الخميس, مايو 9, 2024
المثلية الجنسية

حكم الراضي أو الساكت أو المشجع على ممارسة الشذوذ الجنسي

1. الناس قسمان بالنسبة لما نهى الله عنه وحرمه..

الأول قائم في حدود الله أى منكر لما نهى الله عنه وحرمه، حريصًا على منعه وإزالته وتطهير المجتمع منه.

الثاني واقع منغمس فيه فإن لم يكن كذلك فهو مداهن فيه راض بإنتشاره، ساكت على الفاعلين فلا يغير ولا يطهر ، ولذلك فالمجتمع لن يحافظ على أمنه واستقراره وتقدمه إلا بتشجيع المصلحين والأخذ على أيدي المخربين المفسدين.

2.تحديد مفهوم الحرية الشخصية في الشرع:

مفهوم الحرية الشخصية في الشرع أن الإنسان عبد لله في جميع تصرفاته وفي كل أموره وأنه يسير وفق المنهج المحدد من قبل الشرع، ميزانه (افعل أو لا تفعل) فلا يجوز له أن يخالف شرع الله بحجة أنه (حر)، لكن مفهومها عند أغلب الناس اليوم على خلاف ذلك، فهم يفهمون الحرية الشخصية أنك تفعل ما تشاء، متى تشاء، كيف تشاء، ولو كان هذا الفعل يخالف الدين وتعاليمه.. فالحرية عندهم مطلقة ولا يجوز تقييدها بضوابط شرعية، فهذا الذي أراد أن يمارس الشذوذ أو يرضى بانتشاره، أو سكت على فعله، أو شجع على السكوت عنه بأى حجة كانت لو زعم أنه حر فيما يفعل وفرضنا أن الذين معه أقروه على ذلك (صديقه، طبيبه) ولم يمنعوه وهم يعلمون عاقبة فعلته هذه فماذا نسميهم يا ترى؟

لقد كان الواجب عليهم أن يمنعوه أو يعالجوه ويبينوا له خطورة فعله، فالحرية الشخصية يجب أن تكون مقيدة بقيود شرعية لحماية المجتمع بأسره، ولو أننا فتحنا هذا المفهوم على مصراعيه ولزنا الزاني باسم الحرية الشخصية، ومارس الشذوذ الجنسي من يريد باسم الحرية الشخصية ، ولخرجت النساء كاسيات عاريات باسم الحرية الشخصية، ويتكلم الرويبضة في دين الله تعالى فيحلل ويحرم باسم الحرية الشخصية.. فماذا ستكون النتيجة يا ترى؟

النتيجة ستكون مجتمعًا منحلاً، منحرفًا، تسوده الأوبئة خصوصًا أمراض الإيدز و …و… لا يعرف هذا المجتمع معروفًا ولا ينكر منكرًا.. ولذلك حرص النبى صلى الله عليه وسلم على توضيح المفهوم و الحد من الحريات التي تخالف الدين وذلك حين جاءه رجل ليسلم ولكنه اشترط أن يرخص له في الزنا فقال النبى صلى الله عليه وسلم له: أترضاه لأمك.. فقال الرجل لا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: وكذلك الناس لا يرضونه لأمهاتهم.

فللحرية إذن قيود شرعية وضوابط مرعية يجب الانتباه لها، فلو كان شخص حرًا فيما يفعل لما بقى لنا دين حفظ لنا ولا بقيت لنا هيبة.

3.وجوب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وأن القيام به سبب للنجاة من العقوبة وأن التقاعس عنه سبب الهلاك:

بيّن النبى صلى الله عليه وسلم أن الناس في حدود الله والتحذير منها قسمان:

  • قسم يقوم بالأمر والنهى ويحذر الناس من ارتكاب ما نهى الله عنه، ويبين عواقبه الوخيمة.
  • وقسم مداهن يغض الطرف فلا يغير ويسكت ويرضى بالمنكر.

وقد بين النبى صلى الله عليه وسلم أن سبيل النجاة هو ما يقوم به الصنف الأول وهم الدعاة الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، فإذا تعدى الشخص حدوده وفعل فعلته الشنيعة والتي عاقبتها كما بينا سابقًا في حكم من عَمِل عمل قوم لوط وأن من حوله داهنوا أو سكتوا أو رضوا هلكوا جميعًا لكنهم إن أوقفوه عن حده وقاموا بتغيير هذا المنكر وتحذير الناس من هذه الفعلة الشنيعة نجوا جميعًا، ومما يدل على ذلك قصة أصحاب السبت التي حكاها لنا القرآن:

[وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166] “سورة الأعراف (163 – 166)”

فانظر كيف تحايلوا على ما حرمه الله عليهم وقررت الآيات أنهم صاروا ثلاث طوائف:

طائفة ارتكبت المحرم، وأخرى نهت عنه وحذرت من مغبته، وثالثة سكتت عن المجرمين وانتقدت المصلحين.. فنجى الله تعالى المصلحين وأهلك المفسدين، فدل ذلك على أهمية هذا الركن العظيم وأنه لابد على أفراد الأمة كل في مجاله أن يقوموا بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لتكثير الخير وتقليل الشر والنجاة من الهلاك والدمار.

4.تعذيب العامة بذنوب الخاصة:

نتيجة للفساد والأفعال الشاذة تظهر المعاصي والمحاربة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا يقوم اهل الخير بمهمة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر الواجبة عليهم وكأن هذا الأمر لا يخصهم ويقول بعضهم لبعض (عليكم أنفسكم).. فلو سكت الناس أو رضوا أو شجعوا هذه الأفعال ولم يقوموا بمنعها فإن الهلاك سيعم الجميع ولن يختص فقط بمن فعل الفساد أو هذه الأفعال… ولو منعهم الناس لنجوا جميعًا..

ودليل هذه الفائدة:

قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعز ممن يعملها ثم لا يغيرون ذلك إلا عمهم الله بعقاب منه) رواه أبو داوود.

نعم إذا ظهرت المعاصي وسكت الصالحون مع قدرتهم على التغيير ولم يغيروا نزل العقاب من الله تعالى وعم الجميع ثم يبعثون على نياتهم، وإنما عم العقاب الصالح و الطالح لأن الساكت بمنزلةالراضي والراضي و الفاعل بمنزلة واحدة.

قول زينب رضى الله عنها للنبى صلى الله عليه وسلم حين حذر من الشر الذي سيصيب الأمة: (أنهلك وفينا الصالحون)؟! قال: (نعم إذا كثر الخبث). رواه البخاري

نعم إذا كثر الخبث والصالحون لم يكونوا مصلحين واقتصروا صلاحهم عليهم فقط أى لم يغيروا ولم يقوموا بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كان ذلك إيذانًا بنزول العقاب عليهم وهذا ما دل عليه قوله تعالى:

 [وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ] “هود 117”

ولم يقل (صالحون) إذ لابد من الانتقال من مرحلة الصلاح إلى مرحلة الإصلاح ليرتفع عن الأمة العقاب.

2 thoughts on “حكم الراضي أو الساكت أو المشجع على ممارسة الشذوذ الجنسي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *