الخميس, مايو 9, 2024
النوم

طبيعة النوم

النوم نعمة من نعم الله سبحانه و تعالى على عبده ، فالفترة التى يقضيها الإنسان فى النوم تساعده على استعادة نشاطه و حيويته ، و تزيد من قدرته على التركيز و الأداء ، و تجعله أكثر اطمئناناً و ثباتاً ، و لو رأيت شخصاً قد حُرم من النوم لعدة أيام فإنك ستشعر بقيمة هذه النعمة جلياً ، إن الشخص إذا فقد النوم تجده تائهاً لا يستطيع التركيز فى عمله ، ليس لديه شهية للطعام ، متوتراً ، قلقاً ، حزيناً .

  • إن فقدان النوم يمثل خطورة ليس فقط على مستوى الفرد بل على المجتمع أيضاً ، فهو يؤثر على الإنتاج من خلال تأثيره على كفاءة الشخص و أداءه ، أيضاً يتسبب فى وقوع الكثير من الحوادث .
  • حقاً إن النوم نعمة عظيمة تحتاج إلى شكر بالجنان و اللسان و الجوارح ، و فى هذا الباب نحن سنتعرف على طبيعة النوم ، و ما هى مراحل النوم ؟ ، و ما هى الأضرار الناتجة عن فقد النوم ؟ .

وقت النوم :

  • كثير من الناس ينامون فى وقت ثابت تقريباً ، و كذلك يستيقظون فى وقت ثابت تقريباً ، و قلما يحدث اختلال فى ميعاد النوم و اليقظة لديهم ، و يرجع ذلك النمط الثابت فى النوم إلى عوامل خارجية مثل البيئة المحيطة بالإنسان ، مواعيد العمل و إلى عوامل داخلية فى جسم الإنسان و هى النظام السيركادى للنوم و اليقظة فكلاهما يتحكم فى وقت النوم لدى الإنسان .
  • و قديماً كان الإنسان يأوى إلى فراشه فى ساعة مبكرة من الليل و يستيقظ مبكراً بالنهار ، ثم بعد التقدم و دخول الكهرباء أصبح من السهل على الإنسان أن يقتطع جزءاً من الليل فى العمل و بالتالى لا يخلد إلى النوم إلا فى ساعات متأخرة من الليل و كذلك لعبت البيئة المحيطة بالشخص دوراً هاماً فى تحديد دورة النوم و اليقظة لديه .
  • كما أنه وُجد أن الهرمونات التى تُفرَز فى جسد الإنسان تختلف بشكل ملحوظ على مدار اليوم و أيضاً فإن الجسم يستفيد من النوم بشكل جيد إذا كان وقت النوم متوافقاً مع النظام الداخلى لجسم الإنسان .

النوم أول الليل :

  • nightمازالت هناك طائفة كبيرة من العلماء ترى أن أفضل وقت للنوم هو أن ينام الإنسان مبكراً، و يستيقظ مبكراً، و أن النوم قبل منتصف الليل يكون أكثر اشباعاً و انعاشاً و حيوية ، كذلك يكون أقل فى عدد الساعات منه بعد منتصف الليل ، و المثل يقول ” الطائر المبكر يظفر بالدودة ” ، و منذ قديم الزمان و الناس يرون الخير كل الخير فى النوم مبكراً و الإستيقاظ مبكراً ، و قد كان لـ ” ستكومان ” نظرية للنوم الطبيعى يُحفظها لطلاب مدرسته، و هى أن النوم الذى يسبق منتصف الليل يكون له ضعف القدرة على إعادة العافية للإنسان من النوم الذى يعقب منتصف الليل.
  • و قد كان يُقال على الشخص الذى لا يستطيع أن يستيقظ مبكراً من الفراش ” إنه سقط من الجانب الخطأ من الفراش ” ، و هذا الشخص تجده لا يستطيع أن ينام إلا متأخراً من الليل ، ثم إذا كان الصباح تجده لا يستطيع أن ينهض بمفرده من الفراش ، و عندما يستيقظ يكتنفه الكسل و الخمول ، و لا يستطيع تناول الإفطار إلا قليلاً ، و تجده مكتئب المزاج ، قليل الكلام ، ثم مع مرور الوقت يتحسن حاله و يرجع إلى طبيعته .
  • و على العكس تماماً تجد الشخص الآخر الذى ينام مبكراً ، يستيقظ فى الصباح بكل نشاط و حيوية ، معتدل الشهية ، جيد المزاج ، يستقبل يومه بسعة صدر و انطلاق .
  • و أخيراً أقول سبحان الذى قال : “الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا”وقال أيضًا ” وجعلنا الليل سباتا وجعلنا النهار معاشًا”
  • و بلا شك النوم مبكراً بالليل فيه فائدة كبيرة و هو أفيد لجسد الإنسان ، و هو الموافق للفطرة و الطبيعة ، و قد كان من هدى النبى صلى الله عليه و سلم أن ينام فى أول الليل و يستسقظ ثلث الليل الآخر و يتوضأ و يقيم الليل إلى أن يطلع الفجر ، لأن هذا الوقت هو أشرف الأوقات ففيه ينزل الرحمن إلى السماء الدنيا ، و يقول هل من مستغفر ، هل من سائل ، هو وقت العطايا و الرحمات ، هو أقرب الطرق إلى الجنات ، فهلم إليه أخى الحبيب و لا تكن من الغافلين .

و الخلاصة أن أفضل أوقات النوم أول الليل و نوم القيلولة والفترة التى قبيل الظهر أو بين الظهر و العصر ، و كان النبى صلى الله عليه و سلم ينهى عن النوم بين المغرب و العشاء ، و ورد عن السلف رحمهم الله كراهة النوم بعد الفجر .

كراهة النوم بعد الفجر عند السلف

الحمد لله و الصلاة على رسول الله و بعد : مما يلاحظ أن كثير ممن وفقه الله لصلاة الفجر مع جماعة المسلمين و سلمه الله من ترك أثقل الصلاة على المنافقين ما أن ينتهى من صلاة الصبح إلا و يُسرع إلى الفراش فيفوته خيراً عظيمًا كأذكار الصباح ، و دروس علمية ، و منافع دنيوية ، و يقع فى مخالفة لهدى سيد المرسلين فكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أنهم إذا صلوا الفجر جلسوا في مصلاهم حتى تطلع الشمس .

كما ثبت في صحيح مسلم من حديث سماك بن حرب قال : ” قلت لجابر بن سمرة أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : نعم ، كثيراً ، كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح – أو الغداة – حتى تطلع الشمس ، فإذا طلعت الشمس قام ؛ وكانوا يتحدثون ، فيأخذون في أمر الجاهلية ، فيضحكون ويتبسم ” .

وأيضاً فقد سأل النبي صلى الله عليه وسلم ربه أن يبارك لأمته في بكورها ، روى الإمام أحمد عن صخر الغامدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” اللهم بارك لأمتي في بكورها ” قال : وكان إذا بعث سرية أو جيشاً بعثهم في أول النهار ، وكان صخراً رجلاً تاجراً ، وكان يبعث تجارته أول النهار ، فأثرى وأصاب مالاً .

ومن هنا كره بعض السلف النوم بعد الفجر ، فقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه ( رقم 25442 ) بإسناد صحيح راجع ( صحيح الترمذى للألبانى – الصفحة أو الرقم 1212 )

  • عن عروة بن الزبير

أنه قال : كان الزبير ينهى بنيه عن التصبح ( وهو النّوم  في الصّباح ) .

قال عروة : إني لأسمع أن الرجل يتصبح فأزهد فيه .

  • قال على رضى الله عنه :

من الجهل النوم فى أول النهار .

  • و قال عبد الله بن عمرو بن العاص :

النوم على ثلاثة أوجه نوم خُرْقٍ ، و نوم خَلْقٍ ، و نوم حُمْقٍ ، فأما الخُرْقٍ فنومه الضحى : يقضى الناس حوائجهم و هونائم ، و أما النوم الخَلْقُ : فنوم القائلة نصف النهار ، و أما نوم الحُمْقٍ فنوم حين تحضر الصلاة .

  • و عن ابن عباس رضى الله عنه :

رأى ابناً له نائماً نومة الصبحة فقال له : قم أتنام فى الساعة التى تُقسم فيها الأرزاق .

  • قال عمر رضى الله عنه :

” إياك و نومة الغداة فإنها مبخرةٌ مجفرةٌ مجعرةٌ قال : و معنى مبخرةٍ تزيد فى البخار وتغلظه ، و مجفرةٌ : قاطعة للنكاح ، و مجعرةٌ : مُيَبسَةٌ للطبيعة ” .

  • قال ابن القيم رحمه الله :

المفسد الخامس كثرة النوم فإنه يميت القلب و يثقل البدن و يضيع الوقت و يورث كثرة الغفلة و الكسل و منه المكروه جداً و منه الضار غير النافع للبدن و أنفع النوم : ما كان عند شدة الحاجة إليه و نوم أول الليل أحمد و أنفع من آخره و نوم وسط النهار أنفع من طرفيه ، و كلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه و كثر شرره و لا سيما نوم العصر و النوم أول النهار إلا لسهران و من المكروه عندهم : النوم بين صلاة الصبح و طلوع الشمس فإنه وقت غنيمة و للسير ذلك الوقت عند السالكين ميزة عظيمة حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس فإنه أول النهار و مفتاحه و وقت نزول الأرزاق و حصول القسم و حلول البركة و منه ينشأ النهار و ينسحب حكم جميعه على حكم تلك الحصة فينبغى أن يكون نومها كنوم المضطر و بالجملة فأعدل النوم و أنفعه : نوم نصف الليل الأول و سدسه الأخير و هو مقدار ثمان ساعات و هذا أعدل النوم عند الأطباء و ما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم الطبيعة انحرافاً بحسبه ، و من النوم الذى لا ينفع أيضاً : النوم أول الليل عقيب غروب الشمس حتى تذهب فحمة العشاء ، و كان رسول الله يكرهه فهو مكروه شرعاً و طبعاً و كما أن كثرة النوم مورثة لهذا الآفات فمدافعته و هجره مورث لآفات أخرى عظام : من سوء المزاج و يبسه و انحراف النفس و جفاف الطروبات المعينة على الفهم و العمل و يورث أمراضاً متلفة لا ينتفع صاحبها بقلبه و لا بدنه معها و ما قام الوجود إلا بالعدل فمن اعتصم فقد أخذ بحظه من مجامع الخير و الله المستعان .

قال العجلى رحمه الله :

“النوم على سبعة أقسام نوم الغفلة و نوم الشقاوة و نوم اللعنة و نوم العقوبة و نوم الراحة و نوم الرمة و نوم الحسرات . أم نوم الغفلة فالنوم فى مجلس الذكر ، و نوم الشقاوة النوم فى وقت الصلاة ، و نوم اللعنة النوم فى وقت الصبح ، و نوم العقوبة النوم بعد الفجر ، و نوم الراحة النوم قبل الظهر ، و نوم الرحمة النوم بعد العشاء (أ.هـ )

والخلاصة أن الأولى بالإنسان أن يقضي هذا الوقت فيما يعود عليه بالنفع في الدنيا والآخرة .

One thought on “طبيعة النوم

  • Serum FSH levels were within the normal range 1- 10 IU L, and all patients underwent spontaneous or progestin- induced withdrawal bleeding buy cialis online forum

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *