الخميس, نوفمبر 21, 2024
الإكتئابيهمك

الإنتحار…كيف نتحكم في دوافعه

كيف نتحكم في دوافعه والتعامل
مع السلوكيات الانتحارية
التحكم في دوافع وسلوكيات الانتحار
إدارة أزمة الرغبة في الانتحار
الهدف من هذا الموضوع:

  • دراسة مدى انتشار هذه الأزمة والعوامل المساعدة والظروف المحيطة بها.
  • توفير كم من المعلومات يساعد على فهم وتقييم هذه الأزمة.
  • تقديم تقييم ذاتي يمكن الاستفادة منه لالتقاط الحالات الأكثر عرضة لهذه الأزمة وتقييمها.
  • تقديم وسيلة مناسبة للقيام بهذه المهمة مع بعض الارشادات.

العناوين:

  • ماهية خطورة الاقدام على الانتحار.
  • تحديد مدى هذه الخطورة.
  • التجميع (طريقة للتقييم TASR(
  • الانتحار في الشباب.
  • المشاكل التي نواجهها أثناء التقييم.
  • الوقاية من الانتحار.
  • طرق التدخل لمنع الانتحار.
  • الطرق المتبعة للتعامل مع ما بعد الاقدام على الانتحار.
  • الدراسة على أفراد ومجموعات clinical vignettes

أهمية التعرف على ماهية الانتحار
يعتبر الانتحار مشكلة صحية عامة في جميع دول العالم، ويعتبر تقييمها في مختلف الدول شئ مثير للمشاكل لأنه ليس معلن في بعض الدول لذلك ستكون المعلومات المأخوذة من الجهات الرسمية قليلة بالنسبة للواقع.. بالإضافة إلى ذلك هنالك فوارق شاسعة بين الاحصائيات المأخوذة من مختلف الدول عن الانتحار ولسبب غير واضح.. ولكن إجمالا نستطيع أن نقول أن نسبة الانتحار العامة (التي تم حصرها في الواقع) هى 10 – 15 لكل 100 ألف ولكل انتحار ناجح 20 محاولة فشل في الانتحار.
Age adjusted suicide rates globally range from lows of 1.1/100000 WHO 2002
ولكن اختلاف المعلومات المتوفرة يجعل إجراء المقارنات صعب إن لم يكن مستحيل.. ظلت أغلب نسب الانتحار ثابتة إلا في المكسيك والهند والبرازيل، ولوحظ ارتفاع عام في نسب الانتحار وذلك لأسباب بالكاد مفهومة، ويعتبر الانتحار كسبب للوفاة مشكلة للهيئات الصحية لدرجة أنهم وجدوا أن وفيات الانتحار في الولايات المتحدة تزيد 40% عن القتل.
مؤخرا لوحظ ازدياد عدد المقدمين على الانتحار بين المراهقين والبالغين الأصغر في السن في بعض الدول كالولايات المتحدة وكندا، ولكن في العقد الأخير حدث اختلاف، فقد لوحظ انخفاض المقدمين على الانتحار من الشباب في البعض وبقيت على مستوياتها القديمة في البعض الآخر.. وللأسف لا توجد أسباب واضحة لهذه التغيرات بالرغم من محاولات السيطرة على دوافع الانتحار وعلاج الاكتئاب.. يبقى الانتحار أحد الثلاثة أسباب الأثر حدوثًا للوفاة في الدول الغنية والمتقدمة في الفئة العمرية 15 – 24 سنة.
بعض الدراسات أجريت في أمريكا الشمالية لوحظ أن الثلثين ممن اقدموا على الانتحار لجأوا إلى أفراد عاملين بالقطاع الصحي سواء لأعراض وشكاوي نفسية أو جسمانية، حوالي شهر قبل الاقدام على الانتحار.
للأسف كثير من المقدمين على الانتحار لا يبدون قبلها أى ميول أو أفكار انتحارية أو خطط لتنفيذ ذلك والمشكلة أن السؤال على هذه الأمور قد يفوت على كثير من العاملين مع المريض ذو خطورة ارتكاب الانتحار التعرف على ميوله أو رغباته أو سلوكياته الانتحارية، وإلى الآن الأمر غير واضح هل يوجد نقص في التدريب على هذه النقطة أم أن المشكلة تكمن في غياب الراحة أو الثقة بين المريض ومقدمي الرعاية لمناقشة الميل للانتحار والوقت المحتمل وكيفية التنفيذ وبعض العوامل الأخرى.
بالنسبة لمقدمي الرعاية سواء أطباء الرعاية الأولية، الممرضات، الاختصاصيين الاجتماعيين والنفسيين، ممرضات الصحة النفسية، الأطباء النفسيين وغيرهم.. عند كل هؤلاء يعتبر وجود ميول انتحارية عند المريض الذي يتعامل معهم شئ مهم جدًا.. فبعض الأبحاث وجدت أن حوالي 90% من مرتكبي الانتحار في الدول المتقدمة كان لديهم مشكلة نفسية كبيرة على الأقل بالرغم من وجود اختلاف بين الدول والثقافات إلا أن ذلك يلفت النظر للرابطة القوية بين مشاكل الصحة النفسية والانتحار.
خلاصة
نخرج من ذلك أن المرض النفسي هو أقوى عامل مؤثر في ارتكاب الانتحار.
العوائق التي تحول دون اكتشاف  ومنع الميول الانتحارية:

  • الوصمة والسرية.
  • الفشل في طلب المساعدة.
  • نقص المعلومات والوعى عن للانتحار عند مقدمي الرعاية الصحية.
  • ندرة الانتحار.

الوصمة الاجتماعية:
في أغلب المجتمعات يعتبر الانتحار شئ مخجل يوحي بالخطيئة وضعف الشخصية والأنانية أو الخداع، وبالطبع هذه المعتقدات يشترك فيها أفراد المجتمع وأيضًا الذين لديهم أفكارًا انتحارية.. وهذا يدفعهم إلى المزيد من الصمت وكتمان الأمر، وقد يزداد الأمر تعقيدًا إذا أدى ذلك إلى العزلة والاحساس بالدونية وانعدام القيمة (بسبب المرض) سواء عند أصحاب الأفكار الانتحارية أو من قضى أحد ذويهم بالانتحار.
في بعض الثقافات يفسر قتل النفس حسب سياق ثقافي ومجتمعي معين كوجود طريقة الانتحار لشرف العائلة (في صعيد مصر مثلاً).. في هذه الظروف يكون الصمت والخجل والسرية هم المسيطرين على الموقف من حيث رواية طريقة الانتحار أو الظروف المحيطة.
قد تعتبر السلطات أن هذا الانتحار  طقس من الطقوس لذلك يفسر الانتحار هنا على أنه نوع من التضحية الدينية أو للتعبير عن مطلب قومي أو رأى سياسي.
وها هى بعض النماذج للخرافات المرتبطة بالانتحار:

الخرافة

الحقيقة

1.من يتحدث عن الانتحار من الصعب أن يقدم على إيذاء نفسه.

أغلب المنتحرين سبق لهم أن عبروا عن مشاعرهم أو أفكارهم الانتحارية أو خططهم لذلك قبل إقدامهم على هذا الأمر.

2.الانتحار عادة ما يكون اندفاعي.

أغلب المنتحرين سبق انتحارهم أفكار انتحارية وخططوا لإنهاء حياتهم.

3.الانتحار قد يحدث بسبب الضغط النفسي.

قد يسبق الضغط النفسي الحاد بعض المحاولات الانتحارية أو إيذاء النفس (مثل الطلاق أو المناقشات الحادة) لكن الحقيقة هذا يعتبر زناد لإطلاق هذه الميول الموجودة من الأصل.

4.من يرغب حقيقة في الانتحار لا يتردد في إكمال محاولته.

عادة ما يتردد المنتحر كثيرًا ويتصارع مع نفسه ومع مبادئه قبل انتحاره.

5.الشخص الذكي الناجح لا يمكن أن ينتحر.

الانتحار يبقى التفكير فيه سر يجب ألا تنسى ذلك ولا يوجد حدود ثقافية أو  أو عرقية أو اقتصادية أو اجتماعية للانتحار.

6.الشخص المنتحر هو شخص ضعيف وأناني.

كثير من المنتحرين لديهم اعتلال صحتهم النفسية سواء اكتشف ذلك أو لا.

7.الحديث مع مريض الاكتئاب عن الانتحار قد يشجعه على الانتحار.

أغلب من يعانون من الاكتئاب ولديهم أفكار أو خطط انتحارية يشعرون بتحسن فور تحدثهم مع شخص آخر ليقدم لهم المساعدة لذلك لا يسبب الحديث دفعهم للانتحار.

8.لا يوجد شئ يمكن فعله لمن له ميول انتحارية.

إذا كان أغلب المنتحرين يعانون من خلل نفسي فإن تقديم العلاج المناسب الفعال قد يحل هذه المشكلة ويقلل من خطورة الانتحار، على سبيل المثال الانتحار الناتج عن الاكتئاب الذي يتحسن إذا ما تداوى من الاكتئاب.

9.من يقدم على الانتحار يفعل ذلك للفت الانتباه.

الحقيقة أن حدوث محاولة انتحار قد يكون هو الدافع الوحيد والأول للجوء إلى مختص فصرخة طلب المساعدة تختلف عن طلب لفت الانتباه لا أكثر.

الفشل في طلب المساعدة:
كثير من المقدمين على الانتحار لا يطلبون المساعدة ويخبرون غيرهم بذلك وحتى إن سألوا بطريقة مباشرة قد لا يعبرون عن مشاعرهم حيال ذلك ولا يفصحون عن خططهم وأفكارهم.. لذلك سؤال المريض عن الأفكار الانتحارية ليس كافيًا وليس دقيقًا لاستبعاد حدوث الانتحار، ولكن هذا بالطبع لا يخلي مسئولية الأطباء المعالجين من ضرورة تقييم هذه المشكلة إذا تواجدت علامات لها..
في كثير من الحالات محاولة الحديث عن هذا الأمر قد يحسن حالة المريض ويكسر عزلته.. إن إبداء التعاطف في السؤال عن الميول الانتحارية يعتبر نوع من المساندة والمساعدة الطبية للمريض وقد يكون ذلك تشجيعًا لهم أن يطلبوا المساعدة.
نقص الوعى والمعلومات عند الفريق الطبي:
المشكلة الرئيسية هى الاعتقاد الخاطئ أن الحديث عن الانتحار مع المريض الذي لديه ميول انتحارية يشجعه على الإقدام على الانتحار، فهذا ليس له علاقة بالحقيقة.. يشعر المرضى بالارتياح حال السماح لهم بالتعبير عن هذه النقطة الحساسة فهم يشعرون بحمل ثقيل والخجل والخطيئة لوجود أفكارًا كهذه.. بعضهم قد يكون خائفًا وآخرون يترجمونها على أنها نابعة من احساسهم بعدم قيمتهم.. لذلك فإن فتح حوار يعتبر شئ فعال جدًا للمرضى حيث يشعرون بأن هناك من يفهمهم ويشعر بمأساتهم وذلك يكون متنفسًا للضغوط التي يشعرون بها.. هناك آخرون يعتبرون الانتحار هو الحل الوحيد لمشاكلهم لكن هذا قد يتغير بعد مناقشة هذا الأمر مع مقدمي الرعاية الصحية وقد يساعدونهم على البحث عن حلول بديلة.
ندرة الانتحار:
إن الاعتقاد بندرة حدوث الانتحار قد يكون عائقًا للوقاية منه.. فإذا تذكرنا أنه من كل 20 محاولة انتحار تنجح محاولة واحدة أى نسبة 5% فإن الأفكار الانتحارية ستة أضعاف محاولة الانتحار وأن الميول الانتحارية أكثر مئة ضعف من محاولة الانتحار الكاملة، وبالتالي الكثير من ذوي الميول الانتحارية والأفكار الانتحارية لا يموتون.
ينتج من ذلك عدم جدوى سؤال الناس عن الانتحار أو أن يتحول السؤال عن الانتحار إلى سؤال روتيني لكل المرضى النفسيين في كل مقابلة.. ولهذا فإن مجموعة من عوامل الخطورة كونت تصور risk profile يمكن استخدامه مع المرضى الأكثر عرضة للانتحار.
كيفية التنبؤ بمن سيقدم على الانتحار ومن سيحجم
لا يمكن التنبؤ بمن سيقدم على الانتحار ولكن نقوم حينها بتقييم خطورة حدوث الانتحار وطرق وقاية المعرضين لذلك.. هذا قد يساعدنا في تحديد من هم الأكثر عرضة من غيرهم للإقدام على الانتحار، قد يظهر لنا تساؤل عن مدى خطورة الوضع في المستقبل القريب وسيساعدنا على الإجابة أن نزن الأمور ونقارن بين العوامل المساعدة والعوامل الوقائية (الحامية) وبناءًا على هذا نخرج بتقييم محدد للإقدام على الانتحار عند هذا المريض.. هل هو منخفض أو متوسط أو عالي الخطورة.

ما بين العوامل المساعدة على الانتحار والأخرى الوقائية
كما سبق وذكرنا أن وضع هذه العوامل نصب أعيننا سيعين على وضع تقييم نهائي لهذه المشكلة عند كل مريض، وبالتالي وضع خطة علاجية مناسبة متضمنة سلامة المريض والتقاط بعض العوامل المتعلقة بالسلوك والحالة النفسية والاجتماعية للمريض والبيئة المحيطة به بالإضافة لشخصيته.
ولا يفوتنا تذكر أمر هام هو أنه لا يوجد عامل بذاته نستطيع أن نعتمد عليه منفردًا عن غيره وأيضًا أن هذه العوامل سواء كانت تقي من الانتحار أو تساعد عليه غير متساوية على الاطلاق، فمثلاً كون الانتحار أكثر شيوعًا بين الذكور لا يرقى لأهمية عامل آخر كوجود خطة انتحارية لدى المريض. لذلك يستحب أن نفكر أثناء التعامل مع هذه العوامل بطريقة تراكمية تساعد في تقييم الإقدام على الانتحار عند المريض الذي نتعامل معه.
وهذه أمثلة لبعض العوامل التي تقي من الانتحار:
(برغم أن الأدلة العلمية ليست قوية جدًا)

  • غياب اضطراب عقلي.
  • وجود وظيفة.
  • وجود أطفال بالمنزل.
  • الاحساس بالمسئولية تجاه العائلة.
  • الحمل.
  • وجود إيمان (تدين) قوي.
  • اشباع عالي في متع الحياة (استمتاع بالحياة).
  • الواقعية.
  • مهارات التعايش الإيجابية.
  • مهارات حل المشكلات الإيجابية.
  • إيجابية الدعم الاجتماعي.
  • علاقة إيجابية مع المعالج.

ملحوظة:
برأى عدد من العلماء أن هذه العوامل لا تمنع الانتحار ولا يعتمد عليها أو لها أى تأثير على عوامل الخطورة في الإقدام على الانتحار.. (ولكن رأيي الشخصي أن هذا الكلام مناقض للحقيقة تمامًا).
أمثلة العوامل المساعدة على الانتحار:
تندرج هذه العوامل تحت خمس عناوين ووجود واحدة أو أكثر منها يعطي احتمالية أعلى للانتحار، ولكن لا نستطيع التنبؤ بحدوث انتحار من عدمه معتمدين عليه.. هذه العوامل تساعد الشخص المختص كيف يوجه رعاية مناسبة وتقييم لمن لديهم ميول انتحارية وهى كالآتي:

  • المعلومات الديموغرافية (السن والنوع ……).
  • الميول الانتحارية السابقة والحالية.
  • التشخيص (المرض النفسي والأعراض المصاحبة).
  • التاريخ المرضي للمريض:
  • المشكلات الصحية.
  • التاريخ المرضي للعائلة.
  • الظروف النفسية والاجتماعية.
  • العوامل البيولوجية العصبية.
  • تاريخ عائلي سابق للانتحار.
  • الشخصية (نقاط قوتها وضعفها).
  • العامل الأول: الديموغرافي:
  • السن:

في الأغلب عندما تزيد الأعمار ترتفع معها نسب الانتحار وهناك ذروتان تحدث فيهما نسب أعلى للانتحار وهما المراهقة والشيخوخة.. (وذلك في الدول التي يكثر فيها الانتحار).
بصفة عامة تزيد نسب الانتحار بين الطفولة والمراهقة زيادة حادة ثم بعدها تستقر نسبيًا في منتصف العمر وتعاود الزيادة الحادة بعد السبعين من العمر.
في العقود التي تلت عام 1950 زادت حوادث الانتحار ثلاثة أضعاف في الفئة العمرية (15 – 24) سنة بحيث أصبحت السبب الثالث للوفاة، وعلى العكس ما يظن الناس فإن الشباب هم الأكثر إقدامًا على الانتحار من المراهقين وذلك طبقًا لاحصائيات أجريت في الولايات المتحدة، ولكن في العقد الأخير لوحظ أن الانتحار في الشباب قد عاود الانخفاض في عدة دول منها الولايات المتحدة وكندا.. ولكن هذا الكلام لا ينطبق على كل الدول ويبقى الانتحار محافظًا على المرتبة الثالثة لأسباب الوفاة في هذه الفئة العمرية.
وعن سبب الزيادة الحادة للإقدام على الانتحار عند المراهقين والشباب فإن هذه الزيادة تعتبر موازية للزيادة في الاضطرابات العقلية حيث أغلب الأمراض النفسية عالية الخطورة تظهر لأول مرة في هذا العمر مثل (الاكتئاب – الاضطراب الوجداني – الفصام) ولكن على عكس المعتقد السائد فإن الانتحار لا يحدث من الضغوط العادية والمتوقعة لأن أغلب المراهقين يتغلبون على مشاكلهم بنجاح.
ولكن النسب الأعلى على الإطلاق تكون في الشيخوخة وذلك في الدول التي يكثر فيها الانتحار وفي غير المتدينيين.. قد يتوافق هذا مع المعلومات المتوفرة عن التصرفات أكثر بكثير بين صغار السن..
عادةً ما تكون التصرفات الانتحارية عند كبار السن قاتلة وهذا يفسر ذروة الارتفاع بعد سن السبعين لزيادة عدد محاولات الانتحار الناجحة.. بالرغم من قلة الملاحظة في السلوكيات الانتحارية وإيذاء النفس في هذا السن.
تكون المحاولات في كبار السن قاتلة لعدة أسباب:
فهم ذو إمكانيات جسدية أقل وغالبًا ما يعانون من أمراض عضوية وذلك يجعلهم أكثر تعاملاً مع عقاقير مختلفة وأكثر عرضة لمخاطر الجرعات الزائدة والتجمعات الخاطئة التي في الغالب تؤدي إلى الوفاة، يضاف إلى ذلك أن في مجتمعات كثيرة يعيش كبار السن في عزلة وفقر مما يصعب مهمة نجدتهم وإنقاذهم من هذا الخطر.. (ويزداد هذا الخطر عند من ليس له جنة يصبر في سبيل الوصول إليها أو نار يخشى من الدخول فيها).
أيضًا لا يلجأ كبار السن إلى تصرفات إندفاعية عند الانتحار فهم يكونون محددين أكثر ويعدون خطة محكمة للتخلص من حياتهم، وبصفة عامة تكون رغبتهم في الموت أكبر بكثير من الشباب لذلك لا يعطون إشارات أو تحذيرات واضحة أو كافية قبل إقدامهم على الانتحار ويستخدمون وسائل أكثر عدوانية وفاعلية تسبب الوفاة بتخطيط محكم جدًا و لا يعلمون الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم (خيركم من طال عمره وحسن عمله)..

  • النوع:

الزيادة في الإقدام على الانتحار مع زيادة العمر متساوية عند الرجال والنساء ولكن عند ذروة الشيخوخة يعتبر الرجال أكثر إقدامًا على الانتحار.. قد يكون ذلك انعكاسًا لزيادة إقدامهم على إدمان الكحوليات والمواد المخدرة (في بعض الدول غير الاسلامية) التي تزيد من نسب الإصابة بالاكتئاب لدى الرجال أكثر من النساء.
بعض أسباب إقدام الرجال على الانتحار أكثر من النساء:

  • إحجام الرجال عن طلب الدعم العاطفي والنفسي بخلاف النساء.
  • الرجال بطبيعتهم أكثر إندفاعًا من النساء.
  • الرجال أقل في قدرتهم على الاندماج الاجتماعي.
  • لا يتقبل الرجال المساعدة عند حدوث مشاكل عاطفية أو نفسية.
  • الوسائل التي يلجأ إلى استخدامها الرجال قاتلة أكثر من الوسائل التي تلجأ إليها النساء.

وبالإضافة للعوامل السابقة التي تقلل الانتحار عند النساء فإن وجود حمل أو أطفال قد يمنع الانتحار.. لذلك لوحظ أن النساء يظهرن محاولات انتحارية وإيذاء للنفس أكثر من الرجال ولا يقومون بها.
لكن هذا لا يمنع وجود عوامل تنفرد بها النساء تؤدي إلى الانتحار.. عادةً ما يرتبط الانتحار عند النساء بمشكلة اجتماعية التي غالبًا ما تكون سوء المعاملة من شريك الحياة أو الحياة في عزلة أو الطلاق.. فقد لوحظ زيادة محاولات الانتحار والأفكار الانتحارية لمن يعانين من الإيذاء الجنسي والجسدي..
في بعض المجتمعات والأسر قد تقدم الأنثى على الانتحار بسبب احساسها بالظلم وعدم المساواة التي تتضمن المفاهيم والتوقعات الاجتماعية والعائلية لدور المرأة فقد تكون فيها إهدارًا لقيمتها وتزداد هذه المشكلة في المجتمعات المتمسكة بعاداتها البالية.. هذه الصراعات المتبادلة مع المجتمع والزوج والعائلة قد تدفع الأنثى في النهاية إلى الانتحار.. ومثال على ذلك الانتحار باستخدام السم عند الفتيات الصينيات وحرق النفس حتى الموت في الشرق الأوسط.
وبالرغم من أن الحمل قد يمنع المرأة من الانتحار إلا أن الاضطرابات النفسية الحادة التي تتبع الولادة (كالاكتئاب والذهان الحادين) قد تؤدي إلى الانتحار وقتل الطفل الرضيع أيضًا.
اكتئاب ما بعد الولادة:
نصف النساء بعد الولادة يعانين من مزاج اكتئابي وتوتر أو تهيج وتقلبات مزاجية ونوبات بكاء وإجهاد وتوتر.. عادةً ما تحدث هذه الأعراض في غضون أسبوعين من الولادة.. وتسمى (اكتئاب ما بعد الولادة.. وأحيانًا يسمى اكتئاب النفاس) postpartum وتتحسن هذه الأعراض تلقائيًا.. وتتراوح مدتها من بضعة أيام لبضعة أسابيع ولا تحتاج إلى أى تدخل طبي أكثر من إعطاء الدعم والمراقبة لمتابعة أى تغيرات.. ولكن قد تكون هذه مقدمة أو بداية لمشاكل أكبر… مثل ذهان أو اكتئاب ما بعد الولادة.. أو اكتئاب أو ذهان النفاس..
اكتئاب ما بعد الولادة يصيب 10 – 15% من النساء في الفترة ما بين 4 – 6 أسابيع بعد الولادة.. هؤلاء النساء يظهرن نفس أعراض الاكتئاب الأعظم (الاكتئاب الجسيم) بالإضافة إلى تقلبات مزاجية وأعراض توتر أشد مقارنة بغيرهن ممن عانوا من الاكتئاب الأعظم بدون الولادة.
وللمساعدة على التذكر تجمع هذه الأعراض في :

  • اضطرابات النوم.
  • اضطرابات الشهية.
  • مزاج سئ.
  • عدم الشعور بالمتعة.
  • التهيج.
  • غياب التركيز.
  • ضعف الثقة بالنفس والشعور بالذنب.
  • التفكير على الانتحار.

قد لا تظهر النساء اللاتي عانين من الاكتئاب بعد الولادة أى اهتمام لمولودهن وقد يخفن من البقاء بمفردهن مع المولود خوفًا من الحاق الأذى به أو إهماله، وهناك أخريات يظهرن اهتمام زائد عن الحد يصل لدرجة مرضية كالوسواس وأن تكون هناك ضلالات.. عادةً ما يعانين من الخجل والذنب وعدم الكفاءة في أداء دورهن كأمهات مسئولات.. وقد تزيد الأمور تعقيدًا الواجبات المفروضة عليهن من عائلاتهن ومجتمعهن وأيضًا مقدمي الرعاية الصحية الذين فشلوا أن يلتقطوا أعراض الاكتئاب على الأم.. لذلك يفترض بكل من يقدم الرعاية أثناء الولادة وبعدها مثل (الأطباء الباطنيين، الممرضات، القابلات، الاختصاصيين الاجتماعيين، أطباء الأطفال) أن يلموا بأعراض الاكتئاب ليستطيعوا تشخيص اكتئاب ما بعد الولادة وليقيموا خطورة الإقدام على الانتحار أو اهمال المولود أو حتى محاولة قتله في الاكتئاب ذو الأعراض الذهانية.
الاضطراب الذهاني بعد الولادة:
تقدر نسبة حدوث هذا الاضطراب بحالة واحدة لكل 1000 ولادة.. ويرتبط هذا الاضطراب بالاضطرابات المزاجية كالاكتئاب ثنائي القطب أو حتى الفصام.
حوالي 50% ممن عانين من هذا الذهان لديهم تاريخ عائلي للاضطرابات المزاجية..
50 – 60% منهن كان هذا هو الحمل الأول لهن و 50% منهن حدثت لهن مضاعافات أثناء الولادة.
عادةً ما يظهر أول عرض خلال أسبوعين من بعد الولادة وبعض الأعراض التي تظهر قد تفهم على أنها postpartum blues مثل المزاج المكتئب والتهيج والتقلب المزاجي ونوبات البكاء والصراخ والإجهاد والقلق.
في بداية الأمر قبل أن تظهر هذه الأعراض على أنها ذهان صريح يصاحب ما سبق قلة في النوم وهياج.. فيما بعد تظهر أعراض أخرى كالشك واضطرابات ذهانية كالاضطراب العام والتشوش وعدم الترابط الفكري.. بالإضافة إلى الأفكار الوسواسية التي تخص الاهتمام الزائد بالطفل.. قد تعاني بعض المريضات من ضلالات عن الطفل المولود مثل كونه مستحوذ عليه من قوة شريرة أو أنه شيطاني أو أنه ميت أو به نقص، وبعضهن قد ينكرن الحمل والولادة بالكلية أو يشمئزن من المولود وقد يقدمن على إيذائه.. أيضًا ضلالات الاضطهاد والضلالات الجسمانية تعتبر أعراضًا شائعة.. وقد يعانين أيضًا من هلاوس بما في ذلك الهلاوس الآمرة التي تأمر الأم بإيذاء نفسها أو مولودها أو أى طفل آخر في البيت..
حوالي 5% من الأمهات اللاتي يعانين من ذهان ما بعد الولادة يقدمن على الانتحار و 4% منهن يقتلن مولودهن.
وهذا جدول يلخص العمر والنوع كعوامل خطورة للانتحار:

الخطورة الأعلى

الخطورة الأقل

السن
النوع
النساء

كبار السن
الذكور
إيذاء الزوج
الإيذاء العائلي
اكتئاب ما بعد الولادة
ذهان ما بعد الولادة
التحكمات بخصوص دور المرأة
وجود ظلم واقع على المرأة.

ما قبل المراهقة
الإناث
الحمل
وجود أطفال صغار بالبيت.

الانتحار الحالي والمحاولات السابقة:
السلوكيات الانتحارية السابقة تعتبر عامل خطورة مهم جدًا في الانتحار وفي أكثر من دراسة ظهر أن أكثر من 50% ممن يموتون بسبب الانتحار كانت لهم على الأقل محاولة واحدة للانتحار في السابق.. وتتراوح محاولات الانتحار من 10 إلى 20 ضعف من الانتحار الناجح (المؤدي للوفاة) لذلك أغلب من يحاولون الانتحار لا يموتون به.. التعرف على أسباب هذه المحاولة يساعد الطبيب كثيرًا على تحديد قابلية المريض للإقدام مرة أخرى على هذه المحاولة بالإضافة إلى ارتفاع احتمال النجاح في هذه المحاولات مثل وجود مرض عضوي أو نفسي مزمن (بخاصة الاكتئاب وإدمان الخمور) و العزلة الاجتماعية وضعف أو غياب الدعم الاجتماعي، وهناك أيضًا بعض السمات الموجودة في المحاولات الأولية تنذر بتكرار المحاولة.. المحاولات السابقة ذات الطابع الخطير (التي قد ينتج عنها إعاقة بدنية أو عضوية) تنذر بالمزيد من المحاولات.
قد نجمل في هذه النقاط علامات موجودة في المحاولات السابقة تنذر بتكرار محاولة الانتحار وهى كالآتي:

  • وجود مرض عضوي مزمن.
  • مرض نفسي مزمن.
  • ضعف الروابط الاجتماعية.
  • المحاولات السابقة اتسمت بالخطورة تركت آثارًا سيئة مستديمة.
  • العزيمة القوية لتنفيذ الانتحار.
  • استخدام وسائل قاتلة جدًا.
  • اتخاذ اجراءات تمنع اكتشاف الانتحار قبل إتمام المحاولة.

ملخص:

المحاولات السابقة وخطورتها

الخطورة العالية

الخطورة المنخفضة

المحاولات المكتشفة
المحاولات غير المكتشفة
المحاولات الفاشلة
تصرفات فيها إيذاء للنفس

متعددة
مخطط لها
فرص النجدة منخفضة
استخدام وسائل مميتة جدًا
تبعات خطيرة

مرة واحدة (الأولى)
اندفاعية
فرص نجاة عالية جدًا
تردد وعدم العزم
وسائل غير خطرة

أما بالنسبة للتقييم الحالي للنوايا والأفكار والخطط الانتحارية:
بالطبع وجود أفكار انتحارية يعني احتمالية أعلى للإقدام على الانتحار ولكن ليس معنى ذلك أبدًا أن من لديهم أفكرًا انتحارية سيكون الانتحار هو سبب وفاتهم، ويجب عدم نسيان أن بعض من يقدمون على الانتحار لا يذكرون أية أفكار انتحارية إذا ما سئلوا عن ذلك مباشرة.. لذلك إذا ما لاحظ الطبيب أى علامات اكتئاب أو يأس على مريضه يجب عليه أى أن يتحرى عن وجود أية أفكار انتحارية أو خطط أو أية نية مؤكدة لتنفيذ الانتحار ويتابع ذلك بالمتابعة المستمرة والمناقشة في هذه الخطط لتقييم الحالة الانتحارية للمريض.
الأفكار الانتحارية:
هى أفكار أو خيالات أو وساوس أو انشغال بالآتي: الموت أو إيذاء النفس أو قتل النفس.. وكل زيادة أو استمرار في هذه الإفكار تعني خطورة أعلى وزيادة في الإقدام على الانتحار.
النوايا الانتحارية:
هو توقع المريض وتخطيطه للموت منتحرًا.. وعزم المريض على الانتحار قد يحكم عليه من خطورة الطريقة التي يختارها لإنهاء حياته بنفسه.
مثلاً المريض قد يتناول دواءًا أ (الذي يعرف عنه من خلال الصيادلة والأطباء أن جرعته العالية لا تسبب الوفاة) ولكن المريض يعتقد بشدة أن هذا الدواء عالي السمية.. هذا يعتبر عزم قوي جدًا على إتمام الانتحار لاعتقاد المريض في وسيلته المختارة حتى لو كانت الحقيقة غير ذلك.
الخطط الانتحارية:
خطة الانتحار ذات الخطورة العالية تتميز بالتفاصيل والدقة ويجب الانتباه للوسيلة المختارة من المريض (بخاصة مدى فاعليتها في القتل).. اختيار الوقت المحدد لتنفيذ هذه الخطة.. مثال لهذه الخطط كتابة اعتراف بالانتحار أو كتابة وصية وتوزيع الملكية على بعض المقربين التأكيدات على نجاح المحاولة ووضع خطة تتضمن وسيلة وتوقيت يصعب اكتشافها مبكرًا.
الوسيلة المختارة هى من أهم العوامل التي تقيم على أساسها الخطة الانتحارية مثل الإقدام على الحرق أو الشنق.. في الدول الغربية الوسائل الأكثر خطورة هى الأسلحة النارية والقفز من المرتفعات.. أما في الشرق والهند فالحرق هو الأشهر بين النساء وعالميًا أشهر ثلاث وسائل  الأسلحة النارية وتناول المبيدات وتناول جرعات سمية من الدواء.
العلاقة بين احتمال الوفاة أثناء الانتحار ووجود خطة محددة يرجح هذه النتيجة بعض العوامل وهى:
الوسيلة المختارة، توفر هذه الوسيلة، فهم المنتحر لهذه الوسيلة، اعتقاده في فاعليتها كأداة مثل فرص النجدة المتاحة، الخطوة المتخذة لتنفيذ هذه المهمة واستعداد الشخص للموت.

  • الوسيلة المختارة:

الوسائل ذات احتمال وفاة عالي (كالأسلحة النارية والقفز من المرتفعات وتناول المبيدات وحوادث الطرق) مصحوبة بنسبة نجاح عالية للانتحار.

  • توفر هذه الوسيلة:

كامتلاك سلاح ناري وسهولة الحصول على المبيدات.

  • اعتقاد المريض بفاعلية هذه الوسيلة:

تكشف عن جدية المريض ونية حقيقية عنده لإنهاء حياته بنفسه.

  • فرص النجدة:

كلما قلت الفرص المتاحة كان هذا مؤشر خطر.

  • الخطوات المتبعة:

شراء سلاح والاحتفاظ بالعقاقير وتحديد وقت محدد بتاريخ محدد وضمان العزلة لعدم اكتشاف التدبير للانتحار مبكرًا، تعتبر جميعها علامات خطر.

  • التحضير للموت:

تسوية الأمور المهمة، تسديد كل الالتزامات المادية، كتابة وصية، هبة بعض المتلكات، كتابة خطابات الوداع للمقربين، كتابة اعتراف بالانتحار، كتابة طلب مسامحة وعفو ممن أساء المريض إليهم، أو وصية لأخو المريض أن يتزوج زوجته ويتكفل بأولاده، أو وصية بقتل الزوجة لو تزوجت بآخر لاعتقاد المريض أن هى السبب في مرارة العيش والاقدام على الانتحار.

ملخص:

عالية الخطورة

منخفضة الخطورة

الأفكار الانتحارية

كثيرة
قوية
مستمرة لفترة

قليلة
ضعيفة
مؤقتة

النوايا الانتحارية

عالية

منخفضة

الخطط الانتحارية

التعمد وحسن التخطيط
وسائل قاتلة جدًا
الحصول على هذه الوسيلة

غياب الخطة
وسائل غير قاتلة
عدم الحصول عليها

الأعراض النفسية والتشخيص السابق للمرض النفسي:
المرض النفسي هو أقوى عامل خطورة مسبب للانتحار وأعلاهم خطورة في ذلك الاضطرابات المزاجية والاضطرابات الذهانية (الفصام مثلاً) والقلق واضطرابات الشخصية والإدمان (سواء إساءة الاستخدام أو الاعتمادية للكحول بالأخص).
بعض الأعراض المنذرة بالإقدام على الانتحار (مصاحبة):

  • الاكتئاب
  • القلق الشديد
  • نوبات الفزع
  • اليأس
  • الهلاوس السمعية الآمرة (في مرضى الفصام)
  • الاندفاعية
  • العدوانية
  • فقدان الاستمتاع بالحياة الشديد anhedonia

بعض الأعراض التي إن وجدت تزيد خطورة حدوث الانتحار:

  • المزاج المتعكر
  • الخجل والخزى
  • عدم الثقة بالنفس
  • العدوانية تجاه الآخرين
  • التهيج
  • زيادة الحركة restlessness – akathesia
  • الغضب
  • قلة النوم

ملخص

الأعراض النفسية التي يتزايد معها خطر حدوث الانتحار

الأكثر خطورة

الأقل خطورة

الذهان
الاكتئاب
اليأس
القلق
الخزى
الاندفاع
العدوانية
عدم الاستقرار

اليأس
فقدان شديد للمتعة
القلق الشديد
نوبات الفزع

التفاؤل
الاتجاه إلى التدين
الحياة المُرضية

قد نبدأ بأخذ نظرة على الأعراض النفسية المسببة لوجود خطورة حدوث انتحار بغض النظر عن التشخيص من ذلك العزلة الاجتماعية، وجود خسائر شخصية أو دراسية أو مادية أو مهنية كنتيجة لظروفهم المرضية مما أدى إلى اعتمادهم الكامل على الآخرين أو من عندهم صعوبات تكيف، بالإضافة إلى وجود أعراض للاكتئاب واليأس، وجود استخدام للكحوليات والمخدرات بالإضافة إلى المرض النفسي..
إذا جمعت في نقاط تكون كالآتي:

  • عزلة اجتماعية
  • فقدان الأسرة
  • خسائر شخصية
  • خسائر مهنية
  • اكتشاف حجم الخسائر بعد حدوث تحسن في الحالة
  • استخدام المخدرات والكحوليات
  • صعوبات في العمليات الذهنية وحل المشكلات
  • الأعراض الاكتئابية واليأس

أما بالنسبة للتشخيصات النفسية:

  • الاضطراب الوجداني
  • الاضطرابات الذهانية
  • القلق
  • إدمان الكحول أو المخدرات
  • اضطرابات الشخصية
  • الاضطرابات الوجدانية:

وجد في بعض الدراسات أن 50% ممن قضوا بالانتحار كانوا يعانون من نوبة اكتئاب عظمى (اكتئاب جسيم) (MDD) فالاضطراب الوجداني يزيد نسبة حدوث انتحار 20 ضعف..
أغلب هذه الاضطرابات تكون إما اكتئاب أعظم أو اكتئاب أو نوبة ثنائية القطب مختلطة.. هناك ميل عند المرضى صغار السن إلى ارتكاب الانتحار مبكرًا في بداية المرض خاصة إذا عانوا من نوبات فزع أو قلق شديد أو قلة في التركيز شديدة أو قلة نوم شديدة أو إدمان الكحوليات أو فقدان متعة الحياة، وأيضًا وجود يأس سواء تشاؤم ووجود توقعات سلبية للمستقبل أو فقدان تام للمستقبل.
ووجد أيضًا أن الاكتئاب الثنائي القطب (الاضطراب الوجداني) أخطر من الاكتئاب أحادي القطب.
لقد اعتبر الـ DSM دليل التشخيصات المتبع في الولايات المتحدة أن الاكتئاب كمرض يقصد به الاكتئاب الأعظم والمزاج الكئيب الذي يعتبر بدوره مرض شائع يصيب حوالي 6 – 8% من الناس.. وذلك يختلف عن الأعراض الاكتئابية التي تتواجد طبيعيًا بسبب الحياة التعيسة.
الاكتئاب الذي يقصد كمرض يظهر من سن المراهقة أو في بداية النضوج والذي يرتبط بنسب انتحار عالية في هذه الفئة العمرية فهو مرض مزمن يأتي في صورة نوبات قد تكون نوبته الثانية بعد خمس سنوات من الأولى.
بالرغم من أن المتعارف عليه أن الاكتئاب كمرض ربما ينتقل بالوراثة إلا أن الانتحار تشترك فيه عوامل تخص المرض والبيئة المحيطة بالمريض، فمثلاً إذا اجتمع الاكتئاب ومرض عضوي مزمن (كالآلام المزمنة وأمراض القلب) أو مرض يهدد حياة المريض كالسرطان ستتزايد احتمالات الإقدام على الانتحار.. (وذلك في المرضى الذين ينظرون إلى المرض نظرة دنيوية وليس له حل وأن الموت راحة من شرور المرض وآلام الحياة، أما المريض المتدين الذي يرى أن المرض مهما طالت فترته أو زادت حدته فهو ابتلاء وأن من أحبه الله ابتلاه وأنه كلما زاد الابتلاء زاد الأجر والثواب، فنادرًا ما يفكر في الانتحار ولكن يمكن أن يتمنى الموت وأن يتوفاه الله ليريحه من هذا العذاب مثل الحديث…. واجعل الموت راحة لنا من كل شر…..).
جرت العادة أن يشخص الانتحار من خلال مجموعة من الأعراض التي تتواجد.. أحد أدلة التشخيص سواء الأمريكي أو العالمي (DSM or ICD) ويجب أن يظهر على من شخصوا كمرضى بالاكتئاب بعض الأعراض الاكتئابية التي تختلف عن طبيعتهم وأن تستمر هذه الأعراض لفترة أو تكون ذات تأثير سلبي على حياتهم مثل:

  • مزاج مكتئب
  • فقدان الاستمتاع أو السعادة
  • قلة النشاط
  • صعوبات في التركيز
  • فقدان في الشهية
  • شعور أو أفكار مليئة باليأس أو قلة قيمة الذات
  • اضطرابات شديدة في النوم
  • أفكار أو خطط انتحارية (أو حتى شعور بعدم جدوى الحياة).

عادة ما يعاني المريض من صعوبة شديدة في إيجاد الحافز لممارسة حياته مثل الجانب الاجتماعي والعلاقات الشخصية والمهنية بسبب تعكر المزاج والتفكير السلبي.. في كثير من الحالات والثقافات تظهر الأعراض في صورة أعراض جسدية كاضطرابات النوم والصداع وفقدان النشاط والطاقة واضطرابات المعدة والقولون المزمنة أو آلام مختلفة في كل أعضاء الجسم.. قد يكون هذا الوضع هو السائد في أغلب حالات الاكتئاب.. لذلك يجب على العاملين بالقطاع الصحي الانتباه لهذه الصورة والتقاط أى وجود للمزاج الاكتئابي أو التفكير السلبي (كانعدام القيمة واليأس وفقدان السعادة).
الاحساس باليأس الشديد سواء تواجد مع تشخيص الاكتئاب أو لا يرتبط بنسب عالية للسلوكيات الانتحارية..
كل مريض بالاكتئاب يجب أن يتابع بصفة مستمرة لمراقبة احتمالات إقدامه على الانتحار حتى لو ظهر عليه شعور بالتحسن أو هو يتحسن فعلا بالذات في مرحلة بداية العلاج حيث من المعروف أن مضادات الاكتئاب وإن سببت تحسن في نشاط المريض فمن ضمن آثارها الجانبية زيادة الأفكار الانتحارية وإيذاء النفس بالإضافة إلى وجود بعض الأعراض الاكتئابية ترتبط بالإقدام على الانتحار أكثر من غيرها وهى:

  • اليأس
  • القلق الشديد
  • الأعراض الذهانية
  • نوبات الهلع
  • الفقدان الشديد لمتع الحياة

الاضطرابات الذهانية
تسبب الاضطرابات الذهانية حوالي 10% من حالات الوفاة بالانتحار والمصابين بالفصام أكثر عرضة للإقدام على الانتحار 10 مرات، وفي بعض الدراسات لوحظ أن 50% من مرضى الفصام على الأقل يحاولون الانتحار على مدار تاريخهم المرضي.. وترتبط حالات الانتحار في الفصام بالاكتئاب والضغوط النفسية والاجتماعية والأعراض الذهانية وعادة ما تكون آثار هذه المحاولات خطيرة جدًا طبيًا ومصحوبة بإصرار شديد.
الانتحار عند مرضى الفصام عادة ما يكون في بدايات المرض ويرتبط بعدة عوامل مثل طبيعة الأعراض وشخصية المريض وحدة المرض وتزداد خطورة الانتحار عند وجود عدة عوامل وهى ان يكون مرض ذو طابع مزمن والاحتياج للحجز المتكرر ووجود محاولات انتحار سابقة بالإضافة للأعراض الاكتئابية ومن كانوا يتمتعون بحياة جيدة ما قبل المرض ومن عندهم تفهم لآثار مرض كالفصام (مزمن ويؤثر على العقل) مثل التدهور المهني والاجتماعي والشخصي والتحصيلي، وأيضًا لاحظوا فقدانهم لمهارات سابقة بالأخص من يحملون التشاؤم تجاه فاعلية العلاج .. أو وجود هلاوس آمرة بتنفيذ خطة سوف تؤدي به إلى الوهم بدخول الجنة أو حماية أشخاص آخرين أو الهروب من المتآمرين.
أيضًا من ضمن العوامل التى تزيد احتمال حدوث الانتحار أن يكون المريض ذكر ، صغير السن ، العزلة الاجتماعية ، وحالات التهيج الشديد ، ووجود اضطرابات فى الحركة akathesia  ووجود أعراض ذهانية بارزة ، أيضًا من يشعرون بالخوف من مرضهم ، ومن يعانون ضلالات الاضطهاد أو هلاوس سمعية عدوانية أو آمرة بالانتحار الذين يتسمون بقابلية أكبر لإيذاء النفس وإتمام الانتحار .
يجب أن نذكر أن الأعراض السلبية مثل غياب الشعور apathy  واللامبالاة وفقدان الإرادة والتبلد الانفعالي هم أقل عرضة من غيرهم .
الهلاوس السمعية الآمرة هى التى تأمر المريض بأفعال معينة أو توجهه لتفكير معين أو أن يتصرف بطريقة معينة ليست كل الهلاوس الآمرة خطرة على المريض، حيث أن هناك هلاوس منها غير ضارة على الإطلاق كالتى تأمر بارتداء نوع معين وإغلاق الباب بالرغم من أن ذلك قد يضايق المريض إلا أنها ليست كالتى تأمر المريض بارتكاب تصرف خطر فهذه هلاوس قاتلة .
يصعب التفريق بين المريض الذى يستجيب لهذه الهلاوس والمريض الذى سيتجاهل أوامرها لذلك يستحب لكل مريض يعانى من هذه الهلاوس الآمرة الخطرة أن يوضع تحت الرقابة اللصيقة .
بعض العوامل التى تزيد من استجابة المريض لهذه الهلاوس :

  • من يميزون الصوت ( الهلاوس )
  • من لديهم أعراض ذهانية شديدة .
  • أن تكون الهلاوس حديثة الظهور عند المريض .
  • أن يعانى المريض من الهلاوس خارج المستشفى .

عند الكثير من المرضى تعتبر المرحلة الأكثر خطورة فى الإقدام على الانتحار هى بدء التحسن والخروج من المستشفى وذلك راجع لتحسن الاستبصار لديهم وما لذلك من شعورهم بقدر التدهور الذى حدث لهم بسبب هذا المرض سواء فى عملهم أو حياتهم الاجتماعية أو فقدانهم لمهارات سابقة بالإضافة إلى صعوبات تقبل المجتمع لهم والوصمة التى لحقتهم من مرضهم النفسى وشعورهم بالتفرقة عن غيرهم بسبب مشكلاتهم النفسية … ومعاناة المريض من الاكتئاب بعد نوبة ذهانية وانتكاسة تعتبر عامل خطورة للإقدام على الانتحار بالأخص مع الذكور صغار السن ومن لديهم استبصار وحياة جيدة الأداء قبل المرض .
إجمالاً لما سبق.. وعوامل الإقدام على الانتحار :

  • الاستبصار للتدهور بسبب المرض
  • الاضطرابات الحركية بسبب مضادات الذهان  ومثلها التهيج .
  • الأعراض الاكتئابية .
  • البطالة
  • العزلة الاجتماعية .
  • السن أقل من 45 سنة .
  • هلاوس آمرة خطيرة .
  • الشعور باليأس .
  • الخروج الحالى من المستشفى .
  • الذكور .

3 – اضطرابات القلق :
الأفكار الانتحارية والمحاولات الانتحارية تعتبر شائعة عند مرضى القلق فهى مسئولة عن 15-20 % من حالات الانتحار ومرتبطة بحوالى 6-10 % زيادة فى الإقدام على الانتحار ، بالأخص إذا كانت مصحوبة بنوبات الهلع أو اكتئاب أو اللجوء إلى الكحوليات . بصفة عامة القلق الشديد والهلع مع تشخيص اضطرابات القلق أم لا يعتبرا من عوامل الانتحار .
4 – إدمان الكحوليات والمخدرات :
أما إدمان الكحول وإساءة استخدامه فهما مسئولان عن حوالى 25-50% من حالات الانتحار ويسببان زيادة فى الإقدام على الانتحار من الأشخاص العاديين بالإضافة إلى احتمال حدوث ذلك على مدار مراحل العمر المختلفة بحوالى 15% ، يشتمل استخدام المخدرات على الاستخدام المتعدد الذى يعتبر من الأسباب الشائعة للانتحار . وعلى عكس الاكتئاب والفصام فى سن الانتحار أو توقيته فإن المدمن يفكر فى الانتحار عندما تتأخر حالته جدا وعندما تصل معاناته من آثار الإدمان مزمنة على كل محاولات الحياة ، الصحة ، العلاقات الشخصية والاجتماعية والظروف المادية والمهنية أو الاداء فى العمل .
بالإضافة إلى مخاطر الإقدام على الانتحار واكتمال المحاولة حتى الوفاة فإنه قد تضاف إلى ذلك مخاطر إيذاء النفس والمحاولات المتعددة للانتحار بالأخص مع إدمان الكحول .
إدمان الكحول كمرض نفسى يعتبر عامل عالى الخطورة فى الإقدام على الانتحار ويعتبر الاكتئاب الأعظم كنوبات هى سبب الانتحار فى ثلاثة أرباع مدمنى الكحول المنتحرين . خطورة الإقدام على الانتحار تتزايد عند المدمنين للكحول سواء كانوا ذكور أو إناث بالرغم من المحاولات الناجحة  أكثر فى الذكور والمحاولات الفاشلة أكثر فى الإناث .
بعض المخاطر المرتبطة بتعاطى المخدرات :

  • خسائر اجتماعية حديثة أو وشيكة .
  • وجود اضطرابات نفسية أخرى .
  • فقدان أو تفكك العلاقات الاجتماعية .
  • العلاقات المهددة .
  • وجود نوبات اكتئابية .

مخاطر إضافية لإدمان الكحوليات :

  • الحوارات حول نوايا انتحارية .
  • محاولات انتحارية سابقة .
  • الاستمرار وزيادة جرعات تعاطى الكحوليات .
  • البطالة فى الوقت الحالى .
  • العيش وحيدًا .
  • ضعف الدعم الاجتماعى .
  • وجود مشاكل جنائية .
  • المشاكل المادية .
  • الأمراض العضوية الخطيرة .
  • وجود أمراض نفسية أخرى .
  • اضطرابات الشخصية .
  • إدمان مواد مخدرة أخرى .

بالإضافة إلى  ذلك فإن تناول جرعة زائدة من الكحول حتى فى غياب إدمان الكحول قد يكون عامل مشجع على الانتحار حيث وجد أن هناك نسبة كبيرة من المنتحرين كانوا قد تناولوا الكحول قبل إقدامهم على الانتحار ، اغلب هؤلاء يعانون من مشكلات شخصية وضغوط نفسية واجتماعية ومن النوع الذى لا يطلب المساعدة من الآخرين بسهولة ، غالبًا ما يكون هذا السلوك اندفاعى أكثر من مخطط وغالبًا ما يتسم بطريقة انتحارية قاتلة جدًا كالحريق .
5 – اضطرابات الشخصية :
حسب بعض الدراسات فإن معاناة شخص ما من اضطرابات الشخصية خاصة الشخصية المعادية للمجتمع والحدية قد يشكل ذلك حوالى 5% من حالات الانتحار ، وتتراوح فرص الإقدام على الانتحار أو تصرفات إيذاء النفس 3 – 9% خلال العمر حيث أن هؤلاء الناس أكثر عرضة من غيرهم للانتحار والسلوكيات المؤذية للنفس .
بعض العوامل التى تجعل محاولات الانتحار أكثر جدية :

  • البطالة
  • مشاكل مادية
  • الرفض العائلى
  • وجود خسائر
  • الاندفاعية

وإذا أجملنا عوامل الخطورة للمرضى النفسيين بصفة عامة فنستطيع أن نلخص ذلك فى عدة نقاط :

المرض النفسى
المرتبط بالانتحار

العامل عالى الخطورة

العامل قليل الخطورة

الاكتئاب الأعظم سوادا
والاضطراب الوجدانى
ثنائى القطب سواء اكتئابى أو مختلط

اليأس
الاكتئاب الشديد
الذهان الحاد

غياب أى وعكة نفسية
حادة
أن يكون المرض نفسى
معالج

الفصام

إدمان المخدرات

بيئة محيطة مساندة

إدمان المخدرات

عدم الالتزام بالعلاج

الالتزام بالعلاج

اضطرابات الشخصية
(بصفة خاصة الحديثة )

أعراض يصعب السيطرة
عليها

عدم الإقدام على
إدمان المخدرات

التاريخ ( المعلومات ) الشخصى :
1 – الحالة المرضية : Medical History
فوجود مرض عضوى قد يزيد من الفرص للانتحار خاصة إذا صاحب هذا المرض اضطرابات وظيفية أو عقلية أو ألم أو زيادة فى الاعتماد على الآخرين ، تأثر فى الحواس كالسمع والبصر  و أيضًا الامراض العصبية كالصرع والتصلب المتعدد ، بالإضافة إلى مرض هنتنجتون Huntington  و إصابات المخ والنخاع الشوكى ، كل هذه الأمراض مرتبطة أكثر من غيرها بفرص انتحار عالية .
بعض أمثلة لأمراض أخرى مرتبطة بنسب انتحار عالية :

  • مرض الإيدز ( نقص مناعة الجسم البشرى المكتسبة )
  •  الاورام الخبيثة .
  • قرح المعدة .
  • الذئبة الحمراء .
  • الفشل الكلوى المزمن الذى يحتاج إلى الغسيل الكلوى يوميًا .
  • أمراض القلب .
  • ضيق التنفس المزمن COPD
  • اضطرابات البروستاتا .

بالطبع إن الإقدام على الانتحار والمحاولات المتعددة بسبب مرض عضوى تكون فى وجود مرض نفسى مصاحب بالأخص الاكتئاب أو مجرد أعراض كالإحساس باليأس بالإضافة لصفات الشخص نفسه وطريقة معيشته وطريقته فى التعامل مع هذه الضغوط، بالإضافة إلى وجود الدعم الاجتماعى أو وجود ضغوط نفسية و اجتماعية أخرى ووجود تاريخ سابق لمحاولات الانتحار أو التصرفات الانتحارية ومعنى المرض وتصور المريض له بالإضافة إلى ذلك هل بدأت مؤخرًا أعراض الخوف التى بطبعها تزيد من خطور الانتحار ؟
بالرغم من أن اغلب هذه الأمراض من الوارد جدًا أن تكون سببًا فى الاكتئاب إلا أن هذا ليس شرطًا فإن من الطبيعى أن يشعر من اكتشفوا إصابتهم بهذه الأمرض ببعض الإحباط والحزن ولكن ليس من الضرورى أن يكونوا مرضى اكتئاب .
لذلك إذا تصادف إصابة أحد الأشخاص بمرض الاكتئاب بعد إصابته بمرض أو مزمن فإنه يتوجب علينا أن نعالج مريض الاكتئاب والبحث فى إمكانية إقدامه على الانتحار سواء كانت أفكار أو خطط أو نوايا جدية حيث أن هذا يعتبر خطأ شائع أن تقدر الأفكار الانتحارية فى هذه الحالات أقل من أهميتها .

سمات المرض العضوى المسبب للانتحار / المرتبط بالانتحار :

  • مرض مزمن
  • مرض عصبى : مؤلم

يسبب اضطراب وظيفى
يسبب اضطراب عقلى
يسبب التشوه
يزيد من الاعتماد على الآخرين

  • وجود مرض نفسى
  • وجود أعراض نفسية

بعض أسباب  زيادة التفكير في الإقدام على الانتحار عند مرضى الإيدز:
خرف الإيدز (انفلات مزاجي وسلوكي، اضطراب الحكم على الأمور والاندفاعية).

  • وجود مرض نفسي مصاحب.
  • محاولات انتحارية سابقة.
  • اكتئاب.
  • وجود أعراض كثيرة للمرض.
  • الوحدة
  • الاحتياج للدعم
  • السن الصغير.
  • وجود خسائر أخرى/ ضغوط (كالبطالة وفقدان أشياء عزيزة).
  • ضعف القدرة على التكيف.
  • اليأس
  • نمط استيعاب المريض

من العوامل الواقية من الانتحار عند هؤلاء المرضى:

  • أن يكون المرض في حالة تحسن.
  • أن يشعر المريض بأنه صحيح بدنيًا.

التاريخ العائلي:
قطعًا يؤثر التاريخ للعائلة من عدة نواحي في كلتا الحالتين التصرفات الانتحارية والانتحار الكامل.. فعامل الخطورة يزداد إذا تواجد تاريخ مرضي بالعائلة بالانتحار أو المرضى النفسي خاصة وإن كان ذلك من أقارب الدرجة الأولى.. ويضاف إلى ذلك العنف وسوء المعاملة والإهمال، فالعامل الجيني قد يكون له دور مهم.. مثلاً التوائم المتماثلين لديهم قابلية أعلى من التوائم المختلفين (Dizygotic) في حالات الانتحار الكامل ومحاولات الانتحار.. بعض الأبحاث التي أجريت على الأطفال المتبنيين من عائلات ليسوا أقاربهم مقارنة بأقرانهم الذين تربوا مع عائلاتهم فكانت النسب متشابهة إلى حد كبير comparable .. قد تكون هناك عوامل جينية مرتبطة بالانتحار مختلفة عن العوامل المرتبطة بالأمراض النفسية.
الحالة النفسية والاجتماعية:
وجود الدعم النفسي والاجتماعي والعاطفي من عدمه قد يحدث فرقًا عند التقييم لخطورة الإقدام على الانتحار.. الدعم الاجتماعي القوي يقلل منها وعلى العكس يقوي هذه الاحتمالية غياب هذا الدعم والوحدة والعزلة.. فوجود العائلة والأصدقاء والأشخاص المهمين في حياة الانسان له تأثير وقائي قوي جدًا سواء من محاولات الانتحار أو الانتحار الكامل.
قد يظهر تساؤل عن إدراك الشخص لذاته ونوع الشخص الذي يتمنى الارتباط به وهل ذلك يؤثر على التفكير في الانتحار:
للأسف الأبحاث المتاحة قليلة ولا تكفي لاعطاء إجابة قاطعة ولكن بعض الدراسات وجدت ارتفاعًا في نسب الانتحار في من يعانون من المثلية الجنسية وازدواج الميول الجنسية (Bisexual) خاصة عند الأصغر سنًا.. قد تكون من ضمن الأسباب العوامل الاجتماعية كنظرة المجتمع وموقفه من ذلك والاحساس بالتفرقة ضد المثليين والمثليات والوصمة الاجتماعية وعدم تقبل المقربين من العائلة والأصدقاء لهذا الوضع بالإضافة إلى gender nonconfirmity والاحساس بالعدوانية تجاههم.. أخيرًا فإن هؤلاء ليس لهم لمشاكلهم فإنه من المستحيل تغيير ذكر لأنثى أو أنثى لذكر مثلاً فإذا وضع مراهق يعاني من صراع مع هذه الأفكار وأدى ذلك إلى حدوث مرض الاكتئاب فهذا يعني أنه صار أكثر عرضة للإقدام على الانتحار.
تأثير الحالة الاجتماعية على الانتحار:
بصفة عامة كون الشخص متزوجًا يجعله أقل عرضة للانتحار ولكن يجب الأخذ في الاعتبار نوع هذه العلاقة.. فالزواج الملئ بالمشاحنات وسوء المعاملة يزيد خطورة في الإقدام على الانتحار.. لكن اجمالاً نستطيع أن نقول أن المنتحرين من غير المتزوجين ضعف المنتحرين من المتزوجين وأعداد المنتحرين من المنفصلين والمطلقين والمترملين تصل إلى 4 – 5 أضعاف أعداد المنتحرين من المتزوجين. لا نستطيع القول أن هذه علاقة سببية (سبب ونتيجة) فهل الأشخاص ذوو الخطورة الأقل للانتحار أقدر من غيرهم على إقامة علاقات وطيدة طويلة أم أن الأشخاص الذين يتمتعون بعلاقات وطيدة طويلة هذه العلاقة بمثابة وقاية لهم أم كليهما صحيح..؟ سؤال ليس له إجابة.
تأثير الحالة المهنية والوظيفية:
بالطبع يزداد الانتحار مع البطالة والأزمات المالية والمشكلات القانونية، فعند بعض الناس البطالة تعني خسائر مادية وفقدان للاستقرار العائلي والسكن وضغوط شخصية وزوجية شديدة.. وأيضًا الفقدان المتعدد للوظائف وصعوبات تحصيل الربح وما إلى ذلك قد يلفت النظر لوجود مشكلات نفسية أو بدنية أو اضطرابات شخصية تكون هى السبب الأولي لذلك حيث تظهر الفوضى في أماكن العمل وصعوبة التعامل مع الزملاء.. فإذا أضيف إلى ذلك كانت العوائق النفسية والاجتماعية مع الفقر مع غياب التعليم والتدريب والطفولة التعيسة نستطيع أن نقول أن الانتحارية والبطالة كل منهما يؤدي إلى الآخر.
ولكن هناك أعمال ترتبط بنسب أعلى للانتحار..
سوء المعاملة السابق أو الحالي:
الانتحار خطورته تصل إلى 10 أضعاف إذا تواجد سوء معاملة في فترة الطفولة سواء كان ذلك جنسيًا أو بدنيًا.. تزداد الخطورة أيضًا إذا كان هناك عنف من الأزواج/ الزوجات وتبلغ 4 – 8 أضعاف أكبر ممن لم يتعرضوا لأمر كهذا.
المعتقدات والانتحار:
الأفكار عن الموت والحياة والحياة الآخرة تتأثر كثيرًا بالمعتقدات الدينية والثقافية والاجتماعية.. وبالطبع المعتقدات والمواقف من الموت والانتحار قد يكون لها تأثير على نسب الانتحار الكامل والمحاولات الانتحارية..
فهناك ثقافات تعتبر الانتحار وسيلة مقبولة للتخلص من الخجل والألم والخزى والضغوط  والأمراض وهناك ثقافات تنظر للانتحار على أنه ذنب وجريمة.. وأخذ هذه الأمور في الاعتبار مهم جدًا أثناء تقييم احتمالات الانتحار فالمجتمع الأول يكون قرار الإقدام على الانتحار فيه سهل جدًا عند حدوث أى مشكلة كالفشل في الزواج أو فقدان مركز اجتماعي أما اعتقاد المجتمع الثاني يكون عامل وقائي ضد الانتحار.
هناك ثقافات أخرى تتعامل مع الانتحار كنوع من الشهادة سواء كان هذا كقربان ديني (religions devotion) أو للتعبير عن قضية وطنية أو سياسية.

وجود الأمل وتحديد أسباب وجود الانسان في الحياة:
هذه بالطبع عوامل وقائية ضد الانتحار.. قد يحدث جدال حول فقدان الأمل والتشاؤم بالتركيز على ما يملكه الانسان ودفع أفكار تفاؤلية قد يفسر ذلك من ضمن العوامل الوقائية وجود أطفال صغار أو وجود حمل والشعور بالمسئولية تجاه العائلة كأسباب للحياة عند من لديهم مجرد أفكار انتحارية.
اختصارًا:

عند وجود الصعوبات الآتية في الحياة الاجتماعية للفرد تزداد احتمالية الانتحار

خطورة عالية

خطورة منخفضة

غياب الدعم الاجتماعي

الطلاق/ الترمل

الزواج

هبوط المستوى

العلاقات المرتبكة

العلاقات المستقرة

الهجر العائلي/ الخلاف

الأداء الشخصي المنخفض

الأداء العالي

العنف في المنزل

الانعزال الاجتماعي

وجود دعم مجتمعي

وجود ظروف ضاغطة حالية

العلاقات الضعيفة

العلاقات العلاجية

عنف جسدي/ جنسي في الطفولة

استمرار هذا العنف

مساندة العائلة وغياب العنف

الأبعاد الحيوية العصبية للانتحار:
كما وجدنا أن هناك عوامل جينية هناك عوامل بيولوجية أيضًا.. كمثال وجدت بعض الأبحاث علاقة بين الانتحار والمستويات المنخفضة من نواتج أيض السيروتونين Serotonin metabolites وفي السوائل الموجودة في الجهاز العصبي 5 hydroxy indoleacetate المركزي لدى ضحايا الانتحار.. ويعتبر السيروتونين موصلاً عصبيًا في المخ مسئول عن تنظيم المزاج والادراك (المعرفة cognition ) .. واضطراب السيروتونين موجود في كثير من الاضطرابات النفسية وأكثرها ملاحظة الاكتئاب، وقد لوحظ حديثًا زيادة في مستقبلات السيروتونين 5 HT2A و polymorphism تعدد الأشكال في الجين المسئول عن تصنيع المستقبلات للسيروتونين وهى غير مرتبطة بتغيرات السيروتونين الموجودة عند حالات الاكتئاب بدون انتحار.
ودراسات أخرى ربطت بين الانتحار ووجود اضطرابات في (الجهاز) المنظومة الموصلة بين المهاد التحتي والغدة النخامية والغدة الكظرية وأيضًا هرمون النمو حيث تم اختباره عن طريق الأبومورفين الكيميائي    apomorphine بالإضافة إلى ذلك بعض الأبحاث عن النيوتروفينات neutrophins وهى جزيئات مهمة جدًا في تكوين المحطات العصبية                            (brain synaptic plasticity) ونمو وترميم الخلايا العصبية.. كما وجد مشكلات في مجموع هذه المركبات:
Brain derived neurotropic factors BDNF, neurotropic 3 NT3 and nerve growth factor N6F.
في أماكن معينة في المخ (prefrontal cortex / hippocampus) في حالات الانتحار الناجحة.. بالإضافة للاختلافات الجينية التي وجدت عند المنتحرين حيث اختلفوا في الوظائف الحيوية عن غيرهم من غير المنتحرين في التشريح ما بعد الوفاة مع توحيد عامل وجود اكتئاب.
(Gene expression in post mortem studies)
 إذا اجملنا الحديث فنستطيع أن نربط بين الانتحار والموصلات العصبية في الاكتئاب، بالإضافة إلى الاستعداد الوراثي وإن كانت هذه الأبحاث ما تزال في مهدها وتحتاج إلى المزيد لتحديد من يحمل الاستعداد الجيني للانتحار وأن العامل العصبي الحيوي أحد أهم العوامل في الانتحار.
الشخصية ونقاط قوتها وضعفها:
لا يوجد شئ يدعى “شخصية انتحارية” ولكن العادات المميزة للانسان وأسلوبه في مواجهة الضغوط نفسيًا وعاطفيًا ومهارات حل المشكلات و ردود الفعل السابقة في الضغوط واستخدام الموارد المتاحة خارجيًا وداخليًا في وقت الأزمات، كلها عوامل مهمة نستطيع أن نتوقع زيادة وخطورة التفكير في الانتحار من عدمه.. فمن ينقصهم مهارات التكيف والتعامل مع مشكلات الحياة بطريقة صحية يكونون أكثر عرضة للانتحار على عكس من يملكون هذه الطرق الصحية حيث سيكونون أكثر قدرة على معادلة هذه الضغوط وإيجاد حلول مناسبة للأزمات في الداخل والخارج.
في جانب الشخصية فهؤلاء الذين يتسمون بالاعتمادية وعدم المرونة والعدائية والعجز هم أكثر عرضة للانتحار، أيضًا من لديهم الجمود ومبدأ “كل شئ أو لا شئ” (All or non thinking) فهم يعانون من صعوبات في إيجاد الحلول للمشكلات إذا ما واجهوا ضغوطًا وحتى إن كانوا مترددين تجاه الانتحار فهم يرونه أحيانًا الحل الوحيد عندما لا يجدون حلاً آخر أو طرق أخرى للتخلص مما يواجههم.. أيضًا المثاليين الذين لديهم سقفًا عاليًا من التوقعات قد يكونوا أكثر عرضة للانتحار إذا ما واجهوا فشل أو تعرضوا للإهانة وأيضًا اليائسين والمتشائمين وذوي التفكير الكوارثي.
إجمالاً:

السمات الشخصية التي تزيد من فرص انتحار صاحبها

الأعلى خطورة

الأقل خطورة

غياب مهارات التكيف

غياب الاستبصار

الاستبصار

غياب حل المشكلات

الصلابة في التفكير والجمود

الشعور بالمسئولية تجاه العائلة

التشاؤوم

صعوبة التحكم في المشاعر

الواقعية

اليأس

المتلاعب

مهارات التكيف

المثالية

مهارات حل المشكلات

الجمود ومبدأ (أبيض وأسود)

المرونة

سهولة التحكم في المشاعر

ليس شرطًا
ليس شرطًا إذا عرفنا العوامل التي تزيد خطورة الإقدام على الانتحار أن نمنع كل المرضى المقدمين على الانتحار من التنفيذ.. فلا توجد عوامل محددة ثابتة تنبئ بالانتحار أو السلوكيات الانتحارية.
تحديد العوامل لا يعني بالضرورة تنبؤ كامل دقيق بما سيحدث وأن هذا المريض سيموت منتحرًا.. فقط نستطيع أخذ صورة مجملة لاحتمالات الانتحار التمييز من يجب إتخاذ اجراءات وقائية معهم لتجنب إقدامهم على الانتحار (فورًا) لذلك وجود وسيلة للقياس لهذه الأمور كالمقياس الذي نقدمه في هذا البحث (Tool for Assessment of Suicidal Risk) TASR وهو يعتبر وسيلة مفيدة جدًا في هذا الصدد.. بالإضافة إلى ذلك فإن عوامل الخطورة نستطيع جمعها لتقييم قدر الخطورة المتوقعة بطريقة أقرب.
بالطبع التوقع الدقيق لما سيحدث مستقبلاً سيكون صعبًا وإن قلنا المستقبل البعيد فسيكون مستحيلاً.
ما نستطيع فعله:
يجب أن نتذكر أن أغلب المرضى الذي يعانون أفكارًا انتحارية أو لديهم سلوكيات انتحارية لن يموتوا بإذن الله بالانتحار وسيفضلون الحياة عن الموت منتحرين.
وكما ذكر سابقًا في المقدمة فإن مسألة الانتحار معقدة وتتأثر بعدة عوامل وأن بعض هذه العوامل نستطيع التدخل لاستهدافها بالذات لو كنا نتعامل مع عامل كالأمراض النفسية وهذه نقطة يجب أن تراعي عند أخذ البيانات وإجراء الفحص العقلي للمرضى من قبل الطاقم الطبي وملاحظة نقاط القوة والضعف عند المريض.. تستخدم هذه النقاط لتقييم الخطورة المتوقعة لحدوث الانتحار وبالتالي الوقاية منه فهذه الخطورة قد تنخفض انخفاضًا شديدًا إذا كان السبب مرض عقلي تم علاجه.

إجمال ما سبق في أداة تقييم خطورة الانتحار
The Tool for Assessment of Suicidal Risk

يفترض من القارئ بعد الانتهاء من قراءة الفصل الثاني أن يكون قد فهم التشابك في تقييم الميول الانتحارية لدى المريض، ويهدف هذا الفصل أن يمد القارئ بالأداة التي سيستخدمها لتجميع المعلومات التي حصل عليها The tool for assessment of suicidal risk  للتقييم الإكلينيكي للانتحار .
صممت هذه الأداة لتلخيص ما قمنا به لتقييم مريض يحتمل إقدامه على الانتحار.. وهى مقسمة لثلاثة أقسام، القسم الأول خاص بالمعلومات الشخصية عن المريض، والقسم الثاني يحتوي على الأعراض، والقسم الثالث محادثة المريض وما تحتويه من معلومات مهمة حصل عليها من قام بفحص المريض.. لذلك تعتبر هذه الأداة سريرية Bedside
لكل نقطة مذكورة في أداة التقييم نستخدم علامة (نعم) إذا تماشت مع المريض أو (لا) إذا لم تتماش معه، وتحدد النتيجة بخطورة عالية أو متوسطة أو منخفضة .
ملحوظة:
وجود خطة للانتحار أو نية وإصرار على الانتحار تضعان المريض في الفئة عالية الخطورة بغض النظر عن وجود أى عوامل أخرى من عدمه.
نموذج:
القسم الأول (المعلومات الشخصية) *        نعم           لا

  • ذكر
  • العمر 15 – 35
  • العمر فوق 65
  • تاريخ عائلي للانتحار
  • مرض عضوي مزمن
  • مرض نفسي
  • غياب الدعم الاجتماعي أو العزلة الاجتماعية
  • إدمان المخدرات
  • إعتداء جنسي أو جسدي

القسم الثاني: الأعراض **         نعم           لآ

  • أعراض اكتئابية
  • وجود أعراض ذهانية نشطة
  • اليأس
  • شعور بعدم القيمة
  • شعور بعدم متعة الحياة
  • قلق أو تهيج
  • نوبات فزع
  • غضب
  • إندفاع

القسم الثالث: معلومات من المحادثة ***

  • استخدام مواد مخدرة
  • أفكار انتحارية
  • نوايا انتحارية
  • سهولة الوصول لوسيلة مميتة
  • سلوكيات انتحارية سابقة
  • مشاكل حالية تبدو غير محلولة للمريض
  • هلاوس سمعية آمرة بأشياء عدوانية أو انتحارية

طريقة الاستخدام:
تستخدم النجوم لتقدير خطورة الانتحار، لذلك أخذ القسم الأول نجمة واحدة والثاني نجمتين والثالث ثلاث نجوم، فكلما زادت النجوم كلما زادت قيمة القسم، فيؤخذ في الاعتبار المجموع العام وقيمة الأقسام.

  • القسم الأول: المعلومات الشخصية:

يحتوي القسم على عمر المريض، بياناته الديموجرافية وتاريخه الشخصي والمرضي والعائلي وظروفه الاجتماعية والنفسية. فكثيرًا من الناس لديهم نفس العوامل وليست لديهم ميولاً انتحارية، فالعوامل ينظر إليها في سياق الحالة الإكلينيكية.

  • القسم الثاني:

هذا القسم يتتبع الأعراض الظاهرة على المريض في الوقت الحالي أيضًا في سياق الحالة الإكلينيكية، فليس كل من لديه هذه الأعراض لديه ميولاً انتحارية.. ولكن عرف عن هذه الأعراض أنها ترتبط بانتحارية عالية.

  • القسم الثالث:

هذا القسم يقيم العوامل الحالية (الحادة) التي يلاحظها الطبيب على مريضه في وقت التقييم والتي تضع المريض في وضع الخطورة الانتحارية العالية بغض النظر عن وجود العوامل الأخرى من القسمين السابقين أم لا.
التقييم الكلي:
هو يظهر بصفة عامة نسبة انتحارية المريض بثلاث درجات هى عالي، متوسط، منخفض.
الانتحار في الشباب
تلعب الثقافة والمجتمع دورًا هامًا في توقع اختبارات الحياة العادية أو المهمة التي يمر بها المراهق في أكثر من موضوع.. في كثير من الثقافات تعتبر فترة المراهقة هى فترة تغيير وتحمل لمسئوليات جديدة كالتخطيط والتحضير للمستقبل.. من ضمن ذلك اعتناقهم لأفكار وطرق مختلفة للتعبير عن أنفسهم، ضغوط الحياة في البيت والمدرسة والعمل ومن قبل الزملاء ومن المجتمع كلها جزء من النمو الطبيعي الذي يمر به المراهق ويساهم في إضافة خبرات ومهارات جديدة في حياته.
أغلب المراهقين والشباب يتغلبون على هذه المرحلة بنجاح مع بعض الكبوات البسيطة ثم يكبرون وينطلقون في حياتهم بنجاح، بالطبع بعضهم سوف يواجهون صعوبات في الانتقال من الطفولة إلى النضج والبعض قد لا ينتقلون من الأصل.
الانتحار في صغار السن مثله مثل الانتحار في الكبار معقد وله عدة عوامل ديناميكية مرتبطة بالأحداث الحاصلة لكل حالة منفردة، وعلى الرغم من تشابه عوامل الخطورة إلا أن هناك بعض عوامل الخطورة لها دلالات خاصة عند صغار السن يجب أن تؤخذ في الاعتبار وسيتبع ذكرها في هذا الفصل.
في الدول الغربية يعتبر الانتحار من أهم ثلاثة أسباب للموت في الفئة العمرية من 15 – 45 سنة. وتزداد خطورة الانتحار الكامل (في المراهقة المتأخرة و أوائل العشرينيات). في أغلب الدول يعتبر الذكور أكثر عرضة للموت بسبب الانتحار أما الإناث فهن الأكثر إقدامًا على محاولات الانتحار من الذكور.. في الولايات المتحدة نسبة انتحار الذكور للإناث في الفئتين (15 – 19) و (20 – 24) (4 : 1) (6 : 1) على التوالي.
تعتبر الزيادة الحادة في الانتحار عند المراهقين مع التقدم في السن بسبب زيادة تعرضهم لحدوث اضطراب نفسي كبير (شديد) حيث في الولايات المتحدة بلغت نسبة المنتحرين الذين لديهم تشخيص لمرض نفسي وقت الوفاة حوالي 90%، في كثير من الحالات ظهر هذا الاضطراب النفسي قبل سنتين أو أكثر.. لكن هذه البيانات يصعب تعميمها بسبب عدم توافر معلومات بهذا الشأن في دول أخرى وثقافات وديانات أخرى.
أكثر الاضطرابات النفسية ارتباطًا بالإقدام على الانتحار هى الاضطرابات المزاجية كالاكتئاب والهوس ومادون الهوس والنوبات المختلطة بالأخص إذا اجتمعت مع إدمان الكحول أو مخدرات أخرى، والاضطرابات السلوكية بالأخص الذكور الذين لديهم اضطراب في السلوك (اضطراب الشخصية) والإناث اللاتي يعانين من نوبات اكتئاب.
الأعراض النفسية المصاحبة لزيادة الانتحارية عند الشباب تكاد تماثل البالغين ولكن بعضهم له أهمية خاصة كالاندفاع واليأس والتهيج والتوتر والعنف والعدوانية، ويؤخذ في الاعتبار أيضًا ضعف الثقة بالنفس وضعف تقدير الذات ولوم النفس والتقييم السلبي للذات.
يضاف إلى ذلك تاريخ سابق لميول انتحارية والتاريخ العائلي خاصة عند الآباء للاضطرابات النفسية خاصة الاكتئاب والإدمان للمواد المخدرة وضعف التواصل بين الشاب و والديه والضغوط التي يمارسها الوالدان وتوقعاتهم خاصة إذا كانت غير منطقية وغير مرنة (فجوة الأجيال) بالإضافة إلى الضغوط التي يمارسها المجتمع.
عامة الأفكار الانتحارية شائعة بين المراهقين.. أغلب المراهقين سيفكرون في إنهاء حياتهم أثناء أو بعد ضغط هائل تعرضوا له، ولكن القليل منهم سيحاول جديًا إيذاء نفسه، والقليل جدًا سيقدمون على الانتحار الفعلي.
في سن المراهقة الأفكار الانتحارية لا تعني وجود اضطراب نفسي ولكن إذا وجدت في سن الطفولة فهذه علامة خطر تدعو إلى الانتباه.. لأن مفهوم الفناء والموت غير مفهوم بشكل كامل عند الأطفال، هنا خطورة إقدام الطفل على الانتحار فقد يقوم بذلك غير مدرك أنه لا يستطيع العودة من الموت.
على العكس منه فإن التصرفات الانتحارية غالبًا ما يكمن وراءها اضطراب نفسي مثال لذلك الاضطرابات المزاجية والقلق والاضطرابات السلوكية والإدمان، تكثر التصرفات الانتحارية عند الفتيات أكثر من الفتيان ولكنها عامل خطورة مهم بالنسبة لمحاولات الانتحار الكاملة عند كليهما (الفتيات والفتيان).
هذه التصرفات الانتحارية ومحاولات الانتحار الكاملة غالبًا ما تسبقها أحداث ضاغطة عند المراهقين كفشل علاقة أو رفض من الزملاء أو الأصدقاء والصعوبات التي يواجهها المراهق في المنزل والمدرسة والمشاكل القانونية.. بصفة عامة يعتبر المراهقين أقل استبصارًا من البالغين وأكثر اندفاعية..  وتتسم سلوكياتهم وطرق تكيفهم بعدم النضج.
من المهم جدًا تقييم الضغوط الحالية على المراهق من وجهة نظره مع الأخذ في الاعتبار الخلفية الاجتماعية والثقافية والدينية ومستوى النضج الشعوري وخبراته و وجود تعقيدات نفسية أو معرفية لدى المراهق، وقد يشمل ذلك الآتي:

  • تعرضه أو استقباله للخزى والإهانة.
  • تعرضه أو استقباله للعنف المدرسي أو الرفض والتمييز السلبي.
  • تعرضه أو استقباله للفشل.
  • تعرضه أو استقباله للخوف من فقد شخص عزيز لديه.

مع كثرة التغيرات التي تحصل في سن المراهقة نجد صعوبة في تمييز التغيرات التي ستمر بسلام من التغيرات الخطرة.. وقد يكون هذا تحديًا للطبيب، إذا تواجد في خلفية المريض الاجتماعية من الأصدقاء والأقارب من يعاني مرضًا نفسيًا كالاكتئاب أو الفصام أو إدمان المخدرات سيلتقطون علامات تحذيرية أن الأمور ليست على مايرام في هذه الشهور الأخيرة أو حتى السنوات قبل أن يطلب الشخص المشورة من طبيب نفسي.
هذه العلامات التحذيرية تندرج تحت آلام النضوج (growing pains) إلى أن تصل المشكلة التي تسبب هذه الظواهر.. تظهر هذه العلامات على حدى في أوقات متفرقة عند أغلب إن لم يكن كل المراهقين، أغلبها غير محددة ومبهمة وإن ظهرت بمفردها قد تكون جزء من مرحلة النضوج التي يمر بها المراهق، تكون هذه العلامات إشارة لوجود خطورة إذا ظهرت في صورة تغيير ملحوظ على شخصية أو تصرفات أو الأداء الوظيفي للمراهق، هذا التغيير قد يعطي إشارة لبداية مرض نفسي أو عصبي كالصرع والاضطرابات المزاجية أو اضطرابات القلق أو إدمان المواد المخدرة أو صعوبات التعلم لم تلحظ من قبل ونادرًا الفصام.. أيضًا قد يكون ذلك إشارة لوجود ضغط هائل أو صدمة شديدة يتعرض لها المراهق أو الطفل في الوقت الحالي أو وجود مشكلة صحية (عضوية).
هذه العلامات هى:

  • تغيرات في البيت أو المدرسة أو العمل والمحيط الاجتماعي.
  • تغيرات في الشخصية.
  • تغيرات سلوكية.
  • الانسحاب من العائلة.
  • الانسحاب من الأصدقاء أو العلاقات الاجتماعية.
  • فقدان الاستمتاع بالأنشطة التي كانت ممتعة في السابق.
  • إهمال المظهر الخارجي.
  • تغيرات في الوزن.
  • اضطرابات في النوم.
  • تناول المخدرات أو الكحوليات.
  • تغيرات مزاجية مثل اليأس والحزن والانقباض.
  • التهيج والغضب والعدوانية.
  • زيادة الصعوبات في التحكم في المشاعر.
  • الانشغال الزائد بالموت والمتوفين بالانتحار.
  • الانشغال بالانتحار والموت أثناء الحوارات والعمل المدرسي والأعمال الفنية.
  • أن يشغل اليأس الحوارات والعمل المدرسي والأعمال الفنية.
  • التخلي عن المقتنيات المهمة.

تُرى متى نهتم؟

  • هل ظهر تغير ملحوظ في سلوك الطفل أو المراهق أو أداؤه في البيت أو المدرسة أو مع الأصدقاء؟
  • هل صرح عن أمنية ظاهرة أو خفية للموت أو احساس باليأس؟

إذا كانت الإجابة نعم نبحث عن:

  • بداية أو ظهور اضطراب نفسي أو ذهاني.
  • اضطراب عضوي.
  • ضغوط نفسية أو اجتماعية.
  • صعوبات في الاحتمال والتكيف وضعف مهارات حل المشكلات.

عند البالغين البحث عن هذه العوامل لا يعني شئ محدد، هل سيحاول هذا الشخص الانتحار أم لا، ولكنها تساعد في السن الصغيرة في تقييم الخطورة واختيار طريقة تدخل ملائمة.
التاريخ العائلي للمرض النفسي والانتحار:
وجود تاريخ عائلي يزيد من خطورة إقدام المراهق على الانتحار، بعض هؤلاء قد لا يعلمون شيئًا عن هذا التاريخ وآخرون يعلمون ولكن يترددون في التحدث في هذه الأمور لذلك أخذ معلومات من الأقارب مهم جدًا.
وجود ميول انتحارية عند هذا المراهق:
يتردد كثير من المراهقين قبل أن يذكروا للآخرين وجود أفكار أو خطط انتحارية.. هذا التردد يزيد إذا ما شعر المراهق أنه مدفوع لأن يبوح أو يشارك أفكاره أو عندما لا يلجأ المراهق إلى الرعاية الطبية.. لذلك يعتبر أخذ تاريخ مرضي مواز من ولى الأمر إجراء روتيني عند فحص المراهق ويجب أن تجري المقابلة مع المراهق وولي الأمر كل على حدى.
السرية في سن المراهقة:
يتردد المراهقون كثيرًا قبل أن يتكلموا عن حياتهم الشخصية مع الطبيب، فإذا اعتقد أن ما سيقوله سيسبب المشاكل له أو لأصدقائه سيحجم عن الحديث تمامًا ظنًا منه أن الطبيب سيبلغ كل ما يقوله إلى أهله.. قد لا تظهر هذه المخاوف أمام الطبيب لكنها موجودة ومهمة بالنسبة للمراهق.. فمثلاً إذا ذكرنا حالة المراهق الذي كان يعاني من اكتئاب وميول انتحارية وكان قد تناول سيجارة مخدرات أو مادة مخدرة مع علمه أن تدخين هذه المواد يعتبر خطيئة بالنسبة لعائلته ولتعاليم دينه وعلى الرغم من أنه لم يتمادى إلا أنه لم يتكلم إلا حين ضمن سرية ما سيقوله للطبيب وقد أثر ذلك إيجابيًا على نتائج العلاج، والقاعدة الذهبية هنا هى أن نخبر المراهق أن كل ما يدور في الجلسة العلاجية سري إلا لو ذكر شئ سيؤدي إلى إيذاء أو ضرر للمراهق كالانتحار.. حينها يخبر ولي الأمر ولكن بطريقة فيها الدعم والاحترام لمريضه المراهق.
مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية SSRI والانتحار لدى المراهقين:
أظهرت بعض الأبحاث والأوراق العلمية التي تحاول إثبات أن استخدام الـ SSRI يزيد من نسب الانتحار في المراهقين لكنها لم تفلح في إثبات ذلك، وعلى العكس من ذلك فإن دور هذه المجموعة في علاج الاكتئاب قد ساعد في تخفيض نسبة الانتحار ولكن يجب أن نتذكر أن حدة الأفكار الانتحارية وإيذاء النفس قد تزيد عند البعض ولذلك يتوجب أن توصف هذه العلاجات بأيد خبيرة ومع متابعة مناسبة للمريض.
مقياس الاكتئاب عند المراهقين
هذا الاختبار يقوم المراهق بالإجابة عليه بنفسه من سن 12 – 18 سنة، لكن للأسف فهو محدود وغير معروف من ناحية الصلاحية والمصداقية والحساسية للتغيير في هذه المرحلة العمرية، حيث أن المقاييس التي يجريها المريض بنفسه تعطي معلومات مهمة بسهولة وبدون تكلفة لذلك ظهر الاحتياج لاختبار سريع وله صلاحية وحساسية للتغيير لقياس درجة الاكتئاب عند المراهق وبإمكان هذا الاختبار التمييز لحالات الانتحار المصاحبة للاكتئاب..
ملخص تقييم الميول الانتحارية عند المراهقين:

  • تحديد من هم أكثر عرضة للخطر والتقاط العلامات التحذيرية.
  • إذا كان المراهق منخفض الخطورة الانتحارية سنكتفي بالمراقبة.. أما إذا كان متوسط الخطورة إلى مرتفع فنبدأ بتأمينه من الانتحار ونلجأ إلى:
  • حجز بمشفى نفسي بسبب نوبة حادة من المرض النفسي.
  • حجز بالمشفى للمتابعة ولتقييم الحالة.
  • محاولة التدخل والتعامل مع عوامل الخطورة القابلة للتغيير.

المشاكل التي عادةً تواجه الفريق الطبي أثناء تقييم الميول الانتحارية:
المريض الصعب:
يتحدى الأطباء المقيّمين للانتحار نوعين من المرضى.. النوع الأول هو من لديه خطورة انتحارية منخفضة ولديه محاولات عديدة لإيذاء النفس أو محاولات انتحارية غير مميتة، والنوع الثاني هو من لديه انتحارية مزمنة.
عادة ما يصاحب النوع الأول حالة من عدم الاستقرار في المشاعر أو مهارات ضعيفة في حل المشكلات، وهذا يضغط على العاملين معهم بحيث يتم التقييم وتقديم العلاج لهؤلاء دون أن تنتقل مشاعر العاملين إلى المرضى أو تؤثر على مستوى الرعاية المقدمة إليهم.
أمثلة:

  • الحروق والجروح القطعية السطحية في مناطق لا يمثل جرحها خطرًا على الحياة.
  • إحداث إصابة غير مميتة كقطع إصبع أو صوان أذن.
  • أخذ جرعات غير مميتة من علاج غير خطر أو كحول مثل 5 حبات منوم أو ثلاث أضعاف الجرعة الموصوفة أو أخذ بضع حبات من الفيتامينات.

يجب أن نتذكر:

  • أن المحاولات الانتحارية السابقة هى عامل خطورة للانتحارية الحالية.
  • كثيرو المحاولات الانتحارية غير المميتة يموتون بالانتحار.
  • كثير من هؤلاء لديهم اضطراب نفسي يسبب لهم ذلك السلوك.
  • استمرار هذه المحاولات قد يعني ضعف الاستجابة للعلاج الحالي.
  • أكثر هؤلاء يمرون بظروف نفسية واجتماعية قابلة للتدخل والتغيير.

أما النوع الثاني من مزمني الانتحار فلديهم أفكار انتحارية يومية، قد تكون هذه الأفكار في مد وجزر وفترات الخمول لهذه الأفكار عادة ما تكون قصير جدًا ومرتبطة جدًا بالظروف النفسية والاجتماعية المحيطة بالمريض، وقد يقومون بإيذاء أنفسهم وقد يحجمون.
يجب أن نتذكر أن:

  • الأفكار الانتحارية عامل خطورة للانتحار.
  • مقولة “من يتكلمون عن الانتحار لا يقدمون عليه” خرافة.
  • من لديهم انتحار مزمن عادة ما يموتون به.
  • أغلب من يعانون من الانتحار المزمن يعانون أيضًا مرضًا نفسيًا أو ذهانيًا قابلاً للعلاج.
  • أغلب هؤلاء المرضى لديهم ظروف نفسية واجتماعية قابلة للتعديل.

يجب أن ينتبه المعالج لعدة أمور:

  • أن يتفهم مشاعر المريض وردة فعله معرفيًا وسلوكيًا:

من هذه المشاعر الغضب والكره والإحباط و الإزدراء و اليأس و عدم الكفاءة و القلق و الخوف و الغيظ.
من ضمن الأخطاء السلوكية الشائعة:
هذا المريض شخص ضعيف – شخص مقزز – شخص مضيع للوقت – فقط يحاول جذب الانتباه – يحاول استغلالى – يخادعني – لم لم يمت بعد – أكره هذا الشخص – أنا غير كفء لمعالجة هذا المريض – هذا المريض يشعرني بعدم الكفاءةو انعدام القيمة – إذا قتل هذا المريض نفسه سأكون أنا المذنب – يتوجب علي حماية هذا الشخص – يتوجب علي أن أحافظ عليه.
من ضمن الأخطاء السلوكية الشائعة:
التجنب – الرفض – الاندماج الزائد – الحماية الزائدة – الرعاية الزائدة و اتخاذ دور أبوي.
يتوجب على المعالج أن يتعلم كيف يدير ردوده الشعورية و النفسية ليمكنه ذلك من التفكير العميق و الحكم غير المتحيز على المريض بالإضافة إلى أخذ قرارات موضوعية لأفضل مصلحة للمريض، مع الاستعانة بمشورة زملائه الأكثر خبرة.

  • تجنب الأفخاخ الشائعة:

كالشعور الزائد بالمسئولية تجاه المريض – اعتمادية المريض – الخداع و المراوغة – غياب الحدود الشخصية – التشابك ( التورط الزائد ) – التجنب – تمكن المريض الزائد – الاحتراق (Burn out  ).
غالبًا ما يلجأ ذوو القدرات الضعيفة في حل المشكلات للسلوكيات الانتحارية كوسيلة للتفاوض وهو يطلق عليه الانتحارية المراوغة، و هي وسيلة للهروب عند مواجهات صعوبات يشعر المريض تجاهها بقلة الحيلة. و أحيانًا يستخدمون التصرفات الانتحارية كتهديد أو كخدعة لجذب الانتباه، لتغيير العلاج، للحجز أو الخروج من المشفى.
أحيانًا يصاحب هذه التصرفات اضطرابات الشخصية كالشخصية الحدية حيث إيذاء النفس سمة سلوكية أساسية، مثال لهذه التصرفات حرق أو قطع الجلد، جرعات زائدة غير مميتة مما يضع ضغوط هائلة على العائلة و الأصدقاء و الزملاء و يتشابك ذلك مع محاولة تأمين هذا المريض مما يجعلهم يمكنون المريض من الإقدام على هذه التصرفات و تشجيعه غير مدركين ذلك.
من المهم للمحيطين بهذا المريض أن يستطيعوا التفريق بين السلوكيات التي تهدف إلى إيذاء النفس، والسلوكيات الانتحارية و الانتباه إلى أن بعض سلوكيات إيذاء النفس قد يتصادف أن تؤدي إلى نتائج خطيرة و ربما قاتلة كابتلاع كمية كبيرة من الاسبرين أو الاسيتامينوفين مما يؤدي إلى الموت أو إحداث ضرر جسدي بالغ دون اللجوء إلى رعاية طبية.
هناك الأعراض النفسية التي تؤدي إلى الانتحارية المزمنة كاليأس و الاكتئاب و الهلاوس السمعية في الاضطرابات الذهانية التي قد يساعد فيها العلاج النفسي سواء العلاج المعرفي السلوكي لليأس أو مضادات الذهان في الفصام مما يقلل من الميول الانتحارية نوعًا، على أن يعاد تقييم المريض و العلاج الذي تلقاه سابقًا ويتلقاه حاليًا من حيث كفاءة العلاج و الالتزام به و الأعراض الجانبية من أجل إجراء تعديلات إن احتاج المريض إلى ذلك.
أحيانًا توجد أمراض نفسية كامنة كاضطراب ثنائي القطب من النوع الثاني و الاضطراب المزاجي المسمى Dysthymia  (عسر المزاج أو الاكتئاب المزمن).
و ليس غريبًا أن يجد المعالج نفسه تعرض للمراوغة أو تورط في التشابك الشعوري مع المريض، ولذلك يصعب الاستمرار فى العلاقة العلاجية مما قد يجعل المريض يعاني الاعتمادية على الطبيب بسبب الرعاية المستمرة و هي علاقة غير صحية تجعل العلاقة العلاجية مجهدة و غير مرضية للمعالج و تؤثر على علاج المريض.
و يجب تحويل المريض إلى معالج آخر إذا بدأ المعالج فى التأثر بسبب علاقته السابقة بالمريض أو ردود فعله تجاه المريض، ويجب شرح هذه الظروف للمريض و المعالج الذي يتم استشارته.
و الانطباعات المأخوذة عن طرق العلاج و التدخل يجب أن تكون واضحة و أن يعرفها المريض و أقرباؤه وكل الفريق المعالج حتى لو كانت لهم علاقات متقطعة مع المريض.
و إذا أردنا أن نعرف سبب إقدام بعض الأفراد على تصرفات إيذاء النفس، فهي أسباب متفرقة وتختلف من شخص لآخر بعضهم يشعر بشيء من الخدر أو الارتياح من الألم النفسي بعد الإيذاء البدني، و آخرون يشعرون بالسعادة (euphoria ) بعد إحداث جروح قطعية بأبدانهم، و آخرون يعتبرونها عقاب للذات أو تفريغ للغضب أو للضغط على الآخرين خاصة أحباؤهم، فحينها سيمثل شعور المعالج بالغضب من المريض عائقًا أمام إجراء تقييم موضوعي و دقيق للمحاولة الانتحارية، فالانتباه للمشاعر الشخصية بالغ الاهمية ولا ننسى أن التاريخ الطويل للمحاولات غير المميتة لا ينفي أن تكون هذه محاولة خطرة جدًا.
و في نفس الوقت يتوجب الحذر من شرك المراوغة و يساعد على ذلك إلتقاط عوامل الخطورة المميتة الموجودة في مقياس الاكتئاب عند المراهقين ، وفي حالة عدم التأكد يفضل اللجوء للملاحظة الجيدة للمريض لمدة قصيرة تتراوح من ساعات ليوم للتأكد من خطورة الميول الانتحارية لدى المريض.

الوقاية من الانتحار

هناك نوعان من الخطط للوقاية

  • خطط جماهيرية
  • خطط فردية

1 – الخطط الجماهيرية:
تتلخص في التشخيص المبكر و العلاج الفعال للأمراض النفسية والذهانية بالأخص الاضطرابات المزاجية و إدمان الكحوليات و المواد المخدرة بالإضافة إلى تقنين وصول المواد الخطرة ( المميتة) إلى أيدي الأشخاص العاديين مثل معالجة الغازات التي تستخدم  لأغراض منزلية و تقنين اقتناء أسلحة نارية و تقليل الحصول على المبيدات الحشرية و الزراعية القاتلة ( السامة ) مثل الباراكوات paraquat  .
وهناك وسائل أخرى مثل توفير خط ساخن للانتحار، و وضع برامج مدرسية تثقيفية عن الانتحار لكن لم يكن لها تأثير جوهري.
و البرامج القومية للشباب لم تظهر نتائج واضحة، و توفير الخدمات للصحة النفسية قد يكون لها تأثير إيجابي.
2 – الخطط الفردية:
تبدأ أيضًا بالتشخيص المبكر و العلاج الفعال و التقاط علامات الانتحار مبكرًا و تمييز الأشخاص الأكثر عرضة للانتحار للتدخل المناسب لهم، و وضع خطط محددة لتغيير عوامل الخطورة القابلة للتغيير.

التدخل في حالات الانتحار

يحتاج أي مريض لديه علامات منذرة بالانتحار للخضوع للتقييم لهذه الميول الانتحارية، ويستخدم مقياس الاكتئاب للمساعدة فى تقدير شدة هذه الميول و تحديد مستوى العناية التي سيتلقاها المريض وما هو التدخل المطلوب؟
الأساسيات المطلوبة للتدخل:
توفير الأمان و الحماية، و الدعم، و التدخل المستهدف ( الموجه )
1 – توفير الأمان والحماية :
حماية المريض من الأذى و الضرر هي الضرورة الأولى هنا، و يفضل أن يتم ذلك فى المشفى لحالات الانتحار الحادة، و نستطيع في حالة رفض المريض أو عدم استبصاره الاستعانة بسلطة رسمية لتوفير بيئة آمنة للمريض لذلك يجب على المعالج أن يكون على علم بالاجراءات المطلوبة للحجز الإلزامي.
بالنسبة للمرضى الذين قاموا بمحاولة انتحارية فاشلة فيجب أن يخضعوا للفحص الطبي و الاطمئنان على استقرار الحالة مبدئيًا
A   airway                          B  breathing                       C  circulation
مجرى الهواء                                التنفس                      الدورة الدموية
و التدخل لعلاج الاضطرابات الناتجة عن هذه المحاولة كاضطرابات الأملاح و ضربات القلب و التدخلات الجراحية صغرى  وكبرى، الدفع بالمريض للقيئ في حالات الجرعات الزائدة، ويستحسن أن يتم ذلك في المستشفى ويجب على الطبيب  الباطني أن يكون واعيًا بأن هذا المريض لديه ميول انتحارية و أن ينبه على كل الطاقم الطبي بوضع هذا المريض؛ لاتخاذ اجراءات السلامة المناسبة مثل منع المريض من الحصول على حزام او مقص و الحرية في الحركة التي تسمح له بالقفز من عل، و المرضى الذين لديهم ميول انتحارية خطرة عادة ما يحتاجون إلى ملاحظة لصيقة و متابعة دورية من الطاقم الطبي على الأقل مرة واحدة يوميًا، والانتباه لحدود حرية حركة المريض و مستوى نشاطه و مشاركة نشاط القسم و حصوله على بعض الامتيازات بالإضافة إلى استشارة من معالج نفسي أو صحة نفسية.
في حالة عجز المعالج عن إجراء تقييم كامل أو دقيق للمريض ذي الميول الانتحارية حتى لو أنكرها يفضل أن يدخل المريض في قسم مختص للتعامل مع هذا الوضع فترة من 8-12 ساعة، أيضًا من تسمموا جراء محاوة انتحارية يجب الانتظار حتى شفائهم من السم ثم إعادة تقييمهم، و لا يوجد أي استثناء على الإطلاق يسمح بخروج المريض الذي تعرض للتسمم أثناء انتحاره سواء كان بمفرده أو مع أحد.
2 – ثانيًا توفير الدعم:
أما بالنسبة للمرضى الذين لديهم مجرد أفكار انتحارية أو تصرفات إيذاء النفس و لا يحتاجون إلى البقاء في المستشفى فلا يسمح لهم بالخروج قبل ترتيب بيئة آمنة وداعمة لهم مما يحتم فى بعض الحالات الاستعانة بالأهل أو الأصدقاء و نغلب كفة الأمان و السلامة للمريض على كفة السرية.
عادة ما يحوز المريض إهتمام عائلته و أصدقائه، وعادة ما يرغبون فى الاطمئنان على صحته ويدفعهم هذا إلى الشعور بالحيرة و التردد تجاه ما يجب وما لا يجب فعله أو قوله ، و يتوجب في هذه الحالة استخدام التثقيف اللازم لهم عن الانتحار و التوقيت الذي يحتاج فيه مريضهم للحجز بالمستشفى و خطط علاجية طويلة الأجل.
في حالة إحالة المريض من عيادة المعالج إلى مشفى برفقة شخص بالغ مسئول يجب التأكد أن هذا الشخص يستطيع توفير الحماية وسرعة التصرف في حالة تدهور المريض، يشمل ذلك توفير البيئة الآمنة في البيت، و معرفة الوقت الذي يتوجب فيه العودة بالمريض إلى المشفى.
بعد خروج المريض يعاد التقييم في ظرف 24-48 ساعة و في حالة توفر خدمة للطب النفسي يقيم المريض من قبل مختص و يدون كل ما فعله المريض بالتفصيل.
نذكر هنا أيضًا عقد الوقاية من الانتحار و هو بمثابة عقد بين المريض و معالجه يمنع الضرر و هو يعتمد على قوة العلاقة العلاجية بينهما، هذا العقد بالطبع لا يغني عن التقييم المعتاد للميول الانتحارية لكنها مهمة في حالات الطوارئ و التهيج و الاندفاعية و حالات الذهان والتصرفات الاندفاعية و التسمم و صعوبات الفهم ، و بعد كل شيء نعتمد على التقييم الإكلينيكي clinical judgement .

ثالثًا التدخل الموجه:
فورًا بعد تقييم المريض و توفير الأمان و الحماية تظهر ثلاثة أمور علينا التدخل لحلها وهي :

1 – مرض نفسي خطير.
2 – ضغوط نفسية واجتماعية حديثة و مزمنة.
3 – أنماط مضطربة لدى المريض في التفكير أو المشاعر أو السلوك.

وقد تجتمع هذه الأمور الثلاثة.
1 – المرض النفسي مثل:
الاضطراب الوجداني                                       الإدمان
الاضطرابات الذهانية                                       القلق و اضطراباته
2 – الضغوط النفسية و الاجتماعية:
سواء كانت مزمنة أو حادة أو الاثنين معًا.
3 – الأنماط المضطربة:
العنف – التصلب وقلة المرونة- التفكير المضطرب و كذلك المشاعر و السلوكيات و التأقلم المضطرب.
بالنسبة لعلاج الأمراض النفسية فإن علاج الاكتئاب خاصة استخدام الـSSRI  يقلل من معدلات الانتحار في الغالب و استخدام مضادات الذهان الحديثة ( غير التقليدية) بالأخص الكلوزابين clozapine لها دور إيجابي في الاضطرابات الذهانية.
مع ذلك يراعى المتابعة للعلاج السابق والعلاج الحالي و التزام المريض به و التعامل مع الأعراض الجانبية.
في حالة الضغوط النفسية و الاجتماعية  يستحب توفير الدعم للمريض بالإضافة لتوفير فترة راحة للمريض و مساعدته على تبني أنماط مختلفة و استعادة القدرة على التأقلم من جديد و الاستبصار بحلول أخرى و اختيارات أخرى غير الانتحار.
أيضًا سيكون العلاج النفسي من الأشياء التي لها أثر إيجابي في التركيز على مهارات المريض و حل المشكلات و أشهر مثال العلاج المعرفي السلوكي CBT
بالطبع لا توجد وصفة محددة لحل مشكلة الانتحار.

<p “=”” dir=”rtl”>ما بعد التدخل في الانتحار
* ادعم                                                       * استشر
* تعلم                                                        * علم
1 – الدعم:
دعم الأشخاص لزميل لهم أقدم أحد أقاربه على الانتحار ، أو دعم المعالجين لزميل لهم واجه مشكلة أثناء التعامل مع الحالات.
قد يرفض البعض معاينة حالات أخرى أو يشعر باليأس، فيكون الدعم حينها مساعدة لطيفة لهذا الزميل.
2 – التعلم:
يجب ألا تمر وفاة المريض دون أن نتعلم من ذلك، سنستفيد أحيانًا من مشرحة المستشفى حيث تتوفر مراجعة الحالات من ضمن ذلك حالات الانتحار، ويفضل أن تتم مناقشة علمية من قبل عدد من المعالجين الأكثر خبرة.
3 – الاستشارة:
حيث يكون ذلك بمثابة الدعم لأهل المريض، فهم يعانون من الشعور بالذنب، قد نحتاج إلى لجلسة أو اثنتين لا أكثر لمناقشة الأمر كي تمر فترة الحداد بسلام.
مثلاً وجود أطفال لأم منتحرة مشكلة ليست هينة و من الوارد أن يعانوا من الكوابيس و اضطرابات في النوم و مشاكل جسمانية Psychosomatic disorders
فهؤلاء سيكونون بحاجة إلى جلسات متعددة سواء مع معالجين أو دعاة أو من لديهم هيبة في المجتمع community leaders  لذلك سيكون تدريب هؤلاء مفيدًا.
4 – التعليم:
يجب استغلال حالات الانتحار للشخص المشهور أو حوادث الانتحار التي نالت اهتمام شعبي كفرصة لتثقيف المواطنين بالمرض النفسي و مناقشة الوصمة يجب أن يشمل المرض النفسي و الانتحار بالأخص إذا كان للإعلام دورًا بارزًا و يجب تغليب الفهم على التعاطف.
إذا تخصص أحد الخبراء في الظهور في الإعلام لهذه المهمة سيكون أفضل.
إذا حدث شيئ من هذا في المدرسة في الغالب ستكون التفاصيل مضرة أكثر منها نافعة ، لكن العلاج الجمعي سيكون أنفع للطلاب الذين يحتاجون مساعدة، ويتوجب على من يقدم الرعاية الصحية ألا يستغل الإعلام في التعبير عن الآراء الشخصية.