الخميس, مايو 9, 2024
العلاج المعرفي للإكتئاب

لماذا يفكر المكتئب كثيراً في الانتحار؟

لماذا يفكر المكتئب كثيراً في الانتحار؟…
وما الذي يمكن فعله لمنع هذه الرغبة؟…

إن الانتحار ليس ضروريًا و من الممكن أن التغلب على الدافع إليه عليه وتطرده بالأساليب المعرفية. كما أن الرغبة الملحة للانتحار قلَّت في مرضى عولجوا بعلاج معرفي أو مضادات الإكتئاب .. وتحسن النظرة العامة للحياة حدث خلال أول أسبوع أو اثنين من العلاج بمرضى عولجوا بالعلاج المعرفي.

سوف تجد نظرة عمومية تشاؤمية تسود تفكيرهم، والحياة تبدو لا شيء غير كابوس رهيب عندما ينظرون للماضي وكل ما يستطيعون تذكره هو لحظات الإكتئاب والمعاناة …
عندما تشعر بالإحباط قد تشعر بإحباط أكثر في أوقات تشعر فيها أنك [عمرك ما كنت سعيد]، بسبب اكتئابك تشوهت ذكرياتك الماضية… إنك لا تستطيع استرجاع ذكريات وفترات الرضا أو المتعة.. بالتالي فإنك تستنتج بالخطأ أن الرضا والمتعة غير موجودين وبالتالي تستنتج بالخطأ أنك كنت –دوماً- وستظل بائساً.
مهما كان اليأس الذي تحسه، سيكون محتملاً لو لديك الاقتناع أن الأشياء ستتحسن … قرار الانتحار ينتج عن اقتناعك اللا منطقي أن مزاجك لن يتحسن.
الأبحاث وضحت أن الإحساس -غير الحقيقي- بانعدام الأمل يعتبر من العوامل الهامة لحدوث رغبة انتحارية خطيرة وبسبب تفكيرك المعوج ترى نفسك في ورطة لا يبدو منها مهرب … تقفز إلى استنتاج أن مشاكلك ليس لها حل لأن معاناتك التي تشعر بها غير محتملة وتبدو بلا نهاية … قد تستنتج بالخطأ أن الانتحار وسيلتك الوحيدة للهرب. فأنت مخطئ إذن في اعتقادك أن الانتحار هو الحل الوحيد، وأنت مخطئ عندما تعتقد أنك في ورطة بلا أمل .. تفكيرك غير منطقيّ ومشوّه .

تقدير اندفاعات الانتحار
كيف تحدد الاندفاعات الانتحارية الأكثر تهديدا ؟

لو أنك لديك ميول انتحارية من المهم أن تقيم هذه الاندفاعات باستخدام إحساسك …

العوامل الآتية تجعلك في خطر :

-لو أنك مكتئب بشدة ويائس.
– لديك تاريخ سابق لمحاولات انتحارية.
-لديك خطط محكمة وتجهيزات للانتحار.
– ليس لديك رادع يمنعك.
إذا كان واحدًا أو أكثر من هذه العوامل موجودًا فمن الضروري أن تطلب تدخل متخصص وعلاج حالاً.

اللامنطقية للانتحار :

السؤال الحقيقي ليس عن حق المكتئب في ارتكاب الانتحار لكن منطقية أفكاره … فلماذا يفكر بهذه الطريقة ؟

عندما تبدأ في التفكير بواقعية أكثر .. سيختفي إحساسك باليأس ورغبتك في إنهاء حياتك وستتولد لديك الرغبة في الحياة. والتفكير بواقعية هو هدف العلاج المعرفي وهو ما سوف تعرفه.
لو أن شخصاً ما يندفع بشدة إلى الانتحار ويهدد بقتل نفسه يمكنك إحضاره إلى مستشفى أو عيادة نفسية لتقدير حالته.. ولو كان ذلك مستحيلاً، يمكنك في هذه الحالة استدعاء الشرطة لطلب المساعدة.

كيف أعرف أن شخصاً ما يفكر في الانتحار؟

الإجابة على هذا السؤال بسيطة.. فعليك أن تسأله، قد يتعجب بعض القراء من هذا الجواب ويقول: “ألا يدفعه سؤالي هذا إلى حافة الهاوية؟”.. والجواب لا.
إن أكبر خطأ هو ألا تسأله، فلو أن صديقاً أو محبوباً لديك تبدو عليه علامات القنوط واليأس فعليك أن تسأله الأسئلة التالية بنفس الترتيب لكي تكتشف ما إذا كان يفكر بجدية في أمر الانتحار أم لا؟
س1 هل كنت تشعر بأنك حزين أو مكتئب؟   
والإجابة “بنعم” سوف تؤكد أنه / أنها تشعر بالإكتئاب.

س2 هل سبق لك أن شعرت باليأس وقلة الأمل؟ أو هل تبدو الأمور وكأنها لن تتحسن؟

إن أكثر من نصف المصابين بالإكتئاب يشعرون باليأس، ومشاعر اليأس تكون أحياناً مصحوبة بأفكار انتحارية.. (أفكار وليس محاولات).

س3 هل لديك أفكار عن الموت؟ أو هل سبق لك أن فكرت أنه من الأفضل لك أن تموت؟
والإجابة “بنعم” تشير إلى إرادة أو رغبة في الانتحار ولا يستلزم وجود هذه الرغبات وجود خطط انتحارية، هناك الكثير ممن هم مصابون بالإكتئاب يقولون بأنه من الأفضل لهم أن يموتوا ويتمنون أن يموتوا وهم نائمون أو أن يموتوا في أحد الحوادث، ومع ذلك فالكثير منهم يقول بأنه ليس لديه أي نية في قتله لنفسه بالفعل.

س4 هل كان عندك دوافع للانتحار؟ هل كان لديك أي حافز لقتل نفسك؟

والإجابة “بنعم” تشير إلى رغبة مؤكدة وجادة في الموت وهذا الموقف أشد خطورة.

س5 هل تشعر بأنك يمكنك مقاومة دوافع الانتحار هذه. أم أنها تغريك أحياناً؟

فإذا كان الشخص يشعر بدوافع الإغواء نحو الانتحار فهذا الموقف يعتبر أكثر خطورة.

س6 هل لديك أي خطط فعلية لقتل نفسك؟
ولو كانت الإجابة “بنعم” فاسأله عن هذه الخطط المحددة، ما الطريقة التي اختارها (لقتل نفسه)، هل هي الشنق؟ أم هي القفز أو السقوط (من مكان عالٍ) ؟ أم باستعمال أقراص معينة؟ أم باستعمال المسدس؟ هل هو بالفعل قد جهز الحبل؟ ما المبنى الذي سوف يقفز من فوقه؟.. قد تبدو هذه الأسئلة خيالية أو غير واقعية ولكنها يمكن أن تنقذ نفساً (حياة) من الموت.. سوف يصل الخطر إلى أقصى مداه عندما تكون خطط الانتحار واضحة ومحددة، وعندما يكون هذا الشخص قد قام بعمل تجهيزات فعلية (للانتحار) وعندما تكون الوسيلة أو الطريقة المتبعة في ذلك مهلكة أو مميتة.

س7  متى تنوي أو تخطط لأن تقتل نفسك؟

فلو كانت محاولة الانتحار بعيدة المدى كأن تكون مثلاً بعد خمس سنوات، فالخطر في هذه الحالة ليس وشيكاً أي ليس قريب الوقوع ولديك المزيد من الوقت لمعالجة هذا الشخص أما لو قال أنه سوف يقتل نفسه قريباً، فالخطر في هذه الحالة أعظم ولابد أن نتخذ إجراءاً سريعاً حيال هذا الأمر.

س8 ألا يوجد لديك أي وازع أو رادع يمنعك من الانتحار كأن يكون عائلتك أو معتقداتك الدينية وإيمانك الراسخ؟   
فلو قال بأن الناس يمكنهم أن يعيشوا بدون دور الأسرة أو دور المعتقدات الدينية (معنى ذلك عدم اكتراث هذا الشخص المقدم على الانتحار بدور الأسرة أو بدور المعتقدات الدينية في كبح جماح النفس ومنعها من الانتحار) فهذا الأمر ينبئك بأن الانتحار وشيك وقريب الوقوع.

س9 هل قمت في الماضي بعمل أي محاولة للانتحار؟

والمحاولات السابقة للانتحار تشير إلى أن المحاولات المستقبلية للانتحار وشيكة وقريبة الحدوث.. حتى لو لم تبد المحاولة السابقة خطيرة، فالمحاولة اللاحقة سوف تكون أشد خطورة، فكل محاولات الانتحار لابد من تناولها بجدية..
فلو أن شخصاً ما تعاطي 15 قرص من الأسبرين أمام زوجته (أو العكس: هي أمام زوجها) فهو ليست لديه الرغبة الجامحة في أن يموت في الحال..
لو أن هناك شخصاً ما قد قام بخدش رسغ يديه ثم قام باستدعاء أقرب مستشفى (الإسعاف) فهذا دليل على أن هذا الشخص لديه مشاعر مختلطة ومتداخلة نحو الانتحار أو الموت.

وهذه المحاولات الفاشلة للانتحار والتي قد لا تبدو في هذه الأثناء خطيرة يمكن أحياناً أن تعتبر مجرد تلميحات أو محاولات استفزازية لجذب الانتباه.. وهذا الكلام غالباً ما يكون صحيحاً لأن الأفراد الانتحاريين غالباً ما تكون لديهم مشاعر الغضب والشعور بأنهم مستهجنين.
وهؤلاء الأفراد لديهم رغبة لا شعورية متكررة لجذب انتباه الآخرين وللانتقام من المحبين أو من الأسرة أو من الأصدقاء لعدم إعطاءهم الحب الكافي.. ومع ذلك فهذه التلميحات الانتحارية قد تبدو أشد خطورة أكثر مما كانت عليه من قبل لأن كثيراً من الناس ممن يقومون بهذه التلميحات يقتل نفسه بالفعل في النهاية.

س10 هل لديك الرغبة في التحدث إلى شخص أو طلب المساعدة إذا شعرت باليأس؟ ومن هذا الذي تريد أن تتحدث إليه؟ ..
فلو كان الشخص الذي لديه دوافع انتحارية متعاوناً معك ولديه النية في إيجاد مخرج والحصول على مساعدة فسوف يكون الخطر أقل من حالة أن يكون الشخص عنيداً أو كتوماً للأسرار أو معادياً لك أو ليست لديه الرغبة الصادقة في الحصول على المساعدة.
وإجابات الأسئلة السابقة سوف تعطيك فكرة عن مدى شدة وخطورة المشكلة، إنه من خلال خبرتنا تعلمنا أن الناس الذين يعانون من دوافع للانتحار هم أناس شرفاء للغاية، فلو اكتشفت أن صديقاً أو محبوباً لديك يعانى بشدة من ميول ودوافع انتحارية فسوف يحتاج هذا الشخص إلى تدخل ضروري سريع، فربما يتحتم عليك أن تحضره إلى غرفة الطوارئ بمستشفى قريب أو إلى أقرب عيادة نفسية ولو رفض هذا الشخص الذهاب معك إلى المستشفى، فيمكنك أن تستدعى الشرطة لطلب المساعدة.
وهناك يمكنك أن توقع على ضمان طالباً من الشرطة أن تأخذ هذا الشخص إلى المستشفى لتلقى الفحص والعلاج (تقييم الحالة).. وإذا أصر هذا الشخص على التهديد بالانتحار فربما يُسَلَّم هذا الشخص قسراً وقهراً إلى عملية تقييم مدتها في أغلب الأحيان ثلاثة أيام.. وهذا الإجراء المتخذ مع هذا الشخص الذي يعاني من دوافع إلى الانتحار قد يغضبك مراراً ولكن تحمله فأنت تنقذ حياة, إن وصول الغضب إلى أقصى مداه قد يكون غير مريح بصورة شديدة ولكن (تحمل) هذا الغضب الشديد ليس رهيباً مثل المأساة والكرب الذي سوف تسببه وفاة هذا الشخص عبثاً.
علاوة على ذلك، فهناك دليل جازم أن الناس الذين يعبرون عن غضبهم يكون احتمال قيامهم بمحاولة للإنتحار مفاجئة أقل بكثير من أولئك الذين يكبتون مشاعرهم في نفوسهم.

سؤال آخر: إن طبيبي الخاص بي قد قام بعمل تحليل دم لي وقال بأنني أعانى من إكتئاب كيميائي فهل يعنى هذا أنني أحتاج إلى العلاج الدوائي؟..
بالرغم من أن هؤلاء الناس الذين يعانون من الإكتئاب غالباً ما يعانون من إضطرابات في مستويات العديد من الهرمونات, وهذا لا يعني بالضرورة أن الإكتئاب ناجم عن اختلال كيميائي، ولا يعني أيضاً أن العلاج الدوائي (وحده) هو الذي ينبغي أن يستخدم في العلاج.

أنا أعتقد أن العلاج النفسي الجيد هو الذي يدعم عملية العلاج الخاص بالإضطرابات الانفعالية وهؤلاء الناس المرضى ينبغي ألا يعالجوا باستخدام الأدوية فقط.

وفى النهاية، فإن اتخاذ القرار حول مسألة استخدام الطرق العلاجية هو عبارة عن قرار فردى يحتاج إلى المناقشة بصراحة ووضوح مع طبيبك النفسي.

2 thoughts on “لماذا يفكر المكتئب كثيراً في الانتحار؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *