.

وقد يكون الطالب المصاب بالوسواس القهري مؤهل للخدمات الخاصة تحت إطار العمل التعليمي للاشخاص المصابين بالعجز Individuals with Education Disabilities ACT (IDEA) في حالة إن تم تحديد الطفل على أنه “طفل مصاب بالعجز” (وفي حالة الوسواس القهري تكون فئة الإعاقة خلل في نواحي الصحة الأخرى) أو في بعض المقاطعات المدرسية “ازعاج شعوري خطير صعوبات في التعلم يمكن تطبيقها إن كان لدى الطفل صعوبة في التعلم.. وبذلك يحتاج الطفل تعليمًا خاصًا وخدمات خاصة.. يكون الطفل مؤهلاً للخدمات إن تم تحديده على أنه “شخص مصاب بالإعاقة” ويعرف الشخص المصاب بالإعاقة على أنه فرد “لديه ضعف جسدي أو عقلي يحد بشكل جوهري واحد أو أكثر من أنشطة الحياة الأساسية، ولديه سجل بهذا الضعف أو يعتبر شخص لديه هذا الضعف”.. وتشمل أنشطة الحياة الأساسية الاعتناء بالذات، أداء المهام اليدوية،المشى، الكلام، الرؤية، السمع، التنفس، التعليم، والعمل وسواء سيتبع الآباء العمل التعليمي للأشخاص المصابون بالعجز فإن ذلك سيعتمد على خليط من العوامل يشمل تفضيل الوالدين والمدرسة، طبيعة أعراض الوسواس القهري لدى الطفل وطبيعة المشكلات المصاحبة، العمل مع الأخصائي النفسي بالمدرسة يكون غالبًا بلا قيمة في تحديد أفضل طريقة لمعرفة الاحتياجات التعليمية والاجتماعية للطفل أو المراهق المصاب بالوسواس القهري ووضع خطة تعليمية فردية لها (IEP) .. وقد يلزم التقييم النفسي التعليمي لتحديد صعوبات التعلم التي تتواجد أحيانًا مع الوسواس القهري.. وتتواجد صعوبات التعلم غير اللفظية غالبًا مع الوسواس القهري وتسبب صعوبة في الكتابة، صعوبة في الحساب، وصعوبة في التعبير اللغوي المكتوب.. وحيث أن كل واحدة من تلك المشكلات قد تكون انعكاس مباشر للوسواس القهري أو نتيجة غير مباشرة لصعوبات التعلم غير اللفظية أو كليهما معًا فيجب عمل اختبار نفسي تعليمي للطفل المصاب بالوسواس القهري الذي يقل أداؤه الأكاديمي عن المتوقع.

الملخص

يعد الوسواس القهري واحدًا من أكثر الأمراض النفسية شيوعًا لدى الأطفال والمراهقين.. ويصاحب الوسواس القهري حالات نفسية أخرى غالبًا وقد يبشر بظهور الوسواس القهري في مرحلة البلوغ أيضًا.. والعلاج الخاص بالوسواس القهري (الأدوية والعلاج المعرفي السلوكي) يجب أن يتم بواسطة فريق متعدد التخصصات يألف التعامل مع الاضطراب ويعد أفراد المدرسة في موقع فريد لتحديد الوسواس القهري وللمشاركة في التدخلات التربوية والسلوكية للأطفال والمراهقين المصابون بالوسواس القهري واضطرابات القلق الأخرى التي تظهر في سن الطفولة.