السبت, أبريل 27, 2024
الوسواس الدينيالوسواس القهرييهمك

وسواس الطهارة والصلاة

العلاج المعرفي السلوكي

إن أكثر شيء يسبب معاناة هو التكرار في كل شيء : الوضوء-الصلاة-دخول الحمام-مسح الفم والبصق في الصيام-تكرار تغيير الملابس-تكرار عقد النية-تكرار التكبير-تكرار الآيات عند قراءة القرآن والصلاة-تكرار الإغتسال-الوسوسة في نطق مخارج الحروف.

أول شيء لابد من معرفته هو أن وساوس الطهارة والصلاة حالة مرضية تستجيب للعلاج، فلو تأكد ذلك فسوف نصبح قادرين إن شاء الله على التغلب على الدافع المُلِحّ لكي نقوم بتلك الأفعال القهرية ونسيطر كذلك على أفكارنا الوسواسية المزعجة.

عليك تسجيل مذكرة عقلية مثل: (هذه الأفكار ماهي إلا وسواس وهذه الدوافع ما هي إلا دوافع دوافع قهرية). لابد أن يكون لديك القدرة على إدراك ما هو حقيقي وما هو عبارة عن عرض للوسواس القهري ثم عليك مقاومة هذه الدوافع المرضية حتى تبدأ في التراجع والإختفاء وذلك من خلال قراءة النصوص الشرعية الصحيحة (العلاج المعرفي) ومن خلال العلاج السلوكي الذي سوف نقترحه عليك.

مرن نفسك على أن تقول….

  • أنا لا أعتقد أن الوضوء قد فسد بخروج ريح أو نزول نقطة بول أو مذي أو إفرازات.

  • أنا لا أعتقد أنه يجب عليّ الخروج من الصلاة لإعادة الوضوء.

  • أنا لا أعتقد أن الماء دخل فمي أثناء الصيام.

  • أنا لا أعتقد أنه يجب عليّ الغسل لأن هناك إفرازات مهبلية.

  • أنا لا أعتقد أنه يجب تغيير الملابس لنجاستها.

  • أنا لا أعتقد……….

  • أنا لا أعتقد………

  • أنا لدي دافع قهري مرضي لكي أفعل كل ذلك.

كرر ذلك مرات ومرات ومرات….. اكتب ذلك 20 مرة يومياً.

إن الفكرة الأساسية هنا أن تسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية (مرض الوسواس القهري) وأن تدرك وتفهم أن هذا الشعور ما هو إلا إنذار كاذب لا علاقة له بالواقع، وبالبحث ثبت أن الدوافع نتجت عن عدم إتوان كيميائي بالمخ وهذا ما يجعلها خارج سيطرتك وفقط الذي تستطيع أن تسيطر عليه هو ردود أفعالك وليس السيطرة على الأفكار والإندفاعات القهرية نفسها.

ثانياً: الشيء المؤثر الذي تسطيع القيام به هو الشيء الذي يغير من كمياء المخ على المدى الطويل……. تذكر وقل لنفسك “إنه ليس أنا” الذي فقد الوضوء، إنه ليس أنا الذي نسي ركعة أو سجدة أو الفاتحة، إنه ليس أنا الذي ملابسه غير طاهرة.

إنه ليس أنا ………….. إنه مرض الوسواس القهري.   وبرفضك الإنصياع لهذه الإندفاعات القهرية ستبدأ كيمياء المخ في التغيير وتقل هذه الأحاسيس.

ثالثاً: عند مرضى الوسواس القهري هناك خلل ما يحدث في المخ يؤثر على إحساس الإنسان بالإنتهاء من عمل ما والدخول في عمل آخر وهو يؤدي إلى التكرار والإعادة وعدم التأكد والشك وهو ما جعل المرضى لا يحصلون على الإحساس بأن هناك شيء قد تم عمله والإنتهاء منه بمجرد القيام به، ولذلك بعد الإنتهاء من كل نشاط مثل الوضوء أو الصلاة أو تنشيف الفم في الصيام أو تغيير الملابس أو….. أو…. لابد من تحويل الإنتباه إلى شيء آخر ولو لمجرد دقائق معدودة مثل…… قراءة الأذكار…… المشي…. الجري في المحل…. الإتصال بأحد الأصدقاء…… قراءة شيء مسلي…. مساعدة إنسان محتاج….. ترتيب البيت أو المكتب أو…. أو….

رابعاً: عندما تأتي الأفكار:

‌أ.  اعد تسميتها (أفكاراً وسواسية) ولا تصدق أن المشكلة في الوضوء أو الصلاة أو طهارة الملابس  أو في نطق الكلمات أو الخشوع أو الإخلاص……المشكلة في المخ.

‌ب. ارجع هذه الأفكار إلى كونها إضطراباً مرضياً.

‌ج.  ارفض حقيقة أن الأفكار الوسواسية والأفعال القهرية حقائق ثابتة.

إن هدف العلاج هو أن تُوقِف الإستجابة لأعراض المرض المتمثل في التكرار والتأكد والإعادة والتجنب.

خامساً: ضع في إعتبارك تناول دواء لعلاج الوسواس القهري لأنه بالدواء سوف يكون تغيير الأفكار ووقف الأفعال إن شاء الله، مع العلم أن أدوية الوسواس القهري ليست مخدرات ولا تؤدي إلى الإدمان أو التعود.

مشكلة إنتقاض الطهارة بالبول أوالريح أو الإفرازات

العلاج المعرفي: [عن سهل بن حنيف قال كنت ألقى من المذي شدة وعناء وكنت أكثر من الإغتسال فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم  فقال: إنما يجزيك من ذلك الوضوء فقلت يا رسول الله بما يصيب ثوبي منه؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء فتنضح به ثوبك حيث تريى أنه قد أصاب منه].. رواه  أبو داوود وابن ماجه والترمزي وقال حديث حسن صحيح ورواه الأثرم ولفظه قال: كنت ألقى من المذي عناء فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: يجزيك أن تأخذ حفنه من ماء فترش عليه.

و المذي ماء رقيق أبيض (شفاف) لزج يخرج عند الشهوة بلا دفق ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه، ذكره الإمام النووي وذكر مثله في فتح الباري شرح البخاري ويفهم من لفظه فترش عليه أنه ليس للإنسان أن يأخذ بالأشد بل عليه أن يعلم أن التخفيف من مقاصد الشريعة فيكون الرش مجزئاً كالغسل وقد استدل الإمام الشوكاني بالحديث على أن الغُسل لا يجب لخروج المذي قال في فتح الباري هو إجماع.

وفي الحديث أن عباد بن بشر أُصيب بسهم وهويصلي فاستمر في صلاته عند البخاري تعليقاً وأبي داود وابن خزيمه ولم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبره بأن صلاته قد بطلت والحديث يدل أن خروج الدم لا ينقض الوضوء إذا لم يخرج من السبيلين أ هـ.

وإذا كانت الطهارة من الحدث شرطاً مطلقاً سواء مع العلم أو الجهل أو التعمد أو السبق إلا أنه يُعفى عن ذلك في حالة العجز مثل حالة المستحاضة ومن به سلس بول ومن يعجز عن منع الحدث باستمرار (كنقطة البول أو الريح أو الإفرازات) فهذا كله يقاس على المستحاضة (الشيخ ياسر برهامي) وفي كتاب الموطأ-باب الرخصة في ترك الوضوء من المذي روى الإمام مالك يرحمه الله عن يحيى بن سعيد بن المسيب أنه سمعه ورجل يسأله فقال إني لأجد البلل وأنا أصلي، أفأنصرف؟ فقال له سعيد: لو سال على فخذي ما انصرفت حتى أقضي صلاتي ، قال البغوي: يشبه أن يكون معنى الأثر المبالغة في دفع الشك عن القلب. وفي شرح الزرقاني ج:1 ص:86 الرخصة في ترك الوضوء من المذي لأن ما لا ينقطع لا وجه للوضوء منه لأن مذهب مالك أن البلل لا يبطل الوضوء في الصلاة وأن قطر وسال، وحمله مالك على سلس المذي قاله الباجي.  ومذهب الإمام مالك أن ما خرج من مني أو مذي أو بول على وجه السلس لا ينقض الطهارة وشكا إلى الإمام أحمد بعض أصحابه أنه يجد البلل بعد الوضوء فأمره أن ينضح فرجه إذا بال، قال: ولا تجعل ذلك من همتك وإلهَ عنه، يبين ذلك ويوضحه قول ابن القييم رحمه الله: قال شيخنا وكذلك إذا أصاب رجله أو ذيله باليل شيء رطب ولا يعلم ما هو لم يجب عليه أن يشمه ويتعرف ما هو وقال: فإن الأحكام إنما تترتب على المكلف بعد علمه بأسبابها وقبل ذلك هي على العفو فما عفا الله عنه فلا ينبغي البحث عنه.

ومن ذلك ما أفتى به عبدالله بن عمر وعطاء بن أبي رباح وسعيد بن المسيب وطاوس وسالم ومجاهد والشعبي وإبراهيم النخعي والزهري ويحيى ابن سعيد الأنصاري والحكم والأوزاعي، ومالك وإسحاق بن راهويه وأبو ثور، والإمام أحمد في أصح الروايتين وغيرهم: أن الرجل إذا رأى على بدنه أو ثوبه نجاسة بعد الصلاة لم يكن عالماً بها أو كان يعلمها لكنه نسيها لكنه عجز عن إزالتها أن صلاته صحيحة ولا إعادة عليه.

قال البخاري:   قال الحسن رحمه الله ما زال المسلمون يصلون في جرحاتهم قال: وعصر ابن عمر بثرة فخرج منها دم فلم يتوضأ، وبصق ابن أبي أوفى دماً ومضى في صلاته، وصلى بن الخطاب وجرحه يثعب دماً.

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: شكا إليه رجل فقال إني أكون في الصلاة فيخيل إليّ أن بذكري بللاً فقال قاتل الله الشيطان إنه يمس ذكر الإنسان في صلاته ليريه أنه قد أحدث فإذا توضأت فانضح فرجك بالماء فإن وجدت بللاً قلت: هو من الماء ففعل الرجل ذلك فذهب، وقال سعيد بن جبير سأله  رجل فقال: إني ألقى من البول شدة، إذا كبرت ودخلت في الصلاة وجدته، فقال سعيد: افعل ما آمرك خمسة عشر يوماً توضأ ثم ادخل في صلاتك فلا تنصرفن (مصنف عبدالرزاق جـ1) وفي المسند وسنن أبي داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال : إن الشيطان يأتى أحدكم وهو فى الصلاة فيأخذ بشعرة من دبره فيمدها فيرى انه  قد أحدث فلا ينصرفن حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً. والحديث يدل على اطراح الشكوك العارضة و الوسوسة لمن فى الصلاة. قال الإمام النوووى فى شرح صحيح مسلم هذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الدين وهى أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتبين خلاف ذلك ولا يضر الشك الطارئ عليها انتهى كلامه. فمن ذلك أن من تيقن الطهارة وشك فى الحديث حكم ببقائه على الطهارة ولا فرق بين حصول هذا الشك فى نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة (أثناء أو بعد الوضوء).

يقول الإمام الشوكانى فى كتاب نيل الأوطار جـ1: وهذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف  وقال أصحابنا: فلا وضوء  عليه بكل حال.

 الدروس المستفادة :

 1_ المذي هو سائل أبيض شفاف يخرج (من الذكر عند الرجل ومن المهبل عند المرأة) عند الشعور بالشهوة أو التفكيرفى الأمور الجنسية أو الملاعبة وهو يخرج بلا دفق ولا يعقبه فتور وربما لا يحس بخروجه ولا يجب الغسل منه وعليك رش مكانه بالماء ويكفى منه الوضوء.

2_ عند الشك فى خروج نقطة بول أو إفرازات أو خروج ريح يجب الإمتناع تماما عن تكرار الوضوء وعليك إكمال الصلاة وعدم الخروج منها.

3_ لا يجب على أى مسلم أن يفتش ويشم ويبحث فى ملابسه أو أعضاءه عن أى شئ يكون سبباً لنقض الوضوء أو فساد الصلاة.

4_ لتقليل القلق من الشك فى الوضوء والخروج سريعاً منه ولتقليل تكرار غسيل الأعضاء أثناء الوضوء للشك أو للنسيان سوف تبدأ بالوضوء مرة واحدة فقط لكل عضو أسبوعين ويكون الوضوء أمام والدتك أو أختك ثم أسبوعين وحدك ثم أسبوعين مرتين ونعود للوضوء ثلاثاً مع بداية الأسبوع السابع.

العلاج السلوكى : أثناء ما سبق عليك تطبيق الـ 15 دقيقة بمعنى أنه إذا ألحت

عليك الأفكار الوسواسية بأن الوضوء قد انتقض فعليك تأجيل الإستجابة لهذا الدافع الملح 15 دقيقة فى الأسبوع ثم 30 دقيقة الأسبوع ثم 45 دقيقة اللأسبوع الثالث ثم….  ثم….  ثم….  حتى يتم تأجيل الإستجابة لدافع تكرار الوضوء القادم للصلاة التالية فنتهى هذا الدافع نهائيا.

مما لا شك فيه إنك سوف تلاحظ ازدياد مستوى القلق طالما امتنعت أو أجلت الاستجابة للطقوس بتكرار الوضوء وسوف تشعر برغبة شديدة فى ذلك إلا أنه فى نهاية كل أسبوع سوف يتلاشى هذا القلق وسوف تذهب هذه الرغبة ولن تجد من نفسك أى مقاومة بل ربما يصبح هذا القلق غير موجود تماماً.

العلاج المعرفي:

5- الحديث السابق دليل على أن مجاوزة الثلاث الغسلات من الاعتداء فى الطهور وأساء أى أساء بترك  الأولى وتعدى حسن النية..وظلم أى وضع الشئ فى غير موضعه والإساءة والظلم تكون بمجاوزة الثلاث الغسلات أو بتكرار الوضوء. (ظاهر الحديث يدل على أن الزيادة على الثلاث محرمة وهو قول طائفة من أهل العلم)الشيخ ياسر البرهامى.

6-أما من شك هل انتقض وضوءه أم لا ؟ قال الجمهور منهم الشافعى وأحمد وأبو حنيفة ومالك: إنه لا يجب عليه الوضوء وله أن يصلى بذلك الوضوء الذى تيقنه وشك فى نتقاضه كما لو شك هل أصاب ثوبه أو بدنه نجاسه فإنه لا يجب عليه غسله (الإمام ابن القيم – إغاثة اللهفان).

7- عند التفكير فى طهارة الملابس وتكرار تغيرها للإطمئنان على صلاحيتها للصلاة:

العلاج المعرفي:

قال زين العابدين يوماًلإبنه: يابنى اتخذ لى ثوبا ألبسه عند قضاء الحاجة. فإنى رأيت الذباب يسقط على الشئ(البراز) ثم يقع على الثوب ثم انتبه فقال: ما كان للنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا ثوباًواحداً فتركه.

ومن ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى وهو حامل أمامة بنت زينب فإذا ركع وضعها وإذا قام حملها. رواه البخارى ومسلم. يقول ابن القيم رحمه الله: إن الحديث دليل على جواز الصلاة فى ثوب المربية والمرضع والحائض والصبى ما لم يتحقق نجاستها (كتاب إغاثة اللهفان) وزاد النووى فى كتاب المجموع(3/ 170) قال الشافعى والأصحاب رحمهم الله تجوز الصلاة فى ثوب الحائض والثوب الذى تجامع فيه إذا لم يتحقق فيهما نجاسه ولا كراهة فيه.

وقالت عائشة رضى الله عنها كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نبيت فى الشعار الواحد وأنا طامث فإن أصابه منى شئ غسل مكانه ولم يعده وصلى فيه رواه أبو داود والنسائى (الشعار هو الثوب الذى يلى الجسد لأنه يلى الشعر) (وطامث-حائض) وقد نقل إبن القيم رحمه الله قول الجمهور أن من شك هل أصاب ثوبه أو بدنه نجاسة فإنه لا يجب عليه غسله وأما مسألة الثياب التى اشتبه الطاهر منها بالنجس فقال جمهور العلماء ومنهم أبو حنيفة و الشافعى ومالك أنه يتحرى فيصلى فى واحد منها صلاة واحدة فإذا تحرى وغلب على ظنه طهارة ثوب منها فصلى فيه لم يحكم ببطلان صلاته بالشك فإن الأصل عدم النجاسة وقد شك فيها فى هذا الثوب فيصلى فيه كما لو إستعار ثوباً أو اشتراه ولا يعلم حاله.

قال الإمام الشوكانى في كتاب نيل الأوطارجـ2 فمن صلى وعل ثوبه نجاسة كان تاركاً لواجب وأما أن صلاته باطلة كما هو شأن فقدان شرط الصحة فلا…وأنه لا يجب العمل بمقتضى المظنة ونقل قول إبن رسلان فى شرح السنن: طهارة رطوبة فرج المرأة أ.هـ.

فمن تعمد الصلاة بثوب نجس بطلت صلاته لقوله تعالى (وثيابك فطهر) وأما الناسى ومن شك فلا. (الشيخ أحمد حطيبة).

العلاج السلوكي:

قاعدة الـ15 دقيقة…  عليك الإنتظار لمدة 15 دقيقة قبل الاستجابة للدوافع القهرية لتغيير الملابس وذلك لمدة أسبوع ثم 30 دقيقة لمدة أسبوع ثم 45 دقيقة لمدة أسبوع ثم… ثم… ثم… حتى تتباعد فترات الاستجابة وتزيد فترات الاستجابة وتزيد فترات إحتمال المكث بدون إطاعة الدافع القهري وربما يصل القلق إلى مداه نهاية الأسبوع الثاني ولكن تأكد أيضاٍ أن القلق والخوف سوف يتناقض ويصبح عدم تغيير الملابس أقل إثارة للقلق وسوف تصبح أقل تصديقاً بأن ملابسك قد تنجست أو لامستها القذارة عندما سوف يرجع إليك التفكير المنطقي.

8- لمنع تكرار الصلاة.. أو التسليم وإعادة الصلاة أو الصلاة بصوت مرتفع:

العلاج المعرفى:

أنظر لنفسك والله يراك وأنت تلعب لعبة الدخول فى الصلاة والخروج منها وتكرارها هل يطاوعك قلبك على ذلك. ولكن هذا الرب الرحيم الغفور يعلم أنك مريض وقد علمنا سبحانه أنه ليس على المريض حرج.

وأنظر إلى لطفه وإحسانه عند قوله لا يكلف الله نفساً إلا وسعها فسيرى الله وسعك ويقبله منك وسيتجاوز ولكنه لن يقبل التكرار وإضاعة الصلاة والإساءة فى ذلك يقول الله سبحانه (وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين) وهم المنكسرة قلوبهم إجلالاً لله ورهبة منه فمن ترك الصلاة وخرج منها ليس خاشعاً لله ولا منكسر القلب له. قال ابن الجوزى إن الصلاة جامعة بين خضوع البدن ونطق اللسان وحضور القلب وقال رحمه الله إن المقصود بالصلاة إنما هو تعظيم المعبود ولا يكون إلا بحضور القلب.

واعلم أن الله ينصب وجهه لوجه عبده فى صلاته مالم يلتفت- الترمزى وأحمد والطبرانى.

قال ابن كثير رحمه الله فى قوله تعالى (وقوموا لله قانتين) أى خاشعين ذليلين مستكينين بين يديه أ.هـ. ومن كان بين يدى الله فلا يصح له أن يترك ربه ويخرج من الصلاة. وفى كتاب الموطأ روى الإمام مالك يرحمه الله أنه بلغه أن رجلاً سأل القاسم بن محمد فقال: إنى أَهِمُ فى صلاتى فيكثر ذلك على. فقال القاسم بن محمد: إمضِ فى صلاتك. فإنه لن يذهب عنك حتى تنصرف وأنت تقول : ما أتممت صلاتى (أَهِمُ فى صلاتى أى أتوهم أنى نقصتها ركعة مثلاً مع غلبة ظنى بالتمام).

العلاج السلوكى:

‌أ.  سوف نبدأ بالتعرض  أي ننصحك بالصلاة جماعة في المسجد فإن عجزت واستحالت الصلاة وزاد التكرار ففي البيت مع والدتك أو أختك أو خلف أبيك لمدة 6 أسابيع على الأقل لأن مريض الوسواس يمتنع غالباً عن أداء طقوسه أمام الأعراب أو الآخرين. سوف تلاحظ تزايد مستوى القلق إلى أعلى مستوى بعد الصلاة… وكلما زاد مستوى التعرض أي زاد عدد الصلوات التي تؤديها بدون طقوس أي بدون تكرار الصلاة أو الخروج منها بالتسليم أو الصلاة بصوت مرتفع سوف يزيد معدل القلق وعندما تتعود على منع الطقوس سوف يبدأ مستوى القلق في التناقص.

‌ب. بمجرد الإنتهاء من الصلاة عليك شغل نفسك بعد الصلاة وعدم المكث في نفس المكان ثم الإنشغال بعمل آخر أو الإنخراط في نفس المكان ثم الإنشغال بعمل آخر أو الإنخراط في حديث عائلي مجرد مرور دقاءق معدودة سوف يقل الإلحاح على إعادة الصلاة ويزول الشك الوسواسي يوماً بعد يوم.

‌ج. والآن سوف نبدأ في تطبيق قاعدة الـ15 دقيقة كما سبق… عليك تأجيل الاستجابة لدافع إعادة الصلاة 15 دقيقة في الأسبوع الأول ثم 30 دقيقة في الاسبوع الثاني ثم 45 دقيقة في الاسبوع الثالث ثم… ثم… ثم… حتى تصل إلى درجة من الإطمئنان والسكون والرضا بصلاتك وصحتها. لابد أن تعلم أن إحساسك بعدم الراحة سوف يتزايد في أول الأمر ولكن عليك الاستمرار في مقاومة هذه الدوافع حتى يقل القلق إلى درجة محتملة أو يزول نهائياً.

9- عند وجود صعوبة في نطق كلمات القرآن أو الصلاة أو الأذكار أو الوقوف عنها طلباً للدقة في النطق أو بحثاً عن التدبر والخشوع وأيضاً عند وجود دافع مُلِحّ لتكرار تلك الكلمات.

معرفياً: استمع إلى قول الله عز وجل )لايكلف الله نفساً إلا وسعها(  وقال تعالى )فاتقوا الله ما استطعتم( واسمع لقول النبي صلى الله عليه وسلم [إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرئ ما نوى]

سلوكياً:

‌أ.  اجر الكلمات على لسانك بدون الوقوف عندها ولو بدون تدبر.

‌ب. لو كان ذلك صعباً أو مستحيلاً ووقفت الكلمات وتعثرت وزاد التكرار واستحالت الصلاة اجر هذه الكلمات والآيات على قلبك بدون مرور الكلمات على اللسان وسوف تتحسن يوماً بعد يوم ثم عندما يبدأ القلق في التناقص سوف تبدأ الكلمات في المرور على اللسان شيئاً فشيئاً وسوف يأتي الخشوع والتدبر.

‌ج.  في أوقات فراغك سجل الصلاة كاملة على شريط تسجيل من التكبير حتى التسليم بصوت عالٍ وأنت خارج الصلاة طبعاً وسجل الأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم واختار تسجيل للقرآن سهل عليك متابعته ثم درِّب نفسك على نطق كلمات الصلاة والقرآن والأذكار مع التسجيل وكلما فاتتك كلمة أو جملة أو صعب نطقها اجرها على قلبك وتابع الاستماع مع النطق، ومع التدريب سوف تجري الكلمات على القلب واللسان وسوف يأتي التدبر والخشوع إن شاء الله.

10- مشكلة الشك في نية الوضوء أو الغسل أو الصلاة أو الصيام هل نويت أم لا وتكرار النية أو تكرار التكبير أو تكرار……

 لو فكرت قليلاً سوف تجد أن اشك في نية الوضوء أو الغسل أو الصلاة أو الصيام لا يحدث إلا بعد النية أي بعد أن تتهيأ للعمل أي بعد أن تنوي، فخذها علامة على ذلك. فكلما شككت في نية الوضوء تأكد أنك قد نويت الوضوء وإذا شككت في نية الصلاة تأكد أنك قد نويت الصلاة وإن شككت في التكبير تأكد أنك قد كبرت وإذا شككت هل قرأت الفاتحة تأكد أنك قد قرأتها وإذا شككت أنك قد ركعت أم لا تأكد أنك قد ركعت وإذا شككت أنك قد سجدت أم لا تأكد أنك قد سجدت وهكذا… إذن أوقف التكرار والإعادة… سوف تشعر بأن القلق يتصاعد ويزيد ..اصبر.. فسوف تتعود على القلق… سوف يقل القلق ثم يبعد عنك تدريجياً حتى يختفي.

ملاحظة جديرة بالذكر: تعمد الزيادة في الصلاة يبطلها كتاب (دقائق أولي النهى: الصلاة باب سجود السهو): [إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين. رواه مسلم (و) إن كان فعله ذلك (عمداً بطلت) صلاته، لأنه يخل بهيئيها.

11-مشكلة تكرار التبول والتبرز والبقاء بجوار الحمام: اعلم أنه في حالات القلق الشديد يشعر الإنسان برغبة شديدة في التبول والتبرز المتكرر ولذلك فإنه يحتاج إلى أن يكون قريباً من الحمامات أو دورات المياة.

         نطمئنك أن هذه الأعراض سوف تتحسن عند تحسن عند تحسن أعراض القلق كما ذكرنا سابقاً، وتأتي هنا الإشارة إلى أهمية العلاج الدوائي الذي يساعدك كثيراً لتخطي هذه المشكلات. هنا عليك تطبيق قاعدة الـ15 دقيقة في الأسبوع الأول يتم تأجيل تكرار دخول الحمام 15 دقيقة وفي الأسبوع الثاني يتم تأجيل تكرار دخول الحمام 30 دقيقة ثم… ثم… ثم… حتى يقل الدافع لتكرار دخول الحمام ويقل القلق وهكذا….

12-الأكل والشرب الكثير خوفاً من الجوع والعطش في الصيام: أيضاً سوف تتحسن هذه السلوكيات عند علاج القلق وزواله.

13-مشكلة تكرار البصق في الصيام وعدم الإقتراب من الماء أو الأكل وعدم  الإقتراب من الأشياء المبللة وعدم القيام بأعمال المطبخ.

    هذه الأعراض ما هي إلا صور من القلق والخوف من عدم صحة العبادة.

معرفياً: عن عمر قال هششت يوماً فقبلت وأنا صائم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت صنعت اليوم أمراً عظيماً، قلبت وأنا صائم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم؟ قلت لا بأس بذلك فقال صلى الله عليه وسلم ففيم؟ رواه أحمد  و أبو داوود، وعن أبي بكر بن عبد الرحمن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصب الماء على رأسه من الحر وهو صائم روام أحمد وأبو داود يقول الإمام الشوكاني في قوله أرأيت لو تمضمضت… إلخ؟ فيه إشارة إلى فقه بديع وهو أن المضمضة لا تفسد الصوم ، وفي قوله: يصب الماء على رأسه إلخ فيه دليل على بعض بدنه أو كله وقد ذهب إلى ذلك الجمهور.

       وقد نقل أيضاً إختلاف العلماء في مسألة إذا دخل من ماء المضمضة والاستنشاق إلى جوفه خطأ؛ هنا أنقل لك كلام الإمام أحمد بن حنبل وإسحاق والأوزاعي والناصر والإمام يحيى وأصحاب الشافعي: إنه لا يفسد الصوم (كتاب نيل الأوتار :جـ3 باب الصيام).

والمضمضة والاستنشاق فمشروعان للصائم بإتفاق العلماء قال شيخ الإسلام بن تيمية -رحمه الله- وكان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة يتمضمضون ويستنشقون مع الصوم ولم يثبت عنهم ترك ذلك لأجل الصيام بل قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر] ولم يفرق بين صائم وغيره لكن قال [وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً فنهاه عن المبالغة لا عن الاستنشاق في الصيام]، فإن بالغ وسبق الماء إلى حلقه فنزل إلى جوفه فإن كان ناسياً أو جاهلاً لا يبطل صومه [الشيخ أحمد حطيبة: كتاب الجامع لأحكام الصيام].

 وقد نقل الشيخ أحمد حطيبة عن الشيخ المتولي الشافعي قوله: وإذا تمضمض الصائم لزمه مج  الماء ولايلزمه تنشيف فمه بخرقه ونحوها لأن في ذلك مشقة ولأنه لا يبقى في الفم بعد المج إلا رطوبة لا تنفصل عن الموضع إذ لو إنفصلت لخرجت في المج والله أعلم. قال الشيخ أيضاً: ولو طارت ذبابة فدخلت جوفه أو وصل إليه غبار الطريق أو غربلة الدقيق لم يفطر ولا يكلف إطباق فمه عند الغبار والغربلة لأن فيه حرجاً.

         وقال الشيخ أيضاً: وإذا بقي في خلل أسنانه طعام فينبغي أن يخلله في الليل وينقي فمه فإن أصبح صائماً وفي خلل أسنانه شيء….. إذا جرى به الريق فبلعه بغير قصد فلا يفطر وأما ابتلاع الريق فلا يفطر بالإجماع.

حكم إبتلاع النخامة: النخامة هي المخاط الذي يخرجه الإنسان من حلقه والراجح أن بلع النخامة سواء أكانت مخاطاً أم بلغماً لا يفطر مطلقاً لمشقته ولعموم البلوى بع.

سلوكياً: بنفس الطريقة السابقة (قاعدة الـ15 دقيقة) يتم تأجيل الطقوس مثل تأجيل البصق تدريجياً… ثم القرب من الماء ومنع الطقوس تدريجياً… ثم البدء في أعمال المنزل والمطبخ تدريجياً… وهكذا كما سبق.

الخلاصة

  • مرض الوسواس القهري قابل للشفاء أو التحسن بصورة كبيرة إن شاء الله مما دحض الأوهام السابقة أنه مرض يصعب علاجه أو أنه لا يشفى منه مطلقاً.

  • مرض الوسواس القهري  حدث بسبب إضطراب النواقل العصبية في المخ وتغيرات مرضية أخرى تمت متابعتها عن طريق التصوير الطبقي بالإنبعاث البوزيتروني والآشعة المقطعية والرنين المغناطيسي….. وليس بسبب قلة الدين أو ضعف الإيمان أو غضب الله أو غياب الإرادة أو التقصير في الأذكار والدعوات المأثورة أو بسبب الجن أو السحر أو العين أو الحسد أو بسبب التربية والعُقَد القديمة أو أن القرين هو الذي يتكلم بكلمات أو أفكار الوسواس.

  • مريض الوسواس القهري غير مسئول عن حدوث المرض ولا أسرته أو من حوله بل هي مسئولية مخه الذي لابد من علاجه.

  • في أحيان كثيرة يعتقد المريض أنه راضي عن هذه الأفكار أو الأفعال فيظن أنه منافق أو فاسق أو كافر أو قذر أو نجس وأحياناً يقول المريض (إزاي أسمح لنفسي أقول كده… والا افكركده… والا اعمل كده) مما يتسبب في حزن شديد وسوء ظن المريض بنفسه فيهمل عمله أو يترك دراسته أو يعتزل الناس وهذه خدعه يفعلها المرض في المريض ولكن الحقيقة أن مريض الوسواس القهري برئ من كل ذلك.

  • مرض الوسواس القهري لا يسبب أبداً الإصابة بالجنون كما يظن كثير من الناس.

3 thoughts on “وسواس الطهارة والصلاة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *