الفالبرويت (Valproate)
آلية العمل:
الفالبرويت (Valproate) هو حمض دهني بسيط التفرع وآلية عمله معقدة وغير مفهومة بشكل كامل .. فهو يثبط الأيض الهدمي للجابا (GABA) ويقلل تحويل حمض الأراكيدونيك وينشط مسار الكينيز (Kinase) مما يغير مطاوعة التشابكات العصبية ويؤثر على الإشارات العصبية داخل الخلية كما يؤدي لزيادة (BDNF) وتقليل (Kinase C) .
وركزت الأبحاث الحديثة على قدرة الفالبرويت على التأثير على العديد من الجينات التي لها علاقة بتنظيم عملية النسخ وتعديل هيكل الخلية واستقرار الأيونات، وهناك آليات أخرى مقترحة لعمل هذا الدواء وتشمل استنفاذ الإنوسيتول والآثار غير المباشرة على مسارات أخرى غير GABA من خلال تثبيط قنوات الصوديوم..
وهناك أبحاث تشير لإمكانية استخدام الفالبرويت كعلاج مساعد في أنواع عديدة من السرطانات وآلية العمل هنا هى تثبيط أحد الإنزيمات وهو (Histone deacetylase) .
التركيبات:
يتوفر الدواء في المملكة المتحدة على هيئة ثلاث تركيبات: فالبرويت الصوديوم وحمض الفالبرويك (المستخدمين في علاج الصرع) والفالبرويت الذي يحتوي على نصف كمية الصوديوم (المستخدم في علاج الهوس الحاد) وكلاً من الفالبرويت الذي يحتوي على كمية الصوديوم كاملة أو نصفها يتم تحويلهما لحمض الفالبرويك خلال عملية الأيض.. وهذا هو المركب المسئول عن النشاط الدوائي للتركيبات الثلاثة..
وتستخدم الدراسات الإكلينيكية لعلاج الاضطرابات الوجدانية التركيبات الثلاثة إلا أن الغالبية العظمى منها استخدمت الفالبرويت المحتوي على نصف كمية الصوديوم.. أما في الولايات المتحدة فيستخدم حمض الفالبرويك بشكل كبير في علاج الاضطراب الوجداني.. وفي المملكة المتحدة يتم استخدام الفالبرويت الذي يحتوي على نصف كمية الصوديوم.
ويجب أن نتذكر أن جرعات الدواء الذي يحتوي على كمية الصوديوم كاملة والذي يحتوي على نصف كمية الصوديوم لا تكن جرعاتها متساوية حيث نحتاج جرعة أعلى بقليل (حوالي 10%) عند استخدام التركيبة التي تحتوي على كمية الصوديوم كاملة.
ولا توجد فروقات واضحة في الفاعلية بين التركيبات الثلاثة وهناك دراسة كبيرة أجريت في أمريكا وجدت أن المرضى الذين أخذوا التركيبة التي تحتوي على نصف كمية الصوديوم كانت إقامتهم أطول بمقدار الثلث من المرضى الذين أخذوا حمض الفالبرويك وعلينا ملاحظة أن فالبرويت الصوديوم ذات المفعول المتحكم (Epilim chrono) يمكن إعطاؤها للمريض كجرعة واحدة يوميًا أما التركيبات الأخرى فيجب إعطاؤها مرتين على الأقل يوميًا.
دواعي الاستعمال:
أوضحت الدراسات (RCTS) أن الفالبرويت فعال في علاج الهوس ويصل معدل الاستجابة إلى 50%، NNT إلى 2 – 4 – و قد وجدت إحدى الدراسات أن الليثيوم أكثر فاعلية في علاج الهوس.. ولكن دراسة أكبر اشتملت على 300 مريض لمدة 12 أسبوع وجدت أن فاعليتهما متساوية في علاج الهوس الحاد.. وقد يكون الفالبرويت فعال في علاج المرضى الذين لم يستجيبوا لليثيوم..
وفي دراسة صغيرة اشتملت على 36 مريض لم يستجيبوا لليثيوم أو لم يكونوا قادرين تحمله كان معدل الانخفاض في مقياس الهوس الخاص ب Young 54% في المجموعة التي استخدمت فالبرويت و 5% في المجموعة التي استخدمت الدواء المموه.. وقد يكون أقل فاعلية من الأولانزابين كدواء مساعد لليثيوم في حالات الهوس الحاد.
كما أوضحت دراسات أخرى أن الفالبرويت قد يكون لديه نسبة فاعلية في حالات الاكتئاب ثنائي القطب إلا أن المزيد من الأبحاث يجب إجراؤها للتأكد من ذلك حيث كان معدل attrition (الاستنزاف) مرتفعًا في هذه الدراسات (وهى خاصية لكل دراسات الاضطراب الوجداني).
وبالرغم من أن الدراسات توضح أن الفالبرويت له دور في الوقاية من الاضطراب الوجداني إلا أن المعلومات من RCT قليلة لإثبات ذلك..
وقد وجدت Bowden et al (أحد الدراسات) أنه لا يوجد فرق بين الليثيوم والفالبرويت والدواء المموه في قياس النتائج الأولية والوقت لحدوث نوبة مزاجية بالرغم من أن الفالبرويت تفوق على الليثيوم والدواء المموه في بعض قياسات النتائج الثانوية.. ويمكن نقد هذه الدراسة بأنها اشتملت على مرضى لم يكونوا معتلين بشكل كاف ولم يدم مرضهم لفترة كافية (عام).. وهناك RCT استمرت 47 أسبوع وجدت أنه لا يوجد فرق في معدلات الانتكاسة بين الفالبرويت والأولانزبين.. ولم يستخدم الدواء المموه في هذه الدراسة وكان معدل attrition مرتفعًا ولذلك يصعب تحليل النتائج.
كما أوضحت هذه الدراسة أن المرضى الذين لديهم تغير مزاجي سريع (Rapid Cycling) لديهم استجابة مبكرة للفالبرويت عن الأولانزابين ولكن هذه الميزة لم تكن ثابتة أما أعراض الهوس في المرضى الذين لم يكن لديهم تقلب مزاجي سريع فتحسنت عند استخدام الأولانزابين لمدة عام.. وهناك دراسة أخرى استمرت 20 شهر للمقارنة بين الفالبرويت والليثيوم في مرضى تقلب المزاج السريع كانت معدلات الانتكاسة و attrition مرتفعة ولم يتم إيجاد فارق واضح بين فاعلية الدوائين.
وتوصي NICE باستخدام الفالبرويت في علاج النوبات الحادة من الهوس (الاختيار الأول) مع إضافة مضاد للاكتئاب لعلاج النوبات الحادة من الاكتئاب وللوقاية أيضًا.
ويستخدم الفالبرويت أحيانًا لعلاج السلوكيات العنيفة على اختلاف أسبابها وقد أخفقت إحدى الدراسات الصغيرة (عددها 16 مريض) في اكتشاف أى مميزات لإضافة الفالبرويت على الريسبيريدون (بدلاً من استخدام الريسبيريدون بمفرده) وذلك بهدف تقليل عدوانية مرضى الفصام..
ودراسة أخرى وجدت أن مرضى الفصام والاضطراب الوجداني في المنشآت الآمنة يقل تهيجهم مع استخدام الفالبرويت.. وهناك دراسة صغيرة تثبت فاعلية الفالبرويت في حالات اضطرابات القلق العام.
مستوى الدواء في البلازما:
تفاعلات حركية الدواء للفالبرويت معقدة ولا يتم قياس مستوى الدواء في البلازما بشكل دوري كما هو الحال مع الليثيوم أو الكاربامازيبين..
وهناك ترابط خطي أو تناسب بين مستوى الدواء في البلازما والاستجابة في حالات الهوس الحاد حيث يلاحظ أنه عندما يكون مستوى الدواء أقل من 55 مجم/ لتر لا يكونه أكثر تأثيرًا من الدواء المموه، أما عندما يكون مستوى الدواء في البلازما أكثر من 94 مجم/ لتر فإن ذلك يؤدي لأعلى درجات الاستجابة (ويلاحظ أن ذلك هو قمة الحد المرجعي للصرع)..
ومستوى الدواء الأمثل عند الاستمرار على العلاج لا يزال غير معروف ويفضل ألا يقل عن 50 مجم/ لتر ويمكن أن يتحمل المريض تحقيق المستوى العلاجي للدواء بسرعة عن طريق استخدام نظام الجرعة التحميلية a loading dose regimen ويمكن استخدام مستوى الدواء في البلازما للكشف عن عدم امتثال المريض للدواء أو ارتفاع نسبة الدواء لدرجة السمية. وتؤخذ العينة قبل إعطاء الجرعة التالية مباشرة.
الآثار الجانبية:
يؤدي الفالبرويت لحدوث التهاب بجدار المعدة وزيادة الأمونيوم بالدم مما يؤدي للشعور بالغثيان.. وقد يحدث خمول وتشوش عند استخدام جرعة أكبر من 750 مجم في اليوم في البداية، وعند استخدام الفالبرويت مع الكلوزابين تكون زيادة الوزن كبيرة كما يسبب الفالبرويت رعشة متعلقة بالجرعة في ربع عدد المرضى تقريبًا، وفي معظم هؤلاء المرضى تكون الرعشة عند الرغبة في عمل فعل معين أو عند الوقوف Intention postural termor بينما يحدث مرض الرعاش مصحوبًا باضطرابات معرفية في نسبة صعيرة من المرضى وتزول هذه الأعراض عند توقف استخدام الدواء.
وقد يحدث أيضًا تساقط للشعر ونمو شعر جديد مجعد، تورم الأطراف، قلة عدد الصفائح الدموية، قلة عدد كرات الدم البيضاء، قلة نمو كرات الدم الحمراء، التهاب بالبنكرياس..
وقد يسبب الفالبرويت زيادة الأندروجين في النساء كما أنه يرتبط بحدوث حويصلات عديدة بالمبيض (ولكن لا يوجد دليل قوي على ذلك).. ولذلك لا ننصح باستخدام هذا الدواء للبنات والسيدات في سن الانجاب.
ويعتبر الفالبرويت مسبب قوي للتشوهات الجنينية ونادرًا ما يسبب فشل كبدي شديد ويعتبر الأطفال صغار السن الذين يتناولون العديد من مضادات التشنج أكثر خطرًا لحدوث ذلك..
وأى مريض يكون لديه ارتفاع في LFTS (شائع الحدوث في بداية العلاج).. يجب تقييمه إكلينيكيًا ويجب عمل وظائف الكبد الأخرى مثل الألبيومين والوقت اللازم للتجلط.
ومعظم الآثار الجانبية للفالبرويت تعتمد على الجرعة الدوائية (أعلى مستوى للدواء في البلازما) ويزداد معدل حدوث هذه الآثار الجانبية كما تزداد شدتها عندما يكون مستوى الدواء في البلازما أعلى من 100 مجم/ لتر..
ولا تسبب التركيبة طويلة المفعول من الصوديوم فالبرويت هذه المستويات العالية في البلازما.. كما تسببها التركيبات التقليدية.. ولذلك يتحملها المريض بشكل أفضل ويجب ملاحظة أن الدواء يتم التخلص منه عبر الكلية ويكون ذلك جزئيًا في صورة أجسام كيتونية مما يعطي نتائج إيجابية خاطئة لتحليل الكيتون في البول.
التحاليل المطلوبة قبل بداية العلاج:
- تحليل BMI – LFTS – FBC ، تقدير الوزن، (كما توصي NICE ).
متابعة المريض أثناء العلاج:
- توصي NICE بتكرار عمل LFTS – FBC بعد ستة أشهر من العلاج، كما توصي بضرورة متابعة MBI ويوصي آخرون بتكرار عمل LFTS أكثر من مرة خلال ستة أشهر من العلاج مع عمل تحليل للألبيومين وتقدير الوقت اللازم لتجلط الدم في حالة تغير مستوى الإنزيم.
إيقاف العلاج:
ليس معروفًا حتى الآن إن كان إيقاف استخدام الفالبرويت بشكل مفاجئ يؤثر بشكل سيئ على المسار الطبيعي لمرض الاضطراب الوجداني بنفس الشكل الذي يؤثر به الليثيوم على المرض..
وقد أكدت دراسة واحدة صغيرة ذلك.. وعند إيقاف استخدام الفالبرويت يجب أن يتم ذلك ببطء خلال شهر على الأقل.
الاستخدام في حالة الإناث في سنوات احتمال حدوث حمل:
من المعروف أن الفالبرويت يؤدي لتشوه الجنين وتوصي NICE باستخدام مضادات تشنج أخرى في حالات الصرع عند الإناث في سن احتمال حدوث الحمل ولا يجب استخدام هذا الدواء بشكل روتيني لعلاج الاضطراب الوجداني في هؤلاء الإناث.
ويوصي SPCS للصوديوم فالبرويت والفالبرويت المحتوي على نصف كمية الصوديوم بـ :
- لا يجب بدء العلاج بهذه الأدوية في الإناث عند سن احتمال حدوث حمل بدون استشارة أخصائي أمراض عصبية أو نفسية.
- الإناث اللاتي يرغبن في الحمل وحالتهن تستدعي استخدام الفالبرويت يجب إعطاؤهن حمض الفوليك للوقاية من حدوث تشوهات بالجنين.
وغالبًا ما تكون الإناث المصابة بالهوس غير قادرات على التحكم برغباتهن الجنسية ويزداد خطر حدوث الحمل غير المخطط له ويتعدى المعدل الطبيعي له (حيث يكون 50% من حالات الحمل غير مخطط لها)..
وإن كان من الضروري استخدام الفالبرويت فيجب استخدام موانع الحمل بشكل كاف بالإضافة لاستخدام حمض الفوليك للوقاية من حدوث تشوهات الجنين.
ولا يتم تقدير قابلية الفالبرويت لإحداث تشوهات جنينية بشكل كاف ولا يتم نصح العديد من الإناث بضرورة أخذ موانع الحمل أو حمض الفوليك الوقائي.. وقد يسبب الفالبرويت خلل في الوظائف المعرفية عند الأطفال الذين تعرضوا له أثناء فترة حمل أمهاتهن.
التفاعلات مع الأدوية الأخرى:
يرتبط الفالبرويت بشكل قوي مع البروتين ويمكن أن تتم إزاحته بالأدوية الأخرى التي ترتبط بالبروتين مثل الأسبرين مما يؤدي لحدوث تسمم.. كما يثبط الأسبرين عملية الأيض للفالبرويت إذا كانت جرعة الأسبرين المستخدمة 300 مجم على الأقل.. أما الأدوية الأخرى التي ترتبط بالبروتين بشكل ضعيف مثل الوارفارين فيمكن إزاحتها بواسطة الفالبرويت مما يؤدي لارتفاع مستوى الدواء وحدوث تسمم..
وتتم عملية الأيض للفالبرويت في الكبد والأدوية التي تثبط الإنزيمات CYP يمكن أن تعمل على زيادة مستوى الفالبرويت (مثل إرثرومايسين – فلوكستين – سايميتيدين) ويعمل الفالبرويت على زيادة مستوى بعض الأدوية في البلازما وذلك تقريبًا من خلال تثبيط عملية الأيض لها مثل (مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة وخاصة كلوميبرامين – لاموتريجين – كواتيابين – وارفارين – فينوباربيتون) وقد يقلل الفالبرويت بشكل ملحوظ تركيز الأولانزابين في البلازما بآلية غير معروفة.
كما تحدث تفاعلات نتيجة لعمل الدواء أيضًا.. فتأثير الفالبرويت ضد التشنجات تتم معاكسته بالأدوية التي تقلل من الحد اللازم لحدوث التشنج (مثل مضادات الذهان) كما أن زيادة الوزن تكون بشكل زائد عند استخدام أدوية أخرى (مثل الكلوزابين والأولانزابين) مع الفالبرويت.