الخميس, مايو 9, 2024
الأحلام

حكم القراءة في كتب تفسير الأحلام

والاعتماد عليها في التعبير

(نقلاً من كتاب المقدمات المهمات في الرؤى والمنامات للشيخ مشهور بن حسن سلمان).

الخلاصة التي نقررها هنا” إن القراءة في كتب تفسير الأحلام على وجه فيه اعتماد وإسقاط ذلك على رؤى الناس وتعبيرها لهم دون علم بهذا الفن مما لا يجوز شرعًا.. بل إن التصنيف في ذلك على النحو المثبوت في كتب التفسير المعروفة اليوم بلا توضيح لأحكام التفسير وآدابه هو أيضًا مما لا يجوز ولا يحل، وذلك لكثرة ما يقع فيه العامة من الفساد وسوء الاعتقاد وقد نص على ذلك أهل العلم.

ففي شرح “زروق على الرسالة” (2/420) قيل لمالك أيعبر الرؤيا من لا علم له بها؟ فقال: أبالنبوة يلعب؟ يشير بذلك للحديث المذكور.

وقال الشيخ على الصعيدي في “حاشيته على شرح كفاية الطالب الرباني لرسالة ابن أبي زيد القيرواني” (2/465): “فلا يجوز له تعبيرها بمجرد النظر في كتب التفاسير كما يقع الآن فهو حرام لأنها تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان وأوصاف الرائين” أهـ.

وقال أحمد بن غنيم النفراوي في “الفواكه الدواني” (2/457): “ولا يجوز له تعبيرها بمجرد النظر في كتب التفاسير كما يفعله بعض الجهلة، يكشف نحو ابن سيرين عندما يقال له: أنا رأيت كذا والحال أنه لا علم له بأصول التعبير فهذا حرام لأنها تختلف باختلاف الأحوال والأشخاص والأزمان وأوصاف الرائين، فعلمها غويص يحتاج إلى مزيد معرفة بالمناسبات”.

وفي “شرح أقرب المسالك” (5/285) للشيخ الدردير “والعلم بتفسير الرؤيا ليس من كتب كما يقع للناس من التعبير من ابن سيرين فيحرم تفسيرها بما فيه بالمعاني” اهـ.

وقال إبراهيم الأدهم في “تفسير الأحلام” (ص: 220 – 221) في وصف (التفسير الشعبي) للأحلام: “هى الطريقة الساذجة جدًا إذ تعتمد على تفسيرات مقننة ومعلبة وجامدة، تفسر معطيات الحلم أو الرؤيا وفق قواعد مدرجة إما في كتب التفاسير القديمة أو عالقة في مخيلة وذهن ووجدان المجتمع.

مثال ذلك: أننا نجد في كتب تفسير الأحلام الشائعة بين أيدي الناس والتي تضيق بها رفوف المكتبات ولا يكاد يخلو منها بيت تحت حرف من الحروف الأبجدية، نجد كلمات تبدأ بنفس الحرف مثل : أرنب، أسود، أسد.. فإذا برؤية الأرنب تعنى الذرية الكثيرة، وإذا برؤية الأسود تدل على الحزن والضيق، وإذا برؤية الأسد تدل على شجاعة صاحب الحلم … وهكذا، إن هذه الطريقة لا طائل تحتها ولا يمكن أن تكون أسلوبًا سليمًا وطريقة صحيحة لتفسير الأحلام.

فقد يرى الشجاع والجبان الأسد في المنام فكيف يحق لنا أن نصف الجبان بالشجاع إذا رأى الأسد؟ وقد يرى السقيم السواد فتفسره الكتب الشعبية بالموت والحزن، وقد يرى آخر السواد ويتحقق بامتلاكه الحدائق والمزارع الكثيرة فأين مصداقية هذه الكتب وهذا النوع من التفسير؟ إذ أن الحلم الواحد قد يراه أكثر من شخص ويفسر لكل شخص بحسب حالته ومكانته ووضعه الصحي والنفسي والاجتماعي والاقتصادي والعائلي، وبحسب المكان والزمان وبحسب عمر الشخص، وتفسير الأحلام للمرأة غير تفسيره للرجل والصبى.

ومع ما بينا من ضحالة وعدم جدوى التفسير الشعبي إلا أن هذا النوع من التفسير هو السائد والرائج في المجتمعات، وكتبه في مقدمة الكتب الرائجة طباعة وعرضًا وبيعًا، وهى أكثر الكتب التي يرغب بها الزوار لمعارض الكتب أو المكتبات وهى الكتب التي تجني لدور النشر الربح الكثير الوفير” أ هـ

وللشيخ العثيمين رحمه الله مشاركة في هذه المسألة المهمة فقد سئل كما في “فتاوى نور على الدرب” (2/483 – 484) ما نصه:

أود الاستفسار عن صحة كتب تفسير الأحلام مثل كتاب “تفسير الأحلام” لابن سيرين وخاصة أنه يربط الأحلام بقضايا الأجل والرزق والخير والشر، فما حكم التصديق والتعامل بهذه الكتب؟ مع العلم أنه فيها آيات من القرآن وأحاديث من أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم.

فقال رحمه الله “الجواب على هذا السؤال: أني أنصح إخواني من المسلمين ألا يقتنوا هذه الكتب ولا يطالعوا فيها لأنها ليست وحيًا منزلاً وإنما هى رأى قد يكون صحيحًا وقد يكون غير صحيح، ثم إن الرؤى قد تتفق في رؤيتها وتختلف في حقيقتها بحسب من رآها وبحسب الزمن وبحسب المكان، فإذا رأينا رؤيا على صورة معينة فليس معنى ذلك أن كل ما رأينا على هذه الصورة يكون تأويله كتأويل الرؤيا الأولى بل تختلف وقد نعبر الرؤيا لشخص بكذا ونعبر نفس الرؤيا لشخص آخر بما يخالف ذلك.

وإذا كان هذا فإني أنصح إخواني المسلمين بعدم اقتناء مثل هذه الكتب أو المطالعة فيها وأقول: إذا جرى لإنسان رؤية فليهتد بما دله النبى صلى الله عليه وسلم، إن رأى رؤيا خير يحبها وتأويلها على خير فليخبر بها من يحب، مثل أن يرى رؤيا أن رجلا يقول له أبشر بالجنة أو ما شابه، فليحدث بها من يحب، وإذا رأى رؤيا يكرهها فليقل: أعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأيت ولا يحدث بها أحدًا لا عابرًا ولا غير عابر ولينقلب على جنبه الآخر إن هو استيقظ.

وإذا فعل ما أمر به الرسول صلى الله عليه وسلم عند رؤية ما يكره فإنه لن تضره أبدًا بإذن الله، ولهذا كان الصحابة رضى الله عنهم يرون الرؤيا يكرهونها يمرضون منها حتى حدثهم النبى صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث جزاه عن أمته خيرًا، فكانوا يعملون بما أرشدهم الرسول به ويأمنون من شرها. أ هـ

ومثله أيضًا ما سئل الشيخ الفوزان حفظه الله:

علم تأويل الأحاديث والمسمى بتفسير الأحلام يهبه الله لمن يشاء من عباده، وقد وهبه لنبيه يوسف عليه السلام وفي هذا العلم مؤلفات كثيرة نرجو الإفادة عن أفضل هذه المؤلفات وأكثرها صدقًا؟

فقال” “لا شك أن الرؤيا منها ما هو حق وهى من عجائب آيات الله سبحانه وتعالى، وتأويل الرؤيا يعتمد على الفراسة والذكاء والنظر في حال الرائي وهو موهبة يجعلها الله فيمن يشاء ولا أعرف مؤلفًا خاصًا يعتمد عليه في ذلك (ولكن رأيي الشخصي إذا أردت تفسير أحلامك فعلاً فاذهب إلى يوسف عليه السلام فهو من سوف يصدقك القول حقًا) لكن لابن القيم رحمه الله كلام جيد في هذا الموضوع في الجزء الأول من “إعلام الموقعين” أ هـ

وقال التويجري رحمه الله في كتاب “الرؤيا” (ص: 169 – 171): “وقد ألف في تعبير الأحلام عدة مؤلفات منها ما ينسب إلى ابن سيرين ومنها ما نسب إلى غيره، ولا خير في الاشتغال بها وكثرة النظر فيها لأن ذلك قد يشوش الفكر وربما حصل منه القلق والتنغيص من رؤية المنامات المكروهة، وقد يدعو بعض من لا علم لهم إلى تعبير الأحلام على وفق ما يجدونه في تلك الكتب ويكون تعبيرهم لها بخلاف تأويلها المطابق لها في الحقيقة، فيكونون بذلك من المتخرصين القائلين بغير علم، ولو كان كل ما قيل في تلك الكتب من التعبير صحيحًا ومطابقًا لكل ما ذكروه من أنواع الرؤيا لكان المعبرون للرؤيا كثيرين جدًا في كل عصر ومصر.

وقد علم بالاستقراء والتتبع لأخبار الماضين من هذه الأمة أن العاملين بتأويل الرؤيا قليلون جدًا بل إنهم في غاية الندرة في العلماء فضلاً عن غير العلماء.

وذلك لأن تعبير الرؤيا علم من العلوم التي يختص الله بها من يشاء من عباده كما قال تعالى مخبرًا عن يعقوب عليه السلام أنه قال ليوسف عليه السلام “وكذلك يجتبيك ربك ويعلمك من تأويل الأحاديث”

وقال تعالى مخبرًا عن يوسف عليه السلام أنه قال للفتيين الذين دخلا معه السجن “قال لا يأتيكما طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله قبل أن يأتيكما ذلكما مما علمني ربي”

وقال تعالى مخبرًا عن يوسف عليه السلام أيضًا أنه قال “ربي قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث”.

والمراد بتأويل الأحاديث تعبير الرؤيا كما قال غير واحد من المفسرين. ا هـ

وقال القرطبي رحمه الله “أجمعوا أن ذلك في تأويل الرؤيا.

وقال البغوي “وسمى تأويلاً لأنه يأوول أمره إلى ما رأى في منامه” وبنحو ذلك قال ابن الجوزى.

يقول أبو العباس القرافي رحمه الله في كتابه “الفروق” (4/423 – 425 ط العلمية): “تنبيه.. اعلم أن تفسير المنامات قد اتسعت تقييداته وتشبعت تخصيصاته وتنوعت تعريفاته، بحيث صار الإنسان لا يقدر أن يعتمد فيه على مجرد المنقولات لكثرة التخصيصات بأحوال الرائين بخلاف تفسير القرآن العظيم، والتحدث في الفقه والكتاب والسنة وغير ذلك من العلوم، فإن ضوابطها إما محصورة أو قريبة من الحصر.. وعلم المنامات منتشر انتشارًا شديدًا لا يدخل تحت ضبط، فلا جرم إن احتاج الناظر فيه ضوابطه وقرائنه إلى قوة من قوى النفوس المعينة على الفراسة والاطلاع على المغيبات بحيث إذا توجه الحزر إلى شئ لا يكاد يخطئ بسبب ما يخلقه الله تعالى في تلك النفوس من القوة المعينة على تقريب الغيب أو تحققه.

كما قيل: في ابن عباس رضى الله عنهما أنه “كان ينظر إلى الغيب من وراء ستر رقيق”. إشارة إلى قوة أودعه الله إياها، فرأى بما أودعه الله تعالى في نفسه من الصفاء والشفوف والرقة واللطافة.

حتى يقول من لا يعلم بأحوال قوى النفوس: إن هذا من الجان أو المكاشفة أو غير ذلك وليس كما قال، بل هو قوة نفس يجد بسببها تلك الأحوال عند توجهه للمنام وليس هو صلاح ولا كشف ولا من قبل الجان، وقد رأيت أنا من هذا النوع جماعة واختبرتهم فمن لم تحصل له قوة نفس عسر عليه تعاطي علم التعبير، ولا ينبغي لك أن تطمع في أن يحصل لك بالتعلم والقراءة وحفظ الكتب، إذا لم تكن لك قوة نفس فلا تجد ذلك أبدًا ومتى كانت لك هذه القوة حصل ذلك بأيسر سعى وأدنى ضبط فاعلم هذه الدقيقة فقد خفيت على كثير من الناس. أهـ.

وفي هذا الكلام مسائل نفيسة جدًا وقد استحسنها أهل العلم كالحافظ ابن رجب رحمه الله فإنه نقل شيئًا من كلام القرافي في كتابه “الذيل على طبقات الحنابلة” (2/337 – 338) وصدره بقوله: “رأيت لأبي العباس القرافي المالكي كلامًا حسنًا في التعبير فرأيت أن أذكره هنا” ثم ذكر بعضه.

ونقله أيضًا القاسم بن عبد الله المالكي بابن الشاط في كتابه “إدرار الشروق على أنواع البروق” (4/425 – 426) حاشية كتاب الفروق.. والأبي في شرحه على مسلم (7/500 علمية) والسنوسي في حاشية الأبي (7/499 – 500) والشرقاوي في فتح المبدي (3/625 علمية) وقارن ب كتاب الرؤيا (ص: 167 – 169) للتويجري.


أ هـ  ـــــــــ انتهى

2 thoughts on “حكم القراءة في كتب تفسير الأحلام

  • The discovery of the leptin protein in mice and its connection to diabetes and weight problems While this global health disaster continues to evolve, it might be useful to look to previous pandemics to raised perceive tips on how to reply right now Regardless of where you would possibly be in your journey with diabetes, we are here to assist Find educators near you that may assist to handle your diabetes priligy pills

  • Dosage Form 200 mg ml Effective Dose 200 600 mg in every other week Use for Cycle Period buy generic cialis online AHF acute heart failure; CA125 carbohydrate antigen 125; NT proBNP amino terminal pro brain natriuretic peptide

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *