الوسواس القهري عند الأطفال
لقد أثبتت الدراسات المتخصصة والأبحاث أن حوالي من ثلث إلى نصف حالات الوسواس القهري عند البالغين قد بدأت لديهم في سن الطفولة.
وهذا المرض يصيب الأطفال والمراهقين والرجال والسيدات.
وتبلغ نسبة الأطفال المصابين بالوسواس القهري 1% من المجموع العام وتلعب الوراثة دوراً مهماً في هذه الحالات.
وقد تمر سنوات عديدة قبل أن يخبر الأطفال آبائهم عن مرضهم وشكواهم (الأفكار الوسواسية أو الأفعال القهرية) بل أنهم يبذلون المحاولات العديدة لإخفاء المرض، بينما هو من الأفضل دائماً التبكير في تشخيص وعلاج هذا المرض فمرور الزمن يجعل من الأعراض تزداد قوة ومن ثم قد يصعب علاجها.
ومن النتائج المبشرة للعلاج أن نسبة كبيرة من الأطفال الموسوسين يتخلصون من الأعراض تماماً بينما تبقى نسبة صغيرة منهم تعاني من الأعراض إلى سن البلوغ والنضوج وقد تحدث في نسبة أصغر ممن تم علاجهم ما يسمى بالنكسات أو عودة ظهور الوسواس.
وقد حاول العلماء تفسير حدوث هذه النكسات فتبين لهم أن الضغوط الحياتية المستمرة أو الطارئة والتغير البيولوجي العصبي قد يكون هو المسئول عن ذلك ” بعد تقدير الله عز وجل ” ولكل عادات وطقوس خاصة تعلمه الأسرة إياها خاصة قبل ذهابه إلى النوم مثل خلع ملابس الخروج وارتداء ثياب النوم وإعداد الفراش وتجهيزه وقوله لأبويه ” تصبحون على خير” وقد يحتاج بعض الأطفال إلى تقبيل أبويه وقيام أحدهما بجذب الغطاء عليه ثم يقص عليه قصة أو حكاية قصيرة وإطفاء النور مع كلمة تصبح على خير. وقد نجد أن بعض الأطفال يصمم على هذه الطقوس سواء من جانبه أو من جانب أبويه حتى ينام في سلام وهدوء و إلا تعرض لنوبة عصبية عارمة وبكاء لأن نظام وترتيب الأحداث لم يتم وفقاً لطقوسه.
وهذه الطقوس عادة ما تظهر في الأطفال من عمر (4 – 8) سنوات، وعند عمر 7 سنوات أن عرض الجمع و التخزين والاحتفاظ بالخردة والقديم يبدو واضحاً جلياً عند هؤلاء الأطفال وخصوصاً الصور واللعب والخواتم والمصوغات المقلدة وما شابه.
وعند سن المراهقة تختفي الأفعال القهرية ولكنها تبقى فكرة وسواسية تحتل الذهن أو تشغل البال بخصوص لعبة أو نغمة أو لحن أو أي نشاط ذهني آخر، وتظهر أيضاً فكرة الاعتقاد في الأرقام المحظوظة وضربة الحظ (التفكير السحري).
وليست كل الطقوس التي تظهر في هذا السن تعتبر مرضية فكثيراً ما تكون العادات والأعمال المنظمة دليلاً على الصحة والنمو والتكيف الاجتماعي السليم وليست بالضرورة طقوساً مرضية. إن الطقوس المرضية الوسواسية في جوهرها مؤلمة ومعيقة عن النشاط وتسبب الإحساس بالخجل والانطواء عن الآخرين حتى يسلم من انتقادهم، وكلما حاول الشخص منع نفسه من أدائها يزداد معدل القلق لديه
وللأسف الشديد فإن جهل الآباء بالطريقة الصحيحة للتعامل مع الطفل الموسوس الذي يقوم بأداء طقوس وأفعال قهرية قد يأخذ شكلاً من اثنين:-
الأول: وهو إيجابي عن طريق منع الطفل من تكرار العمل القهري مما يؤدي إلى ظهور سلوك عدواني غاضب من قبل الطفل.
الثاني: وهو سلبي وذلك بالموافقة على تنفيذ ما يريد بمساعدته أو أدائه نيابة عنه مما يحرم الطفل الموسوس من مواجهة المخاوف والقلق المصاحب للطقوس وبالتالي استمرار الوسواس.
قصة “و”
رغم أن حصة التربية الفنية ممتعة للتلاميذ كلهم بشكل عام إلا أن التلميذة “و” لم تكن من بين أولئك المتمتعين بها. فقد كانت المواد المستعملة في الطلاء و الرسم مثل بودرة الطباشير والصمغ اللاصق و الألوان والعجين والصلصال تثير اشمئزازها وتدفعها إلى طلب الإذن من المعلمة للذهاب إلى الحمام والتي كانت تذهب إليه فرحة واثبة فوق السلالم الخمسين المؤدية إليه. وكانت تقوم بغسل يديها وأصابعها بالصابون والماء الدافيء حوالي عشرين مرة مراعية في ذلك أن يغسل كل إصبع على حدة ثم يتم تجفيفه بورق التواليت ثم تنتقل إلى الإصبع الذي يليه وإذا حدث تلامس بين إصبع جاف وآخر مبتل فإنها تعيد الكرة من جديد. وازدادت حالتها سوءاً فكانت تطلب من المعلمات الأخريات في الحصص الأخرى الإذن للذهاب إلى الحمام. وأصبحت رفيقة الحمام ولاحظت معلمتها تكرار استئذانها وعودتها وقد تغير ملمس جلد يديها و احمراره من كثرة الغسيل ولاحظت أيضاً شرود ذهنها وقلة انتباهها أثناء الدرس وإجاباتها الخاطئة نتيجة عدم التركيز وذلك لوجود أفكار وسواسية في رأس التلميذة.
وقد حاولت أم “و” أن تجعل ابنتها تتوقف عن هذه الطقوس ففشلت وقامت بشراء دهانات لليدين لترطب بشرة يديها دون جدوى.
نصحت المعلمة الوالدة بعرض ابنتها على اخصائي للأمراض النفسية لعلاجها من شرود الذهن وقد قام بتشخيص حالتها بأنها “وسواس قهري”.
قصة “ت”
كان الطالب “ت” يعاني من أفعال قهرية تتمثل في تكرار الفحص والتمحيص في واجباته المدرسية المنزلية وأثناء إجاباته في الامتحان وقد رسب في الامتحان لأنه لم يستطع الإجابة على كل الأسئلة لقلة الوقت كما يقول.
وقد شملت أعمال الفحص والتدقيق والمراجعة كل أبواب ونوافذ البت ومصابيح الكهرباء والحنفيات ودورات المياه وتحت الأسرة. وقد نصحه والده بأن يكف عن هذه الأعمال فكان يقول “إن شخصاً قد يتأذى إذا لم أقم بهذا العمل وهذه الطقوس، ولا أستطيع التوقف”.
وأصبح “ت” قلقاً ومضطرباً في النهار وقلت ساعات نومه، فأخذته أمه إلى أخصائي للأمراض النفسية الذي شخص حالته بأنها “وسواس قهري”.
وانهارت أمه قائلة “لقد تسببت أنا في مرضه فأنا التي علمته الوسوسة من شدة عنايتي بالنظافة وحبي للترتيب والنظام”. وقد قام الطبيب بطمأنتها قائلاً “لست السبب في ذلك ولكن هذا المرض ينشأ من اضطراب بيولوجي في أعصاب المخ. وقد يصاب بعض الأطفال في الأسرة بالوسواس القهري نتيجة سبب وراثي وليس نتيجة سلوك تعلمي”.
العلامات المميزة لمرض الوسواس لدى الأطفال :
- الاهتمام المبالغ فيه بموضوع القذارة والنظافة والجراثيم.
- تكرار غسل اليدين والتأكد من نظافتها عدة مرات طوال النهار وبشكل قهري مما يجعلها حمراء وقليلة النعومة.
- تكرار التردد على الحمام ودورة المياه لقضاء الحاجة.
- تجنب اللعب في الملاعب وتجنب الإمساك بمواد الرسم اللزجة والملونة.
- عدم ربط الحذاء لاحتمال تلوثه.
- التجنب الزائد للمس بعض الأشياء لاحتمالية عدم نظافتها.
- الاشمئزاز والتقزز من افرازات الأنف والفم والعرق.
- المبالغة في ترتيب وتنظيم الأدوات في الغرفة بشكل معين دائماً.
- الاعتقاد في الأرقام المحظوظة والمنحوسة عندما يصل إليها الطفل عند أداء عمل متكرر.
- الشعور بالملل والنسيان نتيجة تكرار طقوس معينة مثل عد المقاعد أو لمس بعض الأشياء بطريقة معينة، أو كثرة الدخول والخروج من باب معين.
- فحص وتدقيق ومراجعة غلق الأبواب، مصابيح الإضاءة، صنابير المياه ومراجعة الأوراق والواجبات المدرسية.
- البطء الشديد في إنجاز المهام التي لا تحتاج إلى وقت طويل.
- المبالغة في وضع علامات بالقلم الجاف أو الرصاص عند مراجعة قراءة الأوراق.
- الخوف الشديد من إيذاء النفس أو الغير وخاصة الآباء.
- الخوف من فعل عمل مشين.
- التخزين للخردة والاحتفاظ بالأشياء القديمة التالفة و التافهة.
- التغيب عن المدرسة بسبب عدم مراجعة الواجبات المدرسية بعناية فائقة أو بغير سبب.
- كثرة أحلام اليقظة (أفكار وسواسية).
- قلة الانتباه وعدم القدرة على الانتهاء من عمل ما بسبب سهولة التشتت.
- تكرار أعمال غير هادفة مثل السير الخلف و الأمام في الصالة عدة مرات.
- الحاجة إلى الطمأنينة من الآخرين لحسن التصرف والفعل.
- تكرار السؤال عدة مرات بصورة مختلفة رغم سماع الإجابة.
- تكرار القراءة والكتابة لأي موضوع يعطى له.
- سرعة الغضب والتصرف بعنف زائد إزاء أي مشاكسة أو مزاح.
- التأخر عن مواعيد المدرسة والالتزام بالمواعيد بشكل عام.
كيف نعاون الطفل الموسوس على العلاج؟
يختلف الموسوسون من الأطفال والتلاميذ عن غيرهم من الشباب والبالغين في أن الأطفال لا يذهب بهم آباؤهم للطبيب النفسي إلا إذا حدث سوء تكيف و قلة انتباه في الدراسة أو وجود سلوك غريب وشاذ في البيت.
ويجب أن يتسلح الآباء و الأطباء دائماً بالتفاؤل والأمل والعلم في أن هذا المرض داء له دواء مثل الكثير من الأمراض.
والعلاج يشمل الآتي:
- الدواء الطبي لمدة لا تقل عن ثلاثة شهور مع متابعة العرض على الطبيب النفسي.
- العلاج المعرفي السلوكي.
. ويشمل الدواء الطبي: مثل الأقراص الأنافرانيل و البروزاك والفلوكستين والفيلوزاك والأوكتوزاك والديبريان واللوسترال والمودابكس والسرتو والفافرين والسيروكسات.
وعادة ما نبدأ بواحدة من هذه الأدوية فإذا حصلنا على النتيجة المرجوة فيجب الاستمرار في العلاج. أما إذا حدث عدم استجابة ننتقل إلى دواء آخر مما سبق ذكره أو استعمال دوائين معاً احدهما من المجموعة والثاني من
(بوسبيرون – كلونازيبام).
والأعراض الجانبية للدواء غالباً ما تختفي خلال بضعة أيام من استعمال الدواء.
والمراهقون الذين لديهم وسواس قهري ويظهر في سلوكهم:- حركة زائدة _ تصرفات حمقاء _ نشاط زائد _ عدم الإنصات للأوامر أو تنفيذها كأعراض جانبية للدواء يمكن السيطرة عليها بالعلاج المعرفي السلوكي.
العلاج المعرفي السلوكي
يجب أن يقوم بهذا العلاج كل من يتعامل مع الطفل أو يهتم بأمره وذلك باستعمال البرنامج العلاجي.
ويجب أن يتم شرح حقيقة مرض الوسواس القهري بأنه مرض “عضوي” و لا علاقة له بالجنون أو السرطان ويجب التنبيه أيضاً على أن المرض هو المشكلة التي نعالجها وليس الطفل ذاته وكذلك انه لا ذنب للوالدين في حدوث المرض. ويجب أيضاً التأكيد على فكرة أن المخ يعمل مثل جهاز الكمبيوتر بطريقة معينة وأن وجود تغير كهربي أو كيميائي في المخ يؤثر على وظيفته، وبعلاج هذا الخلل فإن الأمور تعود إلى مجاريها. والعلاج السلوكي ما هو إلا آلة تنبيه للمخ مثل آلة تنبيه السيارة والتي نسمعها ونحن نسير في الطريق فننتبه له إذا كان قريباً منا ونهمله إذا كان بعيداً.
كيف نعين أطفالنا على الشفاء من الوسواس؟
- نحن نعالج “مرضاً سيئاً” وليس “طفلاً سيئاً” فالأفكار المزعجة والأفعال القهرية هي نتيجة للمرض وليس الطفل.
- الوسواس مرض ليس من المستحيل علاجه وأيضاً ليس من السهل التعامل معه.
- مهما كانت سخافة الأفكار فإنها لا تعني أن الطفل قد تحول إلى شيطان لمجرد تفكيره في مثل هذه الأمور أو قيامه بأفعال قهرية بهذه الطريقة، ولا علاقة للمرض إطلاقاً بقلة الإيمان أو عقوق الوالدين أو بالنفس الشريرة في الإنسان. ويجب أن نعاون الطفل الموسوس على البوح بأفكاره مهما كانت شاذة وغريبة.
- العدو المشترك للطفل وأسرته والطبيب والمدرسة هو مرض الوسواس وإذا تكاتف هذا الفريق ضد هذا العدو انتصروا عليه لامحالة، ويجب أن يعلم كل طفل موسوس أن الجميع معه بالدعاء والعمل والمساعدة حتى يتخلص من هذا المرض.
- قم بكتابة كل أنواع الأفكار الوسواسية والأفعال القهرية المرتبطة بطفلك. ويجب التفرقة الوساوس والأفعال القهرية لأن لكل منهما طريقة في العلاج فالأولى تعالج بالتعرض / القلق، والثانية بمنع الطقوس أو تقليلها.
- امنح طفلك الموسوس جائزة في نهاية كل أسبوع كمكافأة له على تفوقه وقهره لأحد الأعراض الوسواسية لديه.
I have been browsing online more than three hours today yet I never found any interesting article like yours It is pretty worth enough for me In my view if all website owners and bloggers made good content as you did the internet will be a lot more useful than ever before
I was recommended this website by my cousin I am not sure whether this post is written by him as nobody else know such detailed about my trouble You are amazing Thanks
Your post is amazing and well-written. I’m eager to read more from you in the future.
Your writing style has amazed me, and I’m looking forward to more posts like this. Keep up the great work!