الخميس, مايو 9, 2024
الإكتئاب

الدين والاكتئاب

ما الذي يمكن أن نستفيده من الدراسات التجريبية؟

مرض الاكتئاب هو أوفر الأمراض النفسية حظًا في استحواذه على اهتمام الأبحاث التي تجمع بين المرض النفسي والدين.
قد يكون الالتصاق بين الدين والاكتئاب وجود رابطة قوية تجمع بينهما ألا وهى طريقة تعبير الشخص عما يشعر..

هناك أمور كثيرة واحساسات مثل الشعور بالذنب والتعبير عن ظلامات الروح تقف في منطقة رمادية بين الاثنين.. فإذا أخذنا مثال للدراسة المشهورة التي قام بها ميلر Miller وزملاؤه ودراسات أخرى ارتبطت بهذا السياق، برزت هنا ثلاث نقاط..

الأولى أن عدم الارتباط بدين يشكل عرضة أكبر للإصابة بالاكتئاب، الثانية أن الأشخاص المندمجين في العبادات والتعبير عن إيمانهم داخل مجتمعهم تتكون لديهم وقاية (مناعة) من الإصابة بالاكتئاب، والثالثة أن نوعية المعتقد والعبادات الفردية (الخصوصية في طبيعتها) لا تؤثر كثيرًا في هذا المضمار.

عند الأخذ في الاعتبار هوس (ولع) المجتمع الأمريكي بالتدين/ الدين.. فإن عدة تساؤلات تطرح نفسها حول الدراسات التجريبية ونشرها عن طريق المجلات العلمية ومؤلفات مستقلة مثل كتاب الصحة والدين The hand book of religion & health فقد رفضت بعض المجلات الكبرى التعامل مع هذا النوع من الأبحاث لإعتبارها أن هذه الأمور لا تقف على أرضية تجريبية ثابتة وغير قابلة للإختبار العلمي المحدد أو الواضح أو الصحيح.

أيضًا ما مدى قوة النظرية (القائمة عليها تلك الأبحاث؟)

قد يكون هذا السؤال أكثر إثارة وبحثًا عن المعلومات.. مثال ذلك البحث الذي قدمه إميل دوركايم منذ قرن مضى Emil Durkeim عن علاقة الانتماء الديني والاكتئاب الشديد أو الحاد المؤدي للانتحار..
كانت عينات البحث من الأوربيين متحدثي اللغة الألمانية من الكاثوليك أو البروتستانت.. ووجد أن الانتماء الديني شكّل حماية من الانتحار..
اعتبر البعض هذه الدراسة دراسة بيئية لا أكثر وأرجع البعض ذلك إلى سيطرة الكاثوليك القوية على المجتمع التي قد تحول بين المكتئب و الانتحار.
وربما عارض بحث ميلر ذلك الافتراض لأنه سوى بين البروتستنتية والكاثوليكية.. أيضًا لقد انخفضت أو انكمشت السلطة المذهبية على الفرد وعلى كل المجتمعات الآن أى بعد مرور قرن على الدراسة الأولى.

ويظهر للسطح سؤال آخر هو أن نقتنع بقياس قضية مثيرة للجدل مثل هذه؟ مثلاً الدراسة تجمع بين الدين والروحانيات والبعض يفصل بينهما.. و وجهة نظرهم أن الدين يمثل معتقد إيماني وعبادات محددة بينما الروحانيات لا تنتمي لشئ محدد من المعتقدات والعبادات.. لكن ذلك الكلام لا يشكل أهمية عند أغلب الناس اليوم الذين يستسيغون الربط بين الاثنين.

استخدمت عدة أبعاد لقياس نبض الدين في المجتمع مثل وجود إيمان من عدمه، نوعه، المشاركة في الخدمات الدينية ودفع أموال صدقات، القيام ببعض العبادات الفردية، الحالة الروحية العالية والتعلق بالإله والقوة الداخلية وما إلى ذلك.. فحين أجرى جالوب بول Gallup Poll استبيان عن أهمية الدين أجاب 54% من المشتركين بأن الدين شديد الأهمية وانعكس ذلك على وقايتهم عند تكرار الإصابة بالاكتئاب.. وتأكيدًا لتلك النتيجة فقد شبه حال وجود الدين في حياة الإنسان كوقاية من الوعكات النفسية بحال الإنسان ذو الجسد السليم الذي يمتلك صحة جيدة بغض النظر قد يتسم هذا التشبيه بالغموض.

من المشاهدات المتعلقة بهذه الدراسة أنها أجريت على شباب متوسط أعمارهم 29 سنة (29.3) بالرغم من أن معظم الدراسات الأخرى تعاملت مع من هم أكبر سنًا..
قد يكون للسن تأثير على النتيجة حيث لوحظ أن هذا السن يظهر الاهتمام بالتدين في صورة الاهتمام بحضور المحافل الدينية والمشاركة في الخدمات أكثر من المواقف (التصرفات)..
تؤيد هذه الفرضية دراسة اجتماعية أجراها سنيل وسميث Snell & smith على الشباب والمراهقين حيث كانوا أكثر اهتمامًا بالمواقف والعبادات من المشاركة في المحافل وحضورها.. ولم يؤثر ذلك على روحانيتهم، فقد استخدموا الروحانيات الجيدة في ثلاثة مناحي مختلفة لكل واحدة منهم تعريف “الأخلاقي والعلاجي واللا ديني) أما الأخلاقي هو أن تكون طيب ولطيف المعشر، والعلاجي أن تكون لديك سعادة بذاتك، واللا ديني هو اعتبار أن أخذ أوامر الرب في الاعتبار ليس وضعًا طبيعيًا .
طبعًا كان ذلك من المنظور الكاثوليكي والبروتستنتي في المجتمعات تعتمد في قياسها على طريقة كل منها وتغيير مبادئها من جيل إلى جيل.
إجمالاً قد يستفيد المعنيين بالطب النفسي من هذه القائمة من الأبحاث بأن يكون السؤال عن الدين واستخدامه في علاج المريض احتمالاً قائمًا في التعامل مع المرضى النفسيين ويكون هذا بمثابة لبنة جديدة في فهم بناء الإنسان.

أثر التدين على البالغين الأكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب الأعظم

(دراسة مستقبلية استغرقت 10 سنوات)

في وقت سابق لهذا البحث لوحظ أن النساء اللاتي يولين التدين والروحانيات أهمية كبرى في حياتهن أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب الأعظم بنسبة 10% عن الأخريات اللاتي لا يولين هذه الأمور اهتمامًا يذكر. فقد تم هذا خلال متابعتهن على مدار عشر سنوات وهى تعتبر المدة الأطول بالنسبة للدراسات المماثلة.. وإن سبق في هذه الملاحظة أبحاث سابقة تبين العلاقة العكسية الواضحة بين التدين وظهور أعراض الاكتئاب..

تميزت عن هذه الدراسات دراستان اتخذتا منحى مختلف من حيث طريقة المتابعة التي كانت متابعة مستقبلية لمدة عام لتظهر بصورة أوضح التدين كعامل وقائي ضد المعاناة من الاكتئاب عند كبار السن.. وأيضًا تأثير ذلك على الاحساس بالأعراض وطرق العلاج المستخدمة معهم..

أظهرت هذه الدراسة أيضًا ظاهرة أخرى وهى أن ربع من يعانون من بعض المشاكل النفسية يلجأون إلى رجال الدين لمساعدتهم في هذه المشاكل.
في هذا البحث أتيحت فرصة جديدة لمتابعة أبناء النساء اللاتي اشتركن منذ بداية البحث وقيم أثناء  ذلك  تدين الأبناء واحتمالية إصابتهم بالاكتئاب الأعظم..
لقد كان أبناء النساء اللاتي أصبن بالاكتئاب أكثر عرضة من غيرهم للإصابة، وتمت متابعتهم عند سن العاشرة وسن العشرين وأصبح جليًا أن اكتئاب أحد الأبوين عامل خطورة بالنسبة للأبناء.
لقد كان هناك هدفين للبحث.. الأول هو التأكد من الأثر الوقائي للتدين ضد الاكتئاب والثاني هو اثبات هل نفس التأثير الوقائي يتساوى بالنسبة للأقل والأكثر عرضة أم لا خلال مدة العشر سنوات.

طريقة إجراء البحث؟

كان الهدف الأولي للبحث هو متابعة ثلاثة أجيال ولكن تعذر ذلك لغياب الحالات الأصلية عند التقييم العشريني وتعذر تقييم الجيل الثالث (الأحفاد) لصغر سنهم..
أجريت هذه الدراسة على مجموعة من الحالات التي تقطن شمال الولايات المتحدة كلهم من البيض من أبناء الطبقة الوسطى والطبقة العاملة.. قام بالتقييم طاقم طبي مستقل عن طاقم البحث ليس لديه معرفة سابقة بالحالات بعد أخذ إقرار كتابي من البالغين وأولياء أمور القصر بعد موافقتهم الأولية.

بالنسبة للمشتركين:

  • بهدف التماشي مع الدراسة الأصلية حصر الانتماء المذهبي للمشتركين عند سن العاشرة بين الطائفة الكاثوليكية والبروتستنتية..
  • كان مجموع المشتركين في التقييم 226 طفل
  • استبعد  33 طفل ذكروا انتمائهم لمذاهب أو طوائف أخرى.
  • استبعد 15 طفل لم يذكروا أى انتماء ديني.
  • تبقى 178 طفل مشترك كاثوليكي أو بروتستنتي.
  • عند إجراء التقييم التالي عند سن العشرين:
  • خرج من الدراسة 30 طفل/ شاب نظرًا لامتناعهم أو صعوبة الوصول إليهم.
  • صار عدد المشتركين النهائي 114 شاب.

ولكن لم يكن هناك اختلافات بالغة بينهم في أمور أخرى مثل مستوى التعليم أو المستوى المادي أو العمر أو كونهم لأمهات أصبن بالاكتئاب.. بالطبع تباينت فرص الإصابة بالاكتئاب.

بالنسبة للتقييمات التي تمت اعتمدت على تقييم الاضطرابات الوجدانية والفصام على مدى الحياة ونسخته المعدلة للأطفال من 6 إلى 17 سنة.
(عرف الاكتئاب الأعظم عند اختبار سن العاشرة بأنه نوبة اكتئاب من سن عام إلى عشرة وكذلك عند اختبار سن العشرين بأى نوبة اكتئاب من سن العاشرة إلى العشرين).

انشغل تقييم الجانب الديني للطفل والشاب على التوالي بثلاثة محاور كانت كالآتي:

  • أهمية الدين بالنسبة للشخص:

تراوحت الإجابات بين أربع درجات الأولى غير مهم على الإطلاق والرابعة بالغ الأهمية.

  • حضور المحافل الدينية:

تراوحت الإجابات بين خمس درجات الأولى عدم الحضور على الإطلاق والخامسة مرة أسبوعيًا أو أكثر.

  • وصف المعتقد أو ذكر الطائفة المنتمي إليها:

وكما ذكر سالفًا اختيرت كفاءات من مجال الصحة النفسية ليسوا على علم سابق بالحالات وكانوا من حملة الدراسات العليا.

نتائج البحث

نقاط التقييم في البحث

التقييم العشري

التقييم العشريني

 

الأطفال الأكثر عرضة

الأطفال الأقل عرضة

الشباب الأكثر عرضة

الشباب الأقل عرضة

الإصابة بالاكتئاب
الاهتمام بالتدين
حضور المحافل الدينية

39%
26%
48%

45%
42%
56%

الإصابة بالاكتئاب
الاهتمام بالتدين
حضور المحافل الدينية

49%
19%
38%

24%
36%
67%

29%
41%
56%

14%
45%
57%

    • خطورة الإصابة عند المهتمين بالتدين: 25% مقارنة بغيرهم.
    • حضور المحافل الدينية: لم يظهر له تأثير يذكر عند التقييم العشري.
    • بالنسبة للمجموعة الأقل عرضة لم يكن هناك تأثير واضح للاهتمام بالتدين.
    • بالنسبة للإصابة السابقة وفرص تكرارها:

المجموعة الأكثر عرضة: من يهتمون بالتدين 9% ومن لا يهتمون بالتدين 50%.

معلومات إحصائية Statistical informations

لقد كان للتدين أثر طويل على حياة المهتمين به، حيث كانوا أقل عرضة للإصابة من غيرهم بكثير.. فقط (الربع) (1 : 4) بصفة عامة.

حتى بالنسبة لمن كانوا أكثر عرضة من الأطفال بسبب إصابة أمهاتهم كان المهتمين بالتدين فقط عشر نسبة الإصابة.. ولوحظ أيضًا أمرًا آخر أن الاهتمام بالتدين له تأثير وقائي من تكرار النوبة أكبر من الإصابة الأولية.. وأيدت هذه النتيجة بعض المعلومات المستنتجة من بحث أجرى لمدة عام لمتابعة كبار السن الذين يعانون من الاكتئاب ربما يكون الاهتمام بالتدين يشكل نوعًا من الحاجز العاطفي الذي يقي الإنسان من تكرار الإصابة، وربما أجريت دراسات مستقبلية تسترشد في ذلك باستخدام رسم المخ وأشعة الرنين المغناطيسي على المخ إذ ظهرت مؤخرًا أبحاث تفترض أن ممارسة العبادات والطقوس الروحية يؤثر على فسيولوجية (وظائف) المخ وشكله وأيضًا ارتفاع نسبة السيروتونين المستخدم في علاج الاكتئاب دوائيًا (مع ملاحظة ارتفاع في نشاط السعة high amplitude activity عند المرضى الذين بدأوا يتماثلون للشفاء).

في تتبع أسباب التدين عند الأبناء وأداء العبادات ظهر الآتي:

  • أنه 29% وراثي، 24% تأثرًا بالبيئة المحيطة في العائلة، 47% البيئة الفردية.

أما بالنسبة للحالة الروحية المستقرة ظهر الآتي:

  • 37% وراثي، 10% البيئة المحيطة في العائلة، 52% البيئة الفردية..

صاحب ذلك هذا التباين الواسع عامل جيني (phenotypic)
أمكن استخدام هذه النتيجة في فهم تطور الصورة المرضية النفسية في مرحلة المراهقة ووجود وقاية عالية من الاكتئاب سببها التعلق بالدين خاصة في فترة ظهور الآثار الجسدية للبلوغ على المراهق.
شاب هذه النتائج بعض العوائق أمام تعميمها على جميع الناس، منها كونها أجريت على مجموعة صغيرة كانوا من البيض فقط، لم يكن هناك غير مذهبين فقط في التقييم، كانوا من منطقة جغرافية محددة، ووجود عامل إصابة واحد وهو إصابة الأم.

قد يكون لهذا البحث تأثير إيجابي حيث يمكن استخدام التدين كمؤشر لمتابعة مرض الاكتئاب واستخدام العلاج النفسي ذو الطابع الروحاني معه

2 thoughts on “الدين والاكتئاب

  • 0 StataCorp, College Station, Tex priligy equivalent A study in South Korea found that overall, changes in astigmatism were more predictable in the femtosecond laser group than the conventional phacoemulsification, and patients were significantly more satisfied 23

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *