الخميس, مايو 9, 2024
الأحلام

غلو المفرطين في شأن الرؤى

وعلى الطرف الآخر فريق الغلو والإفراط، وهؤلاء غلوا في شأن الرؤى وتمدد سلطانها وتضخم تأثيرها على مسار حياتهم كأنها وحى معصوم، فترى الواحد منهم ينتظر في كل موقف رؤيا تشير عليه الطريق بل منهم من رأى أن الرؤية حجة شرعية يستمد منها الأحكام التكليفية تمامًا، كما يستمدها علماء الشرع من القرآن والسنة ومنهم من يصلي صلاة الاستخارة ثم ينام بعدها مترقبًا حصول رؤيا منامية توضح له الطريق وتدله على ما ينبغي عمله أو وجوب الشعور بالراحة والاستبشار لهذا الأمر، وهذا مما لا أصل له في الدين..

وفي بعض الجمعيات الإسلامية انشق فريق من أعضائها على قياداتهم وناصبوها العداء بناء على رؤى رآها بعضهم كأنما اعتبروه وحيًا.

وحكى أحد الصحافيين أن أحد حكام المسلمين بعد أن قرر إجراء الانتخابات في بلده في موعد معين عاد فألغاها نتيجة رؤية رآها حذرته من عواقبها.

أيضًا لقد كان من أسباب افتتان بعض الناس ومتابعتها لأولئك الذين احتلوا الحرم المكي واعتصموا به، تلك الرؤى التي رآها بعض الكبار والصغار والنساء والرجال وهى في جملتها تشير إلى أن المدعو محمد عبد الله القحطاني هو المهدي الذي بشر به الرسول صلى الله عليه وسلم وقد تبين للناس اليوم أن تلك الرؤى لم تكن صادقة لأن ذلك الرجل ليس هو المهدي وإلا لو كان هو لم يقتل ولبقى حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورًا وظلمًا، فذلك من علاماته الثابتة في الأحاديث ولو كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعرفنا بالرؤيا الباطلة إذا اشتبهت الأمور أما ونحن لسنا بمعصومين فإن الرؤى تبقى في مجال الظن ولا ترقى إلى اليقين والجزم مالم تتمثل في واقع مشهود وعند ذلك يوافق الواقع الخبر.

ولقد أول أبو بكر الصديق رضى الله عنه بين يدى الرسول صلى الله عليه وسلم رؤيا ثم قال أى رسول الله لتحدثني أصبت أم أخطأت؟ قال النبى صلى الله عليه وسلم “أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا” فقال أبو بكر رضى الله عنه أقسمت بأبي أنت وأمي يا رسول الله لتخبرني ما الذي أخطأت؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم “لا تقسم” رواه البخاري.

فها هو أبو بكر رضى الله عنه أفضل الأمة بعد النبى صلى الله عليه وسلم يخطئ في تأويل الرؤيا ويخبره النبى صلى الله عليه وسلم بذلك. فمن يضمن لنا ألا نقع في الخطأ ومن يضمن لنا أن نصيب كبد الحقيقة.

ومن الناس من يدعي أنه رأى في المنام أن هذا قبر النبى أو فيها أثر نبى ويكون كاذبًا في دعواه هذه أو يكون صادقًا ولكن الشيطان هو الذي أتى إليه في المنام وأخبره بهذا وبالرغم من ذلك تجد كثيرًا من الناس يصدقونه ويعظم هذا القبر أيما تعظيم وهذا من الأمور المنكرة.. قال شيخ الإسلام رحمه الله بخصوص هذا الأمر: “فأما المنامات فكثير منها بل أكثرها كذب وقد عرفنا في زماننا بمصر والشام والعراق من يدعي أنه رأى منامات تتعلق ببعض البقاع أنه قبر نبى أو أن فيه أثر نبي ونحو ذلك ويكون كاذبًا.. وبتقدير صدقه فقد يكون الذي أخبره بذلك الشيطان والرؤيا المحضة التي لا دليل على صحتها مما يوافق الكتاب والسنة لا يجوز أن نثبت بها شيئًا بالاتفاق.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *