السبت, نوفمبر 23, 2024
التحليل التفاعلي

11 ألعاب زوجية

إن أي لعبة تقريباً قد تُكَوِّن أساقيل الحياة الزوجية والأسرية، ولكن البعض منها مثل “لولاك…” يزدهر بشكل أفضل، والبعض الآخر مثل “المرأة الباردة” يُتَحَمَّل لوقت أطول، تحت الضغط القانوني والشرعي للألفة التعاقدية. بالطبع، تم الفصل بين الألعاب الزوجية والألعاب الجنسية – التي سيتم تناولها في قسم منفصل – على نحو اعتباطي. تلك الألعاب التي تنبعث بشكل مميز في أكمل صورها أثناء العلاقة الزوجية تتضمن: “المحصور”، “قاعة المحكمة”، “المرأة الباردة” و “الرجل البارد”، “مغزو”، “لولاك…”، “أنظر كيف سعيت جاهداً” و “عزيزي”

1: المحصور

الأطروحة؛ تُظهر لعبة “المحصور” بشكل أكثر إيضاحاً من معظم الألعاب، الجانب التلاعبي منها ووظيفتها كحواجز لحجب الألفة. على النقيض، هي تتمثل في التحايل على الآخر برفض لعب لعبته.
1: السيدة وايت تقترح على زوجها أن يذهبا لرؤية فيلم في السينما. وايت يوافق.
2(أ): تقوم السيدة وايت بزلة “لاوعيية”، بأن ذكرت في أثناء الحوار أن المنزل بحاجة إلى طلاء، الأمر الذي يتطلب تحمل تكاليف كبيرة. بالرغم من أن وايت كان قد أخبرها مؤخراً أن الحالة المادية متعسرة، وطلب منها ألا تحرجه أو تزعجه بالطلبات المكلفة المفاجئة، على الأقل حتى بداية الشهر الجديد. بالتالي فهذا توقيت غير ملائم لإخباره بمثل هذا الأمر – طلاء المنزل – فيغضب وايت ويرد عليها متبجحاً.
2(ب): بطريقة بديلة، يتلاعب وايت بمجرى الحوار ليدور حول حال المنزل، ليجعله أمراً صعباً للسيدة وايت أن تقاوم رغبتها في إخباره بأن المنزل يحتاج إلى طلاء. مثل الحالة السابقة، يغضب وايت ويرد متبجحاً.
3: تتضايق السيدة وايت وتقول لو أنه في مزاج سيء، فلن تذهب لرؤية الفيلم معه، ويستحسن أن يذهب وحده. يرد وايت قائلاً أن لو هذا ما تشعر به، فسوف يذهب وحده.
4: يذهب وايت للسينما وحده (أو مع الأولاد) تاركاً السيدة وايت وحيدةً في البيت لترعى أحاسيسها الجريحة.
هناك حيلتان محتملتان في هذه اللعبة:
أ: تعرف السيدة وايت جيداً من تجاربهما السابقة أنه لا ينغى لها أن تأخذ انزعاجه على محمل الجد. ما يريده وايت فعلاً هو أن تبدى زوجته بعض الاعتبار والتقدير تجاه اجتهاده في كسب عيشهما، ثم يكون بإمكانهما أن يذهبا معاً في سعادة. ولكنها رفضت أن تلعب، فشعر بالخذلان، وانصرف وهو محبط ومستاء تجاه ذلك، بينما هي باقية في المنزل تشعر بالإذلال، ولكن مع شعور خفي بالانتصار.
ب: يعرف وايت من تجاربهما السابقة أنه لا ينبغي له أن يأخذ استفزازها له على محمل الجد. ما تريده فعلاً هو أن يقوم بتدليلها من خلال ذلك، ثم يذهبان معاً في سعادة، ولكنه رفض أن يلعب، وهو يعرف أن ذلك الرفض غير صادق؛ هو يعرف أنها تريد الملاطفة، ولكنه يتظاهر بالجهل بذلك. عندما ترك المنزل، شعر بالسعادة والتحرر، ولكن بدا عليه أنه مظلوم ومتضرر، وترك زوجته وهي تشعر بالاستياء والإحباط.
في كلٍ من هاتين الحالتين، يكون موقف الفائز – من منظور الساذج – لا بأس به، كل ما فعله هو أخذ الآخر على محمل حرفي. يتضح هذا الأمر أكثر في )ب)، حيث يتلقى وايت رفض زوجته حرفياً. كلاهما يعرف أنه يخدع الآخر، ولكن بما أنها قد قالتها، فهي محصورة.
أبرز فائدة هنا هي السيكولوجية الخارجية. كلاهما يجد الأفلام مثيرة جنسياً، ومُتوقع أنه بعد عودتهما إلى المنزل سوف يقضون وقتاً لطيفاً في السرير. إذاً، فأي منهما يريد تجنب الألفة يبدأ اللعبة بأن يقوم بحركة 2(أ) أو 2(ب). هذه بالتحديد صورة مثيرة للغضب والاستفزاز من “الاهتياج” (ارجع إلى الفصل التاسع). بالطبع، يمكن للشخص “المتضرر” أن يصنع موقفاً جيداً لتجنب الألفة في حالة شعوره بالاستياء الـمُبَرَر، أما الزوج الآخر – الذي هو/هي محصور – فلن يجد ما ينجده.

المعارضة: الأمر بسيط بالنسبة للسيدة وايت، كل ما عليها فعله هو أن تعدل عن رأيها، وتأخذ زوجها من ذراعه، وتبتسم وتذهب معه (تحول من حالة ذات الطفل إلى الراشد). الأمر أصعب بالنسبة لوايت، حيث أن زوجته هي البادئة، ولكن إذا قام بمراجعة الموقف كله، يمكنه أن يداهنها ويجعلها تذهب معه، إما كطفل عابس تم استرضاؤه، أو – الأفضل – كـ “راشد”.

توجد صورة أخرى مختلفة إلى حد ما من “المحصور” كلعبة أسرية تتضمن الأبناء، حيث تمثل “بين شقي الرحى” كما وصفها باتيسون ورفاقه. في هذه الحالة، يكون الطفل محصوراً، حيث كل ما يقوم به يعتبر خطأً. وفقاً لمدرسة باتيسون، قد يعتبر ذلك عاملاً مهماً مسبباً لانفصام الشخصية. إذاً فبلغة العصر، قد نعتبر أن الفصام هو معارضة الطفل لـ “المحصور”. تؤكد ذلك تجارب وخبرات معالجة مرضى الفصام الراشدين بطريقة تحليل الألعاب، حيث إذا اتُّخِذَ السلوك الفصامي بالتحديد كوسيلة لمعارضة اللعبة، يكون الشفاء التام أو الجزئي لدى المرضى الـمُهَيَّئين جيداً.
هناك صورة يومية من “المحصور” تلعبها الأسرة كلها، لديها احتمال كبير أن تؤثر على بناء شخصية الأطفال والناشئين، وهي التي يلعبها المربون “المربون”. يُـحَثُ الطفل على أن يكون أكثر نفعاً وعوناً في المنزل، ولكن عندما يفعل، يجد مربوه عليه مأخذاً – مثال أُسري من “ملعون إن فعلت وملعون إن لم تفعل” – هذه الحالة من “بين شقي الرحي” قد يطلق عليها “المأزق”، وهي صورة أخرى من “المحصور”.
هناك صورة من “المحصور” تعتبر عاملاً مسبباً للربو لدى الأطفال؛

  • طفلة صغيرة: “ماما هل تحبينني؟”
  • الأم: “ما الحب؟”

تركت هذه الإجابة الطفلة في موقف حرج، فهي تريد الحديث عن أمها، وأمها تقوم بتحويل مجرى الحوار إلى موضوع فلسفي ليست الطفلة مهيأة لخوضه. تبدأ الطفلة بالتنفس العنيف، وتنفعل الأم، ويستهل الربو، فتعتذر الأم، وهنا تأخذ لعبة “الربو” مجراها الطبيعي. لا يزال هذا النوع من “المحصور” يحتاج لدراسة أكثر.
هناك نوع ظريف من “المحصور” يمكن أن يطلق عليه نوع “راسل-وايت هيد” (أصحاب كتاب الأصول الرياضية) يُلعب أحياناً في بعض المجموعات العلاجية؛

  • بلاك: “على أي حال، عندما نكون صامتين لا أحد يلعب”
  • وايت: “قد يكون الصمت في ذاته لعبة”
  • ريد: “لم يلعب أحد أي لعبة اليوم”
  • وايت: “ولكن قد يكون عدم اللعب في حد ذاته لعبة”

     إن المعارضة العلاجية ظريفة بشكل مماثل. أي تناقض منطقي مرفوض، عندما يتم حرمان وايت من هذه المناورة، تظهر عليه سريعا حالة الارتباك والاضطراب التي كان يخفيها.
من الألعاب المتعلقة بـ “المحصور” من ناحية، ومن “الرَّث” من ناحية أخرى، لعبة “علبة الغداء”. يقوم الزوج، الذي بإمكانه مادياً أن يتناول الغداء كل يوم في مطعم فاخر، بتحضير بعض الساندوتشات كل صباح، ويأخذها معه في كيس إلى العمل. بتلك الطريقة، يقوم باستخدام كسرات الخبز القديم، وبقايا عشاء اليوم السابق، والأكياس التي تحتفظ بها له زوجته. يتيح ذلك له إمكانية التحكم المطلق في اقتصاد الأسرة، لذلك لا تجرؤ الزوجة أن تشتري لنفسها ثوباً جديداً في وجه تلك التضحية. يجني الزوج فوائد أخرى كثيرة مثل إمكانية أكله للغداء وحيداً، وألا يأكل على حساب ساعات العمل. إن هذه لعبة بنَّاءة بطرق كثيرة، ولكان بنيامين فرانكلين قد أيدها، حيث أنها تشجع على التوفير والعمل المخلص ودقة المواعيد.

2: قاعة المحكمة

الأطروحة؛ وصفياً، تنتمي هذه اللعبة إلى صنف الألعاب المتعلقة بالقانون، مثل “القدم الخشبية” (دفاع المتهم بأنه كان فاقداً الوعي عند ارتكابه الجريمة) و “المديون” (الدعوى المدنية). عملياً من الناحية الطبية، نرى عادةً هذه اللعبة في الاستشارات الزوجية والمجموعات العلاجية النفسية الزوجية. بالطبع، إن بعض هذه الاستشارات والمجموعات الزوجية تدور حول لعبة “قاعة المحكمة” مستمرة إلى الأبد، حيث لا يتم إيجاد حل لأي شيء، بما أن اللعبة لا تصل إلى نهاية. في مثل تلك الحالات، يصبح بديهياً أن للطبيب أو للمعالج دور كبير في اللعبة وهو لا يعلم ذلك.
يمكن أن يلعب “قاعة المحكمة” أي عدد من الأشخاص، ولكنها في الأساس لعبة ثلاثية الأطراف؛ مُدَّعٍ ومدعي عليه وقاضٍ، يتمثلون في الزوج والزوجة والمعالج. إذا لُعِبَت في مجموعة علاجية أو عبر الراديو أو التلفزيون، فباقي المستمعين يمثلون لجنة الـمُحَلفين. يبدأ الزوج قائلاً في حزن: “دعني اخبرك ماذا فَعَلَت (اسم الزوجة) بالأمس. لقد أخذت كذا وكيت… إلخ”. فترد الزوجة مدافعة عن نفسها: “في الحقيقة، ما حدث فعلاً هو كذا وكذا…، أضف إلى ذلك، أنه قبل أن يحدث ما حدث كان يفعل كيت وكيت…، ولكن على أي حال كلانا في ذلك الوقت كنا كذا وكذا… إلخ”. فيضيف الزوج بشكل أنيق: “على كلٍ، إني حقاً سعيد بأنكم تسمعون القصة من كلا الطرفين، انا فقط أريد أن أكون عادلاً”. في تلك الحالة يقول الـمعالج الـمُستشار ليحكم بينهما: “يبدو لي أنه باعتبار كذا وكذا يصير كيت وكيت…إلخ”. لو كان هناك مستمعون، قد يتجه إليهم المعالج قائلاً: “حسناً، دعونا نستمع إلى آراء الآخرين.” او إذا كانت المجموعة مُدَرَّبَــة أصلاً فسوف يلعبون دور المحلفين دون انتظار أي تعليمات منه.
     المعارضة؛ يقول المعالج للزوج: “أنت بلا شك على حق!”، إذا هدأ الزوج راضياً وغير مبالٍ، يقول المعالج: “ما رأيك في قولي ذلك؟”، فيرد الزوج: “جيد.”، فيرد عليه المعالج: “في الواقع، إني أرى إنك على خطأ”، إذا كان الزوج صادقاً، فسيقول “في الحقيقة لقد كنت أعرف ذلك منذ البداية”، لو لم يكن صادقاً فسيقوم برد فعل يتضح من خلاله أن هناك لعبة لا تزال مستمرة. هنا يمكن أن نتعمق في الأمر أبعد. يقع عنصر اللعبة في حقيقة أن الـمُدَّعِي الذي يصرخ من أجل النصر، هو نفسه يعلم حقاً في داخله أنه على خطأ.
بعد أن يتم جمع القدر الكافي من المعلومات حول الموقف، يمكن إنهاء اللعبة بمناورة مميزة، تعتبر من أكثر المناورات ظرافةً في فن المعارضة كله. يضع الـمُعالِـج قاعدة تمنع استخدام ضمائر الغائب في المجموعة، إذاً يستطيع أعضاء المجموعة مخاطبة بعضهم مستخدمين “أنا” و “أنت” فقط، ولكنهم ممنوعين من قول “دعني اخبرك عنه” أو دعني أحدثك عنها“. في تلك الحالة يمتنع الزوجان عن لعب الألعاب في المجموعة تماماً، أو يتحولان للعبة “عزيزي”؛ وذلك يعتبر تطوراً للأفضل، أو يتحولان إلى “علاوة على ذلك…”، ولا حبذا ذلك على الإطلاق. يأتي وصف لعبة “عزيزي” في مكان لاحق في هذا الفصل، أما في “إضافة إلى ذلك…”، يقدم المدعي اتهاماً وراء الآخر، ويرد المدعي عليه على كل اتهام بــ “يمكنني أن أفسر ذلك”. لا يلقى المدعي بالاً لأي تفسير، بل كلما يتوقف المدعي عليه برهة عن الكلام، يلقي اتهاماً جديداً: ” إضافة إلى ذلك…”، يتبعها تفسير آخر وهكذا؛ مبادلة “مربي – طفل” نموذجية.
تُلعب “إضافة إلى ذلك…” بشكل مُرَكَّز من قِبل المدعى عليهم المصابين بالذعر. بسبب حرفيتهم، يسهل إغضابهم لـمن يتهمونهم، الذين يعبرون عن أنفسهم مستخدمين تعبيرات فكاهية أو مجازية – استعارات وكنايات – بشكل عام، تلك المجازات هي الفخاخ الأكثر وضوحا التي يجب تجنبها في لعبة “إضافة إلى ذلك…”.
في صورتها اليومية الروتينية، تُلاحظ “قاعة المحكمة” بسهولة عند الأطفال كلعبة ثلاثية بيت شقيقين ومربيهما. “أمي، لقد أخَذَت حلوتي!”، “نعم، ولكنه أخذ دميتي، وقبل ذلك كان يضربني! وعلى أي حال، لقد كنا اتفقنا أن نقسم الحلوى بيننا!”.
التحليل:

 

الأطروحة: لابد أن يقرُّوا أن الحق معي.
الهدف: الطمئنة.
الأدوار: مدعي، مدعي عليه، قاضٍ و/أو لجنة محلفين.
الديناميكية: العداوة بين الأشقاء.
الأمثلة: 1. عراك الأطفال وتدخل المربي. 2. زوجان يريدان “المساعدة”.
النموذج الاجتماعي: راشد – راشد.

  • راشد: “هذا ما فعَلَته لي”
  • راشد: “بل إن الحقيقة هي…”

النموذج السيكولوجي: طفل – مربي.

  • طفل: “أخبرني أني على حق!”
  • مربي: “هذه المرة أنت على حق” أو “كلاكما على حق”.

الحركات: 1. الشكوى ثم الدفاع. 2. يبدي المدعي الاعتراض أو الاعتراف أو يوضح حسن نيته. 3. حكم القاضي أو تعليماته للجنة المحلفين. 4. اتخاذ القرار النهائي.
الفوائد: 1. سيكولوجية داخلية: إبراز الجرم. 2. سيكولوجية خارجية: التبرئة من الجرم. 3. اجتماعية داخلية: “عزيزي”، “إضافة إلى ذلك…”، “اهتياج” وغيرهم. 4. اجتماعية خارجية: “قاعة المحكمة”. 5. بيولوجية: الملاطفات المكتسبة من القاضي والمحلفين. 6. وجودية: موقف اكتئابي؛ “أنا دائماً على خطاً”.

3: المرأة الباردة

الأطروحة؛ عادة وغالباً ما تكون هذه اللعبة زوجية. يقوم الزوج باستدراج زوجته ليجامعها ولكنها تصده. بعد عدة محاولات، تقول له أن كل الرجال كالحيوانات، لا يسعون إلا وراء الشهوة، وأنه لا يحبها فعلاً لنفسها بل كل ما يشغل اهتمامه هو الشهوة الجنسية. يمتنع الزوج لفترة عن محاولة استدراجها، ثم يعاود من جديد ليصل إلى نفس النتيجة. اخيراً يستسلم الزوج ويكف عن المحاولة. مع مرور الأسابيع أو الشهور، تصبح الزوجة غير منظمة وأحياناً غافلة وساهية، فمثلاً تمشي في غرفة النوم نصف عارية أو تنسى منشفتها حين تذهب للاستحمام، فيضطر زوجها لأن يأتي ليناولها إياها. إذا لعبت لعبة عنيفة أو أفرطت في الشراب، قد تغازل الآخرين من الرجال في الحفلات. في آخر المطاف، تدفعه تلك المواقف المستفزة للمحاولة من جديد، فتصده من جديد، ويتسبب ذلك في نشأة لعبة من “الاهتياج” حول أفعالهما المؤخرة، ويُقحَمُ فيها أزواجاً آخرين وأصهارهما وحالتهما المادية وسقطاتهما الماضية، وتنتهي بالخصام والقطيعة.
هذه المرة ينتهي الزوج ويستسلم لحياة زوجية خالية من العلاقة الجنسية ويتعايش مع ذلك. تمر الشهور. يُعرِض الزوج عن استعراضها بملابسها الخفيفة وعن تناسيها للمنشفة. تصبح الزوجة أكثر استفزازاً من ناحية التناسي والسهو، ولكنه لا يزال يقاوم. ثم في ليلة من الليال، تقبل إليه زوجته وتُقَبله. في البداية لا يظهر أي اهتمام ولا يرد عليها، متذكراً عزيمته وإصراره على مقاومتها، ولكن سرعان ما تأخذ الطبيعة مجراها بعد قحط دام طويلاً، والآن يظن أنه أخيراً تمكن منها. تنجح محاولاته التجريبية لذلك، فيصبح أكثر وأكثر جُرأة وجسارة. لا يكاد الحال يصل لذروته حتى تتنحى الزوجة إلى الوراء باكية، وتقول له “أرأيت؟ ماذا قلت لك من قبل؟ كل الرجال كالحيوانات. جل ما أريده منك هو الحب والألفة، ولكن كل ما يهمك هو شهوتك!” في تلك المرحلة، تنشأ “اهتياج” من جديد متخطية كل مراحلها الأولية، وتتناول مباشرةً مشاكلهما المادية.
يجدر بالذكر أنه وبالرغم من احتجاجه واعتراضه على زوجته، إلا أن الزوج غالباً ما يكون وجلاً من الألفة الجنسية تماماً كزوجته، وهو قد أختار رفيقة حياته بحذر على أساس التقليل من خطر إنهاكه وإرهاقه لقدرته الجنسية المحدودة، وبإمكانه الآن أن يوجه لها اللوم على ذلك.
في صورتها اليومية، تُلعب هذه اللعبة من قِبَل النساء العُزْب (في المجتمعات الغربية) من مختلف الأعمار. أحياناً تنضم إليها لعبة السخط والامتعاض، أي لعبة “الاغتصاب”.
المعارضة؛ هذه لعبة خطيرة، وبالتالي فإن المعارضة المحتملة تكون خطيرة كذلك. اتخاذ خادمة لإشباع حاجته معها أمر فيه مغامرة، ففي وجه تلك المنافسة المثيرة، قد تستسلم الزوجة عن اللعب وتشرع في خوض حياة زوجية طبيعية، ربما يأتي ذلك القرار بعد فوات الأوان. من جانب آخر، قد تستغل الزوجة علاقته مع الخادمة لترد النار عليه، فترفع دعوى ضده بالاستعانة بمحامٍ، أي في لعبة “الآن تمكنت منك يا ابن العاهرة!” أو NIGYSOB . في الغالب يصعب توقع ناتج المعارضة بشكل متساوٍ إذا تلقى الزوج علاجاً نفسياً وهي لا. قد تنهار لعبة الزوجة مع ازدياد قوة الزوج، مما يؤدي لانضباط حسن في العلاقة بينهما، ولكن إذا كانت لاعبة قوية، قد يؤدي تحسن حال الزوج إلى الطلاق. الحل المثل، إن أمكن، هو أن يلتحق الزوجان كلاهما بمجموعة تفاعلية زوجية، حيث يصير بالإمكان إضاحة المنافع الخفية للعبة وكشف الستار عن الباثولوجيا الجنسية المبدئية. بتلك التهيئة قد يكترث الزوجان لتلقي علاج نفسي انفرادي مكثف. قد ينتج عن ذلك زواجهما من جديد بشكل ممتاز من الناحية النفسية، لو لم يتحقق ذلك، على الأقل سوف يقوم كلا الطرفين ببعض التعديلات تجاه الموقف الحالي، بشكل أكثر حكمة مما كانا عليه قبل العلاج.
المعارضة المناسبة للصورة “اليومية” من اللعبة هي بإيجاد رفيق آخر. بعض المعارضات الأخرى الأكثر دهاءً أو شدةً قد تكون ذميمة بل حتى إجرامية.
ألعاب ذات صلة؛ اللعبة العكسية، “الرجل البارد”، أقل شيوعاً. ولكنها تأخذ نفس المسار تقريباً، مع اختلاف بسيط في التفاصيل. الناتج النهائي يعتمد على السيناريوهات الخاصة بالأطراف المشاركة.
النقطة الحاسمة في “المرأة الباردة” هي المرحلة النهائية لـ “الاهتياج”. ما إن يصل الأمر إليها، تستحيل الألفة الجنسية، حيث أن كلا الطرفين ينال إرضاءات خاطئة من “الاهتياج” ولا يحتاجان إلى التمتع ببعضهما جنسياً. من هنا يتضح أن أهم خطوة في معارضة “المرأة الباردة” هي حسر “الاهتياج”، وبالتالي تصبح الزوجة في حالة من التضجر لا تنال فيها ما يكفيها من الإرضاءات الجنسية، قد تكون حالة حادة جداً تدفعها لتكون أكثر خضوعاً. استخدام “الاهتياج” بتلك الطريقة تميز “المرأة الباردة” عن “اضربني يا أبي”، حيث تكون “الاهتياج” جزءاً من المراحل المبكرة، أما في “المرأة الباردة”، فتحل “الاهتياج” محل الجماع نفسه. إذاً ففي “اضربني يا أبي”، تعتبر “الاهتياج” شرطاً لحدوث الجماع، حيث يتلذذ بها اللاعب وتزيد من إثارته. أما في “المرأة الباردة”، ما إن وُجِدت “الاهتياج”، تصل الحلقة إلى نهايتها.
من الصور الباكرة لـ “المرأة الباردة” تلك التي لعبتها فتاة الطبقة الراقية في رواية “طموحات عظيمة” لمؤلفها تشارلز ديكنز. تخرج الفتاة في فستانها النظيف وتطلب من الولد الصغير أن يصنع لها فطيرة من الطين – لعبة يلعبها الأطفال – ثم تعنفه على ثيابه المتسخة القذرة ويده المتلطخة بالطين، وتسخر من مدى نظافته.

 

التحليل:

الأطروحة: الآن تمكنت منك يا ابن العاهرة.
الهدف: التبرئة.
الأدوار: الزوجة “القويمة” والزوج الطائش اللامبالي.
الديناميكية: حسد القضيب (حسد الزوجة لزوجها بسبب أن ليس لديها قضيب)
الأمثلة: 1. شكراً على فطيرة الطين، أيها الطفل القذر. 2. الزوجة الباردة، المستفزة.
النموذج الاجتماعي: مربي – طفل.

  • مربي: “إني اعطيك الإذن بأن تصنع لي فطيرة من الطين” (قبلني)
  • طفل: “من دواعي سروري”
  • مربي: “الآن انظر لنفسك كم أنت قذر”

النموذج السيكولوجي: طفل – مربي.

  • طفل: “حاول إغرائي!”
  • مربي: “سأحاول، إذا أوقفتني”
  • طفل: “أنظر أنت البادئ!”

الحركات: 1. الإغراء ثم الاستجابة 2. الرفض والتصدي ثم الاستسلام. 3. الاستفزاز ثم الاستجابة. 4. الرفض والتصدي ثم الاهتياج.
المنافع: 1. السيكولوجية الداخلية: التبرئة من ذنب الشهوات السادية. 2. السيكولوجية الخارجية: تجنب التعري والجماع المخيفين. 3. الاجتماعية الداخلية: “الاهتياج”. 4. الاجتماعية الخارجية: ماذا تصنع بطفل صغير قذر (زوج)؟ 5. بيولوجية: منع الجماع وتبادل الخصام. 6. الوجودية: أنا طاهر وبرئ.

 

4: المنهكة

الأطروحة؛ تلعب هذه اللعبة ربة البيت التي أنهكتها الأوامر والطلبات. يتطلب موقفها أن تكون ماهرة في عشر أو اثني عشر وظيفة، أو بأسلوبنا؛ عشرة أو اثنتي عشرة دوراً. من حين إلى آخر تظهر بعض الأدوار الظريفة في قائمة متطلبات يوم الأحد: أم وخادمة وممرضة ورفيقة في السرير، إلخ. بما أن تلك الأدوار عادة ما تختلف تماماً عن بعضها ومتعبة، يؤدي تكرارها مع مرور السنين إلى ظهور حالة تعرف بـ “ركبة ربة البيت” (حيث أن الركبة هي المسؤولة عن التنظيف وحمل الأغراض وقيادة السيارة والحركة أثناء الجماع وغيرها)، تتلخص أعراضها في الشكوى بـ “إني مرهقة”.
أما إذا استطاعت الزوجة أن تعيش على مهلها، وأن تحصل على ما يكفيها من الإرضاء من خلال حب زوجها وأطفالها، فليس فقط سوف تخدم في المنزل بل ستستمتع بسنين حياتها فيه، وسوف ترى طفلها الأصغر وهو يغادر المنزل للجامعة وهي تشعر بألم الوحدة والفراق. أما فإن قادتها ذاتها “الراشدة” الداخلية وأُنهِكَت من قِبَل زوجها الانتقادي، الذي اختارته هي بنفسها لهذا الغرض بعد انصياعها لـ “الراشد”، وفي نفس الوقت لم تحصل على ما يكفيها من الرضا من حبها لأسرتها، فسوف يزداد شقائها وحزنها تدريجياً. في بادئ الأمر، سوف تحاول تصبير نفسها بمنافع ألعاب أخرى مثل “لولاك…” و “العائب” (من يعيب على الناس مساوئهم، سيتم شرح هذه اللعبة بالتفصيل في فصل ألعاب الحفلات)، وبالطبع؛ قد تلجأ أي ربة منزل إلى تلك الألعاب متى يضيق الحال. ولكن بعد فترة وجيزة تفشل هذه الألعاب في تصبير الزوجة، فيجب أن تجد سبيلاً آخر، ومن هنا تحدث لعبة “المنهكة”.
إن أطروحة هذه اللعبة بسيطة، تستقبل الزوجة كل الطلبات والمهام الموجهة إليها بل وتطلب المزيد، توافق على انتقادات زوجها لها وتقبل كل رغبات أولادها، بل وتتطوع للقيام بأعمال أخرى لم تُطلب منها. لو شعرت بالضيق، تجعل من يومها أكثر إنهاكا، إلى أن تُطرح مغشياً عليها في منتصف النهار، ولا شيء يتم مما كُلِّفت وكَلَّفت نفسها به. تخذل زوجها وأولادها وضيوفهما، ويضيف لومها لنفسها على همومها. بعد حدوث ذلك مرتين أو ثلاثة، تصبح حياتها الزوجية في خطر، أولادها مرتبكون، تفقد من وزنها، وشعرها لم يعد مهندماً، ووجها مرهق دائماً، وحذائها مجرجر، ثم تظهر في عيادة الطبيب النفسني، ويتم تجهيزها لدخول المصحة.
     المعارضة؛ المعارضة المنطقية بسيطة، تستطيع السيدة وايت أن تؤدي أدوارها بالتتابع خلال الأسبوع، ولكن لابد أن ترفض أداء دورين معاً في آنٍ واحد. عندما تنظم حفلة مثلاً، إما أن تقوم بدور المضيفة أو جليسة الأطفال، ولكن ليس كلاهما. إذا كان تعاني من “ركبة ربة البيت”، يمكنها أن تقلل من متاعبها بتلك الطريقة.
إذا كانت الزوجة تلعب “المنهكة”، على أي حال، سيكون أمراً صعباً لها أن تلتزم بذلك المبدأ. في تلك الحالة يكون الزوج مُنتقى بعناية؛ زوج رشيد لا يقبل أن تتصف زوجته بالكسل والكلل، وسوف ينتقدها إذا قلت كفاءتها عما كان يجد عليه أمه أو جدته. ما إن وُجَد هذا الزوج المناسب، تستقر “الطفل” الخاصة بها في دور المنهكة اللازم للحفاظ على توازنها النفسي، والذي لن تستسلم عنه بسهولة. كلما زاد شعور الزوج بالمسؤولية المهنية، كلما كان سهلاً بالنسبة لهما أن يجدا أسباباً “راشدة” لتحصين الجوانب غير السليمة في علاقتهما.
عندما يتزعزع الموقف ويضعف، غالباً بسبب تدخل المدرسة نيابةً عن الأبناء غير الراضين، يتم استدعاء المعالج النفسي لتصبح اللعبة ثلاثية الأطراف، فإما أن يطلب منه الزوج القيام بإصلاح شامل لزوجته، وإما تطلب منه الزوجة أن يقف معها ضد زوجها. ما ينتج بعد ذلك يعتمد على مهارة المعالج وإدراكه. عادةً ما تتم المرحلة الأولى – التخفيف من اكتئاب الزوجة – بسهولة، أما المرحلة الثانية التي تتضمن توقفها عن لعب  “المنهكة” لكي تتحول للعب “الطب النفسي” فهي المرحلة الحاسمة، وغالباً ما يزداد فيها الخلاف بين كلا من الزوجين تجاه الآخر. أحياناً يكون مكتوماً في البداية ثم ينفجر فجأة، ولكنه لا يكون غير متوقع. إذا تم تجاوز هذه المرحلة، يصير بالإمكان المتابعة نحو التحليل الفعلي للُّعبة.
من الضروري إدراك أن الـمُذنِبة الحقيقية هي “المربية” الخاصة بالزوجة؛ والدتها أو جدتها، ويعتبر الزوج – إلى حد ما – مجرد نموذج مجسم مُختار بعناية للعب ذلك الدور في اللعبة. لابد للمعالج ألا يحارب تلك “المربية” أو ذلك الزوج – الذي يكسب الكثير من اللعبة – وفقط، بل وأيضاً البيئة الاجتماعية، التي تشجع الزوجة على الانصياع والإذعان، مثل جريدة يوم الأحد التي احتوت على مقالة تشمل كافة الأدوار التي يجب على ربة البيت أن تلعبها، بعنوان “اختبري كفاءتك (كأم/كربة بيت/كزوجة.. إلخ)” بالنسبة للزوجة التي تلعب “المنهكة”، تعتبر تلك المقالة بمثابة كتيب الإرشادات الذي يأتي مع لعب الأطفال. قد يساعد ذلك على تطور لعبة “المنهكة”، وإن لم يُنتَبَه لذلك قد ينتهي الأمر بلعبة “المصحة العقلية” (“آخر ما كنت أريده أن يتم إرسالي إلى المصحة”).
من الصعوبات التي نواجهها مع مثل هؤلاء الأزواج؛ أن الزوج غالباً ما يتجنب أي إقحام شخصي له في العملية العلاجية، فيما عدا أن يلعب “أنظر كيف حاولت جاهداً!”، حيث أنه غالباً ما يكون مضطرباً إلى حدٍ لا يهتم بالإفصاح عنه. عوضاً عن ذلك، قد يقوم بإرسال رسائل غير مباشرة إلى المعالج، من خلال انفجاراته المزاجية نحو زوجته التي يعلم أنها ستقوم بتقريرها إليه، ومن هنا تتفاقم وتتطور “المنهكة” إلى لعبة من الدرجة الثالثة تتمحور حول مسألة حياة أو موت أو طلاق؛ حرب درامية تمتحن قدرة المعالج الماهر الذي يريد استئصال اللعبة، حرب يكاد يكون فيها المعالج وحيداً في ساحة المعركة، لا يسانده سوى “الراشد” المنهكة الخاصة بالمريضة، المنهمكة في محاربة جوانب زوجها الثلاثة – الطفل والمربي والراشد – في معركة تكاد تكون قاتلة، مستعينة بحليفها الأخريين: “الطفل” و “المربي” الخاصين بها. إذا ضعف المعالج وخاف من المواجهة، بإمكانه الانسحاب من المعركة والفرار من الطريق الأسهل، وهو مشاهدة الزوجين في مكتب المأذون يبغيان الطلاق.

5: لولاك

     الأطروحة؛ لقد تمت مناقشة التحليل التفصيلي لتلك اللعبة مسبقاً في الفصل الخامس. تاريخياً، تعتبر تلك ثاني لعبة يتم كشف الستار عنها، بعد “لماذا لا تقوم بكذا؟ – نعم ولكن…”، التي كانت تعتبر حتى ذلك الوقت مجرد ظاهرة مثيرة للاهتمام. بعد الاكتشاف الإضافي للعبة “لولاك”، صار واضحاً أنه لا بد من وجود أساس من التفاعلات الخفية التي تُـبنى عليها المعاملات الاجتماعية الظاهرة. دفعنا ذلك للبحث والاستكشاف أكثر وأكثر، وما هذه الموسوعة التي بين يديك إلا إحدى نتائج ذلك البحث.
باختصار؛ تعاشر الزوجة زوجاً مستبداً متسلطاً، يضع قيوداً على أنشطتها المختلفة، وبذلك يُجَنِّبها التورط في مواقف هي تخاف منها. لو كان هذا تصرفاً عادياً بسيطاً، لقامت بالتعبير عن شكرها وامتنانها تجاه تلك الخدمة، أما في لعبة “لولاك”، يكون رد فعلها هو العكس تماماً؛ فهي تستغل ما يحدث لتشكو وتتضجر من تقييده لها، مما يجعل زوجها يشعر بالحرج والارتباك، ومن ثم يمدها بشتى أنواع المنافع. هذه اللعبة هي المنفعة الاجتماعية الداخلية، أما تلك الاجتماعية الخارجية فهي التسلية المشتقة منها: “لولاه”، التي تلعبها مع قرنائها.

6: أنظر كيف حاولت جاهداً

     الأطروحة؛ هذه اللعبة ثلاثية الأطراف في صورتها السريرية الاعتيادية، يلعبها الزوجان مع معالج نفسي. يكون الزوج – في العادة – عازماً على الطلاق، ولكنه يُبدي عكس ذلك تماماً، في حين تكون الزوجة أكثر صدقاً في رغبتها في مواصلة العلاقة. يأتي الزوج إلى المعالج مُـكرَهَاً، وفي حديثه يوضح للزوجة مدى تعاونه؛ عادةً ما يلعب لعبة يسيرة قد تكون “الطب النفسي” أو “قاعة المحكمة”. مع مرور الوقت، إما يُظهر الزوج انصياعاً زائفاً ممزوجاً بالامتعاض المتزايد، أو يأخذ في الجدال بعدوانية. في المنزل، يظهر في البداية شيئاً من “التفهم” وضبط النفس، ولكن في النهاية يتصرف بشكل أسوأ من كل مرة. بعد خمس أو عشرة زيارات – على حسب مدى مهارة المعالج – يرفض الزوج الذهاب مجدداً ويذهب للصيد، مثلاً، الأمر الذي يدفع الزوجة أن تطلب الطلاق. هنا تظهر “براءة” الزوج، حيث أن طلب الطلاق قد أتى من طرف الزوجة، وأنه قد أثبت حسن نيته بذهابه إلى المعالج. هو الآن في موقف جيد يمكنه من مواجه أي محامٍ أو قاضٍ أو صديقٍ أو قريب، بأن يقول “أنظر كيف حاولت جاهداً!”.
المعارضة؛ يُرى حال الزوجين معاً. إذا وُجِدَ أن أحدهما – وليكن الزوج – يلعب اللعبة، يؤخذ الآخر للمعالجة الانفرادية، ويستبعد اللاعب لاعتباره غير مستعد بشكل كافٍ للعلاج. ما زال بإمكانه أن يحقق الطلاق، ولكن على حساب تخليه عن موقفه الذي يحاول التمسك به. إن تطلب الأمر، يمكن للزوجة أن تطلب هي الطلاق، وهنا يكون موقفها أفضل بكثير، حيث أنها قد حاولت جاهدةً حقاً. النتيجة الأفضل والمرادة هي أن تصيب الزوج حالة من الإحباط بعد فشل لعبته، وأن يسعى للمعالجة لدى طبيب آخر بدافع حقيقي.
في الصورة اليومية للعبة، تُلاحظ بسهولة لدى الأطفال كلعبة ثنائية، يلعبها الطفل مع مربيه. قد يلعبها الطفل من موقفين: “أنا عاجز” أو “أنا بريء”. يحاول الطفل ولكن محاولته تبوء بالفشل. لو كان عاجزاً، على المربي أن يساعده ليفعل ما يريد، وإن كان بريئاً، فليس للمربي حجة كافية لأن يعاقبه. يكشف ذلك الستار عن عناصر اللعبة. لا بد أن يدرك المربيان أمرين: الأول هو (من منهما هو الذي علمه تلك اللعبة؟) والثاني هو (ما الذي يفعلانه أدى لدوام اللعبة؟).
من الألعاب المثيرة للاهتمام –ولكنها أحياناً تكون فاسدة – المشتقة من اللعبة المعنية، هي لعبة “أنظر كيف كنت أحاول جاهداً”، والتي عادة ما تكون لعبة أعسر، وتنتمي للدرجة الثانية أو الثالثة. يمكن توضيحها بمثال الرجل المجتهد المصاب بقرحة في معدته. هناك العديد من الناس ذوي الآفات الجسدية المزمنة وبالرغم من ذلك فهم يبذلون أقصى ما في وسعهم للتكيف والتأقلم مع الوضع، وقد يطلبون العون من عائلاتهم بشكل جائز. ولكن، يمكنهم استغلال تلك المواقف – على أي حال – لأغراض أخرى خفية.
الدرجة الأولى: يخبر الرجل زوجته وأصدقائه بأنه مصاب بقرحة في المعدة، كما يخبرهم أنه سوف يواصل العمل، وبذلك يثير إعجابهم. ربما يُهَون ذلك التباهي والإعجاب إلى حد ما من ألمه ومعاناته، بل إن ذلك أفضل وأسلم من أن يلعب “القدم الخشبية”، وهو يستحق بعض الثواب لمواصلته تحري مسؤولياته. في تلك الحالة يكون الرد الملائم على “أنظر كيف أحاول جاهداً” هو مجاملته بقول “نعم، ونحن كلنا نحترم صبرك وضميرك الحي.”
الدرجة الثانية: يكتشف رجل أنه مصاب بقرحة في المعدة، ولكنه يخفي ذلك عن زوجته وأصدقائه، ويواصل العمل بإخلاص والقلق يلازمه، حتى يخر على الأرض في العمل. عندما تُبَلَّغ الزوجة بما حصل، تصل إليها فوراً هذه الرسالة: “أنظري كيف كنت أحاول جاهداً”، وينبغي عليها الآن أن تحترم وتقدر زوجها أكثر من أي وقت، وأن تشعر بالأسف والذنب تجاه كل الأفعال والأقوال التي أذته بها من قبل. باختصار، ينبغي عليها الآن أن تحبه أكثر، خصوصاً بعد أن فشلت كل الطرق السابقة التي سلكها لنيل ودها. لسوء حظ الزوج، إن مشاعرها تجاهه الآن نابعة من شعورها بالذنب، وليس من حبها له، فربما هي في داخلها تشعر بالاستياء تجاه فعله غير المنصف، وإبقاء أمر مرضه سراً. بإيجاز؛ لأن يهديها أسورة ذهبية أصدق في التعبير عن الحب من قرحة المعدة. تستطيع الزوجة إلقاء الأسورة في وجهه، ولكنها لا تستطيع تجاهل قرحة المعدة. إن إخبارها فجأة أن لديه علة خطيرة كتلك يجعلها تشعر كأنها تم الإيقاع بها في مصيدة أعدها الزوج.
يمكن كشف هذه اللعبة فوراً ما إن يتم إخبار الزوج أن لديه تلك العلة. إذا كان ينوي أن يلعبها، فعلى الأرجح سوف يتخيل السيناريو كاملاً في رأسه، وهنا يمكن للمعالج النفسي الـكَيِّس أن يكشفها. ما يتم كشفه هو الشعور الخفي لـ “الطفل” خاصته بالفرح حيال حيازتها ذلك السلاح – المرض – مستترة وراء اهتمام “الراشد” بالمشاكل الفعلية الناتجة عن مرضه.
الدرجة الثالثة؛ ومما هو أفسد وأكثر حقداً، الانتحار المفاجئ بسبب علة خطيرة، بدون أي مقدمات أو سابق إنذار. تتفاقم القرحة وتتطور إلى سرطان في المعدة، وفي يوم من الأيام، تدخل الزوجة – التي قد قال لها زوجها مسبقاً أنه ما من شيء يدعو للقلق – الحمام، لتجد زوجها صريعاً طريح البلاط، في يده ورقة مكتوب فيها بكل وضوح “أنظري كيف كنت أحاول جاهداً”. إن تكرر مثل ذلك الموقف مرتين مع نفس المرأة، فيجب عليها أن تقف وقفة مع نفسها لتدرك ما الذي كانت تلعبه.

 

التحليل:
الأطروحة: لن يتجرأ علَيَّ أحد.
الهدف: الدفاع والتبرئة
الأدوار: الزوج المتمسك بموقفه، المعتدي، صاحب السلطة.
الأمثلة: 1. تلبيس الأطفال 2. زوج يريد الطلاق.
النموذج الاجتماعي: راشد – راشد

  • راشد: “حان وقت (أن تلبس ملابسك) – (الذهاب للطبيب النفساني)”
  • راشد: “حسناً، سأحاول”

النموذج السيكولوجي: مربي- طفل

  • مربي: “سوف أجعلك تقوم بـ (لبس ملابسك) – (الذهاب إلى الطبيب النفساني)”.
  • طفل: “هل تَرَى، لا ينفع معي هذا”.

الحركات: 1. الاقتراح – المقاومة 2. الضغط والإصرار – الانصياع 3. الموافقة – الفشل.
المنافع: 1. السيكولوجية الداخلية: التحرر من الشعور بالذنب تجاه العدوانية. 2. السيكولوجية الخارجية: تفادي المسؤوليات البيتية. 3. الاجتماعية الداخلية والخارجية: أنظر كيف حاولت جاهداً. 4. البيولوجية: المحاربة. 5. الوجودية: أنا عاجر (بريء).

 

7: عزيزي

    الأطروحة؛ تُرى هذه اللعبة في أكمل صورها في المراحل الباكرة من المعالجة الزوجية الجماعية، حيث تتخذ الأطراف موقفاً دفاعياً، كما يمكن ملاحظتها في المناسبات الاجتماعية من حين لآخر. بشكل مهذب، يقدم وايت ملحوظة ازدرائية عن زوجته، مُـمَوَهَهً كأطروفة أو فكاهة، ويعقبها بـ “أليس هذا صحيحاً، يا عزيزتي؟”. تجنح الزوجة لموافقته لسببين “راشدين”: الأول أن الفكاهة نفسها – على الإجمال – مسرودة بدقة، وأن عدم الموافقة على ما تم تقديمه كتفاصيل ثانوية – ولكن في الحقيقة هي النقطة الأساسية في ذلك التفاعل – قد يبدو شيئاً من الحذلقة، والثاني أنه قد يبدو فظاً ألا توافق زوجاً يناديها بـ “عزيزتي” أمام الناس. على أي حال، إن السبب السيكولوجي وراء موافقتها له هو موقفها المكتئب. لقد تزوجته هو بالتحديد لأنها كانت تعلم أنه لسوف يقوم بتلك الخدمة من أجلها: كشف معايبها وبذلك يقيها من الوقوع في الحرج بأن تكشفها بنفسها. لقد رباها والديها على نفس ذلك الأسلوب منذ كانت صغيرة.
إلى جانب “قاعة المحكمة”، تعتبر هذه ثاني أكثر الألعاب شيوعاً في المجموعات الزوجية. كلما اشتد الموقف وكلما قارب الستار أن ينكشف عن اللعبة، كلما صار لفظ كلمة “عزيزتي” أمَرَّ وألذع، إلى أن يتضح الامتعاض المضمر. بالتأمل والتدقيق فيها، نرى أن تلك اللعبة على صلة بـ “الأحمق”، حيث أن الحركة الهامة هي عفو الزوجة المستتر عن امتعاض الزوج، الأمر الذي تحاول جاهدةً ألا تنتبه له. ومن هنا، تُعارض “عزيزي” بنفس أسلوب معارضة “الأحمق”: “قل ما تريد من الفكاهات الازدرائية عني، ولكن من فضلك لا تناديني بـعزيزتي”. تحمل هذه المعارضة معها نفس الخطورة التي تحملها معارضة “الأحمق”، وهي أن يرد الزوج قائلاً: “حاضر، يا حبيبتي”.
في صورة أخرى، بدلاً من أن توافق الزوجة، ترد عليه بفكاهة مشابهة عن الزوج؛ أن تقول مثلاً “وأنت أيضاً وجهك متسخ، يا عزيزي”.
أحياناً لا ينطق اللاعب بكلمات التودد تلك – أي “عزيزي” أو “حبيبتي” – ولكن السامع الـحَذِر يمكنه أن يسمعها حتى ولو لم يتم التلفظ بها. هذا هو النوع الصامت من “عزيزي”.
* * * * *