الأربعاء, مايو 8, 2024
الوسواس القهريتفصيل برنامج العلاج السلوكي

حياكة العلاج السلوكي على حسب أعراض ومقاسات الوسواس القهري

لنأخذ نظرة على أعراض الوسواس المختلفة وكيف يتم وضع الأساسيات وطرق العلاج السلوكي التي سبق وأن تعلمتها.. ستلاحظ هنا كيف يتم تعديل العلاج السلوكي ليناسب مشكلة معينة بحيث تستطيع أن تطوعها لتتعامل مع أعراض الوسواس الخاصة بك.
قد تلاحظ وجود أسماء تستخدم عامة كـ (المنظف cleaner   ) أو (المتفحص Checker )  هذه وضعت للتسهيل لكن من المعروف أن الكثير من مرضى الوسواس القهري لديهم أكثر من نوع من الأعراض، ستختار الطريقة الأنسب لعلاج الأعراض الخاصة بك ولكن الإطلاع على جميع الطرق سيفيدك كثيرًا، هذه الطرق تمدك بوفرة من الأفكار التي ستدعم وصولك للأهداف البعيدة التي وضعتها سابقًا.

أولاً: وسواس النظافة والغسل

أغلب الناس يتوقفون عن غسل أيديهم حال شعورهم بنظافتها لكنك بالطبع ستجد صعوبة للوصول لهذا الاحساس، قد تكون نسيت ما هو الشعور العادي بالنظافة.. وإن كان هذا الأمر مخجلاً لكنك ستحتاج لتعبر عن هذا الشعور أمام ثلاثة أشخاص لتستعيد فكرتك عن النظافة وستقرب بين رأى الثلاثة وتستخدم النتيجة في وضع أهدافك البعيدة.
خلال دستة من السنوات سئل المرضى وعائلاتهم عن المواقف التي يتم غسل الأيدي فيها، لخصت الإجابات في أربع نقاط ستذكر لاحقًا وبالأخص في النقطتين الثالثة والرابعة استخدمت لفظتى “رأيت” و “عانيت” ليكون تذكرة لك لغسل الأيدي يكون على أساس موضوعي وليس مشاعر ضبابية بالقذارة.
قواعد لغسل الأيدي:

  1. مسموح بالغسل بعد الخروج من دورة المياه.
  2. مسموح بالغسل قبل الأكل.
  3. مسموح بالغسل حيث “ترى” شئ قذر على جسدك.
  4. مسموح بالغسل حين تلمس شيئًا “مسمى معين” أو موصوف بالسمية.

إذا وجدت أن هذه القائمة مفيدة، ستأخذ منها نسخ ضوئية متعددة وتعلقها قرب كل الأحواض في مكان واضح الرؤية بالمنزل، وسترجع لهذه القائمة كلما اردت غسل يديك أو أردت الاغتسال وتسأل “هل أحتاج للغسل الآن؟” وإذا لم يزل الشك لديك إلجأ لاستشارة مساعدك أولاً.
إذا كنت ممن لديهم مشكلات في الاستحمام فابدأ بسؤال ثلاثة أشخاص بمن فيهم مساعدك لكى تعرف كم يحتاجون من الوقت لاتمام ذلك.. ستأخذ متوسط الوقت وتضعه كهدف طويل الأمد.. ونفس الشئ ستطبقه على المدة المطلوبة لدخول الحمام صباحًا استعدادًا لمغادرة المنزل.
أثناء التعامل مع طقوس النظافة يفضل أن تبدأ بلمس الأشياء التي تسبب نوع من عدم الارتياح والتوتر (التعرض) مثل لمس سلة المهملات وليبدأ مساعدك بلمسه أولا ليوضح لك أنه لا يطلب منك شيئًا لن يقوم هو به وهو ما يسمى التمثيل “modeling” والذي يزيد من كفاءة التعرض.
أما عند التعامل مع طقوس النظافة للتدرب على منع رد الفعل (منع الاستجابة أو منع الطقوس)، يفضل أن تحجم عن المسح والغسل أو جمع الملابس المتسخة بعد لمس ما تظن أنه متسخ .. فقد لوحظ أن أغلب الناس يستطيعون تأجيل هذه الطقوس لمدة تصل إلى ساعتين برغم المخاوف التي يعانون منها بعد التعرض.
أثناء مرورك بمرحلة منع رد الفعل “منع الاستجابة” من الطبيعي أن تظهر رغبة ملحة للغسل والشعور بأنك ملوث لفترة ولكن ذلك سيتناقص على مدار ساعة أو ساعتين، بالطبع ستستعين بالتسجيل لما أحرزته من نتائج.
الطرق والتكتيكات التالية ستساعدك كثيرًا أثناء جلسات التدريب، إذا كانت المشكلة التي تعاني منها هى الاستحمام الزائد ستستفيد من المنبه وساعة الإيقاف، لا تدع نفسك تخمن الوقت فأنت ستخطئ.. ستحتاج في البداية لوجود مساعدك ليذكرك بانتهاء الوقت، فإذا انتهى الوقت ولم تتم الاستحمام اعلم أن عليك الخروج في دقائق معدودة.. ويجب أن تسرع.. لقد طلب أحدهم من مساعده إخباره عند انتهاء نصف الوقت وعند الخمس دقائق الأخيرة ليستطيع ضبط نفسه.. إذا أخبرك مساعدك بانتهاء وقت الاستحمام – وقد يكون ذلك من حجرة مجاورة – فعليك أن تقفل صنبور المياه فورًا وتخرج من حوض الاستحمام، حتى لو شعرت أنك مازلت متسخًا وهو غالبًا ما يحدث.. يجب أن تخرج فكل ما تستطيع التحكم فيه هو أفعالك وسوف تستمر مشاعرك وأفكارك.
وبالمثل إذا كانت لديك طقوس زائدة للاستحمام يجب أن تجبر نفسك على التوقف حال إخبار مساعدك لك بانتهاء الوقت، لا تخطف فرصة أخرى لاستخدام الفرشاة أو المشط أو الصابونة أو الكريم.. اتركهم في الحال.
كثير من الناس وجدوا طرق عدة للالتزام بالتعرض exposure ومنع الاستجابة response prevention في العلاج السلوكي.. فهناك من اخترع لعبة يقوم بها كلما ألحت عليه الرغبة في غسل يديه.. كلما جاءته الفكرة قام بلعبة العملة (صورة أم كتابة)، وأخرى كان لديها خوف من التسمم بالجازولين (البنزين) كانت تأتي بالجازولين المنزلي وتأخذ جولة بالسيارة لمدة ساعة لتمنع نفسها من غسل يديها، وآخر كان لديه خوف من التلوث في الحمامات العامة وكانت طريقته أن يتعمد دخول حمام عام كلما خرج من المنزل وتم إخباره بمواجهة مخاوفه ولمس صنابير المياه ومفاتيح المصابيح بيده وليس بالورق.
قد تستفيد من إحدى هذه الطرق وهناك أيضًا تمارين الاسترخاء التي ساعدت الكثيرين في تهدئة قلقهم من التلوث.. من الممكن أن تجرب إيقاف أو تأخير الأفكار.. ثم كافئ نفسك على النجاح الذي أحرزته واكتب قائمة بالأشياء التي تستطيع فعلها في المستقبل حين تسيطر على طقوس النظافة.. وحاول أن ترى نفسك تفعل ذلك.
أدرج قواعد الغسل المذكورة سابقًا في برنامجك العلاجي لتعتمد عليها بدلاً من شعورك بالاتساخ، ستعتمد حينها على قواعد مادية أبيض أو أسود وستجرب أن تؤجل الغسل لمدة أطول كلما وضعت هدفًا جديدًا.
إذا عملت بجد على العلاج السلوكي سيساعدك هذا على السيطرة على طقوسك للنظافة، حتى الأفكار والرغبات الملحة ستهدأ.. ستكتشف حينها أن هذه عملية سهلة أكثر من المتوقع.. قد تعاني في وقت الأزمات الكبيرة من معاودة الأفكار لكن لا بأس بذلك سيكون ذلك عرض مؤقت.

ثانيًا: وسواس التأكد

كيف تميز التأكد الطبيعي؟ ستسأل مساعدك وشخصين آخرين.. هل سيتأكدون من نفس المواقف التي تخافها؟ واسأل أسئلة محددة جدًا لها علاقة بمشكلتك.. إذا كنت تتأكد من إغلاق الأبواب أو الشبابيك اسألهم ماذا يفعلون حيال ذلك، ونفس الشئ إذا كنت تتأكد من حدوث جروح لك.. حين سألت إحدى السيدات زوجها عما يفعله إذا رأى رجل ممدد تحت سيارة كانت تفكر أن هذا الرجل مصاب وستطلب الإسعاف فعلى العكس منها زوجها كان سيظن أولاً أنه ممدد يصلح السيارة مما جعلها تتفاجئ لأنه حينها لن يطلب المساعدة.. حين تحصل على الإجابات المطلوبة سجلها لتستخدمها في الأهداف الطويلة.
هناك بعض الطرق التي استخدمت مع وسواس التأكد.. مثلا “ج” وهى شابة يافعة لم تكن تستطيع مغادرة المنزل دون فتح وغلق مفاتيح الموقد والصنابير عدة مرات لخوفها من حدوث حريق أو غرق المنزل.. أخبرناها وأمها بقصة رجل قام بطلاء منزله باللون البنفسجي ونقاط وردية وحين سأله أحد الجيران عن سبب ذلك برر أنه بذلك يمنع الأفيال الطائرة.. وحين أخبره جاره بأنه لا وجود للأفيال الطائرة أكد أن هذا إثبات لفاعلية ما قام به.
قيل لهذه الشابة كيف ستتمكني من إقناعه بطلاء أكثر تقليدية من الطلاء الحالي فالأفيال الطائرة لا وجود لها وكان الرد أنه قد يرفض التجربة للتأكد من ذلك وبالضبط كانت هذه هى مشكلتها.
بدأت هى ووالدتها الاعتماد على هذه الأقصوصة في التعامل مع التعرض ومنع الاستجابة في الجلسة الأولى.. شرحت لها أمها أنها بمساعدتها على التوقف عن التأكد كأنها اقنعت الرجل بإعادة طلاء المنزل بلون آخر ليكتشف عدم وجود أفيال طائرة ويشعر بالأمان مع اللون الجديد..
التعرض في حالات وسواس التأكد يعني مواجهة المواقف التي تسبب الخوف مثل إغلاق مفتاح الموقد لمرة واحدة فقط، أما منع الاستجابة هو مقاومة الرغبة الملحة في الرجوع مرة أخرى للتأكيد على المفتاح.. عادةً ما تكون هذه المواقف في المنزل أو العمل حيث المسئولية أكبر ولكن آخرون تمتد معهم المشكلة إلى خارج المنزل.. فقد خرجت للتسوق مع شخص كان يخشى وقوع البضائع منه فساعدته أن يكون في المتجر ويقوم بحمل البضائع بدون تأكد وأن يغلق الباب دون خوف أن يصدم باب المتجر شخص خلفه.. بمساعدة المساعد قم بتأجيل التأكد لمدة 15 دقيقة ثم 30 دقيقة ثم 60 دقيقة ومع الوقت ستتغير المشاعر والأفكار.
وفي حالة أخرى ركبت السيارة مع سيدة كانت قد تركت القيادة من فترة بسبب خوفها من صدم المارة دون أن تشعر شجعتها على استخدام مرايا السيارة دون اللجوء إلى الرجوع بالسيارة والنزول للتأكد وهو ما قامت به مع زوجها أكثر من مرة.. وهو دور المساعد في الجلسات العلاجية.. حيث تقوم بتأجيل التأكد لمدة 15 دقيقة ثم 30 دقيقة ثم 60 دقيقة حيث يمكننا التحكم في السلوك ومع الوقت ستتغير الأفكار والمشاعر أيضًا.
فتاة في السابعة عشر.. كانت لابد أن تتأكد أن الماء وصل لكل أجزاء الوضوء أو تكرر الغسل.. وأحيانًا تتأكد من عدم بلل ملابسها الداخلية خوفًا من وجود نقاط بول أو مزى، أو تذهب وتعيد الاستنجاء أو الوضوء وأحيانًا تعيد مقاطع من الصلاة من نية أو تكبير أو ركعة أو سجود أو تشهد وأحيانًا تقطع الصلاة وتعيدها بالكامل، وكان عليها أن تمتنع عن ذلك وإن لم تستطيع ولن تستطيع فعليها إكمال الاستنجاء أو الوضوء أو الصلاة وإن كان لابد من الإعادة فتعيد بعد 15 دقيقة ثم بعد 30 دقيقة ثم بعد 60 دقيقة.. وإن لم تستطع تمنعها المساعدة ومع الوقت تتغير المشاعر والأفكار..
إذا كانت تأتيك الرغبة الملحة سواء بصحبة أشخاص آخرين أو كنت وحدك استعن بمساعدك في التعرض  ومنع رد الفعل (منع الاستجابة)، أما وجود شخص ما مصدر أمان لك فقم بالتعرض لوحدك واطلب المساعدة من مساعدك في منع الرغبات الملحة فقط..
كانت إحدى السيدات لا تقوم بالتأكيد على الموقد إلا إذا كانت وحدها ففكرت أن تغلق الموقد لمرة واحدة حين تكون بمفردها وأن تنزل لتقابل والدتها لتمضي معها من ساعة إلى ساعتين لتأجيل الرغبة الملحة في العودة إلى المنزل وعدم التأكد من وجود حريق.. وللتأكد من عدم التحول إلى وسواس آخر كانت تصر الأم على ألا تواسي ابنتها وتطمئنها بعدم حدوث حريق وأن تغير الموضوع.
كانت هناك صيدلانية تعيد عد حبوب الدواء الموصوفة في الروشتة فقامت بقلب كل علبة دواء بعد وضع الغطاء عليها ليساعدها ذلك في التغلب على فتح زجاجة الدواء وعد الحبوب.. لذلك تستطيع أنت أن تبتكر طريقتك الخاصة التي تساعدك أثناء قيامك بالجلسات.
إذا قلقت من تسببك في موقف خطر بعد القيام بتدريبات التعرض ومنع الاستجابة فعليك الرجوع لقسم “دع الوساوس تمر ببساطة” استخدم شرائط التسجيل والفيديو لتزيد من شدة التعرض” إذا لم تقتنع بما أحرزته عد إلى قسم “دع وقت القلق على الوسواس جانبًا”
مكافأة نفسك هى وسيلة ناجحة جدًا لتحفز نفسك على السيطرة على وساوسك..
كان لدى سالي طقوس بصرية في التأكد وتكررها يوميًا كانت تطلق عليها الفحص اليومي.. وهى أن تقوم بالكشف السريع على ملابسها للتأكد من عدم وجود أى أتربة أو قاذورات.. وضعنا لها حد أقصى من عدد القيام بالفحص واتفقنا معها أنها إذا نجحت في الالتزام بهذا العدد تقوم بمكافأة نفسها بمشاهدة شئ (برنامج) تحبه.. وإذا لم تنجح تمنع نفسها من هذا النشاط وبذلك انخفضت المرات إلى ثلاثة أرباع العدد الذي كان في السابق.
اتبع مريض آخر أسلوب التفكير وساعده فيه مساعده أن يتذكر كلمة الطبيب له “أن الأشخاص الذين يخافون من ارتكاب الأخطاء – ممن لديهم وسواس قهري – ليسوا ممن يرتكبون الأخطاء إلا قليلاً” وبذلك استطاع أن يسيطر على وساوس ظلت معه لمدة 4 سنوات فقط في أسبوعين وشعر حينها أنه يستحق الحرية.
أهدافك في التدريب تركز على ما تخافه ويسبب لك القلق، وتعتمد على تقليل تدريجي بطئ لعدد المرات التي تحتاج فيها للتأكد لتحدد عدد المرات التي تحتاج فيها للتقليل مرة أو اثنتين في كل هدف، ثم تقوم بزيادة الوقت المطلوب زيادته لمنع الاستجابة للأفكار الملحة ولتبدأ بدقائق قليلة لتصل إلى ساعة أو ساعتين..
ويجب أن تنتبه إلى أن طلبك من مساعدك طمأنتك هو نوع من وسواس التأكد فقط تقبل تشجيعه لك على مجهودك.
مع الوقت ستستطيع السيطرة على طقوس التأكد ولتركز على تغيير سلوكك واترك الرغبات الملحة والأفكار تأخذ وقتها في الانحسار.. ستتأرجح رغباتك الملحة لكن لا بأس بوجود أيام جيدة وأخرى غير جيدة وهذا طبيعي.

ثالثًا: طقوس التكرار والعد القهري

كما تتعامل مع كل أنواع الوسواس فيجب أت تبدأ بإعادة التعرف على ما يمارسه الناس في الأمور العادية.. وبالطبع ستسأل ثلاثة أشخاص عما سيفعلونه في موقف كهذا، يفضل أن يكونوا من معارفك وأن يكون مساعدك واحدًا منهم.. عادةً ما يقوم الأشخاص العاديون بالتكرار والعد في حالات التوتر أو التشتت الشديدين.. مثال على ذلك أن يذرع الأب الغرفة ذهابًا وإيابًا في انتظار نبأ المولود القادم.. قد يقوم بعد البلاطات على الأرض ليساعده على مرور الوقت أو ليشغل نفسه.. لكن إذا عاد انتباهه سيتوقف في التو، وهذا سيكون هدفك أن توقف العد حال انتبهت إليه.
الفارق أن من يعاني من الوسواس القهري لا يستطيع التوقف عن ذلك بسهولة..
إحدى السيدات التي قمنا بعلاجها كانت تغسل كل جزء من جسدها إحدى عشر مرة وفي كل مرة تكرر سبع مرات وإلا شعرت بأنها متسخة.. وآخر كان بعد وضع عويناته (نظارته) على المنضدة ليلاً يقوم بالعد من الألف أثناء النظر إليها ليطمئن نفسه أنه لم يوقعها أرضًا ويكسرها.
التعرض ومنع الاستجابة يعتبر شئ مباشر جدًا في التعامل مع وسواس التكرار والعد.. في البدء حدد ما هو الموقف الذي يؤجج هذه المشاعر مثل قراءة كتاب ثم عرض نفسك لها تدريجيًا ثم قاوم الاستجابة للرغبة الملحة في التكرار لمدد أطول تدريجيًا.. وأهم خطوة هنا هى وجود مساعد معك ليخبرك أن تتوقف في الوقت المناسب قبل أن تدخل في متاهة يصعب عليك الخروج منها.
إذا كنت ممن يكررون قراءة سطر قد قرأته قم باستخدام إصبعك الإبهام لتضعه تحت السطر الذي تقرأه وتمرره على السطر أثناء القراءة، وحين تنتهي من قراءة السطر لتنزل إصبعك إلى السطر الثاني وهكذا.. وإذا عاودتك الرغبة في إعادة قراءة أى سطر ستستكمل إتباع حركة إصبعك إلى نهاية الصفحة طالما إصبعك يتحرك للأسفل ستقل الرغبة الملحة بالتدريج..
أهدافك الأولية يجب أن تحتوي على المواجهة التي تأجج مشاعرك الملحة مع مقاومة التصرفات القهرية بزيادة الوقت تدريجيًا كما سبق الذكر.
بعد الاستفادة من التعرض ومنع الاستجابة (منع الطقوس) ستستطيع السيطرة على التكرار والعد.. فمثلاً مشكلة الاستحمام التي ذكرناها سابقًا أصبحت السيدة تقوم بغسل كل جزء في جسدها مرة واحدة فقط.. واستطاع صاحب العوينات الانصراف من أمامها في خلال 15 ثانية.. في أوقات الشدة تزداد هذه التصرفات القهرية إذا استطعت حينها السيطرة عليها ستنحسر بمجرد مرور هذه الشدة.

رابعًا: وساوس الجمع والتخزين (الكَنز)
والاحتفاظ بالخردة و القديم

يجب أن نعرف أولاً ما يمارسه الناس في العادة وتعرف ذلك بسؤال ثلاثة أشخاص أحدهم مساعدك.. ماذا سيفعلون في إلقاء أشياء لا فائدة منها كالبريد القديم ولفائف الورق والجرائد القديمة واللمبات الكهربائية المحروقة والمسامير المستعملة والعلب الفارغة وقوارير المشروبات الغازية.. اعزمهم بمنزلك ليروا كيف يكون الوضع بحجرات منزلك ليستطيعوا نصحك عن كيفية التخلص من هذه الأشياء، قد تتفاجئ من الحلول التي سيطرحونها لكن استخدمها أثناء وضع الأهداف.
سيكون التعرض بأنك تتخلص من هذه الأشياء.. يتلخص منع الاستجابة في مقاومة رغبتك في إخراج ما رميته من أكياس القمامة لإعادة الاحتفاظ به.. ستحتاج ملاحظة مباشرة من مساعدك أثناء تخلصك من هذه الأشياء، تحتاج أن تحدد ما هى الأشياء القديمة (الخردة) القابلة للرمى لتبدأ برميها ويفضل أن يبدأ مساعدك للتأكد من أن هذا ليس خطرًا ثم تستمر أنت في رمى الاشياء القديمة وتقاوم رغبتك في إخراج هذه الأشياء من القمامة وإعادتها ثانية..
تذكر أن هذه ليست مهمة تنظيف لمنزلك.. تستطيع أن تستأجر أحدهم لهذا الشأن، هذه المهمة بصدد تمييزك لما هو مفيد وما هو خردة لتستطيع رمى هذه الخردة فيما بعد.. إذا كانت مشكلتك هى جمع الخردة من الشارع فسيكون دور مساعدك هو العمل معك على مقاومة رغبتك في التقاط الأشياء أثناء المشى في أنحاء المدينة.
قامت إحداهن بمساعدة أخاها على تطبيق التعرض ومنع الاستجابة، فقررت المكوث معه أسبوع وفي كل يوم تراقبه وهو يقوم بالتخلص من الخردة وكان تبريره لعمله عدة ساعات كل يوم وإنجازه هذه المهمة أنه وجد شخصية قريبة مألوفة لتساعده في هذه المهمة وفي نفس الوقت تم العمل على جدول مكثف.
العامل المساعد هو أهم عامل للنجاح في التعرض ومنع الاستجابة في التخزين القهري.. قد تستخدم أسلوب استبصارك لنفسك في المستقبل بعد وصولك للأهداف التي وضعتها.. الرجل الذي ذكرت مشكلته منذ قليل وصل إلى عدم قبول زيارة أحد في منزله خجلاً من الأشياء المتراكمة في كل مكان، فحين تخيل نفسه بعد الوصول إلى الأهداف حفز نفسه بأنه قد يستطيع دعوة الضيوف للاحتفال بتخلصه من الخردة التي كانت تملأ منزله.
كان من المفيد أن يضع المرضى لأنفسهم جدول للقمامة التي ستلقى وهذا سيساعد على التدرب لوضع الأهداف..
مثلاً: كانت إحدى السيدات لا تستطيع رمى أى شئ من سيارتها.. زجاجات وجواكت (سترات) وأوراق وكل شئ .. وكانت تملأ بهذه الأشياء المقعد الخلفي وشنطة السيارة.. أعادت تقييم الأشياء ووجدت كم سيكون صعبًا أن تتخلص من كل قطعة.
بدأت بمساعدة مساعدتها بالتخلص من الأشياء الأسهل في التخلص منها مع مقاومة الرغبة الملحة في استعادتها ثانية.. وفي كل مرة تتدرج في الصعوبة.
هناك اقتراحات أخرى ستساعدك في الوصول لأهدافك.. حاول دائمًا أن تعمل مع مساعدك في البداية.. فبعد قيامك بعمل قائمة بالأشياء التي ستتخلص منها مع تدرج الصعوبة ستبدأ بالأسهل وتذكر أن من غير المسموح لك أن تقوم برجها أو تدقيق النظر فيها وبالطبع لن تستعيدها من القمامة.
سيكون مستوى القلق قبل التخلص من هذه الأشياء أعلى بكثير من بعده.. حينما تلقي شيئًا فقد انتهى الأسوأ.. إذا أدركت أنه باستطاعتك التمييز بين الأشياء القديمة البالية والأشياء القيمة واستمريت في العمل على ذلك مع مساعدك ستستطيع السيطرة على الاختزان القهري.. ستأتيك بالطبع فرص أخرى للاختزان القهري كالبريد عديم الفائدة ولفائف الورق الفارغة والأوعية.. ستعطي اهتمامًا لتجنب الانتكاسة.

خامسًا: الوساوس الخرافية (التشاؤمية)

الكثير لديهم خرافات التشاؤم من القطط السوداء والمشى تحت السلالم ورؤية الغربان ويوم الجمعة 13 من الشهر أو لبس ملابس تشبه ملابس الفاشلين أو المرضى أو الأموات أو ألوانها أو أشكالها ، أو كلمة الموت أو السرطان أو السقوط في الامتحان وماشابه.. الفارق بين مريض الوسواس والشخص العادي أن الأخير لا يدع هذه الخرافات تعطل حياته لهذا عليك أن تسأل أشخاص آخرين عما تعنيه لهم هذه المخاوف من الخرافات وسترتب عليها الأهداف البعيدة، وبالطبع من ضمنهم مساعدك.
العنصر الأكبر في التعامل مع هذا النوع من الوسواس والأفعال القهرية هو التعرض بمواجهة المواقف التي تحفز خوفك وهل سيتبع ذلك سوء الحظ من مكان أو يوم أو لون معين.. يتم منع الاستجابة (المبالغة في الأدعية للتعوذ من سبب التشاؤم المزعوم) او محاولة عكس سبب التشاؤم بشئ تعتبره جالبًا للحظ. (لا تقل أبدًا فلان سقط بعد الشر، فلان مات تف من بؤك، اللي ما يتسمى السرطان ). ( لا تقل بعد الضحك خير اللهم اجعله خير)
التجنب الملح لهذه المواقف سيكون شديدًا جدًا لذا سيصحبك مساعدك في البداية وستكون مهمته الأكبر هى التأكد من تعرضك لهذه المواقف ثم منعك من الطقوس التي تقوم بها لتعكس تأثير ما تعرضت له.. وسيقوم بفعل ذلك أمامك لتتأكد أنه لن يكون هناك سوء حظ.
يجب أن تتذكر أنه قد يحدث أشياء سيئة لنا للأسف في وقت ما، إذا شعرت أن سوء الحظ لازمك ناقش ذلك مع مساعدك، ويجب أن تقاوم رغبتك في لوم نفسك على حظك السئ أثناء تدربك على التعرض ومنع الاستجابة.. ولكن قل قدر الله وماشاء فعل.
بعض الناس يستجيبون على تعريض أنفسهم لمواقف تثير مخاوفهم ويظنون أنها تجلب لهم سوء الحظ.. كان “س” يرتعب من الجنازات فطلب منه الاتصال بمكتب محلي لتنظيم الجنائز ويسأل هل جنازة “س” ستكون عندهم.. وبعدما تعرض لهذه المواقف مرارًا بدأت مخاوفه في الانحسار.
كافئ نفسك دومًا وإذا عادت وساوس التشاؤم الجأ إلى مساعدة نفسك بالتوقف عن التفكير أو ممارسة الاسترخاء أو تأجيل الأفكار المضادة.
عند تحديدك لأهدافك ارجع “للتسجيل الصوتي والمرئي” لتركيز التعرض وذلك خلال تعريض نفسك إلى مواقف قد لا تستطيع مواجهتها واقعيًا في الوقت الحالي لأنك ستضع لنفسك روابط أخرى بالحظ السئ وهكذا ستستطيع الحد من انتشار خوفك من الخرافات.
طلبت من امرأة تخاف الموت تعريض نفسها لمخاوفها من خلال قضاء بعض الوقت في المقابر وحضور جنازة، ورجل يخاف من الموت طلبت منه قضاء بعض الوقت في مكان مشئوم بالنسبة له وأن يبتاع بعض الأشياء التي يظنها جالبة للحظ السئ.
شخصان آخران كانا يخافان إحدى علامات الترقيم وكانا يعتبرونها علامة على الاستحواذ الشيطاني في الكتب والمجلات، فطلبت منهما أن يضعا دائرة على كل موضع يرون فيه هذه العلامة في الصحف اليومية..
أجمع المرضى على أن حدة مخاوفهم قلت مع التدريب وأنه لن يصيبهم بأس من وجود أشياء يتشائمون منها، وهو أيضًا دور مساعدك.
بالتركيز فقط على تغيير السلوك لتستطيع السيطرة على الوسواس والطقوس القهرية التشاؤمية، أترك الأفكار والرغبات الملحة سيتغيروا ببطء وإذا ظهرت في أوقات الضغوط ستعاود الانحسار.

سادسًا: البطء الوسواسي

لتطبيق العلاج السلوكي في البطء الوسواسي ستسأل ثلاثة أشخاص عن الوقت الذي يحتاجه كل واحد منهم لإنهاء مهمة صعبة بالنسبة لك مثل (الاغتسال، الأكل، إرتداء الملابس، أن تكتب ملاحظة… إلخ) خذ متوسط الوقت واستخدمه مع أهدافك.
بعض الدراسات أثبتت أن الطرق التقليدية السلوكية في التعرض ومنع الاستجابة يصعب تطبيقها مع البطء الوسواسي.. لذلك نستخدم الإسراع والتشكيل لأنهما الأفضل في هذه المشكلة.
في الإسراع يحدد لك مساعدك وقت محدد لإتمام ما تقوم به وبذلك تستعيد السلوك الطبيعي (التشكيل).
مثلاً لتحديد الوقت الذي ستأخذه للانتقال من وضع الوقوف إلى الجلوس دون تعليق، سيقوم بفعل ذلك أولاً ثم يحدد لك من ثوان لدقائق للجلوس ويكون ذلك أثناء عده للوقت بصوت مسموع وتقلل المدة تدريجيًا إلى أن تصل للسلوك الطبيعي (التشكيل) وكذلك للأكل والاغتسال وغسل الأيدي وارتداء الملابس.( لا تجعل من استعمال الوقت طقسًا من الطقوس)
ستحتاج من يشجعك على التخلص من البطء الوسواسي ويجب أن يكون حازمًا معك أثناء تحديده للوقت الذي ستلتزم به، للتحفيز تخيل نفسك تقوم بالنشاط الرياضي وأنت تصارع الوقت لتسجل رقمًا قياسيًا، كلما حددت وقتًا أقصر كهدف في تنفيذه انتقل إلى وقت أقل وإحراز جديد.. سيشتتك ذلك عن إضاعة الوقت بطريقة وسواسية.. ككل المسابقات الرياضية استخدم موقتًا أو ساعة إيقاف ولا تعتمد على تقييمك الشخصي للوقت.
مع مساعدة مساعدك لك كافئ نفسك مع إحراز كل هدف..
كان استبصار أحدهم لنفسه وقد حقق هدفه بالاعتماد على نفسه واستطاعته تدبر أمره بنفسه حافزًا لاستمراره..
حدد الوقت الذي تحتاجه لفعل النشاط ولتضع هدفك أقل قليلاً.. فمثلاً إذا كنت تحتاج إلى ساعتين لارتداء ملابسك إبدأ بهدف ساعة ونصف، وإذا كان هذا صعبًا اجعله ساعتين إلا عشر دقائق وإذا نجحت قلل الوقت تدريجيًا واصبر على ذلك فالتحكم في البطء الوسواسي عملية صعبة.
يجب أن تتوقع حدوث مخاوف وقلق لديك طالما تبدأ في الإسراع.. لا بأس فهذا طبيعي، تقبل ذلك واعمل مع مساعدك في كل مرة ستستطيع الإسراع مع التدريب أكثر من أى نوع آخر من الوسواس.. اصبر وتذكر أنك تبحث عن جودة أفضل لحياتك بدلاً من القيام بالأشياء.

سابعًا: وساوس لا تصاحبها سلوكيات قهرية

كلنا نعاني من وساوس في وقت ما.. قد تصادف أن تأتي لأحدنا خاطرة جنسية أو خاطرة للإيذاء كدفع أحدهم أمام القطار أو الخروج من السيارة وهى تسير.. لكن من لا يعانون من الوساوس القهرية يستطيعون إزاحة هذه الأفكار جانبًا ولا يقلقون بصددها..
هدفك الطويل هو أن يكون باستطاعتك خوض مواقف الحياة دون أن تأتيك أفكار وسواسية وأن تسيطر على سلوكك مهما كانت الأفكار..
إذا كانت هذه الأفكار تستفز من مواقف معينة مثل أفكار الشذوذ الجنسي وأنت بصحبة رجال آخرين فسيكون التعرض هو خوضك لهذه المواقف ومنع الاستجابة ألا تغادر وأن تظل معهم لأطول فترة ممكنة.
سيعينك مساعدك على تعريض نفسك لهذه المواقف وأن تبقى فيها وأن تتكيف مع أفكارك وقلقك إلى أن يقل تدريجيًا.
ابتكر مع مساعدك أساليب جديدة في التعرض.. كان أحدهم لديه وساوس بشأن الأشخاص القذرين (الرعاع) وأخذه مساعده إلى الأماكن والنوادي التي يرتادها هؤلاء الأشخاص ليتعامل معهم واستمر في ذلك إلى أن قلت أفكاره الوسواسية.
اترك أفكارك الوسواسية تمر ببساطة وارجع إلى التسجيل الصوتي والمرئي.. اعتبر الأفكار التي تمر برأسك وخاطرك هى أصوات القطار والسيارات والموتوسيكلات والتكاتك المزدحمة على مزلقان سكة حديد في وسط سوق.. ماذا أنت فاعل؟؟ مر بسلام بين الناس واعبر المزلقان بقدميك وتجاهل كل الأصوات حولك وعلى نفس النحو دع الأفكار تمر وتروح بدون أن تزعجك كما أن القطار والسيارات …. إلخ لم يقوموا بازعاجك.. بعد مدة سوف تتعود على تلك الأفكار ولن تسبب لك أى قلق كما تعودت على أصوات القطار والسيارات…. إلخ.. بعد مدة سوف تعيش وكأن القطار والسيارات…إلخ غير موجودة وسوف تعيش أيضًا وكأن الأفكار غير موجودة..
حين تضع أهدافًا تخص وساوس الإصابة بأمراض محددة خطرة كالسرطان أو الإيدز ستعرض نفسك تدريجيًا لأشياء آمنة ستلمس المطويات التي تتحدث عن هذه الأمراض، وتجلس على كراسي تظن أن مرضى بهذه الأمراض جلسوا عليها..
لقد كان أحدهم يظن أنه سيصاب بالسرطان إذا قرأ صحف أو مجلات تتحدث عنه أو استخدم كتب طبية بها صور أورام..
بالطبع التحكم في الأفكار الوسواسية عمل شاق لكنك تسطيع القيام به.. إذا لم تستطع بعد عشرين ساعة من التدريب أن تقتنع بما أحرزته اتصل بمعالج يكون على دراية بالعلاج المعرفي السلوكي وتأكد أنه معتاد على التعامل مع هذا النوع من العلاج.. يمكنك الرجوع للمنظمات المختصة.
يفضل في الحالات الشديدة استخدام الأدوية المحتوية على مثبطات استرجاع السيروتونين SSRIs للتقليل من الوساوس ..
سترجع دائمًا لتستقي أفكارًا جديدة تساعدك على وساوسك..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *