نحو فهم أفضل للمشاكل والاضطرابات الجنسية النفسية
نبدأ بأن نقول أن النشاط الجنسي ليس أساسيًا للصحة وأن بعض الأفراد يعيشون طويلاً بصحة جيدة بل وحياة ناجحة بدون الجنس، ولكن الجنس على الجانب الآخر ضرورة للتناسل وإعمار الكون وهو أيضًا معلمًا أساسيًا في العلاقات الرئيسية لمعظمنا، ولكن حتى في نطاق العلاقات الجنسية فإنه يوجد تنوع كبير في التجاوب والاهتمام الجنسي لدى الرجال والنساء.
وهنا يبرز سؤال متى إذن نستطيع أن نقول أن هناك مشكلة جنسية ومتى يكون مطلوبًا وضع تشخيص ما أو مشكلة ما مطلوب حلها.. الأسلوب التالي الذي سوف نتبعه في سرد هذه المشاكل وحلها سوف يختلف عن الأساليب التقليدية القديمة في أنه يهتم بهدف أو وظيفة النشاط الجنسي وليس على المكونات الفسيولوجية المسئولة عن تجاوب الفرد في حياته الجنسية.
اللاجنسية Asexuality
هناك بعض الناس لاجنسيين نسبيًا حيث لديهم رغبة قليلة في الاتصال الجنسي مع زوج أو زوجة.. ولذلك ليس لديهم رغبة في تأسيس علاقة جنسية وبذلك يعزفون عن الزواج كليًا، ونحن الآن ليس لدينا أى بيانات عن نسبة أو أعداد هؤلاء الناس ولا حتى درجة استقرار هويتهم اللاجنسية..
تقول الأم:
بنتي متعرفش الكلام في الحاجات دي ولم تطلبها أبدًا ولا تهمها.. ولا طلبت حتى الزواج، ولو جاء الخطاب ترفض فيصف الأهل والأقارب تلك البنت بأنها لاجنسية أو ملهاش في الحاجات دي، وسبحان الله تتزوج في يوم من الأيام زوج حنون طيب محترم فتجدها ما شاء الله متجاوبة ومندمجة بل وتطلب.. (ليست هذه اللا جنسية التي نقصدها.. هى مجرد فتاة مؤدبة ربما متدينة وخجولة).
ولكن هل يلزم إعتبار هذه اللاجنسية على أنها اضطراب نفسي جنسي أو سوء وظيفة جنسية يحتاج للعلاج.
الجواب هو أنه إذا كان إنسان ما أو إنسانة يوصف بأنه لا جنسي منذ المراهقة وبدايات البلوغ ولا تعنيه المسائل والاهتمامات ولا الأمور الجنسية أبدًا ولا يعاني هو أصلاً من هذه الصفات فإننا نعتبر ذلك فروق واختلافات تنوع.. وهنا لا ينبغي وضع تشخيص أو اضطراب أو حتى التدخل لتغيير هذه الصفات مادام الإنسان نفسه لا يعاني بل يظن أن حالته مستقرة ويحمد الله على ذلك.
أما إذا أصبح هذا الإنسان لاجنسيًا بعد فترة من النشاط الجنسي الطبيعي فعندئذ نظن أن هناك مشكلة أو اضطراب أو وضع يجب تقييمه ومعالجته لمعرفة سبب هذا التغيير وأفضل طرق العلاج.
عوائد ممارسة الجنس:
ربما يؤدي النشاط الجنسي الطبيعي إلى بعض المنافع مثل:
- التناسل وهى مكافأة للذين يريدون تكوين أسرة والحصول على أطفال.
- علاقة جنسية مجزية تربط أثنين وتدفع كل منهم لإرضاء الآخر ماديًا ومعنويًا لكى تستمر هذه العلاقة.
- المتعة الجنسية التي تحدث عند فهم كل من الطرفين وأداء كل منهم لدوره تجاه الآخر حتى يتم التكامل والتوافق والتجاوب.
1.العوائق الجنسية للتناسل: (عوائق أدوار الأبوة والأمومة)
بصرف النظر عن مسائل الخصوبة الجنسية (التبويض لدى الأنثى والحيوان المنوي لدى الذكر) فإن الحمل لا يكون محتمل حدوثه عندما لا يستطيع الذكر تكوين تجاوب انتصابي كاف لدخول المهبل أو القذف داخله.
ولا تستطيع الأنثى قبول اختراق مهبلي بواسطة قضيب منتصب عند وجود ألم كبير.. وحتى الآن لا يوجد دليل علمي على أن افتقاد ذروة اللذة الجنسية لدى الأنثى يمكن أن يؤدي إلى انخفاض خصوبتها.. ولكن يجب الوضع في الاعتبار أن هناك أهمية لحساب فترة التبويض وحدوث الجماع في هذه الفترة لزيادة احتمالية حدوث الحمل.
2.عوائق تكوين علاقة جنسية مجزية:
يوجد عدة متطلبات جنسية للزوجين كى ينجحا في علاقة جنسية ما سواء أرادا أن يكون لهما أولاد أم لا.. ففي الذكور فإن مشاكل الانتصاب والقذف والافتقار الكبير للتفاعل الجنسي، أما في الإناث فإن الافتقار إلى الرغبة في الدخول في التفاعل الجنسي أو الرغبة في الحصول على علاقة جنسية أو حدوث ألم أو عدم راحة عند محاولة الجماع الجنسي وطبيعة المكافأة الضرورية للمرأة قد تتنوع رغم ذلك..
فبالنسبة لبعض النساء فإن المكافأة قد تكون هى القرب الانفعالي والروحي وتجربة كونها مرغوب فيها والتي تنشأ أثناء الجماع الجنسي وإعطاء زوجها متعة جنسية مثل هذه المرأة الراغبة في أن تُجامع جنسيًا أى التي تتمتع بالقرب العاطفي والروحي لكنها لا تصبح حتمًا مستثارة جنسيًا أو لا تحدث لها ذروة اللذة الجنسية، وربما لا يكون لديها عائق لتكوين علاقة جنسية ليست لديها اضطراب في الوظيفة الجنسية النفسية أما بالنسبة لنساء أخريات فقد تكون الاستثارة الجنسية والممارسة الجنسية والحصول على ذروة اللذة الجنسية في منتهى الأهمية وعند احساسها بصعوبة أن تكون مستثارة جنسيًا أو حرمانها من ذروة اللذة الجنسية قد يكون عائقًا لتكوين أو الحفاظ على علاقة جنسية مجزية.
وبالرغم من أن الأزواج قد يتنوعون من حيث توقعاتهم فيمن يبدأ أو يستهل أو يطلب أو يلمح لممارسة الجنس فإن الجميع يميلون إلى رؤية الذكر على أنه هو المسئول أساسًا عن ذلك، ولكن قليل من النساء قد تشعر براحة أكبر لو بدأت هى واستهلت هى وطلبت أو ألمحت إلى رغبتها في عمل علاقة جنسية، وهو ما يسعد كثير من الأزواج ويعتبرون ذلك دليل الحب أو دليل أنه مرغوب وذكر وفحل وقوي.. وهو ده..
ولكن العديد بل أكثر النساء لا يزلن يتوقعن من الرجال استهلال وبدء وطلب العلاقة الجنسية من أزواجهن، وعلى ذلك فعدم طلب المرأة للجنس والبدء في الممارسة أو استهلال العلاقة الجنسية لا يعتبر مشكلة أو مرض ولا يوصف بأنه فقد أو انخفاض الرغبة الجنسية بشرط أن تكون هذه المرأة متجاوبة مع طلب أو استهلال زوجها للعلاقة الجنسية.
أما عدم طلب الرجل أو استهلاله أو بدءه العلاقة الجنسية فبلا شك يعتبر ذلك دليل على فقد او انخفاض الرغبة الجنسية لديه، وهو بذلك بحاجة للعلاج، أما بخصوص مشكلة القذف المبكر فهى تخص الطرفين الرجل والمرأة.. فالرجل لا يستهل ولا يبدأ العملية الجنسية لفقد الأمل في إمتاع الزوجة، فالقذف المبكر يؤدي إلى الإنهاء المبكر للعلاقة الجنسية مما يسبب الإحباط للزوجة وعدم رغبتها في تكرار العملية والاحساس بالفشل لدى الزوج وامتناعه عن استهلال أو بدء علاقة جنسية جديدة.. (ده طبعاً لو كان عنده دم واحساس) والقذف المبكر يعتبر مشكلة أيضًا لما يصحبه من أداء قلق لدى الرجال مما يؤدي إلى إعاقة تجاوبه أى بالاستثارة والانتصاب وفقد المتعة الجنسية.
3.عوائق الشعور بالمتعة الجنسية:
كلاً من الزوجين قد يستهل ويحصل على علاقة جنسية مجزية لكن أى منهما أو كلاهما قد لا يشعر بالمتعة الجنسية التي توقعاها.. بالنسبة للرجل فإن الانتصاب القوي وزيادة حساسية عضوه تعتبر هامة لمتعته الجنسية ثم يأتي القذف الذي ينتهي بالحصول على متعته المتوقعة مالم تقيد الظروف إمكانية ذلك.. ربما يزيد من تلك المتعة للمداعبة التي يحصل فيها لمس أجزاء حساسة أخرى من جسده تحفز العملية الجنسية وتزيد من متعتها، لكن النساء مقارنة بالرجال لديهن تنوع في مصادر متعتهن، فمنها ما هو روحي ومنها ما هو حسي.. ولكن بالنسبة لكل من الرجال والنساء فإن فقدان الرغبة أو الاهتمام الجنسي يمكن أن يؤسف عليه بسبب الافتقار المصاحب للنشاط الجنسي الممتع حتى ولو لم يكن يوجد أثر سلبي على العلاقة الجنسية.