14 الدافعية للتغيير
الدافعية للتغيير
هل اكتفيت إلى الآن؟
غالبًا عندما يبدأ الشخص في مشروع أو برنامج لتغيير نفسه فإنه ينتقل في الحال من التقييم للتغيير وهذا صحيح بالنسبة للسلوكيات التي نطلق عليها اسم سلوكيات قهرية بشكل شائع بين الناس مثل إتباع نظام غذائي – شرب الكحوليات – الإدمان ولكن هذا الأسلوب ليس فعالاً.. فقد وجد الباحثون (على سبيل المثال) أن 60% من المرضى تركوا البرنامج العلاجي بعد 6 شهور وقد اكتشف علماء النفس أن الأشخاص بصفة عامة يعرفون ماذا يجب أن يفعلوا إن أرادوا التغيير (سواء تغيير عادة أو سلوك) وأحيانًا يكون غير واضح كيف يقومون بهذا التغيير ولكن غالبًا ما يكون سبب الفشل في التغيير هو ضعف الدافعية، ويزداد حجم المشكلة عندما يكون هدف التغيير هو نوع من أنواع التحكم العقلي كما هو الحال مع الشكوك.. فقد أثبتت الأدلة أنه كلما حاولنا ألا نفكر في شئ ما كلما زاد الانجذاب لهذا الشئ.. فمثلاً اسأل أى مدمن كحوليات متعافي عن مدى نجاحه في بداية العلاج لإبعاد صورة الرغبة في الحصول على شراب.. فمن الواضح أن الدافعية ليست هى الإرادة، فالإرادة تشمل نية التغيير.
وقد أوضحت نظرية جديدة للتغيير أن نقوم بتقييم دافعية الشخص الحالية للتغيير.. وأن نعطي له وسائل لزيادة هذه الدافعية والنموذج المقدم هو محاولة فهم كيف نقوم بتغيير سلوكيات قهرية مثل الأكل بشكل زائد – إدمان الكحوليات والمخدرات وأمثلة أخرى للعادات السيئة.. ويوضح هذا النموذج أن هناك خمس مراحل للتغيير وهى:
- مرحلة ما قبل القرار “Precontemplation “:
في هذه المرحلة يكون لدى الشخص مجرد أفكار عابرة مثل (سيكون شيئًا جيدًا إذا تصرفت في هذه المشكلة) أو (أعتقد أنني سأفكر فيما علىّ أن أفعله في هذه المشكلة) فهنا لا توجد اعتبارات جادة للتغيير ومرضى الشكوك (الوساوس) في هذه المرحلة يرون أنها شئ يجب عليهم أن يفعلوه ولا يفكرون ولو على المدى البعيد في احتمالية تجربة التغيير.. ولا تشمل هذه المرحلة المرضى الذين طلبوا النصيحة لمشكلتهم.
- مرحلة من القرار وحتى الإعداد لتنفيذه “Contemplation “:
الحيرة هى السمة المحورية لهذه المرحلة حيث يكون لدى الشخص أسباب ومشاعر قوية للتغيير وعدم التغيير، وقد أطلق أحد أصدقائي من الريف الجنوبي بالولايات المتحدة اسم mugwump على هؤلاء الأشخاص.. ففي اللغة الدارجة الأمريكية يطلق هذا الاسم على الشخص الذي يجلس على سور ويكون Mug في ناحية وwump في ناحية أخرى، وقد استخدم عالم النفس ويليام ميلر صورة أخرى لتمثيل حالة هؤلاء الأشخاص وهى الأرجوحة حيث يكون الشخص في هذه المرحلة مثل الأرجوحة المتوازنة بشكل مثالي في الهواء فلكل سبب للتغيير يكون لدى الشخص سبب لعدم التغيير وبنفس قوة السبب الأول.. وهذا التوازن يؤدي للحيرة التي تتسبب في شلل التفكير.. وهذه المرحلة تتواجد في العديد من مرضى الشكوك حيث أنهم يدركون بشكل واضح أن هناك مشكلة خطيرة ولكن الأمور التي تسبب رفض التغيير هى التي تسيطر مثل الخوف – عدم اليقين من العيش في شك – عدم وجود دعم – عدم الثقة فيمن يقدم النصيحة.. وهنا الشخص يستمر في البحث عن الوصفات العلاجية والحديث إلى الخبراء والقراءة عن المشكلة ولكن بدون اتخاذ قرار التغيير..
- مرحلة من الإعداد وحتى التنفيذ “Determination “:
في هذه المرحلة يتخذ الشخص قرارًا واضحًا.. ويكون للقرار أشكالاً مثل (لقد اكتفيت من هذا، سوف أفعل ما يتطلبه الأمر حتى أتغير) وفي هذه المرحلة يقرر الشخص بإرادته أن يتغير أو بمعنى آخر يكون لدى الشخص نية واضحة لتغيير سلوكه ويتم وضع إطار للحل (سوف أقلع عن الشرب – سوف أتبع نظامًا غذائيًا غدًا – سأبدأ برنامجًا تدريبيًا) وفي حالة مريض الشك (الوسواس) فإن الشخص يؤمن أنه لا معنى لها أو على الأقل أنها يجب أن تزول فقد يقول الشخص (سوف أتوقف عن الاستسلام لشكوكي – لوساوسي) أو (سوف أبحث عن مساعدة لهذه المشكلة).
- مرحلة التنفيذ “Action “:
في المجتمع الغربي وكثير من الثقافات الدينية يتم تقدير الإرادة بشكل مبالغ فيه.. فالكثير من الناس يعتقدون أن معظم إن لم تكن كل العادات يمكن تغييرها بفعل الإرادة (أى عن طريق إتخاذ قرار التغيير) إلا أن البحث وخبرة الحياة قد أثبتتا العكس.. فمنذ خمسين عامًا قام مجموعة من مدمني شرب الكحوليات المجهولين (Alcoholics Anonymous AA) بوضع قوانين ناجحة لمساعدة النفس (زمالة المدمنين المجهولين) في حالة الإدمان الشديدة بسياسة مختلفة تمامًا عن استخدام الإرادة، فقد أدركوا أن الشخص إن كان يريد التغيير حتى لو كانت رغبته شديدة في تحقيق ذلك التغيير فإنه لن تكون لديه المهارات الشخصية اللازمة لتحقيق التغيير.
ويتطلب تغيير أى سلوك وخاصة السلوكيات القهرية إنجاز العديد من المهارات المختلفة مثل:
- معرفة معلومات عن السلوك القهري.
- تحليل المواقف التي تثير السلوك القهري عند الشخص.
- المهارات المعرفية والسلوكية المتاحة لإنشاء سلوكيات بديلة ومنافسة للسلوك القهري.
- الدعم الاجتماعي الذي يعزز التغيير وينفر من السلوك غير المرغوب فيه.
وفي هذه المرحلة يتعهد الشخص بالالتزام بخطة عمل والخطة غير الفعالة تتسبب في حدوث انتكاسة مباشرة وتثبيط الهمة.. وبتكرار الانتكاسة ودون حدوث تعديل فني بالخطة فإن فقدان الأمل يكون نتيجة لا مفر منها ويتم ترك الخطة وهذا يقوي لدى الشخص فكرة أن لا شئ يجدي وتموت دافعية الشخص.. إذن الرسالة هنا هى أنه عند التعامل مع الشكوك فإنه لا يجب اعتبار الفشل السابق في علاجها على أنه نتيجة لضعف إرادة الشخص وأنه أصبح بلا أمل ولكن ذلك ببساطة يرجع إلى أن الشخص لم تكن لديه المكونات اللازمة للتغيير الفعال وأن الشخص يستطيع تعلم هذه المهارات بالصبر والتوجيه السليم.
- مرحلة التثبيت “Maintenance “:
لأن الانتكاسة شئ طبيعي عند القيام بتغيير أى عادة فيجب أن تحتوي أى خطة فعالة للتغيير على سياسة للتثبيت فلا تتغير أى عادة في الحال.. فالنجاح المتكرر هو الذي يضمن القضاء على العادات غير المرغوب فيها وقد أثبت البحث أن تثبيط الهمة مبكرًا يقلل من احتمالية إعادة المحاولة بالرغم من أن الذين نجحوا في التغلب على الإدمان على سبيل المثال هم الذين عانوا من الفشل بشكل متكرر أثناء محاولتهم الإقلاع..
إذن فما يجب أن ننتبه إليه هو أننا يجب أن نرى كل انتكاسة على أنها خطوة في طريق النجاح الدائم إلا أنه لسوء الحظ فالكثير من الناس سوف يتعاملون مع أى تأخر على أنهم أصبحوا بلا أمل وبلا مساعدة مما يؤدي لتثبيط همتهم.
فسياسة التثبيت تتوقع الانتكاسة وتخطط لها وتقترح طرق للتعامل معها.. تخيل أنني قررت أن أبدأ برنامج للتمارين الجسدية وأن أقوم بممارسة الرياضة لمدة ساعة بعد أن استيقظ كل صباح.. وإلى الآن فقد نجحت في تنفيذ هذا البرنامج لمدة ثلاثة أسابيع.. وفي صباح يوم الثلاثاء شعرت أنني قد أكون مصابًا بنزلة برد لذلك قمت بتأخير ساعة للسابعة صباحًا ولم أؤدي التمارين.. وفي يوم الأربعاء أدركت أنني لست مريضًا ولكنني متعبًا إلى حد ما وفشلت في الاستيقاظ في الميعاد المرجو ولم أؤدي التمارين لليوم الثاني.. فقد أصبحت الآن على مفترق الطريق وفقدت عزيمتي وقد أعود بشكل دائم لميعاد استيقاظي القديم.. فسياسة التثبيت تخطط لحدوث مثل هذه الظروف وتضع خططًا أخرى للرجوع إليها عند الحاجة فمثلاً.. في المثال السابق قد أطلب من ابني الذي لديه أحد عشر عامًا أن يوقظني لأنه يستيقظ مبكرًا..
خطة الدافعية الشخصية
يحتاج كل شخص يعاني من الشكوك (الوساوس) أن ينمي دافعيته للتغيير وسنركز على كيفية التغلب على الحيرة التي يشعر بها الشخص تجاه ضرورة التغيير.
وعند العودة لمثال الأرجوحة أى قبل إتخاذ خطوة فعالة فإن الشخص تكون لديه أسباب للتغيير وأسباب أخرى لعدم التغيير ومعظم أسباب التغيير تتعلق بشكل كبير بالخوف أكثر من تعلقها بالاقتناع الحقيقي ولكن في الوقت ذاته فإن الخوف دافع قوي للبقاء في الموقف الحالي وعدم التغيير ونتيجة لذلك يصبح الشخص كالأرجوحة المتوازنة في الهواء ولا يشعر بالراحة في أيًا من الاتجاهين، فالدافعية تعني وضع أوزان إضافية في ناحية التغيير لزيادة بواعثه وعلى الشخص أن يركز على السلبيات والعيوب التي توجد في الشكوك (الوساوس) ولأن الشك والخوف يقودان الحالة، فالشخص يدرك بالفعل الألم الناتج بالقضاء عليهما ولزيادة الدافعية يحتاج الشخص أيضًا للتركيز على إيجابيات التغيير وهناك قائمة للدافعية الشخصية سنوضحها فيما بعد.. وأذكر أنني عندما جعلت إحدى المرضى وكانت راهبة ترى هذه القائمة فإن عينيها لمعت وقالت لي أنها كانت تستخدم ذلك في ورش عملها الروحية.. وأنها تعلمتها من الإرشادات الروحية الخاصة بلويولا (مؤسس اليسوعيين) وقد اعتقدت أن اكتشافي جاء من الدافعية الخاصة بعلم النفس..
وتتكون القائمة من جزءين..
الأول خاص بإيجابيات التغيير والجزء الثاني خاص بالسلبيات المتعلقة بعدم التغيير .. وبطبيعة الحال إن كان الشخص يهتم بالتغيير فإنه يجب أن يؤكد على الجزء الأول حيث أنه يدرك الدافع لعدم التغيير.
وفي مخطط أسباب التغيير هناك مجموعتين.. الأولى هى قائمة فوائد التغيير وفي حالة الشكوك فإن تلك الفوائد تشمل وقت فراغ أكبر – احساس عالي بالحرية – وقت أطول للقضاء مع العائلة..
أما المجموعة الثانية فهى قائمة خسائر عدم التغيير وتشمل فقدان الحرية – نظرة أطفالي لي بغرابة – الشعور بالحرج – الشكوك (الوساوس) تعيقني عن عملي – عدم القدرة على التمتع بأنشطة وقت الفراغ – قلة المشاركة في الأنشطة الدينية.
ويجب أن تأخذ الوقت الكافي لتكمل هذه القائمة وإن كنت تحتفظ بسجلات مراقبة الذات فيمكن أن تعطيك أمثلة لإيجابيات التغيير وسلبيات عدم التغيير وعند كتابة أسباب التغيير كن متأكدًا من ذكر الأمثلة التي تحتوي على مشاعر قوية فإن الدافع الذي يبقي الشكوك (الوساوس) متواجدة هو في الأصل خاص بالمشاعر (مشاعر الخوف) ولذلك قم بمحاربة النار بالنار.. فأسباب التغيير يجب أن تحتوي على نفس دفعة المشاعر.. فمثلاً لاحظ المشاعر التي تتولد لديك عندما ينظر طفلك وأنت تكرر شئ أو تراجع شئ باستمرار وكيف جعلت كل الناس تنتظرك في السيارة في أحد أيام الصيف وأنت تقوم بمراجعة طويلة لتتأكد من سلامة المنزل، الاحساس الذي غمرك عندما قمت بمضايقة القس لثالث مرة هذا الأسبوع لتتأكد من أنك لم ترتكب خطيئة ما.. والتأكيد على المشاعر يجب أن يكون مقصودًا فالمنطق بمفرده له تأثير ضعيف على الخوف.. تذكر أن عددًا قليلاً من الناس قد تخلصوا من الخوف والقلق والشك من خلال المناقشة المعقولة.. فالعيش مع الخوف والقلق والشك يقل كثيرًا عندما يتعايش الناس معًا ويتواصلون مع أشخاص آخرين يشعرون بنفس درجة الخوف فالخبرة تغير الشعور والاتجاه ولذلك عند تجميع الدوافع يجب التركيز على المشاعر بأكبر قدر ممكن.
وعند إكمال القائمة فإن الشخص يمكن أن يعدلها ويضيف أسبابًا أخرى للتغيير وخسائر أخرى عند عدم التغيير ويجب أن تستمر هذه العملية حتى يتخذ الشخص قرارًا حاسمًا بالتغيير كما يتم عمل هذه القائمة لمن يعتقد أنه قد إتخذ قرارًا فعليًا بالتغيير ويجب أن تكون القائمة متاحة للشخص حتى يعود إليها كلما شعر بتثبيط الهمة حتى يقلل من حيرته تجاه التغيير.. فالدافعية ليست حدثًا يتم مرة واحدة ولكننا نحتاج وخاصة مع السلوكيات المتوغلة بداخلنا أن نجدد دافعيتنا في المراحل المختلفة خلال خطة التغيير.
تغيير الشكوك (الوساوس)
قائمة الدافعية الشخصية
فوائد القضاء على الشكوك |
1.إتاحة وقت أطول للعائلة والمرح. |
خسائر عدم تغيير الشكوك |
1.نظرات غريبة ممن أحب. |
- مراجعة ما سبق: التجهيز للتغيير:
علينا الآن مراجعة ما هو ضروري للمرحلة القادمة والنقاط التالية يجب أن تكون متاحة لعملية التغيير.
- قائمة تفصيلية لوساوس الشخص الكبيرة.
- قائمة تفصيلية للأفعال القهرية الكبيرة.
- تفهم الظروف التي تثير الوساوس والأفعال القهرية.
- معرفة درجة القلق التي تحدث مع كل وسواس وفعل قهري.
- وصف تفصيلي للخسائر الناتجة عن الشكوك.
- وصف تفصيلي للفوائد والمميزات الناتجة عن القضاء على الشكوك (الوساوس).
تقليل الوساوس
(Reducing obsessional scruples)
نظرة سريعة لسياسة التغيير:
قبل البدء في سياسة التغيير نفسها قد يستفيد القارئ من تفسير الوسائل التي تم وصفها ويجب أن نأخذ في الاعتبار أننا نستخدم طريقة فنية لمعالجة أعراض السلوك الوسواسي القهري تم وضعها بواسطة معالجين عمليين ويفكرون بطريقة علمية.. فنحن إكلينيكيًا نستخدم في الغالب وسائل علاجية بدون فهم كامل لطريقة عملها.. والمثال على ذلك استخدام الأسبرين في المجال الطبي والذي ظل لعقود بعد اكتشافه غامضًا بالنسبة لطريقة عمله.. فيجب أن نعلم أن تفسير فاعلية وسائل التغيير المستخدمة في حالة الشكوك تمثل أفضل تخمين علمي ولم يتم استيعاب طريقة عملها بشكل كامل إلى الآن.
ومن بين الاضطرابات الشعورية فإننا نعرف أكثر عن حالات القلق ويرجع السبب في ذلك إلى أن الكثير من نواحي الخوف يمكن ملاحظتها وبالتالي يمكن قياسها ونجاح أو فشل العلاج يكون واضحًا وبالتالي يمكننا تعديل العلاج طبقًا للاستجابة.. فمثلاً العلاج الناجح لشخص يخشى الطيران هو ما يجعله على الأقل يسافر في طائرة بالفعل.. وسببًا ثانيًا لفهمنا حالات القلق هو أن بعض أنواع الخوف تكون عالية التخصص فالشخص الذي لديه خوف من الثعابين أو من العناكب وليس لديه خوف من شئ آخر يمثل فرصة جيدة جدًا لدراسة آليات تقليل الخوف.. وقد تعلمنا الكثير عن تقليل الخوف من أصحاب المخاوف الخاصة الذين تطوعوا للبحث العلاجي.. وثالث الأسباب التي تجعلنا نفهم القلق هو أن الخوف يمكن ملاحظته في الحيوانات فمعظم مبادئ تقليل الخوف تم تطبيقها ودراستها في المعمل للقضاء على القلق والتي استخدمت فيما بعد إكلينيكيًا مع البشر.
مبدأ التعرض:
بصورة مبسطة للغاية فإن المبدأ الذي أثبت نجاحًا للقضاء على القلق والخوف هو التعرض المتكرر للشئ أو الموقف الذي تخاف منه وسوف نطلق عليه (مبدأ التعرض) وقد وافق فرويد أيضًا على هذا المبدأ بالرغم من اعتقاده أن تفسير المخاوف الخاصة له معنى رمزي فمثلاً هو يعتقد أن الخوف من السكاكين والأشياء الحادة يمثل خوفًا من الخصاء “Castration ” ولكنه وافق على أنه للقضاء على الخوف يجب أن يتعرض الشخص للموقف المخيف له.. وبعض القراء قد لا يهتمون بطريقة عمل هذا المبدأ فهم فقط يهتمون أن يكون هذا المبدأ فعالاً، ولكن قد يرحب آخرون بتفسير مختصر لتبرير المجهود المبذول في العملية العلاجية فنحن عندما نشعر بالخوف يفرز جهازنا العصبي بعض المواد الكيميائية التي تنشط الاستجابة الجسدية حتى نكون مستعدين للتصرف بشكل سريع إما بالهرب أو بالمواجهة.. وبعض هذه الاستجابات الجسدية تشمل زيادة عدد ضربات القلب ومعدل التنفس كما يتغير مجرى الدم من الأماكن السطحية في أجسامنا للعضلات حتى تكون لدينا القدرة على الفرار أو القتال ويتسع إنسان العين حتى نستطيع التركيز على الخطر..
ونحن يمكننا بسهولة التعرف على هذه الاستجابات من خلال تجارب الخوف التي مرت بنا وكلما كنا في خطر كلما استمر جهازنا العصبي في الاستجابة.. وما هو أقل وضوحًا بالنسبة لنا هو أنه من بداية الشعور بالخوف والجسم يبدأ استجابة معاكسة “Counter response ” لكى يعود الجسم لمستوى النشاط الطبيعي وعندما تفكر لحظة في ذلك فإن السبب واضح فلو استمر الخوف بشكل دائم فإن استهلاك أنسجة الجسم سوف يؤدي لتدميره، وقد أثبت البحث أن الضغط يقلل من قدرة الجهاز المناعي لمحاربة الأمراض ولذلك فإنه حتى في خلال الشعور بالرعب فإن الجسم يفرز مجموعة من المواد المهدئة الطبيعية.. مجموعة من المهدئات الداخلية والتي تعمل على الشعور بالسكينة والهدوء.. ولا يحتاج الشخص أن يفعل شيئًا لتنشيط هذه الاستجابة فهى تحدث بشكل تلقائي ولكن كلما استمر الشعور بالخطر تغلبت الاستجابة للخوف على الاستجابة للمواد المهدئة وعندما يرى الشخص أن الخطر قد زال فإن ذلك الهدوء الطبيعي سيتغلب.
أما المبدأ الثاني الذي يؤدي لتقليل الخوف والشفاء هو أن أجسامنا مبنية على أن التنشيط السلبي المستمر يفقد قدرته على بناء رد فعل جسدي وكأن جهازنا العصبي يشعر بالملل من الخطر ويعود لطبيعته وقد أطلق العلماء على ذلك الملل الذي يصيب الجهاز العصبي في مواجهة الخطر اسم التعود Habituation ومن الأمثلة على ذلك الضوضاء الشديدة.. تخيل أن هناك آلة ثقيلة بدأت العمل قريبًا من مسكنك فإن استجابتك الأولى ستكون الشعور بالفزع ولمدة ثواني قليلة.. تكون الضوضاء شديدة لدرجة تسبب الصمم ثم تجد نفسك بعد ذلك تكمل عملك وكأن هذه الضوضاء ليست موجودة وأصبحت جزءًا من الخلفية.. فكيف حدث ذلك؟ إن جهازنا العصبي يعمل على اكتشاف التغيرات في البيئة ولذلك يمكننا الاستجابة بسرعة للخطر المفاجئ ولكنه يوقف عمله أو يصمت مع استمرارية الاستثارة.
ونفس هذا المبدأ يتواجد مع الخوف أو أى استجابة أخرى للجهاز العصبي فإجبار أنفسنا على البقاء في موقف يثير الخوف يؤدي بشكل تدريجي للقضاء على الأعراض الجسدية الشديدة التي تحدث استجابة للخوف ويطلق المعالجون على هذه العملية (التعرض) فالتعرض يعتبر مركز السياسات المتبعة لتقليل الخوف والذي يؤدي للتعود وهو يمثل بالضبط نصف العلاج الفعال للشكوك واضطراب الوسواس القهري..
والتعرض الناجح له صفات عديدة.. أولاً يجب أن تكون فترة التعرض طويلة وليس معروفًا كم من الوقت بالضبط ولكننا نعرف أن التعرض لا يكون مفيدًا إن كان قصيرًا أو عابرًا..
ثانيًا يجب أن يعاني الشخص من بعض القلق أثناء التعرض وهذا قد يخيف المريض وهنا يجب أن نقول إن كل ما يتطلبه التعرض هو بعض القلق وليس الحد الأقصى من الخوف، فتعليم شخص السباحة وهو يخاف من الماء لا يعني إلقاؤه في الناحية العميقة من حوض السباحة.. وإنما يتم ذلك عن طريق التعرض التدريجي للسباحة في الناحية الضحلة من الحوض حيث يتم تعلم السباحة بأمان حتى ولو شعر الشخص ببعض القلق.. وبنفس الطريقة يمكننا تطبيق مبدأ التعرض وكل ما علينا اكتشافه هو ما يعادل تلك الناحية الضحلة من الحوض لكل خوف يعاني منه المريض.. وبذلك فإن الصفة الثانية للتعرض تعني أن يركز المريض على الحدث المخيف فتشتيت الذهن أو استخدام الكحول والمخدرات أو المهدئات لا يسمح للجهاز العصبي أن يتعلم أنه لا يوجد خطر حقيقي.. وسوف يسمح تشتيت الذهن بالتعامل مع الموقف المخيف لحظات وفي بعض الأوقات يكون ذلك أفضل ما يستطيع الشخص عمله إلا أن تشتيت الذهن لا يؤدي لتقليل الخوف بصورة دائمة.
ثالثًا: التعرض يجب أن يكون متكرر.. فتجربة واحدة لا تكفي.. فمثلاً يجب تكرار التركيز على تنفس الطفل في وسط الليل حتى يكون الشفاء دائمًا ومرة أخرى نحن لا نعرف العدد اللازم بتكرار التعرض.. وجلسات التعرض الأولى سوف تؤدي لزيادة الخوف حيث أن الشخص كان يتجنب الموقف أو لا يفكر فيه لفترة طويلة وبزيادة مدة الجلسة فإن القلق يقل تدريجيًا..
رابعاً.. إن التعرض قد يحدث خلال مواقف حقيقية أو خلال التخيل.. فبعض المخاوف تحدث في أماكن تصلح لجلسات التعرض.. فمثلاً إن كانت الصلاة في الكنيسة تثير أفكارًا لسب الدين فإنه يمكن بسهولة أن نرتب جلسة علاجية ولكن هناك مواقف أخرى يصعب ترتيبها مثل المخاوف الخاصة بالأفكار الجنسية وفي هذه الحالات يحدث التعرض من خلال التخيل إلا أن التعرض الحقيقي يكون أكثر فاعلية من التعرض التخيلي ويجب أن يأتي في المقدمة.
مبدأ منع الطقوس:
في حالة علاج الشكوك اكتشف المعالجون أن عليهم إضافة شئ آخر للتعرض حتى يكون زوال الأعراض متكاملاً.. ولو فكرنا قليلاً سنجد السبب واضحًا.. فقد علمنا أن لكل من الوساوس والأفعال القهرية وظيفة مختلفة فالوساوس تثير القلق والأفعال القهرية تزيل القلق.. فلو في كل مرة تأتي فيها الوساوس يقوم الشخص بأداء بعض الأفعال القهرية لتقليل القلق فلن يحدث تعلم لسلوكيات جديدة.. فعندما يقوم أحد الوالدين بمراجعة تنفس الطفل مرات ومرات فإن تعلم العيش بدون التأكد الكامل لن يحدث أبدًا وبتخيل أننا طبقنا مبدأ التعرض فقط في هذه الحالة فإن الوالد أو الوالدة سيستمع لتنفس الطفل من الحجرة الأخرى ويزداد قلقه وفي كل مرة يذهب للتأكد من سلامة الطفل يقل القلق للحظات.. وحيث أن المراجعة تقلل القلق فإن الوالد يستمر في عملها.. فالخوف لا يستمر لفترة كافية تسمح لإصابة الجهاز العصبي بالملل.. أى تسمح للتعود أن يحدث، وبهذا فإن تقليل القلق والخوف يحتاج لشئ آخر وهو مبدأ منع الطقوس.. وهذا يعني أن يقوم الشخص بمنع الفعل القهري ذاته سواء كان جسديًا أو عقليًا فإذا لم يقم الفعل القهري بتقليل القلق فسيكون للتعرض فرصة أن يكون فعالاً..
إذن فتغيير الشكوك وأعراض مرض الوسواس القهري يشمل عمليتين.. التعرض للوساوس وفي نفس الوقت منع الأفعال القهرية.
وقد ناقشنا سابقًا الطرق الكنسية الخاصة للعلاج وسوف نراجع الآن بعضًا منها لنرى أنها تتماشى مع مبادئ علم النفس السلوكي بصورة مثالية..
أولاً طبقًا لقواعد الكنيسة فإن المريض لديه التزام أن يتصرف بشكل معاكس للشكوك (للوساوس) حتى يمنع الشلل النفسي والأخلاقي، وهذا يمثل بشكل واضح الدافعية التي تشمل التعرض ومنع الطقوس.. ثانيًا يمكن أن يستخدم الشخص سلوكيات من لديهم ضمير كنموذج يتبعه وهذا هو مكون التقليد الذي يقضي على الشك من خلال معايير خارجية للتصرف.. ثالثًا يجب أن يقوم الشخص بإتباع إرشادات مرشد روحي أو أخلاقي واحد بدقة شديدة وهذا هو الجانب التعليمي الذي يساعد أيضًا على إيجاد معايير بديلة للسلوك بدلاً من معايير الشك الداخلية.. رابعًا يجب أن يضع الشخص نفسه مباشرة في المواقف والظروف التي تثير الشكوك ولا نجد تعريفًا أفضل من ذلك لمبدأ التعرض وأخيرًا يجب ألا يقوم الشخص بتكرار الطقوس الدينية وهذا تعريف مثالي لمبدأ منع الطقوس (الأفعال القهرية)..
ونحن نستخدم هذه المبادئ القديمة حتى نذكر من يريد تغيير الشكوك (الوساوس) أن إرشادات علم النفس السلوكي الحديث هى مجرد تفصيل أكثر تنظيمًا لمبادئ الحكمة المجمعة منذ قرون والخاصة بالطريقة الكنسية.
استخدام شخص مساعد (صديق يدعم المريض – زوج – أحد الأقارب) يعزز من فاعلية وتأثير سياسات التغيير، وبالرغم من أن معظم المرضى يترددون في طلب المساعدة فإن وجود شخص موثوق فيه يجعل المريض يتخطى أى شعور بالحرج.. ولهذا الشخص المساعد عدة أدوار مهمة.. فنحن نعلم أن إشراك الآخرين هو محفز فعال للتغيير، فعندما تبدأ نظامًا غذائيًا أو برنامجًا للتدريبات الرياضية فإن خير وسيلة هى إخبار العالم بذلك.. فالالتزام أمام الآخرين يعمل على تذكير النفس بشكل ممتاز كما يوفر ذلك الشخص المساعد الدعم الأخلاقي والذي يكون مفيدًا عندما تبدأ أحاسيس القلق في الظهور خلال جلسات التعرض الأولى، والأهم من ذلك كله هو دور الشخص المساعد في تطبيق منع الطقوس حيث يتأكد أن المريض لم يعد لمراجعة كيفية إنجاز مهمة أو أنه لم يطلب التأكيد.. ويجب أن يظل الشخص المساعد مدركًا للمهمة وغير عاطفي إذا تردد المريض أو شعر بحزن، ولا يجب تحت أى ظرف من الظروف أن يستخدم الغضب أو السخرية أو الاستهزاء كدوافع للتغيير (أو التغيير الجسدي)، ويمكن أن تكون الدعابة فعالة في زيادة الرابطة بين الشخص المساعد والمريض وفي أن يكتسب المريض وجهة نظر عن الأعراض.. ولكن يجب أن تكون هذه الدعابة كمشاركة للضحك بين الطرفين وليس استهزاءًا بالمريض.. وسوف نركز الآن على الجزء الأول من الرابطة بين الوساوس والأفعال القهرية وهو تخطيط وتنفيذ مبدأ التعرض ولكن هذا يمثل واحدًا من مكونين أساسيين.. فالتعرض بمفرده يصلح إن كان الشخص لا يعاني من أفعال قهرية لمعادلة وساوسه أما الوساوس التي تتواجد مع الأفعال القهرية تتطلب زيادة مبدأ منع الطقوس أيضًا..
الوساوس: سياسات التغيير
باستثناء الوساوس التي لا تصاحبها أفعال قهرية فإن تغيير الوساوس يجب أن يحدث في نفس الوقت مع تغيير الأفعال القهرية ولكن لتبسيط الشرح لسياسات التغيير سنناقشها بشكل منفصل.
تحديد الوساوس المستهدفة:
يحتاج الشخص هنا لمراجعة قائمة الوساوس التي تولدت أثناء مرحلة التقييم، وقد يقوم الشخص بمساعدة مستشار نفسي بتلخيص القائمة إلى قائمة نهائية للوساوس المستهدفة للتغيير وعليك أن تختار في البداية الوسواس الذي يثير أقل مستوى من القلق.. فتقليل الخوف يشبه صعود السلم والحكمة تقتضي أن نبدأ بأقل خطوة أولاً.. والمرضى في الغالب يجربون السياسة إذا كان الخوف يمكن التعامل معه في البداية والنجاح المبدئي سوف يشجع المريض أن يأخذ خطوات أكبر فيما بعد.
قم بتقسيم الوساوس المستهدفة لخطوات صغيرة أثناء التعرض التخيلي.. فبعض الوساوس تحدث فقط بالتخيل وبالرغم من أن الشخص يستطيع أن يضع نفسه في مواقف تثير الوساوس إلا أن الوسواس الحقيقي لا يمكن ولا يجب أن يحدث في الواقع مثل الوساوس المتعلقة بالأمان والإيذاء.. فالتعرض في مثل هذه الحالات يجب أن يكون تخيليًا وعلى الشخص أن يتصور مشاهد أو صور عن الوسواس ليفكر فيها.. ولنفس الأسباب التي جعلنا نختار الوسواس الذي يثير أدنى مستوى من القلق سوف نقوم بتقسيم الوساوس لخطوات صغيرة لنحقق نجاحًا أكبر..
فإذا كانت الأم توسوس بخصوص سلامة طفلها فيمكن أن تقسم هذا الوسواس لمجموعة من الأهداف من الأقل إلى الأكثر شأنًا فمثلاً جروح صغيرة (كدمات بالركبة) – مرض بسيط (نزلة برد) – غياب محدود (تأخير خمس دقائق عن الميعاد المتوقع) إلى أن نصل إلى أحداث أكثر جدية (كسر الساق أثناء لعب الكرة – فقدان الوعى في حادث سيارة)..
قم باعداد قائمة مكونة تقريبًا من عشرة مواقف تبدأ من الأقل في إثارة القلق وتزداد تدريجيًا لكل وسواس بشكل منفصل ولأن ذلك ليس علمًا معروفًا فكن مستعدًا لإضافة أو حذف المواضيع إذا استدعى الأمر.
قائمة الوساوس المستهدفة مستوى القلق
1.الغضب من الزوج – الرب سيعاقبني. 7
2.موظف المتجر أعاد الكثير من النقود. 8
3.(حب الجار) معناه تحية كل الناس. 5
4.فكرة أن أضرب الناس عند عبور شارع مزدحم. 7
5.رغبة ملحة/ فكرة إجراء مكالمة تليفونية قبيحة. 9
6.فكرة أن أصدم الناس بسيارتي. 8
7.فكرة أن الرب هو الشرير. 10
8.اللعب مع طفلتي سيجرحها جسديًا. 6
9…………………………………………
10………………………………………
تحديد مواقف التعرض:
أما الوساوس الأخرى فتثار بالتعرض للواقع، فالتواجد في دار العبادة قد يثير أفكارًا لسب الدين.. النظر لشخص جذاب يولد الشك في ارتكاب خطيئة.. حساب الدرجات يجعل المدرس يعتقد أنه أخطأ في شئ، النظر لطفل نائم يثير أفكارًا عنيفة… فهذه المواقف يتم التعرض لها في الواقع وهو تعرض فعال في تقليل الخوف، والمبدأ الأساسي هو تحديد المواقف التي تثير الوسواس (أى تجعله يحدث) فالتغيير لا يمكن أن يحدث إن كان الوسواس ليس موجودًا..
قم بعمل قائمة لمواقف التعرض مستخدمًا قائمة الأعراض المستهدفة وقم بتقسيم المواقف المثيرة للوساوس طبقًا لمقدار القلق الذي يسببه كلاً منها وكالعادة سنختار المواقف التي تسبب قلقًا أقل لنغيرها في البداية..
اسمح لنفسك بتقرير سياسة التعرض وهذا سيفصل بين أصحاب الشكوك الدينية وأصحاب الوساوس والأفعال القهرية غير الدينية.. فإذا اختلف علاج الشكوك بصورة كبيرة عن علاج اضطراب الوسواس القهري بشكل عام فإن ذلك ينتج من المرضى الذين يعتقدون أن المهام العلاجية ذاتها قد تكون خاطئة بشكل ما من الناحية الدينية أو الأخلاقية.. وإذا أخذنا مثال ذلك الرجل الذي يعتقد أنه إذا أحس براحة عند النظر لامرأة جذابة فإن ذلك يعني أنه في خطر أن يرتكب خطيئة الزنا معها في أعماقه (ماثيو 5: 27 – 28)..
فالتعرض هنا يشمل زيارة محل تجاري كبير ممتلئ بالناس والجلوس هناك وتناول مشروب والنظر بطريقة عادية للمارين هناك سواء كانوا ذكورًا أو إناثًا فنجد الشخص هنا يعترض (أنا في خطر أن أرتكب خطيئة بفعل ذلك) فكيف يمكن لهذا الشك أن يزول؟ فإن استطاع الشخص صاحب الشكوك أن يقضي على القلق فإن الشكوك لن تضايقه أما الفشل في استخدام التعرض يعني أن الخوف سيبقى وإن كان الشخص يتعالج فإن ذلك الأمر سيثير جدالاً مع المعالج.. فالمعالج بدوره قد لا يفهم مقاومة المريض لمجرد موقف بسيط كما يبدو.. أما المريض بدوره لا يريد أن يأتمن أحد على حالة روحه الخالدة خاصة وإن كان يرى أن المعالج ليس خبيرًا في الدين.
قائمة الأعراض المستهدفة
اسم المريض: ماري التاريخ: 9 / 10
الوساوس/……………………………….
الهدف الأول: القلق بخصوص سلامة طفلها.. جروح بسيطة – كدمات بالركبة.
الهدف الثاني: غياب محدود.. 5 دقائق تأخير للوصول للمنزل.
الهدف الثالث: إلتواء الكاحل.
الهدف الرابع: كسر الساق.
الأفعال القهرية/………………………….
الهدف الأول:………………………………
الهدف الثاني:…………………………….
الهدف الثالث:……………………………..
الهدف الرابع:………………………………
التجنب/…………………………………..
……………………………………………………………………..
ومعظم المرضى يتوقفون عن هذه النقطة وأحيانًا أشارك مع مرضاى خلفيتي الدينية وهذا في بعض الأوقات ولكن ليس دائمًا ينجح في جعلهم يثقون بعملية التعرض وقد تعلمت أن الرجوع إلى والتعاون مع خبير ديني شئ فعال وقد رجح الطبيب النفسي ديفيد جرينبرج إقامة هذا التعاون فإن تردد المريض في الشرعية الأخلاقية لمهام التعرض فيمكنه أخذ قائمة المهام لمستشار ديني أو روحي من اختياره ويتم سؤال المستشار هذا السؤال عن كل مهمة (هل يسمح لي أن……..؟) ثم يقوم بمناقشة كل مهمة مع المريض ويبقى تلك المهام المسموح بها والمعالج الناجح يستطيع غالبًا أن يعطي مهامًا مسموحة للمريض باستخدام هذا التعاون مع رجال الدين.. وهذه الطريقة تحرر المعالج من الجدال مع المريض بشأن الاستجابة للعلاج لأسباب دينية ويتم التركيز على المتطلبات الفنية لعملية التغيير ذاتها ويتم التأكد بأن قيم المريض قد تم احترامها والآن يستطيع المريض أن يشارك بحرية (معرفيًا) في العملية العلاجية ويتم تذكيره بأنه لا يوجد تبرير أخلاقي لعدم الاشتراك في العلاج.
تنفيذ التعرض:
قم بتخطيط وقت كاف لتنفيذ جلسات التعرض وبشكل عام فإن 30 – 90 دقيقة قد تكفي لعمل جلسة وقم باختيار الوسواس الذي يسبب أقل قلق وإن أمكن أن يسمح هذا الوسواس بالتعرض الحقيقي بدلاً من التعرض التخيلي..
ابدأ بالموقف (من قائمة الأهداف المندرجة تحت الوساوس المستهدفة) الذي يسبب أقل قلق واترك نفسك تشعر بالخوف وقم بتدوين شدة الخوف في البداية وعند الانتهاء من الجلسة وإن لم يكن هناك فعل قهري يتواجد مع الوسواس قم فقط باستشعار الخوف واترك وقتًا كافيًا حتى يتزايد الخوف ثم يقل، فمثلاً.. النظر لرمز ديني أو تمثال ديني قد يثير أفكارًا لسب الدين وهذا قد يأخذ 30 – 90 دقيقة ولكن في مواقف أخرى قد يكون التعرض قصيرًا نسبيًا فمثلاً الرغبة الملحة في خلع الملابس في الكنيسة قد تحدث بمجرد دخول الكنيسة وهنا قد يدخل الشخص الكنيسة ويبقى حتى تزول تلك الرغبة ويكرر هذا التعرض مرات قليلة حتى يتبقى القليل من القلق عند دخول الكنيسة..
وعند علاج قس كانت لديه وساوس عند النظر للأدوات الطبية فقمنا بإقراضه سرنجات بلاستيكية وشرائط لاصقة وضمادات وأشياء أخرى من العيادة وتم إخباره أن يأخذ شنطة الأدوات لجلسات طويلة عدة مرات أسبوعيًا، وهناك عامل بالكنيسة كانت لديه وساوس عن البقع البيضاء الصغيرة الموجودة على السجادة ولا يقوم بتنظيفها لأنها قد تكون بقايا من المياه المقدسة فتم إخباره أن يضع قطعًا صغيرة من الورق على السجادة كلها ثم يقوم بتنظيفها، وهناك شابة اعتقدت أن الحلوى التي أرسلت إليها في الإجازة كانت ملوثة بشكل ما فتم إخبارها أن تعطي منها لزميلاتها في الجامعة (بعد أن قام المعالج بتناول واحدة).
وبعد أن يقلل التعرض القلق الناتج عن الوسواس المستهدف يتم الانتقال للوسواس الأكثر صعوبة وهكذا تدريجيًا يتم القضاء على كل الوساوس التي يمكن أن يتم تنفيذ التعرض لها في مواقف خارجية (تعرض حقيقي).
أما الوساوس التي تحتاج للتخيل تتطلب طريقة مختلفة فبعد أن يتم تحديد الوساوس واختيار الوسواس الذي يثير أقل قلق ويتم تقسيم الوسواس لمجموعة من الخطوات الصغيرة قم بقضاء ساعة أو ساعتين لعمل التعرض التخيلي وابدأ بأقل المشاهد إزعاجًا وسجل درجة القلق في البداية.. قم بتخيل الموقف بشكل حى قدر الإمكان ولأطول مدة ممكنة واستمر في التخيل حتى يقل القلق بعد عدة محاولات.. وهناك أشخاص لديهم مشكلة في تخيل المشاهد أو في بقاء المشهد في تفكيرهم وقد وضع المعالجان Gail steketee; Kerrin white بعض التوصيات لتلك المشكلة مثل:
- قم بتسجيل المشهد على شريط واستمع إليه عدة مرات وقد يكون بصوتك أو بصوت أحد الأصدقاء أو الأقارب (مما يجعل المشهد حيًا أكثر).
- ركز على عدة أجزاء للمشهد: بم شعر الشخص؟ بم كان يفكر؟ وما هى الخبرات الحسية (الشعور – اللمس – الطعم – الرائحة).
فأحد القساوسة كان لديه خوف من الجروح ولا يستطيع الاستماع للأشخاص وهم يصفون مرضهم الجسماني خاصة إن كان الوصف يخص الجراحة أو العظام المكسورة وكان صديقه قد أصيب حديثًا بكسر في ذراعه وقام بوصف المحنة بالكامل على شريط شاملاً الحادث – زيارة حجرة الطوارئ – قيام الطبيب بكسر العظمة ثانية حتى يصلحها – الزيارات الخاصة بالمتابعة، واسمتع القس عدة مرات للشريط حتى أصبح هذا الوضع غير مزعج بالنسبة له.
وبعد اكتمال كل المشاهد الخاصة بموضوع ما يتم الانتقال للموضوع التالي في الصعوبة وهكذا حتى يقل القلق المصاحب لكل الوساوس.. وإن قلت الدافعية خلال ذلك فيجب مراجعة قائمة الدافعية الشخصية حيث تعمل هذه المراجعة بالإضافة إلى النجاح في تقليل القلق على تشجيع المريض لتغيير الوساوس الأكثر قوة المتبقية.
وعند اكتمال التعرض للوساوس المستهدفة تذكر كيف كان التغيير كاملاً فمن الشائع أن تتذكر أو تصبح مدركًا للوساوس والأفعال القهرية أثناء التعرض الحقيقي وهذا ليس سببًا للتحذير ولكن ببساطة قم بإضافة ذلك إلى قائمة الوساوس المستهدفة وتعامل معه بنفس الطريقة.. ومقدار التعرض المطلوب يختلف من شخص لآخر وطبقًا لدرجة الخوف وقد أشار الخبراء إلى أن حوالي 20 ساعة من التعرض لكل الأعراض خلال عدة أسابيع أو شهور تكون فعالة في معظم الحالات والنجاح في علاج الشكوك لا يتبع قاعدة الكل أو لا شئ (All or none) حيث يتعرض المرضى دائمًا للشكوك والقلق، إذن فالنجاح يشمل وجود سياسة فعالة يمكن إتباعها مع الشكوك القديمة وأى شكوك جديدة، وسوف نناقش هذا بتوضيح أكثر عند شرح سياسة الاستمرارية (Maintenance) للعلاج على المدى الطويل.
ورقة عمل لتغيير الوساوس
اليوم/ التاريخ
الوسواس:
لقد نسى زوجي عيد ميلادي وغضبت منه وأخشى أن يموت في حادث كعقاب لي من الرب.
سياسة التعرض:
1.قم بقضاء 15 – 90 دقيقة في الموقف الذي يثير الوسواس.
2.قم بإثارة الوسواس عن قصد وقم بقضاء 15 – 90 دقيقة فيه.
مستوى القلق الأولي/ 7
مقدار الوقت المنقضي في التعرض للوسواس/ لمدة 30 دقيقة فكرت في أن زوجي قد يقتل أو يتم إيذاؤه.
مستوى القلق النهائي/ 3
إرشادات:
1.ابق في الموقف أو فكر في الوسواس حتى يقل مستوى القلق.
2.إذا زاد القلق بشدة اتبع سياسة الصحفي “reporter” عند التعامل مع الوسواس.
3.لقد حاولت أن أركز على التفاصيل الجسدية للمشاهد.
تقليل الأفعال القهرية
(Reducing compulsive scruples)
نظرة سريعة لسياسة التغيير:
في معظم الحالات تكون عملية تقليل الشكوك (الوساوس) مكونة من جزءين يجب تنفيذها سويًا فلا تغيير في الطقوس يمكن أن يحدث إذا تعرض الشخص للوسواس ولكنه استمر في أداء الطقوس.. إذن يجب أن يتعرض الشخص للخوف وفي نفس الوقت يمنع الفعل القهري (أداء الطقوس).. والاستثناء لتلك القاعدة هو عندما يحدث الفعل القهري بدون وسواس يسبقه.
فمثلاً هناك من يكرر الصلوات سبع مرات لأن هذا الرقم مريح بطريقة ما وأصل تلك الراحة لا يستطيع الشخص تذكره وبالتالي يحدث هذا الفعل القهري في وقت تؤدى فيه الصلاة وبدون استجابة لفكرة أو لصورة أو رغبة ملحة معينة.. وبالتالي تكون القاعدة كالآتي.. إن لم تتواجد أفعالاً قهرية (خارجية أو عقلية) فإن التعرض للوساوس يكون كافيًا.. وإن لم تتواجد وساوس (خارجية أو عقلية) فإن منع الطقوس يكون كافيًا..
وسنقوم هنا بوصف الطريقة لمنع أداء الطقوس ويمكن للقارئ أن يتوقع أننا سنقوم بمعرفة الطقوس المستهدفة للتغيير في البداية ومرة أخرى نوصي بعمل قائمة عن طريق مراقبة الذات ثم نلاحظ درجة القلق المصاحبة لعدم أداء تلك الطقوس.
قائمة الأفعال القهرية المستهدفة مستوى القلق
1.الصلاة من أجل الزوج حتى لا يموت. 7
2.مراجعة فواتير الشراء لوجود أخطاء. 8
3.إلقاء التحية على كل الناس كدليل على الحب. 5
4.مسك حقائب في اليدين حتى لا أضرب الآخرين. 7
5.تغطية التليفون حتى أمنع المكالمات القبيحة. 9
6.قيادة السيارة ببطء حتى لا أصدم الناس. 8
7.أداء الصلوات عند التفكير بأن الرب شرير. 10
8.مراجعة حالة الطفل بشكل متكرر عندما يلعب. 6
مستوى القلق إرشادات
1= لا يوجد قلق اعمل في البداية على الفعل
2 – 3= قلق بسيط القهري الذي يثير أقل
4 – 5= قلق متوسط مستوى من القلق (ولا تقلق
6 – 7= قلق شديد إذا كانت الأفعال القهرية
8 – 10=قلق عنيف متساوية في درجة القلق
الذي تثيره.
واختيار البداية يعتمد على قائمة الوساوس ويقوم الشخص بالتعرض للوسواس الذي يثير أقل درجة من القلق ويمنع أدء الطقوس ولاحظ أن كل وسواس يتماشى معه فعل قهري معين وهذا سيؤكد أن كل فعل قهري يتطابق معه وسواس والعكس صحيح.
وإن كانت هناك أفعال قهرية فقط (بدون وسواس) فإن الشخص يستطيع أن يبدأ بالفعل القهري الذي يثير أقل درجة من القلق.
وهنا يجب التمييز بين الطقوس الخارجية والعقلية.. فالطقوس الخارجية يمكن قياسها حيث يستطيع الشخص الملاحظ أن يحدد سواء كانت تلك الطقوس قد تم أداؤها أم لا، أما الطقوس العقلية أو المعرفية فتحدث داخل عقل المريض ومعروفة فقط بالنسبة له ولمنع الطقوس العقلية أو المعرفية والتي تحدث بشكل تلقائي فإن المريض يجب أن يراقب ذاته ويتحكم في ذهنه بدرجة عالية وإذا تذكرنا وسواس John Bunyan بفكرة (قم بخيانة المسيح.. قم بخيانته.. قم بخيانته) فإننا ندرك مدى صعوبة منع طقوسه العقلية التي كانت تقول استجابة للوسواس (لا..لا).. ولهذا أقترح البدء بالطقوس الخارجية إن تواجدت ولكى نفهم منع أداء الطقوس علينا أن نتذكر أن هناك نوعان من الطقوس (طقوس إيجابية وأخرى تجنبية) فالطقوس الإيجابية تهدف لمعادلة أو منع القلق الذي يتولد بسلوك معين فمثلاً.. تلاوة الصلوات بعد أفكار سب الدين كما فعل جون، أما الطقوس التجنبية فهى وسيلة للتحكم في النفس لمنع أداء سلوك غير مرغوب فيه فمثلا.. يحمل الشخص حقائب في يديه الاثنتين حتى يمنع نفسه أن يضرب الآخرين.. إذن فمنع أداء الطقوس له معنيان الأول هو عدم فعل الشئ (تلاوة الصلاة) في حالة الطقوس الإيجابية والثاني هو فعل الشئ (تحريك الأيدي بشكل طبيعي أثناء عبور الطريق) في حالة الطقوس التجنبية.. ولذلك فالشخص عليه أن يحدد أ ى نوع من نوعى سياسة منع الطقوس سيتم إتباعه لفعل القهري المستهدف وقد سهلت تلك العملية على مرضاى بإعطائهم ورقة بها التعليمات الخاصة بسياسة (افعل العكس).. وهذه السياسة تشمل كلاً من التعرض للوساوس ومنع الطقوس كدفعة واحدة.. وهذه بعض الأمثلة للأشكال المختلفة التي يمكن أن تكون عليها سياسة (افعل العكس) إن كانت الأشياء الحادة تثير أفكار العنف قم بتركها في مكان يمكن رؤيته.. إن كان الاحساس يتطلب إلقاء التحية على كل المارين في الشارع ابق صامتًا.. إن كان الشخص يقلق من وجود آثار للمياه المقدسة على السجادة قم بالمشى على هذه البقع عن عمد.. إن كنت تتلو الصلوات في كل مرة تأتيك أفكارًا عن موت من تحبهم لتضمن سلامتهم توقف عن تلاوة الصلاة.. إن كنت تقوم بتغيير قنوات التلفاز بشكل مستمر حتى لا ترى مشاهد مثيرة للأفكار الجنسية قم بمشاهدة برنامج بالكامل والاعلانات التي تتخلله.. إن كنت تعتذر للناس باستمرار لاعتقادك بأنك أخطأت فلا تعتذر.. إن كنت تحتاج للتأكيد المستمر من رجال الدين فتصرف بدون استشارتهم.. إن كانت أفكار سب الدين تتبع بصلوات تصحيحية فاترك الأفكار تأتي ولا تصلي استجابة لها.. إن كانت الأفكار الجنسية عن طفلك تمنعك من أداء واجبات النظافة لطفلك فعليك أن تقوم بالغسيل وتغيير الحفاض والاستحمام كما يفعل أى مقدم رعاية للأطفال.. إن كنت تتجنب أن تحضن صديق أو طفل من نفس الجنس خوفًا من أن تكوت شاذ جنسيًا فعليك أن تنتهز الفرص المناسبة حتى تقوم بضمهم.
ورقة عمل تغيير الأفعال القهرية
اليوم/ التاريخ
سياسة التعرض:
فكر بوضع نفسك في المواقف التي تثير الوسواس وقم بوصف الموقف أو الفكرة.
اللعب مع طفلتي التي تبلغ سنتين
الفعل القهري:
سياسة منع الطقوس.. افعل العكس
مستوى القلق في البداية: 6
مقدار الوقت المنقضي في التعرض للموقف.
مستوى القلق النهائي: 3
إرشادات:
.ابق في الموقف حتى يقل مستوى القلق.
2.إن أصبح القلق شديدًا اتبع سياسة الصحفي وأنت في الموقف.
3.لقد حاولت أن استمع لضحكتها حتى لا أفكر في قلقي
إرشادات حول منع الطقوس:
- اسمح لنفسك بأن (تفعل العكس).. فالشخص قد يستفيد من أخذ قائمة الأفعال القهرية المستهدفة لمستشار روحي أو ديني.. قم بوصف الهدف من السياسة العلاجية واسأل إن كانت الأهداف مسموح بها أم لا.. واحتفظ بالمسموح منها واحصل على بدائل أخرى للأهداف غير المسموح بها.. وإن كان الشخص يشعر بالراحة تجاه القائمة فليبدأ بالعمل بدون هذه الاستشارة.
- تحديد ما هو طبيعي: أى تحديد ما هو طبيعي بالنسبة لثقافة وبيئة ودين الشخص في الآداب الاجتماعية – تنظيف الأطفال – أخذ حمام – مشاهدة العروض التليفزيونية – ترك الأشياء الحادة معروضة وغيرها من الأمور.. فالطقوس الإيجابية غالبًا ما تكون مبالغة للسلوكيات المناسبة مثل الاهتمام الزائد بالمظهر – تجميع الأشياء – المراجعة المستمرة.. ففي حالة الشكوك واضطراب الوسواس القهري يفتقد المريض وجود مفتاح الإغلاق (switch off) الذي يمتلكه الآخرون لتحديد أن الأمر قد وصل لكفايته.
- وفي حالة الشك فإن الشخص يمكن أن يستخدم مبادئ علم الدين الأخلاقي المذكورة سابقًا وقد أشار رجل الدين Thomas Aquinas في القرون الوسطى أنه في المواقف الأخلاقية غير الواضحة يستطيع الشخص أن يتبع سلوكيات شخص حذر أو فطن حيث يقدم هذا الشخص الفطن إرشادات للشخص المريض ومن الممكن أن يكون هذا الشخص رجل دين وهذا ما يطلق عليه في العلاج السلوكي اتباع النموذج Modeling .
- تجميع الأمور معًا: ومع وجود قائمة الوساوس المتدرجة وإرشادات منع الطقوس فالمريض أصبح مستعدًا لتنفيذ سياسة التغيير كاملة حيث يبدأ الشخص بالوسواس الذي يثير أقل مستوى من القلق ويستخدم التعرض ويفعل عكس الفعل القهري.
- وبعد النجاح في موضوع من القائمة يتم الانتقال للموضوع التالي فمثلا تستمع الأم لتسجيل يصف إصابة طفلتها بكدمات بالركبة وفي نفس الوقت تمنع تلاوة الصلاة كاستجابة للوسواس وتقوم بالاستماع للشريط بشكل متكرر حتى تقل الرغبة الملحة في تلاوة الصلاة كما يقل الخوف من المشهد ذاته ثم تستمع بعد ذلك لوصف ابنتها تقع وتصاب بجرح في الركبة.
- ويلاحظ هنا أن تقليل الخوف والرغبة في أداء الطقوس ليس معناه استحسان المشهد فمعظم المشاهد الوسواسية تكون متعلقة بأحداث مرعبة تقع في الواقع ولا أحد يستمتع بالتفكير فيها ولكن تقليل الخوف والاشمئزاز معناه تقليل الإلحاح في تنفيذ الطقوس كوسيلة للهروب من تلك الأفكار والدوافع.
- حدوث عرقلة “Getting stuck “: إذا لم تنجح محاولات عديدة للتعرض في القضاء على الخوف أو استمرت ممارسة الطقوس فيجب تغيير المشهد أو الموقف حيث يحتاج الشخص ليعيد الترتيب ويختار مشهدًا أو موقفًا أقل تهديدًا بحيث يكون له نفس المحتوى.. فمثلاً التفكير في أن طفلي قد أصيب بكسر في ساقه قد يكون صعبًا للغاية فتجب محاولة مشهد أقل تأثيرًا مثل إصابته بإلتواء في الكاحل.. وإن كان النظر لمشهد رومانسي في التلفاز يصعب على فربما يمكنني فقط الاستماع للحوار.
تقبل غير المقبول:
إن الصراع المحوري في حالة الإصابة بالشكوك واضطراب الوسواس القهري هو مشكلة أن الفكرة – الصورة – الدافع يكون خطيرًا أو غير مقبول.. وكما ذكرنا في فصل الإخماد العقلي mental suppress أن الهروب من الوساوس يجعلها أكثر قوة وتكرارًا ودائمًا ما يصدم المرضى عندما أقترح عليهم أن يتقبلوا وساوسهم التي تكون في الغالب كريهة ومثيرة للاشمئزاز وغير أخلاقية وهنا لا يجب على الشخص أن يحب أو يستمتع بتلك الوساوس ولكن عليه أن يتقبل وجودها بهدوء..
وفي الحقيقة إن التقبل هو مكافئ التعرض للحدث المخيف وتحقيق النجاح بهذا التعرض والطريقة التي سنقوم بوصفها هنا هى طريقة معرفية بحتة ولديها تأثير وفاعلية مواجهة الوسواس (التعرض) ولكن الشخص يحاول أن يسيطر على القلق من خلال وسائل إدراكية مركزة (Focused attentional strategies) .
وبالرغم من أننا لا نملك دليلاً قاطعًا على فاعلية تلك الطريقة مع اضطراب الوسواس القهري بالذات ولكن العديد من الدراسات أظهرت أن تلك الطريقة تعمل على تحسين تنظيم المشاعر emotion regulation في حالات الاكتئاب والمرضى الذين تم الإساءة إليهم..
وقد أطلقت على هذه الطريقة اسم (سياسة الصحفي) حيث أن الشخص عندما يتعرض للشعور أو الفكرة أو الصورة أو الدافع غير المقبول عليه أن يحاول مواجهة الموقف كما يفعل الصحفي أى يقوم الشخص بوصف التجربة بطريقة محايدة (بلغة وصفية) ولا يقوم أبدًا بتقييم الموقف أو الحكم عليه، وقد أخبرني أحد المرضى بعد تجربة تلك الطريقة أنها “ترفع حافة الوسواس” وهذا التعرض يقلل قوة الوسواس ويكون الشخص قادرًا على استخدام مقاييس تكيفية أخرى حتى يبقى قادرًا على أداء الوظيفة.. ولكى يتعلم الشخص هذه الطريقة (طريقة الصحفي) فعليه أن يمر بمرحلتين.. فأولاً يجب استخدام هذه الطريقة لحدث غير متعلق بالوسواس القهري حتى ننمي معنى الأسلوب وهذا مثال لاستخدام هذه الطريقة لحدث يومي عادي:
(ربط شريط الحذاء – إنني أرى زوج بني من الأحذية على الأرض وقد أمسكت الفردة اليسرى أولاً وقمت بفك الرباط ببطء ولاحظت أن نهاية كل رباط منحولة بنسبة ضئيلة وأن الرباط أغمق لونًا من الحذاء ذاته وتوجد بعض العلامات في المقدمة والنهاية ولها لون أفتح من بقية الحذاء وقد انسابت الفردة بشكل مريح حول قدمي إلى أن شعرت بألم حاد قليل الشدة في إصبع قدمي وقمت بخلع الحذاء وأخرجت منه حصوة صغيرة من الحديقة التي تمشيت بها أمس ثم ارتديت الحذاء مرة أخرى وهذه المرة بلا عوائق وأمسكت بالرباط في يدي اليمنى وقمت بربط جانب ثم الجانب الآخر حتى وصلت لآخر كبسولة في الثقاب وشددت بقوة على الأربطة بيداى حتى شعرت بضغط معقول على مشط قدمي).
وقد تشمل الأمثلة الأخرى: أخذ حمام- المشى في حديقة – السباحة – ركوب دراجة – غسيل الأطباق.. على أن يكون أهم شئ هو الملاحظة والوصف وليس المحاسبة أو الحكم على الأشياء فمثلاً في مثال ربط الحذاء لم يقل الصحفي (إنه شئ فظيع أن تتواجد تلك الحصوة في حذائي) بينما كانت الملاحظة تعتمد على الشعور بالألم ووصف سببه (الحصوة) ويتم إبقاء التعليقات التقييمية بعيدًا بقدر الإمكان، فالوصف هو الطريق الصحيح وبدلاً من أن يقول الشخص (إن رش المياه على ظهري هو أفضل شئ حدث لي طوال اليوم) فإنه من الأفضل أن يقول (المياه تجعل عضلات رقبتي وبشرتي يشعران بالاسترخاء والترطيب).
وبعد أن يصبح الشخص قادرًا على استخدام هذه الطريقة مع أحداث غير متعلقة بالمرض فيمكنه الانتقال للوساوس على أن يتم إتباع نفس الأسلوب فالشخص يقوم بالوصف والملاحظة ولا يقوم بالحكم على نفسه لأى سبب سواء الصورة – الفكرة – الدافع – أى شعور أو اتجاه سلوكي ينتج من الوسواس وهذا مثال لشخص لديه وسواس غير مقبول بالنسبة له و ذو محتوى جنسي..
(بينما كان المريض يقود سيارته في أحد شوارع المدينة لمح المريض أكثر شخص جذاب رآه في حياته.. واتبعت حرارة هذا الانجذاب بفكرة أن يكون المريض قد ارتكب خطيئة إلا إذا رفض الصورة وهذا يولد فكرة أن الشخص لديه أفكارًا سيئة)..
وهنا تقترح سياسة الصحفي التعامل مع هذه الصورة أو الفكرة كما يلي:
(لقد كان الشخص الجذاب يسير بخطوة نشيطة تحت أحد أنوار الشارع ولمحت انسياب شعر داكن يتطاير في الهواء وكان يرتدي حذاءًا رياضيًا بلونين وبدون جوارب.. وكان يرتدي بنطلون جينز أسود غامق وعلامة تصميم البنطلون على الجيب الخلفي الأيمن.. وقد مر العديد من الناس أثناء مرور الشخص وكانوا يعيدون النظر إليه مرة أخرى.. وقد طويت ياقة القميص لأعلى حول رقبته وقد مر سريعًا حتى أنني لم أر الكثير من ملامح وجهه ولكنه كان رشيقًا ومحدد الجسم وقد لاحظت أن يدي كانت تمسك عجلة القيادة بقوة وازدادت ضربات قلبي وأصبح تنفسي سريعًا واستمر عقلي في استرجاع صورة الشخص الذي كان يسير بخطوة نشيطة تحت أحد أنوار الشارع ولمحت انسياب شعر داكن..) ويستمر الشخص في وصف السيناريو مرات عديدة.
وأحيانًا يتساءل المريض (ولكن أليس هذا استمتاعًا بالأفكار السيئة وقد يزيد الانجذاب الجنسي؟) وكما قال أحد المرضى إن هذه الطريقة ترفع حافة الوسواس.. وبعدم محاولة منع الصورة فإن هذه الطريقة تقلل من احتمالية أن تعود الصورة وتلازم المريض كما يحدث في ظاهرة (white bear) كما أن الشخص لا يؤكد على المكونات أو المحتويات الجنسية للموقف بينما يقوم بوضع الموقف في سياق وصفي كما تعمل هذه الطريقة على فصل الكهرباء من الموقف وتصبح الصورة عادية وغير جنسية.. ومرة أخرى نقول أن الوصف يجب ألا يكون تحكيمي بل يجب أن يشبه العناوين الافتتاحية لقصة بالجريدة.. فمثلاً جملة “يجب أن أمنع نفسي من كذا) يجب أن تستبدل بمصطلحات لغوية كالمستخدمة في المثال السابق.
تلخيص:
لقد أوضحنا في الفصول الأخيرة سياسة التغيير للشكوك (الوساوس) والتي قد يشعر القارئ بصدمة في البداية عند معرفتها وبالرغم من عدم انشغال كل الناس بالخلفية العلمية الموجودة في هذا البحث إلا أنني وجدت أن الكثير من المرضى يقدرون هذه المعلومات وقد أكدت لي الخبرة أن المرضى بالشكوك والوسواس القهري هم مفكرون نظريون وغالبًا ما يطلبون شرح مفصل للأشياء ولكن الخطر هنا أن يفقد الشخص الأشياء المهمة من أجل التفاصيل “Lose the forest for the trees ” ولهذا يجب أن يلخص الشخص النقاط المهمة في سياسات التغيير.