الخميس, مايو 9, 2024
الهلع

فهم الهلع

ما الذى يسبب نوبات الهلع وما الذى يجعلها تستمر ؟

إن كل أعراض الهلع المشار إليها فى الجزء الأول من هذا الدليل ليست سوى إحساس مفرط بالخوف .

الخوف : هو استجابة طبيعية لأجسامنا فى المواقف المثيرة للخوف .

يتدرج الخوف من التوتر البسيط ( الذى يمكن أن يكون مفيداً عندما يكون هناك هدف يسعى المرء لتحقيقه مثل : إجتياز إمتحان ) إلى الهلع الكبير .

والشعور بالخوف يعد من التجارب الإعتيادية التى لا يمكن لأحد تجنب المرور بها ، ولا يقتصر الشعور بالخوف على مجتمع بعينه ولا حتى على الإنسان بل يتعداه إلى عموم الكائنات الحية صغيرة كانت أو كبيرة .

ولكن لماذا نشعر جميعنا بهذا الخوف فى حين أنه شعور بغيض ؟

إن الخوف يشبه إلى حد بعيد الشعور بالألم ، فإذا كسر كاحل قدمك فإنك سوف تشعر بألم شديد ، وهذا سيكون تحذير لك بعدم المشى على قدمك ، إذا سمعت ضجة فى البيت بمنتصف الليل فإنك سوف تشعر بالخوف ، وهذا سيكون تحذير لك بأخذ الحيطة والحذر فى التعامل مع هذا الموقف الخطر .

إن الخوف مفيد جداً ، إذ أنه يجهز جسمك للعمل بأقصى طاقة ، وهذا ما يُدعى مفهوم ” المواجهة أو الهرب ” ، ولذلك فإنك حين تشعر بالخوف فإن ما يحدث هو أن جسمك يستعد للمواجهة أو الهرب من هذا الشىء الذى تسبب لك بهذا الخوف أو ربما الصمود أو الإنتظار حتى يمر هذا الخطر .

فالخوف عبارة عن عاطفة تنتج عن إستشعار الكائن الحى لخطر واضح أو كامن يتربص به مما يدفعه لتجنب هذ الخطر والحفاظ على حياته أو صغاره أو ممتلكاته أو غير ذلك مما يعتبر مهماً لهذا الكائن أو ذاك .

إذا أخذنا مثال : “الضجة فى البيت بمنتصف الليل”، ودعنا نفترض أنه كان لصاً تماماً كما توقعت ، ربما ترغب بالبقاء ساكناً تماماً دون حراك للحيلولة دون أن يهاجمك هذا اللص ، أو ربما تريد ان تذهب وتتحداه ، أو ربما تحتاج للهرب بعيداً وربما يلحق بك … .

إن الخوف سوف يساعدك فى أى حالة من الحالات السابقة فأنت حين تشعر بالخوف سوف يصبح تنفسك أسرع وهذا سيعطيك المزيد من الأوكسجين الذى تحتاجه عضلاتك ، وكذلك سوف تزداد دقات قلبك وذلك لزيادة ضخ الدم لجسمك ، جهازك الهضمى سوف ينقطع عن العمل وذلك للسماح لجسمك بالتركيز على الخطر الداهم .

إن هذا هو رد الفعل الطبيعى لجسمك فى المواقف التى يشعر فيها أنه واقع تحت تهديد ، إن هذا هو جهاز الإنذار فى جسمك ، فمن قدرة الله تعالى وحكمته أنه هيأ أجهزة الجسم المختلفة لتؤدى وظيفة الحماية المطلوبة للبقاء والدفاع عن النفس .

فتتسارع نبضات القلب وتزداد سرعة التنفس لتوفير أكبر كمية من الأوكسجين تكفى لحاجة الجسم فى هذا الوضع المتحفز ، كما يزيد إفراز العرق من غدده لتبريد الجسم وتسهيل الهرب والتملص من الخطر، وتتسع حدقة العينين لإعطاء مجال أوسع لرؤية المكان بهدف تحقيق الإستفادة القصوى مما هو موجود فى متناول اليد وإستغلال المخارج للنجاة .

إن المشكلة مع نوبات الهلع هى أنها عادة تحدث عندما لا يكون هناك أى تهديد واضح على الإطلاق . إن جسمك يستجيب على أساس أنه على وشك التعرض للهجوم بينما فى الحقيقة ليس هناك أى تهديد .

 وبعبارة أخرى ، يكون هذا عبارة عن إنذار خاطىء، إنه يشبه إلى حد بعيد الإزعاج الذى يتسبب به جهاز إنذار الحريق الذى يعمل فى الأوقات الخاطئة ، وذلك بسبب أنه حساس جداً لقدر قليل من الدخان ، أو مثل جهاز الإنذا ضد السرقة فى المنزل الذى يعمل عند مرور قطة ، أو حتى أكثر إزعاجاً من ذلك مثل جهاز الإنذار ضد السرقة فى السيارة الذى ينطلق بسبب هبة ريح .

هذه كلها إنذارات خاطئة تنطلق عندما لا يكون هناك خطر حقيقى ، نفس الحالة يمكن أن تصيب جهاز الإنذار فى جسمك ، فى بعذ الأوقات يمكن أن ينطلق عندما لا يكون هناك أى خطر حقيقى .

لقد تم تصميم أجهزة الإنذار فى أجسامنا منذ سنوات عديدة ، عندما كان الإنسان يكافح ضد المخاطر فى سبيل البقاء ، أما فى أيامنا الحاضرة فإننا نادراً ما نواجه تهديدات بالموت أو نوع من الحياة مثل تلك الحياة التى كان أسلافنا يعيشونها من قبل .

إن لدينا اليوم تهديدات مختلفة جداً ، ترتبط بشكل رئيسى بالضغوط      مثل : المشاكل المالية وضغط العمل والإنتقال من منزل إلى آخر     والطلاق … إلخ، كلها يمكن أن تكون عوامل ضغط ويمكن أن ترفع مستوى التوتر لدينا إلى النقطة التى ينطلق عندها ” جهاز الإنذار ” فى أجسامنا ، إنها تشبه إلى حد بعيد ميزان قياس ” الضغط ” الذى عندما يصل إلى مستوى معين تكون النتيجة الهلع .

بالرغم من أن نوبات الهلع يمكن أن تكون بغيضة إلا أنها غير خطيرة . بل على العكس ، إنها نظام مصمم لحمايتنا وليس لأذيتنا .

الخلاصـــــة

فهم الهلع

الهلع هو شكل من أشكال الخوف. إنه جهاز الإنذار فى أجسامنا الذى يشير إلى وجود تهديد ، والذى يجهز أجسامنا للمواجهة أو الهرب من الخطر ، ولكن ليس هناك أى خطر حقيقى إنما هو إنذار خاطىء .

إن نوبات الهلع بغيضة ولكنها ليست خطيرة

One thought on “فهم الهلع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *