الخميس, مايو 9, 2024
الوسواس القهريالوسواس القهري الديني ... وجهة نظر مسيحية

13 استهداف الشكوك وتنمية الدافعية

استهداف الشكوك وتنمية الدافعية

سوف نقوم في هذا الفصل بتحديد شكوك الشخص التي تتطلب تغييرًا، فالاستبصار العقلي المجرد ليس كافيًا لإحداث تغيير.. فمعظم مرضى الشكوك يعرفون ما هو خاطئ بل ويستطيعون تحديد إنحرافهم عن الطبيعي.. وعندما توضح الخطة العلاجية يتغلب الخوف والقلق والارتباك على الموقف.. فالخطة في البداية لا تتبع ولا تترك وعلينا أن نقضي بعضًا من الوقت للاقتراحات العملية لتنمية الدافعية للتغيير بدلاً من أن نترك هذا البعد النفسي الهام للصدفة (خطيئة التخمين).
استهداف الشكوك للتغيير:
الصراع الأول هو تحديد ما يحتاج للتغيير ولإتمام هذه المهمة نحتاج أن نراجع باختصار المكونين الأساسين للحالة وكل مكون يتطلب تحديد، حيث تختلف طريقة التعامل مع كل واحد وما نسميه استهداف الشكوك يعرفه الإكلينيكيين بالتقييم.. وهذه العملية ضرورية كما كان يقول معلمي القديم للخطابة عن أهمية التجهيز (إن كنت تهدف إلى لاشئ فسوف تصيبه).
وتشمل الشكوك كلاً من الوساوس والأفعال القهرية وسوف نقوم بتعديل بسيط على التعريفات النفسية المعروفة لهما حيث تعرف الوساوس بأفكار متكررة غير مرغوب فيها، وتعرف الأفعال القهرية على أنها أفعال متكررة غير مرغوف فيها… فبدلاً من ذلك سنعتمد على التعريفات الوظيفية للسلوكيين حيث أنها أكثر وضوحًا وسهولة عند التعامل معها وهنا تعرف الوساوس على أنها أفكار، صور، رغبات ملحة، أفعال متكررة تثير القلق، وتعرف الأفعال القهرية على أنها أفعال، أفكار، صور متكررة تقلل القلق.. وبذلك يكون النشاط العقلي (الأفكار – الصور) قادرًا على العمل كأفعال قهرية مثل السلوكيات وهذا يتناسب أكثر مع الشكوك حيث أن معظمها أفعال قهرية عقلية مثل تكرار الصلوات في الرأس لإبطال الخطيئة غير الموجودة.

التمييز بين الشكوك (الوساوس) والقلق العادي:
كيف تختلف الشكوك عن القلق العادي؟
القلق عند الناس العاديين عادةً ما يشمل مواضيع تخص العائلة، الماليات، العمل، الصحة، أما الشكوك فقد تشمل تلك المواضيع أيضًا ولكن بطريقة مختلفة.. فالشكوك متكررة وذات شدة عالية وتستمر لفترة أطول من القلق العادي كما أن الشكوك تكون أكثر فظاعة في وصفها التوضيحي أو نتائجها المتخيلة وأخيرًا فإن الناس المصابين بالشكوك دائمًا ما يريدون إبطالها أو مقاومتها ولديهم رغبة ملحة في معادلتها.
تحديد الشكوك:
المهارة التي نحتاجها هنا هى مراقبة الذات.. فيجب أن ينتبه الشخص للوساوس والأفعال القهرية بدرجة من الانفصال عنها وكأنه ملاحظ خارجي يقوم بالتسجيل ولا توجد قاعدة قوية وسريعة تساعد على فعل ذلك ولكنني لاحظت بالتجربة الشخصية أن المرضى الذين يحتفظون بسجلات مكتوبة يحققون تقدمًا بشكل أسرع من غيرهم ولكن هذه ليست الطريقة الوحيدة لتحديد الشكوك.
إذن ماذا يجب أن يقوم المريض بمراقبته في ذاته؟ إن مراقبة الذات تشمل نواحي متعددة مثل الوساوس نفسها، الأفعال القهرية نفسها، شدة القلق، الظروف التي تحدث فيها الوساوس والأفعال القهرية.
ومعظم مرضى الشكوك وليس كل المرضى لديهم كلاً من الوساوس والأفعال القهرية.. وحيث أن الوساوس هى التي تثير القلق سنبدأ بتعريفها أولاً.. انتبه لطبيعة ما تقلق منه.. هل الموضوع جنسي؟ أم خاص بسب الدين – العنف (قد أتسبب في إيذاء شخص ما) – الشعور بالإحراج (الابتسام في موقف محزن) – الأمانة (أخذ شئ ذو قيمة – التلاعب بضرائب الدخل) – الصحة والمرض (لمن تحبهم أو لنفسك) – قلق من ارتكاب خطيئة (الاستماع لإشاعة).
والوساوس الحقيقية تثير نوع محدد من القلق فالشخص لا يريد الفكرة لأنها ستؤدي إلى أحد النتائج الآتية:
أفعال غير مرغوب فيها – كلام غير مرغوب فيه – مشاعر غير مرغوب فيها.. فبعض المرضى يقلقون أن تثير الوساوس سوء سلوك (مثل سوء السلوك الجنسي) – أما البعض الآخر فيقلق من الرغبة الملحة لقول شئ يستوجب التعنيف (مثل القيام بمكالمة تليفونية قبيحة) – وبعض الوساوس تسبب القلق والشعور بالذنب (مثل هل قمت بإيذاء أو سرقة شخص ما؟) ونؤكد هنا أن المشكلة في الأفكار أو الرغبات الملحة غير المرغوب فيها والتي لا يجب أن تكون بالضرورة مؤلمة أو غير سارة فهناك بعض الأفعال أو الأحاسيس غير المرغوب فيها التي قد تكون ممتعة ولكن المريض لا يريد تجربتها (مثل الأحاسيس الجنسية أو العنيفة).
ويبدأ المريض في تحديد أكثر من 4 أو 5 وساوس تمت ملاحظتها ويحدد تلك التي تأخذ وقتًا أطول سواء كان هذا الوقت يتم قضاؤه في القلق أو في محاولة معادلتها كما تم تحديد الوساوس التي تعطل متطلبات الحياة اليومية مثل العمل – العائلة – وقت الراحة – الواجبات المنزلية.
حدد بوضوح ما هو الفعل غير المرغوب فيه أو الكلام والمشاعر غير المرغوب فيها (مثل إيذاء طفلي – قبول سب الدين) وبعض المرضى أخبروني أنهم ليسوا دائمًا متأكدين ما هو الخوف الذي يعتريهم فهم يقولون أن هناك إحساس مفاجئ بالخوف أن بعض الأفعال ستثير احساس غامض بالذنب فمثلا إضاءة مفتاح الكهرباء في المنزل قد يكون له معنى غير مسموح به جنسيًا ويستطيع بعض المرضى التفرقة بين الوساوس والأفعال القهرية في الحال.. ولكن هناك آخرون يعانون من الشكوك بشكل مختلط ومربك.. إذن قم بالتسجيل في مكان الوسواس أو الفعل القهري إن كان الأمر مربكًا.. أن تقوم بتسجيل الاثنين والاختلافات تظهر عادة فيما بعد وسياسات التغيير يمكن تطبيقها حتى لو كان الوضوح الكلي مستحيل.
وهناك تحذير لمراقبين ذاتهم لا تحول تسجيل الشكوك نفسه لفعل قهري آخر وأحيانًا يكتب المريض ثلاثين أو أربعين صفحة فما نريده هو الجودة وليس الكمية.. فمثلاً نحدد أن يكون التسجيل في صفحة أو صفحتين يوميًا فهذا يوفر معلومات كافية للغاية.
جدول يوضح التسجيل اليومي للوساوس والأفعال القهرية
الموقف:
غضب من الزوج لأنه لم يساعدني في غسيل الأطباق.
الوسواس:
الرب سوف يعاقبني ويأخذ زوجي
مستوى القلق (1 – 10) : 9
الفعل القهري:
أصلي ساعتين حتى لا يموت زوجي
الوقت المنقضي للتعامل مع الوسواس أو الفعل القهري:
120 دقيقة
الموقف:
رأيت شخصًا جذابًا
الوسواس:

أخشى أن تكون أفكاري قبيحة
مستوى القلق (1 – 10): 8
الفعل القهري:
أطلب التأكيد من القس
الوقت المنقضي للتعامل مع الوسواس أو الفعل القهري:
تحدثت مع القس 3 مرات عن ذلك
الموقف:
إعطاء السباك مالاً ليصلح التسريب
الوسواس:
لقد تواطأت مع خداع الضرائب إذا لم يظهرها السباك في الضرائب السنوية
مستوى القلق (1 – 10): 7
الفعل القهري:
قمت بالاتصال بمحاسبي للتأكد
الوقت المنقضي للتعامل مع الوسواس أو الفعل القهري:
محادثة دامت 10 دقائق
الموقف:
عند صلاة في الليل
الوسواس:
يخطر في بالي أن الرب هو الشرير
مستوى القلق (1 – 10): 10
الفعل القهري:
أحاول التفكير فيها كفكرة دينية وأرجع لاستشهادات الكتاب المقدس والكتابات الدينية.
الوقت المنقضي للتعامل مع الوسواس أو الفعل القهري:
4 ساعات
تحديد الأفعال القهرية:
اسم الأفعال القهرية قد يخدعنا حيث أنها تأخذ شكلين مختلفين وظيفيًا..
الأول: أن بعض الأفعال القهرية تكون عبارة عن أفعال متقنة أو طقوس يقصد بها معادلة الوساوس.. فمثلاً تلاوة الصلوات – تنظيف المنزل – الذهاب للاعتراف – البحث عن تأكيد أنه لم يحدث أذى هى أفعال قهرية من هذا النوع..
أما النوع الثاني من الأفعال القهرية فهى أفعال تجنبية الهدف منها هو منع حدوث نتائج غير مرغوب فيها.. فمثلاً النظر لأسفل دائمًا عند التواجد وسط الناس لمنع رؤية ما يثير أفكارًا قبيحة – حمل شنط في كلا اليدين عند عبور الشارع لمنع الاستجابة لدافع ضرب المشاة الآخرين.. هى أمثلة للنوع الثاني من الأفعال القهرية.. وفهم وظيفة كل فعل قهري شئ هام عند تطبيق طريقة (افعل العكس).. وقد تشمل الأفعال القهرية المراجعة للتأكد أنه لا يوجد خطأ ما، البحث عن التأكيد من الآخرين، سلوك متكرر لتوضيح الشكوك، عمل محاولات معقدة لترتيب البيئة لمقاومة الرغبات الملحة غير السارة أو المحرجة ولا يمكن تحديد محتوى الوساوس والأفعال القهرية حيث أنه لا ينتهي فأنا أسمع أشياء نادرة وجديدة في كل مرة أعمل فيها مع مريض جديد ولذلك فإن المهمة هى تحديد وظيفة هذه الأفعال القهرية.
تسجيل الظروف المحيطة بالشكوك:
لكى نفهم الشكوك بشكل كلي يجب أن نعرف المواقف والأحداث والظروف التي تثير الشكوك والمراقبة الحقيقية للمواقف تسهل توقع حدوث الشكوك وهذا يسمح بوضع طرق معينة للقضاء على الشكوك.. وقد تكون تلك الظروف أحداث داخلية أو خارجية..
أما الأحداث الخارجية فتشمل الأشخاص – الأماكن – الأشياء المحيطة بك أثناء حدوث الشكوك أو قد تكون الأحداث المثيرة للشكوك هى فكرة تأتي من لاشئ (Comes out of blue) ولا تتأثر بالبيئة..فمثلاً أحد المرضى أثناء قيامه بغسيل أسنانه خشى على سلامة أولاده في أتوبيس المدرسة فتنظيف الأسنان ليس له دور في إثارة الشكوك ولكن حتى عندما تكون الأحداث الداخلية هى التي تثير الوساوس فإن معرفة الظروف البيئية يعطي معلومات مفيدة..
إذن فما هى الظروف التي يجب أن يتم وصفها؟ أنا أقترح العبارات المستخدمة في الصحافة والتي تؤكد أن الصحفي قد قام بتغطية التفاصيل الأساسية للقصة فالإجابة على واحد أو أكثر من هذه الأسئلة (من – ماذا – متى – أين – ما عدد المرات) تعطي المعلومات اللازمة.
تسجيل شدة القلق يساعد في التقييم: ويمكن استخدام مقياس بسيط من 1 : 10 لوصف درجة القلق حيث واحد يمثل عدم الاحساس بالقلق و10 تساوي أكثر درجة من الخوف (مثال على درجة 10 هو كمية الخوف التي تشعر بها إذا علقت قدمك لقضيب السكة الحديد وأنت تسمع صوت صفارة القطار)..
كما أن مقدار الوقت المنقضي في القلق مع الوساوس والأفعال القهرية يمدنا بمعلومات قيمة ففي البداية يساعدنا هذا على التفرقة بين الشكوك الكبرى والشكوك الصغرى..
فالشكوك تأتي غالبًا في صورة حزمة كبيرة ولذلك فإن تتبع شدة القلق والوقت المنقضي للتعامل معها يساعد في تحديد الشكوك التي يمكن أن نبدأ في علاجها أولاً ونقترح أن نتعامل مع الشكوك الصغرى في البداية لتزيد ثقة المريض بنفسه، ولكن التفرقة بين الشكوك الكبرى والصغرى لا يمكن تحقيقها إلا عن طريق مراقبة النفس الدقيقة.
تجميع الأمور: إذا بقى المريض يراقب نفسه فستنشأ مواضيع ثابتة وتعود الوساوس والأفعال القهرية للحدوث لذلك فإن الخطوة الأخيرة هى أن نلخص الشكوك الأكثر حدوثًا لأربع أو خمس أنواع مع تسجيل درجة القلق والوقت المنقضي للتعامل معها.
وغالبًا ما تكون فترة أسبوعين أو ثلاثة لمراقبة النفس كافية لتحديد المواضيع الأساسية ولكن بعض المواضيع لا تصبح واضحة إلا بعد بداية سياسات التغيير وهذا شئ طبيعي ويمكن إضافة المواضيع حديثة الاكتشاف لقائمة الشكوك المستهدفة التالية:

قائمة الوساوس المستهدفة

(الوساوس هى الأفكار – الصور – الدوافع – السلوكيات التي تثير القلق)

القائمة

مستوى القلق*

1………………..
2………………..
3………………..
4………………..
10……………..
*مستوى القلق:

1 تعني لا يوجد قلق
2 – 3 تعني قلق بسيط
4 – 5 تعني قلق متوسط
6 – 7 تعني قلق شديد
8 – 10 تعني قلق مفرط “عنيف”         

إرشادات:

يتم التعامل مع الوسواس الذي يثير أقل درجة من القلق (ولا تقلق إن كانت بعض الوساوس متقاربة في درجة القلق الذي تثيره.. اختر أيًا منها أو قم بعمل قرعة أو أى شئ مشابه.        

 

قائمة الأفعال القهرية المستهدفة

(الأفعال القهرية هى الأفكار – الصور – الدوافع – السلوكيات التي تقلل القلق)

القائمة

مستوى القلق*

1………………..
2………………..
3………………..
4………………..
10……………..
*مستوى القلق:

1 تعني لا يوجد قلق
2 – 3 تعني قلق بسيط
4 – 5 تعني قلق متوسط
6 – 7 تعني قلق شديد
8 – 10 تعني قلق مفرط “عنيف”         

إرشادات:

 ابدأ بالتعامل مع الفعل القهري الذي يثير أقل ضغط (لا تقلق إن كانت بعض الأفعال القهرية متقاربة في مستوى القلق الذي تحدثه        

وقبل تطبيق سياسات التغيير يجب توضيح أهمية التغيير لتنمية الدافعية لتنفيذ المرحلة الصعبة القادمة..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *