الخميس, مايو 9, 2024
الأحلام

القول الفصل في تبيان الرؤى

عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل “لهم البشرى في الحياة الدنيا” قال هى الرؤيا الصالحة يراها المؤمن أو ترى له.

وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبى” قال: فشق ذلك على الناس فقال “ولكن المبشرات” قالوا يا رسول الله وما المبشرات، قال “رؤيا المسلم وهى جزء من أجزاء النبوة”.

فهذه الرؤى مبشرات أى أنها تبشر بالخير ولكن لا تؤكد حتمية حدوثه ووقوعه.

وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة”.

قال بن عبد البر “اختلاف الآثار في هذا الباب في عدد أجزاء الرؤيا ليس ذلك عندي اختلاف تضاد وتدافع والله أعلم لأنه يحتمل أن تكون الرؤيا الصالحة من بعض من يراها على حسب ما يكون من صدق الحديث، وأداء الأمانة والدين   وحسن اليقين. فعلى قدر اختلاف الناس فيما وصفنا تكون الرؤيا منهم على الأجزاء المختلفة العدد، فمن خلصت نيته في عبادة ربه ويقينه وصدق حديث كانت رؤياه أصدق وإلى النبوة أقرب كما أن الأنبياء يتفاضلون” أ هـ.

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي يرويه ابن ماجه “إن الرؤيا ثلاث منها أهاويل من الشيطان ليحزن بها ابن آدم، ومنها ما يهم به الرجل في يقظته فيراه في منامه، ومنها جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة”.

فالذي قرره رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرؤيا أنها ثلاثة أقسام:

النوع الأول:

الرؤيا التي يسببها الشيطان فإنه قد يمثل للإنسان في منامه رؤيا مفزعة تبلبل خواطره وترهق نفسه وتجعله يجول في عوالم بعيدة حذرًا، متخوفًا.. وفي الحديث “الرؤيا الصالحة من الله، والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها وشر الشيطان وليتفل ثلاثًا ولا يحدث بها أحدًا فإنها لا تضره” متفق عليه.

وجاء رجل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال رأيت في المنام كأن رأسي قد قطع، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إذا لعب الشيطان بأحدكم في منامه فلا يحدث به أحدًا” رواه مسلم.

والشيطان لديه القدرة على الوسوسة في صدور الناس.. قال تعالى “من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس” وهو يجري من ابن آدم مجرى الدم.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم” فالشيطان لديه القدرة على أن يمثل للنفس أمور تفزعها وتحزنها.

النوع الثاني:

حديث النفس وهى التي أسماها العلماء الماديون بالانعكاسات النفسية، وهى خواطر النفس وتطلعاتها التي تصبو إلى تحقيقها في واقع الحياة، فتراها في المنام.. إذ تحلم بممارسة أمور لم تستطع تحقيقها في الحياة، وقد جاء إلى أحد الأئمة يومًا رجلاً يريد أن يرى النبى صلى الله عليه وسلم في منامه ولكنه لا يستطيع.. فاستضافه الإمام ليلة وصنع له طعامًا وأكثر فيه من الملح ثم تركه لينام فلما أصبح قال له ما رأيت الليلة قال رأيت الماء.

النوع الثالث:

رؤيا لم يفكر بها صاحبها يومًا، ولم تخطر على باله وهى بعيدة كل البعد عن تفكيره، وقد يراها بصورة جلية لا تحتاج إلى تفسير ولا تأويل وقد تكون أمثالاً مضروبة وأحداثًا مسبوكة تحتاج إلى علم وفهم ثاقب ونظر بعيد.

وإذا كانت الرؤيا من الأنبياء فهى حق لا تكذب بل وحى إلهى وغير الأنبياء قد تقع له الرؤيا الحق إلا أننا لا نستطيع ولا يستطيع أى إنسان أن يجزم أنها رؤيا حق.

 تنبيهــــــــــات

معنى كون الرؤيا جزء من ست وأربعين جزءًا من النبوة أى أنها شابهتها أو شاركتها في الصلاح والأخبار عن أمر غيبي مستقبل.

ولا يفهم من هذا أن الكافر إذا كانت رؤياه صادقة أنها تكون جزء من أجزاء النبوة فإن أكثر الروايات قد جاءت مقيدة بالمؤمن أو المسلم، وقد حدث ذلك في رؤيا ملك مصر التي فسرها له يوسف عليه السلام وكما في رؤيا صاحبيه في السجن فهذا لا يعني أن تلك الرؤى من أجزاء النبوة وكذلك رؤيا فرعون.

وأيضًا ليس كل من صدق في الحديث عن الغيب كان ذلك من أجزاء النبوة أو كان ذلك دليلاً على صلاحه واستقامته وإلا كان الكهان كذلك، فهم يزعمون أنهم يستخدمون الجن والشياطين في معرفة أمور غيبية ويخدعون بها الناس، فهل هذا دليل على الصلاح؟

وهل رؤية فرعون تدل على صلاحه أم هل رؤية صاحبى يوسف في السجن تدل على صلاحهما.

قال أبو العباس القرطبي: والرؤيا لا تكون من أجزاء النبوة إلا إذا وقعت من مسلم صادق صالح، وهو الذي يناسب حاله حال النبى صلى الله عليه وسلم فأكرم بنوع مما أكرم به الأنبياء.

كما قال النبى صلى الله عليه وسلم “لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصادقة في النوم، يراها الرجل الصالح أو ترى له” فإن الكافر والكاذب والمخلط وإن صدقت رؤياهم في بعض الأوقات لا تكون من الوحى ولا من النبوة إذ ليس كل من صدق في حديث عن غيب يكون خبره ذلك نبوة، وقد قدمنا أن الكاهن يخبر بكلمة الحق وكذلك المنجم قد يخبر فيصدق ولكن على وجه الندرة والقلة، وكما قيل “كذب المنجمون ولو صدقوا”.

One thought on “القول الفصل في تبيان الرؤى

  • The procedure for generation and culture of mouse mammary, endometrial and fallopian tube organoids were performed as previously described 24 cialis pills for sale

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *